الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حكاية إيطو الخادمة

بنواحي هناء

2016 / 4 / 22
حقوق الاطفال والشبيبة


في تلك الزاوية المهمشة من المجتمع، رأت عيون إيطو النور في حي فقير جدا وهامشي، ووسط أسرة لا تعرف معنى الزواج ولا تعرف معنى الأبناء، تجد الأم غائبة عن الوعي الواقعي تعيش بعيدةً عن الواقع، فقط هي تعرف فقط إشباع حاجاتها وغرائزها، والثرثرة مع صديقتها في الحي القصديري، لا تعرف سوى أن تنجب واحدا تلو الأخر تلو الأخر، من دون أخد إحتياطات مسبقة لتفادي حمل عقيم من دون حقوق ولا حتى أحلام.

وتجد رب الأسرة حتى هو عقله في خبر كان، ولا يمكن أن تثبت وجوده إلا بجسمه النحيل، وبتلك السيجارة الملفوفة التي يضع فيها ذلك السم القاتل ( الحشيش)، تلك السيجارة التي لا تفارق شفتيه الرماديتين هي التي تجعله يظن أنه يعيش في عالم مثالي ، يظن نفسه أنه برجوازيي وأن زوجته وأبنائه يعيشون في رفاهية مطلقة ، لهذا لا يكابد لتغير وضعيته الهشة المليئة بالأشواك والحجارة الصماء والوحل والقدارة، وضعية جد مزرية تجده فقط يعمل عملا بسيطا، لا يكفيه حتى لأدمانه فما بالكم بأسرة يتكون أفرادها من أربعة طفلات زد على ذلك الزوجة والجدة .

لهذا يفكر في حلول لهاته المشاكل التي يتخبط فيها ، فلا يجد سوى أن يتاجر في معاناة طفلاته وبرائتهن ، وبتحميلهم مسؤوليات فشله الذريع ، فيقوم بالبحث لهم إما على زوج فاشل ، وإما على عمل ميت ، ليتخلص
من عبئِ ما صنعت يداه ، فأطفاله بنسبة له مجرد بضاعة فاسدة يفعل ما بوسعه ليتخلص منها ، ليبيع أحلام وحقوق طفلاته بأثمانٍ بخسة جدا يبعوهم لسوق الشارع ذلك الذئب المفترس الذي لا يتغلب عليه إلا الرجال والنساء المسلحين بالعلم والعمل الذي يغني ويسمن من جوع ، فيرمي بطفلته الكبرى التي تبلغ من العمر" عشرة سنوات" مثل النفاية في الشارع ، في قبضة السماسرة الموحشة لتجوب بها أحياء المدينة، تلك الطفلة التي لم يسعفها القدر أن تلج المدرسة مثلها مثل أقرانها، بل يكون قدرها أن تلج أبواب العمل الشاق والمجحف .

وها هو ذلك السمسار البئيس يجد لها عملا في أحد البيوت كخادمة ، وبأجر لا يتعدى خمسمائة درهم مغربية أي خمسين دولار في الشهر ،كما لا يحق لها أن تطالب بالأجر ، فالأب الغير مسؤول هو من يأخذ ذلك الأجر يتقاضى ألم ومعاناة إبنته الصغيرة ، التي لا يحق لها أن تشتري براتبها الهزيل حتى شكولاته، او حلوى أو حتى دمية ، أو جوارب تدفئ بها قدميها الباردتين .

لا يريد أن يعلم أن طفلته يمارس عليها شتى أنواع العذاب ، وأن إبنته تقضي ساعات طوال وهي تنظف الحمام ، والمطبخ ، والغرف ، وتوضب الأسِرة، وتكنس، وتطبخ ، وتربي ألأطفال ، طفل يربي طفل ، أضف على ذلك أنها تخرج إلى التسوق سواء من السوق ، أو من عند البقال ، لا تصل إلى البيت إلا بعد أن تموت من التعب من كثرة ما تحمل من أكياس ، وها هي عندما تصل إلى البيت متأخرة عن الموعد الذي حددته الشريرة " مشغلتها " التي لا تسكنها الإنسانية فقط الغضب هو الذي يسيطر عليها ، ما إن تطأ قدم إيطو عتبات المنزل حتى. تنهال عليها الشتائم والضربات الموجعة ، لتنفجر إيطو بالبكاء والتنهيدات، التي تزلزل الأرض.

وها هي إيطو تتحمل صرخات مشغلتها ، وشتائمها الدائمة فهي دائما توبخها وتحتقرها، وتهددها لتسكت صرخة الحق التي قد تجلب عليها الويلات ، تضطر إيطو لكتمان السر " اي العنف الذي تتعرض له يوميا " تتكتم السر، لأنها تعرف جيدا أن جسدها النحيل لن يحتمل المزيد من الضرب ، وتعرف أن لا أحد سيدافع عنها .

تلك الصغيرة تتغدى على بقايا الطعام والشراب ، وتنام على أريكة أتعبها الزمان ولم يتبقى منها سوى إسم أريكة ، تنام المسكينة وأمعائها فارغة ، بعدما أعدت عشاءاً رائعا لم تأكل منه سوى ما تبقى لا يكفي حتى للقطة ، وها هي الخادمة نامت وهي تحلم بذلك العشاء المتواضع ، الذي لم يوفره أباها لها ، ولا أمها التي لا تفلح إلا في الثرثرة، وإختلاق المشاكل والنزاعات في الحي كأنها شيطان .

إيطو ترى أطفال مشغلتها يذهبون إلى المدرسة وهي تظل في المنزل ، شغلها الشاغل المطبخ ، والتنظيف والتسوق ، حتى التليفزيون، والراديو ممنوع، كأنها في سجن مفتوح على العالم الخارجي .

وهاهي إيطو تكابد الأمرين لإعالة أسرتها التي لم تلدها رحمها، فتصبر على المحن والعذاب إلا حين أن يطلق سراحها من هذا السجن المؤلم








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بسبب خلاف ضريبي.. مساعدات الأمم المتحدة عالقة في جنوب السودا


.. نعمت شفيق.. رئيسة جامعة كولومبيا التي أبلغت الشرطة لاعتقال د




.. في قضية ترحيل النازحين السوريين... لبنان ليس طرفًا في اتفاقي


.. اعتقال مناهضين لحرب إسرائيل على غزة بجامعة جنوب كاليفورنيا




.. بينهم نتنياهو.. مذكرات اعتقال دولية بحق قادة إسرائيل بسبب حر