الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


استثمارات اقتصادية .. ام محور سياسي؟

فهمي الكتوت

2016 / 4 / 17
الادارة و الاقتصاد


تحرك سعودي نحو إنشاء أكبر صندوق للاستثمار لإدارة تريليوني دولار، هذا ما أعلنه الأمير محمد بن سلمان لوكالة بلومبيرج للأنباء. لتنويع مصادر إيراداتها وتخفيض الاعتماد على النفط. ترافق الإعلان السعودي مع زيارة الملك سلمان إلى مصر وتوقيع سلسلة من الاتفاقيات الاقتصادية والتجارية، كان أبرزها؛ الإعلان عن إنشاء جسر على البحر الأحمر يربط السعودية مع مصر بطريق بري، وهو ذو أهمية استراتيجية، بحيث يربط المشرق العربي في المغرب العربي بطريق بري. وسيكون له أثر إيجابي على التجارة البينية والسياحة، ليس بين البلدين فحسب بل ولعدد من الأقطار العربية وبشكل خاص الأردن بحكم الجوار، على الرغم من قلق بعض المستثمرين الأردنيين في قطاع النقل البحري، خشية من آثار سلبية على بعض الخطوط البحرية.

تضمنت الاتفاقية المصرية السعودية، قروضا لإنشاء جامعة وتجمّعات سكنية في شبه جزيرة سيناء، ومشروع توسعة محطة كهرباء غرب القاهرة، ومستشفى قصر العيني، واتفاقية للتعاون في مجال الاستخدامات السلمية للطاقة النووية، وتعاون في المجالات الزراعية والتجارة وغيرها من المشاريع المشتركة، بالإضافة إلى الجسر البحري.

تلتها اتفاقية مع الأردن خلال زيارة الأمير محمد بن سلمان إلى العقبة، وقد تصدر الاتفاق الأردني السعودي؛ تطوير التعاون العسكري القائم بين البلدين، وتعزيز التعاون في مجالات الطاقة، والطاقة النووية والتنقيب عن اليورانيوم، وزيادة حجم التبادل التجاري، وفتح المزيد من الفرص أمام الصادرات الأردنية إلى السوق السعودي، وتعزيز الاستثمارات المشتركة في المشاريع التنموية، التي يمكن تنفيذها مع القطاع الخاص، والتعاون في مجال النقل، خصوصًا فيما يتعلق بنقل البضائع بين البلدين وتأسيس صندوق استثماري مشترك.

جاء التحرك السعودي بعد خلافات أمريكية سعوديّة، حول عدد من الملفات، منها الملف النووي الإيراني، وملف الأزمة السورية، فالسعودية غير راضية عن الدور الأمريكي غير المباشر في الأزمة السورية، والصمت أو الرضا الأمريكي عن الدور الروسي في الأزمة، كما جاءت الرسالة الأمريكية لتحذير الحليف التركي بعدم انجرار الحلف الأطلسي في مواجهة روسيا على خلفية التوتر التركي الروسي بعد إسقاط الطائرة الروسية، ليحجم الموقف التركي من الأزمة السورية، الأمر الذي أدى إلى تراجع الدور التركي أمام توسع الدور الروسي. وما يشاع عن هجر الولايات المتحدة لمنطقة الشرق الأوسط، خاصة بعد خروج الجيش الأمريكي من العراق وأفغانستان. مما ولد شعورًا سعوديا بتخلي أمريكا عن حلفائها في المنطقة، ورافق ذلك انتقادات قاسية من قبل منظمات حقوقية في أمريكا وأوروبا للسعودية بسبب خروقات في قضايا حقوق الإنسان.

في ظل هذه التطورات يأتي التحرّك السعودي كمحاولة لتشكيل محور جديد في مواجهة إيران وحلفائها في المنطقة، صحيح أنّ هذا التحالف قد تشكل سابقًا، تحت مسمى "مكافحة الإرهاب"، إلا أنّه بقي تحالفًا وهميًا لا يتعدى الدعم السياسي، في حين ترددت معظم هذه الدول في المساهمة المباشرة في حرب اليمن على سبيل المثال.

في المقابل تتناقص الفوائض المالية السعودية بسبب تراجع أسعار النفط وزيادة الإنفاق العسكري ما يدفع السعودية إلى البحث عن مصادر جديدة للدخل قبل استنزاف أرصدتها المالية، في حين تواجه كل من مصر والأردن وهما حلفاء السعودية، مشاكل مالية واقتصادية حادة، والسعودية ما زالت تستطيع تقديم القروض والمشاريع الاستثمارية للبلدين لضمان استمرار مواقفهما إلى جانب السعودية، مع الانتباه إلى أنّه لم يجر الحديث عن منح وهبات بل قروض واستثمارات، ما يعكس تراجع القدرة المالية للسعودية التي تعاني من عجز في موازنتها تقدر بحوالي 87 مليار دولار في العام الحالي.

التوجّه السعودي الجديد نحو إنشاء صندوق للاستثمار لإدارة تريليوني دولار على أهميته.. ولكن السؤال المطروح، من أين توفير تريليوني دولار للاستثمار، الا يعتقد صاحب القرار أن هذا الرقم مبالغ به؟ أمّا السؤال الآخر، فهل تستطيع السعودية وحلفاؤها سحب الفوائض المالية من البنوك الغربية، لتوظيفها بمشاريع استثمارية، وهل تسمح الإمبريالية الأمريكية من حيث المبدأ بتوظيف هذه الأموال الضخمة بمشاريع استثمارية في السعودية والبلدان العربية؟

مع ذلك، في حال القيام بهذه المشاريع العملاقة في عدد من الأقطار العربية وخاصة في السعودية ومصر والأردن وفق الاتفاقيات الثنائية التي وقعت مع البلدين، لا شك أنّها تعتبر خطوة هامة لا يمكن إغفالها، في مجال بناء اقتصاد عربي يسهم بتحقيق التكامل الاقتصادي الذي كان وما زال حلما عربيا. شريطة ألا يكون هدف الاستثمار الاقتصادي تشكيل محور سياسي يسهم في تعزيز الانقسام العربي- العربي ويهدف إلى تصفية الحسابات بتوظيف أدوات جديدة، بعد فشل الوسائل والأدوات السابقة، وفرض أجندات على هذا المحور تنطلق من أنّ العدو الرئيسي في المنطقة إيران وليس "إسرائيل". أو اعتبار إسرائيل جزءًا من المحور وفق ما يعلن أحيانا على ألسنة البعض. إنّ أي تجاهل للصراع العربي الإسرائيلي باعتباره الصراع الرئيسي في المنطقة لن يكتب له النجاح قبل كنس الاحتلال وتأمين الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، وتقرير مصيره وإقامة دولته وعاصمتها القدس، وحق العودة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تطور كبير فى أسعار الذهب بالسوق المصرية


.. صندوق النقد يحذر... أزمة الشرق الأوسط تربك الاقتصاد في المنط




.. صندوق النقد الدولي: تحرير سعر الصرف عزز تدفق رؤوس الأموال لل


.. عقوبات أميركية على شخصيات بارزة وشركات إنتاج الطائرات المسيّ




.. متحدث مجلس الوزراء لـ خالد أبو بكر: الأزمة الاقتصادية لها عد