الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عندما ينام العقل تستيقظ الوحوش_ دي غويا

ابراهيم محمد

2016 / 4 / 15
العولمة وتطورات العالم المعاصر


في لوحة شهيرة للفنان الإسباني "دي غويا" كتب وسطها عبارة فلسفية تحمل في طياتها الكثير من المعاني" عندما ينام العقل، تستيقظ الوحوش"، اختلف الأشخاص بعد تلقف تلك العبارة في تفسيرها، ولكن جرياً على عادة " خالف، تُعرف" فإنني سأختلف معهم جميعاً وأحملها على العقل العربي بحكم صلاحيتها لكل زمان ومكان وإمكانية تطبيقها على أي قومٍ من الأقوام أولاً، ولعروبتي ثانياً، قد يتبادر لذهن الكثير من الذين تتبعوا التاريخ العربي والإسلامي تساؤل ملح وهو متى كان العقل العربي يقظاً حتى يغط في نومه! نعم تساؤل من حقنا جميعاً أن نعرف اجابته، لأنه من ينظر اليوم بكلتا عينيه لواقع الشعوب العربية، سيجد واقعاً ردئ فكرياً واجتماعياً وثقافياً، فاسداً شكلاً ومضموناً، مع ملاحظة كماً هائلاً من التناقضات في العقل العربي.
ولا أجد وصفاً أفضل من وصف الياباني نوبواكي نوتوهارا للعرب حين ذكر في كتابه الشهير بأنهم متدينون جداً وفي نفس الوقت فاسدون جداً، لإستحالة أن يكون ذلك مستوى انتاج عقل تقدمي متطور، فتلك الحقائق التي تمثلت أمامنا عند هبوب أول رياح الخريف العربي لتزيل ورقة التوت التي كانت قد غطت على عوراته ردحاً طويلاً من الزمن، حيث بدأت تلوح حينها فتاوى التكفير والتفسيق في الأفق، تلك الفتاوى التي أطلقها رعاة الإرهاب كهنة هذ العصر من الذين أدمنوا شرب بول البعير، لتعود بنا إلى أيام الجاهلية الأولى، ولكن لسذاجة العقل العربي واعتقاده بأن التبرك بذرات الغبار المتناثر على أحذية هؤلاء الكهنة أفضل عنده من عقله، فقد تبلد حتى اعتاد على السمع والطاعة للأمير حتى لو ضربه وجلده ونهب ماله، متناسين بأن هناك شئ اسمه حرية للإنسان في كل شئ، وأن ليس هناك شئ يدعوأحدهم إلى إدارة خده الأيسر إذا تلقى صفعة على خده الأيمن.
يوماً ما سمعت طفلاً يقول بأن الغرب قد سرق منا نحن العرب حضارتنا ومجدنا وأن الفضل في تقدم الغرب وتطوره يعود لنا، لم أتفاجئ وقتها لمعرفتي بتساوي الكم المعرفي لدى هذا الطفل وأستاذه الذي اعتاد هو أيضا على ترديد أساطير الأولين، حتى لو كان كلامه صحيحا فبماذا ينفعنا التغني بماض مشرق كما صوره الأستاذ للطالب إن لم نستحضره في حياتنا ونترجمه إلى إلى سلوك عملي.
الغرب تطور وأبدع وتفوق في جيمع المجالات، وسيبقى كذلك لأنه احترم العقل المفكر الباحث، العقل المنتج المبدع، لكننا نحن قد قررنا مسبقاً أن نوقف عجلة التطور لما قبل 1400عام باعتبارها نسخة قياسية أصلية لا بد لنا من العودة لها، حتى أصبحنا أسوأ أمة أخرجت للناس.
إلى اليوم ستجد من يشغل باله في معرفة ما اذا كان حديث الشاب للفتاة عبر وسائل التواصل الإجتماعي حرام أم حلال، أو تجده ينتظر فتوى تصدر من أحد الكهنة ليقول له بأن استخدام تلك الوسائل هو الحرام بعينه.
لقد جعلت ثقافة الحلال والحرام، تلك الشعوب قابعة في زنازين الجهل والتخلف، لا خروج منها، لأنه في الغد القريب لن يؤول هذا الحال بها إلا إلى زوال، واذا كانت هذه هي المعطيات، فلا أعتقد أن تكون النتيجة رقي وتقدم وحضارة، مما يثبت لنا بأن ذلك العقل لم يستيقظ من سباته العميق منذ قرون، ولذلك فإن هذا العقل الإستهلاكي المتقاعد لن يدوم وسط حشود من العقول المنتجة المبدعة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الوساطة القطرية في ملف غزة.. هل أصبحت غير مرحب بها؟ | المسائ


.. إسرائيل تستعد لإرسال قوات إلى مدينة رفح لاجتياحها




.. مصر.. شهادات جامعية للبيع عبر منصات التواصل • فرانس 24


.. بعد 200 يوم من الحرب.. إسرائيل تكثف ضرباتها على غزة وتستعد ل




.. المفوض العام للأونروا: أكثر من 160 من مقار الوكالة بقطاع غزة