الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الجهل المشرع والمركب في مجتمعاتنا العربية الى اين...؟؟؟!!!

فايز الخواجا

2016 / 4 / 14
مواضيع وابحاث سياسية


الجهل المشرع والمركب في مجتمعاتنا العربية الى اين...؟؟؟!!!
جميع اوجه الحياة وكل وجه فيها يشكل علما قائما بذاته, والجهل احد اوجه الحياة ومن ثم فلا بد من دراسته دراسة جادة وعميقة نظرا لسيطرته على اكثر الرؤوس والثقافات والقناعات...
فالجهل المشرع من خلال مؤسسات تعدمه وتقويه وتعيش على فضلاته وانتاجه من جهة وادخاله في مساحات المقدسات والمشاعر والوجدانيات الانسانية يجعل منه فعلا جهلا مركبا معقدا من اكثر من اتجاه واكثر من فهم واكثر من ممارسة تظهر نتائجها الكارثية واضحة جلية ولكنها لا تظهر امام من هم يعيشون هذا الجهل ويسكنونه بميررات وحجج واهية ترسبت في اذهانهم منذ الصغر...
فالجهل المشرع والمركب شديد الحضور في المجتمعات بدرجات متفاوتة ولكنه في المجتمعات العربية متحكم فيها وقابض على عقلها وروحها وحياتها في آن. ومن ثم فانني ارآه كموضوع هو علم بحد ذاته رصدا وملاحظة ومتابعة ودراسة وتحليلا... حتى يمكننا ان نطبق عليه منهج البحث العلمي الصارم في دراسته وسبر اغواره واسراره.. ومن ثم فلا يمكن معرفة هذا الجهل اطلاقا بدون استخدام اسلوب الحفر والتساؤل العلميين... وهذا يفرض علينا ان ندرك هذا الجهل وان نشعر به ومن ثم معرفة امتداده ورسوخه وهيمنته واسبابه من جهة ووضع الحلول الفاعلة والفعالة للتعامل معه لتقليل مساحته وتاثيره على العقول والمدركات ان لم نستطع القضاء عليه وانهائه.....
ان الجهل المركب اولا هو الاسبق والارسخ على مستوى الافراد والجماعات عبر التاريخ والحياة البشرية, فهو يشكل محيطات وابحار وقيودا من الاغلال والقيود على الانسان بدون ان يشعر هذا الانسان به ومن ثم فان دراسة الجهل من الصعوبة بمكان لدى الافراد والمجتمعات والشعوب لانها جميعا تعيش فيه متلائمة معه ومتصالحه ومن ثم فان الشعور فيه وبه غاية في منتهى الصعوبة لان من يعيش الحالة وينماهى معها يصبح جزءا منها وهو مستعد للقتال من اجلها لانها تكون قد استولت على الجهاز العصبي والادراكي والارتكاسات الجوابية والتي لا ترى امامها الا حالتها بالمطلق وجودا وتحسسا وسلوكا وادراكا... لانها تصبح وكانها غرفة مغلقة مهما تحرك قاطنها لن يتحرك الا داخلها... وما يزيد الطين بلة والوضع كارثية عندما يتقدم الجل المشرع ويدلو بدلوه مبررا وملصقا ومتنطعا وخالطا الالوان معا حيث تصبح الحالة اكثر ماساوية واشد مرضا عضالا....
ان علوم الحياة التي طرقها الانسان ذات مساحة صغيرة جدا لقياس مساحة الجهل على انواعه فانشأ الانسان فلسفة العلوم ونظرية المعرفة وعلم الاجتماع وجميعها تخضع للدراسات البحثية النقدية وكل مفاعيلها... نعم ان الحقائق العلمية هي نقاط مضيئة صغيرة في محيط من الجهل المركب والمشرع الذي يدافع عن نفسه بكل الطرق والفاعليات ولو ادت الى قتل الحياة والعلم معا... هذا العلم الذي سوف يفتت هذا الجهل من داخله ويحوله الى اجزاء متناثرة من جهة ويؤدي به الى الانهيارات المتتالية...
ان المعرفة العلمية غير مقدسة وهي دائما تخضع للتقييم والامتحان والتحليل والمراجعة واية معرفة لا تخضع للحد المعقول والمقبول من النقد والمراجعة والاستقصاء هي ليست معرفة علمية اطلاقا وهي من مكونات الجهل على كل انواعه واشكاله...
ان الجهل الذي يتحصن في خنادقه والذي سبق المعرفة العلمية في التاريخ العلمي والابحاث العلمية يعبيء رؤوس الناس محصنا في خنادق العواطف والعادات وطرق التفكير واشارات المقدس ورموزه وصوره والمدعم بالافتخار الفارغ والنرجسية الكاذبة والذي مارس برمجة العقول طيلة قرون وعقود... هو من اشد الامور خطرا على الناس والحياة وهو من اكثر المواضيع طلبا والحاحا للدراسة والبحث والتقييم ووضعه تحت المجاهر الكاشفة.
ان التعرف على الجهل على جميع مستوياته وانواعه لا يمكن ان يتم اطلاقا بقياسه لنفسه لان الشيء لا يقارن ولا يقارب مع نفسه وانما يقارب مع غيره ومن هنا اهمية ما تفرزه مصادر الجهل المرتجلة مع الثقافة العلمية التي تعرضت للفحص والتدقيق طيلة الجهد والبحث الانسانيين لترى الفروقات الكبيرة جدا...
فان كانت المعرفة العلمية وثقافتها تتعرض دائما للمراجعة والبحث والتدقيق باستمرار وهي ناقصة كما يقول عالم الرياضيات وايتهد في كتابه الشهير"مغامرات الافكار" ومعلوماتنا العلمية وافرازاتها ضئيلة في حاضرنا واستشراف مستقبلنا او ماضينا,بل يجهل العلم الكثير الكثير مما حولنا... فكيف نصدق افرازات ومخرجات الكذب وتضخيمها والدفاع عنها وتمثلها بدون فحص وتشريح وتحليل في حين ان العلم يتواضع بكل ما انجزه وما وصل اليه وما قدمه من خدمة للبشرية؟؟؟!!!!
نعم ان العلوم تراكمية ومتصلة بخطوط متشابكة ومتشعبة ومعقدة من جهة ومتعددة من جهة اخرى وتاخذ مصداقيتها من البحث التجريبي العياني على رقبة الواقع والشيء المعاين!! ومن هنا يصبح الحديث خارج مجال بؤرة التخصص الضيق هو حديث ذهني ايحائي حدسي في مساحة ضيقة مغلقة سابقة للتعلم وهي لا تسمح بالمقاربة والحذف والاضافة ومن هنا تعيش المعرفة الجديدة خارج المنطقة والمساحة المغلقة ولا تستطيع ان تكسر حبة البندق المغلقة وهي دائرة الجهل على جميع انواعه واشكاله وعادة ما يكون محتوى هذه المساحة ونواة حبة البندق التراثيات والعادات والقيم والحكايات والقصص والاشارات والرموز والتي عادة ما يربطها الوعي الجمعي في المقدس (الجهل المركب) وعندما تجتاج عقل الشهادة والدرجة الجامعية يصبح(جهلا مركبا ومشرعا).
ومن هنا اهمية دراسة الجهل بطريقة علمية وباستخدام ادوات البحث والتحليل العلميين لمعرفة التعامل والتفاعل معه لطرح الحلول الجذرية للتخفيف من آثاره وتقليص مساحته وانهائه نسبيا ان امكن.
نعم ان الجهل المركب والمشرع كلاهما يعملان في نفس الاتجاه وهو اتجاه معادي ومعاكس للعلم والمعرفة والصراع بينهما هو صراع ابدي حيث يحاول العلم التخلص من ربقة الجهل الذي يحاول دائما السيطرة على عقولنا تارة باسم المقدس وتارة باسم العادات والتقاليد والاصالة وتارة باسم محاربة ما يسمى بالغزو الفكري ومن هنا تتضح اهمية الصراع مع الجهل بلا هوادة لان هذا الجهل هو اصيل وسابق للعلم وللمعرفة بل انه يمارس عمله ودوره باسم المعرفة ويحتل العقول ويغتالها ويبدي مقاومة عنيدة ولا يقبل العلم والمعرفة الا مرغما بل انه يستمر يعشعش في اذهان الكثيرين حتى بعد مراحل التعليم مشكلا غلافا مغلقا للعقل وللتفكير معا.....................
ان هذا ما يفسر لنا ان الكثير من الوثنيين من الهندوس والبوذيين والسيخ والمجوس ومن شتى الملل والديانات وحتى في الديانات السماوية تجد من يحمل الدكتوراة يمارس عادات ذهنية في مقارباته للامور الدينية بنفس مستوى الانسان الذي لم يتلق ابسط مستويات التعليم..!!! والخروج من هذه الدائرة المغلقة بحاجة الى طفرة معرفية وفي ادوات التفكير وعمل الدماغ واستجاباتها الارتكاسية المعرفية, لان الانسان كما يقول علماء النفس والاجتماع يميل دائما الى الحفاظ على معرفته الاولية التي اكتسبها منذ الصغر والتي يشاركه فيها الكثيرون ممن هم حوله فيشعر بالامن والأمان الخادعين........... ومن هنا فالناس في معظمهم يبقون على ما ورثوه من عرقية ومذهبية وظائفية وعشائرية لانها ترسبت بداية في حياتهم منذ الصغر في الدماغ واللاوعي وبعد ذلك كل ما يسقط عليه يتلوث ويتغير لونه ويتهشم فنصبح امام انسان وكانه لم يتعلم اطلاقا ولم يمس المعرفة وادواتها في التفكير والاستنتاج......
اننا لا نستطيع ان نفهم الطبيعة الا بمقاومتها وايضا لا نستطيع ادراك الجهل الا بمعرفته ومقاومته, والمجتمعات الذين يعيشون في ديانات مغلقة وفي ثقافات مغلقة هم من اكثر الناس حاجة الى معرفة الجهل ومقاومته لان الجهل..
يقتل كل ما يتعلمه الانسان في المدارس والجامعات...
ويمحي اثر تلك المعرفة المكتسبة او يشوهها من اجل ان تتلاءم
مع ما برمج به ذهنيا من الجهل في صغره على جميع المستويات
من اشارات المقدس وفهمها
الى تحكم العادات والتقاليد باسم الاصالة
الى التكلس في حجرات الماضي باسم التراث
ومن هنا فان الجهل على جميع انواعه واشكاله
هو من يقف امام معرفة الحياة وفهمها وفهم تطورها
للتكيف معها والتاثير عليها وعلى مجرياتها
وهذا يعني ان الجهل هو تذكرة سفر غير مرحب بها
الى الفناء في الحياة والموت الحضوري فيها.









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل ساعدت كوريا الشمالية إيران بهجومها الأخير على إسرائيل؟ |


.. مسلسل يكشف كيفية تورط شاب إسباني في اعتداءات قطارات مدريد في




.. واشنطن تؤكد إرسال صواريخ -أتاكمس- بعيدة المدى لأوكرانيا


.. ماكرون يدعو إلى أوروبا مستقلة أمنيا ودبلوماسيا




.. من غزة| 6 أيام في حصار الشفاء