الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التيار المدني - إلى الوراء دُر-

قاسم علي فنجان

2016 / 4 / 18
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


يتصاعد النقد الموجه "للتيار المدني" بكافة توجهاته العلمانية, اللبرالية, التنويرية, واليسارية التقليدية, ويدخل النقد مرحلة الهجوم اللاذع والساخر مرة, والمتألم والحزين في أخرى, والمندهش والمحبط واليائس بشكل آخر, وليس من المستغرب أن نجد هذا النقد وقد أخذ كل هذه الأشكال المتنوعة, فما فعله هذا التيار بممارسته السياسية الفجة والغير مدروسة من تحالفات ومعاهدات ومفاوضات وتشكيله "كتلا تاريخية" مع قوى الإسلام السياسي الرجعية الحاكمة, وأيضا طرحه لفكرة الإصلاح الديني وتبنيه لتصورات جديدة عن "اليسار الجديد", كل هذه الأسباب وغيرها جعلته عرضة للنقد القاسي، وبالنهاية وكما هو متوقع فقد آلت جميع تجاربه للفشل.
لقد أصبح هذا التيار بسياساته هذه ومن يقف وراءها من قوى "يسارية تقليدية " يتجه صوب الخندق الرجعي أذا لم ينغمس فيه, وهذه السياسات جعلته ذيل بدون حركة وليس بحركة جماهيرية, وأن كراس (الحوار الديني "الإسلامي" مع التيار المدني) الذي وزعوه في ساحة التحرير, ما هو ألا النهاية التي كنا نتوقعها لهذا التيار, وكان يجب عليهم الحذر والبقاء بعيدا عن مثل هكذا تحالفات, لا تؤدي بالنهاية إلا إلى حقيقة واحدة (الفشل)..
عندما كنا نذهب إلى جلساتهم وندواتهم التي يديرونها على الملا ونسمع طروحاتهم عن العقل وكيف يفهمون الجمهور الواقف من حولهم بأنه لا سيد ولا سلطة تعلو فوق سلطة العقل, فهو الذي يجب أن يسود ويحكم, ورغم ما فيها من تصور مثالي, إلا أننا كنا نستبشر خيرا, فقد لمسنا تغييرا كبيرا عند بعض مريديهم, لأن مثل هذا الطرح غريب على مجتمع يحكمه الإسلاميون والقوميون والعشائريين منذ 2003, مجتمع جعله هؤلاء يتكلم لغة واحدة هي القتل والفساد والنهب والطائفية والقومية, فكانت اللغة التي تكلم بها "التيار المدني" جديدة على أسماع من حضر, لهذا تجمع الكثير من المثقفين حول هذا التيار, وكنا نراهم في ساحة التحرير وهم يرفعون ويرددون شعارهم المميز(خبز, حرية, دولة مدنية).. الذي استبدلوه للأسف فيما بعد بشعار ( كلا كلا لل... ونعم نعم لل..), وكانوا هم قادة التظاهرات, وأي حركة غير حزبية تأتي إلى ساحة التحرير إما أن تنصهر بهم أو تتلاشى, لقد كنا فرحين بهذا المد الجديد فقليل من الضوء أفضل من ظلام دامس..
لكننا فوجئنا بل صُدمنا عندما رأيناهم يتحالفون مع قوى دينية تحكم العراق منذ 2003 وهي التي كانت السبب في كل ما مر به هذا البلد من قتل وتهجير وفساد وتشرذم, ومن بؤس وشقاء وإساءة لكل شيء أنساني, سمعنا ورأينا كيف ذهب قادة هذا التيار إلى المراكز الدينية ليقابلوا آباء الكنيسة الذي كان يصفهم فولتير بأنهم (طاعون الإنسانية ومصدر كل الآثام والشرور), فجأة تحالفوا مع السيد الجديد وقدموه وأخذوا تعاليمه ومواعظه وخطبه, ونسوا السيد الأول "العقل" الذي كانوا يتحدثون ويتباهون به, لقد بايعوا السيد الجديد وحولوا الفعل الثوري المتصاعد إلى حركة رجعية بامتياز.
وبالرغم من الصورة المرعبة التي حصروا أنفسهم بها مع قائدهم الجديد, إلا أن الكل تسأل عن الكيفية التي تحالفوا بها مع تلك القوى الرجعية, تسألنا عن جوهر هذه الحركة وما هي خلفياتها الثقافية والسياسية؟ وكيف نبعت هذه التصورات؟ ولماذا أسلمت أمرها وانقادت وأصبحت ذيل ميت داخل حراك جماهيري متصاعد؟ وهل هناك قوى تدفعهم أو دفعت بهم رغبة منها في الحصول على مكسب سياسي بعد أن فشلت في تحقيقه انتخابيا؟ وماذا كان يتصور هؤلاء القياديون من "التيار المدني" أذا ما نجح حراكهم -وهو ما لن يحصل أبدا- فكيف سيكون شكل التحالف في المرحلة المقبلة, وما هي مربحياتهم السياسية؟ أذا جاز لنا استخدام هذه المفردة فهي في حساباتهم هكذا (كم سنربح).
كنا دائما نؤكد أن "الكتلة التاريخية" هي نقطة مظلمة في تاريخ الحراك الجماهيري وأيضا الطرح الجديد "لليسار الجديد" هو أسوأ بكثير من اليسار القديم, وأن المتضرر الأكبر من هذه التحالفات المشبوهة والطروحات السيئة والمسيئة في نفس الوقت هم الشباب المدني الحقيقي الذي يتوق إلى دولة مدنية علمانية تفصل الدين عن الدولة, الشباب الذي أراد التغيير والتحرير على أساس الممارسة السياسية الفعلية, وليس على أساس الفعل الذهني, مرة بالعقل هو السيد, وفي الأخرى السيد هو السوبرمان..
لقد تابعنا حركة" الاعتصام" ونصب الخيام, والتي لم تكن سوى حركة استعراضيه لتيار ديني داخل العملية السياسية, ولم يكن اعتصام بالمعنى الاحتجاجي والاعتراضي للكلمة بقدر ما كان وسيلة ضغط من هذا التيار الديني للحصول على أكبر قدر من المكاسب السياسية, وجرى له ذلك, أما "المدنيون" ولواحقهم فبعد فض "الاعتصام" بقرار سيادي, قيل لهم (إلى الوراء دُر) ولسان حال المنطقة الخضراء والمراكز الدينية كلها يقول لهم ولقادتهم مرددين مع فيرجل (تعلموا العدالة بعد هذا التنبيه وتعلموا عدم احتقار الإلهة)..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الى الامام دائما
علي عدنان ( 2016 / 4 / 18 - 05:15 )
انت غائب عن مايجري صديقي العزيز في ساحات التظاهر والتي يمثل فيها الشيوعيون والتيار الدمقراطي العصب الرئيسي والقائد ولاتزال هتافاته هي هي بل تطور بعضها الى رموز الاسلام السياسي السارق والخائن
تحالف التيار المدني الدمقراطي مع قوى اخرى اعلنت ان هدفها الرئيسي هو انقاذ وطننا ومكافحة الفساد وليس انشاء دولة متاسلمة لايقلل من توجهاته النبيلة والشريفة بل يزيد الضغط على القوى والطغم المتاسلمة الحاكمة التي افرغت بلدنا من كل مايجعله حيا
تعال معنا الى الساحات لترى بعينيك وتسمع باذنك اصوات طلائع شعبنا الحية والشريفة والامينة


2 - تقسيم العمل الحكمتي
دلير زنگنة ( 2016 / 4 / 19 - 03:04 )
لا اتفق معك عزيزي علي عدنان في دعوتك الاستاذ فنجان الى المجيء و المشاركة معكم في التظاهرات ضد حكومات الاسلام السياسي ، فهناك تقسيم للعمل بينهم و بينكم، هم يتكفلون بالكلام و التهجم و الكلمات و الجمل الثورية البراقة ، و انتم تقومون بالتجمع و التظاهر و مواجهة الاخطار و احتمالات القمع و السجن و حتى التعذيب و القتل، فحملهم اثقل منكم بكثير و يحتاج قابليات خاصة لا تتوفر عند امثالكم .. فلا تقسوا عليهم بهذە-;- المطالب الكبيرة و التي لا تتناسب مع مواقعهم النضالية الرفيعة. و كذلك يجب ان تعلم ان هناك قضايا و فعاليات جماهيرية يهتم بها فنجان و جماعة فنجان اهم بكثير من مسائل المواجهة و التظاهر و الدفاع عن مطاليب اغلبية الجماهير الكادحة و المسحوقة من قبل سلطة الاسلام السياسي الفاسدة ، خذ مثلا اجتمعت قبل يومين ينار محمد العضوة القيادية في الحزب الحكمتي مع وفد منظمة
IraQueer
للدفاع عن حقوق المثلية في العراق، للتباحث حول هذه القضية المصيرية المهمة!. فيجب اذن ان تتفق معي انهم مشغولون بنضالات اهم بكثير من التظاهرات و الاعتصامات ضد السلطة الحاكمة . بل ربما يفوق بكثير اهمية معركة ديان بيان فو التاريخية

اخر الافلام

.. الخبز يعيد بارقة الأمل الى سكان غزة | الأخبار


.. التصعيد الإسرائيلي الإيراني يضع دول المنطقة أمام تحديات سياس




.. العاهل الأردني: الأردن لن يكون ساحة معركة لأي جهة وأمنه فوق


.. هل على الدول الخليجية الانحياز في المواجهة بين إيران وإسرائي




.. شهداء وجرحى جراء قصف قوات الاحتلال سوق مخيم المغازي وسط قطاع