الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سيدة عراقية من الطراز القيادي الاول

رغد علي

2005 / 12 / 5
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات


تبرز الشخصية القيادية أحيانا من خلال التعلم والممارسة , وقد تكون موهبة فطرية يولد بها الآخرون, لكن اجتماع الموهبة مع التعلم والممارسة, إضافة للظروف المساعدة تخلق إنسانا قياديا من الطراز الأول , كأنه مخلوق للقيادة لا لأمر أخر وفي العراق سيدة من هذا الطراز .
هي سيدة عراقية وناشطة سياسية متميزة , تجدها بكل مجال , وتحاورك بكل أمر , القلق علي مصير بلدها يؤرقها , تحمل هموم معاناة شعبها , رايتها مرة بالجمعية الوطنية , تربت علي كتف سيدة كبيرة بالعمر تبكي سوء حالها , وتقدم ملفا لقضيتها و ترجو أي احد أن يوصله لعضو بالجمعية , لم تستطع هذه العراقية المميزة أن تواصل سيرها وهي تسمع شكوى تلك السيدة , فتوقفت وانحنت نحوها وأخذت الملف منها ووعدت صاحبته بأنها شخصيا ستتابع أمرها , وسمعتها إذني وهي توصي احدهم علي الملف.

هذه الناشطة صاحبة مبدأ صلب لأنها ترفض أن تبيع مبادئها في سبيل أي منصب , لذا كان لها موقفا حادا من وزارة الخارجية , وطالبت بدعم الشرفاء وأولاد الشهداء , خصوصا ممن يملكون كفاءات ليكونوا بالخارجية , بدلا من البعثتين المجرمين , الذين يعيثون بالأرض فسادا , ويملئون السفارات العراقية بالعالم , لسانها بالحق قاطعا , هي ابعد ما تكون عن قبول المساومات أو التنازلات عن اى حق , لذا بعضهم يحسب لها حسابا فعلا .

لأنها ابنة شهيد تشعر بمعاناة ذوي الشهداء , دوما تطالب بحقهم ودورهم , لأنها تؤمن أنهم الأكثر وفاء للعراق من غيرهم , فابن الشهيد دفع دما وعمرا ونضالا وتاريخا , لا يمكن أن يساوم أو يقايض بالقضية , والقضية عندها العراق الواحد الموحد .

لأنها ابنة شيوخ لقبيلة عربية لها وزنها , فهي تحافظ علي أعرافها وقيمها , تجدها تجلس مع شيوخ العشائر تحاروهم وتستطلع وجهات نظرهم , تحترم تقاليدهم , لان الغربة الطويلة التي قضتها خارج وطنها لم تغير شيئا من عراقتها واصلها حتى قال لها احد الشيوخ: تصورناك غير عنا بعاداتك, وإذا بك ابنتنا ومنا , كأنك نشأت بيننا . لم يأتي هذا من هباء إنما لجهد من رباها وعلمها بالغربة إنها ابنة شيخ القبيلة , فهل يعرف احد كم مدي صعوبة أن تربي أبناءك بالغربة علي قيم اهلك وعاداتك ودينك ؟؟ .

بإمكانك أن تجدها بين القيادات السياسية علي مختلف أطيافها, وألوانها تناقشهم, ولا تختار إلا الهوية العراقية هوية لها , بلي لسانها كالسيف بالحق ناطقا قاطعا , مسترسلة متواصلة بكلامها , تعبر بملامحها , لا تسيء لأحد بحديثها , وان اختلفت معك بالرؤى فلها وجهة نظرها , ليس من طبعها أن تطعن من الخلف , هذا ليس أسلوبها , لأنها تصارحك بما تراه هي بوجهك لا من وراء ظهرك , جريئة واضحة بأطروحاتها .

تجدها بين الدبلوماسيين العرب والأجانب , واسعة جدا علاقاتها , كلهم يحترمونها ويقدرونها , تؤمن أن السياسة تعني الدبلوماسية بالحوار, تحاول سماع الأطراف قبل أن تأخذ القرار, فرضت وجودها بالاحترام, والعمل الذكي المخلص الطموح لبناء العراق , ليس للمنصب والجاه , لأن مجرد وجودها مع الآخرين في أي قضية نجاح لتلك القضية , ولها جاه حقيقي لمن يبحث في تاريخها واصلها .

بإمكانك أن تجدها بكل المجالس , فسبحانه وهبها قابلية مذهلة للحوار والإقناع ,تجدها بلقاءات مع مختلف أطياف الشعب , فأول ما وصلت للعراق بحثت عن أفراد وفروع قبيلتها, المنتشرة بانحاء العراق, لأنها ابنتهم , ومن حقها أن تسمعهم وتعيش معاناتهم ,لكي تساعدهم , وكم نزلت منها عبرات لأنها لم تكن تعرف لاى درجة يعانى شعبها وأهلها وناسها , كانت تسمع بحالهم , لكنها لم تتصور مدى مرارة الحقيقة حتى رأتها بعينيها , ولمستها بأحاسيسها, وشعرت بمدي حاجة هذا البلد للعمل الدؤوب المخلص .

اسألوا عنها أبي غريب وأهلها, اسألوا البصرة والحلة والكاظمية وغيرها من مناطق العراق سيرد عليكم أهلها هناك , فهي جمعتهم منذ اللحظةالاولي التي وصلت فيها للعراق في عام 2003, التقت الشيوخ والشباب والنساء , لم يكن لها غاية وهدف, سوي أنها تريد مساعدة أبناء شعبها باى شكل , لان بداخلها تعطش وحنين حقيقي لكل ما هو عراقي ,تعطش لان تلمس جذورها حتي تقويها , خرجت لكل مدن العراق , والتقت بمختلف الأطياف , سمعت منهم وسمعوها .
ساعدت الكثير ممن دق بابها , حسب إمكانياتها وطاقاتها , بل دعمت وجوها معروفة علي الساحة اليوم ,فهي تؤمن تماما أن من يريد بناء العراق , ممكن أن يعمل من موقعة , حيث كان , لذا هي لا تبالي كثيرا بالعناويين إنما تبحث دوما عن الأفعال والانجازات .

تلاحقها وسائل الإعلام أينما حلت , وفي مرة قال لها احد الاعلامين الأجانب بان له الأولوية بالحوار معها , فاذا بردة فعلها حاضرة فأجابته : و لماذا لك الأولوية ؟ إن الأولوية هنا للعراقيين ,ولم يكن هذا الرد الا من قناعة حقيقية بداخلها , ألف احد الكتاب الأجانب كتابا عن حياتها وتاريخها , وترجم لعدة لغات منها الألمانية والفرنسية والاسبانية , هاتفها لايكف عن الرنين , فذا يطلب مساعدتها , وذاك يأخذ رأيها , وآخرون يبحثون عن أخبارها وتحركاتها , وبعضهم يتمنون انضمامها لهم لأنها مكسب حقيقي .

بعضهم ينتقدها, لان لهجتها ليست عراقية, متناسين ضريبة الغربة , فماذا تفعل الطفلة ذات الثلاث سنوات وهي تترك بلدها لتعيش غربة طويلة؟ , لابد أن تتأثر بمحيطها كانت محرومة من لقاء أقاربها , وممنوعة من زيارة أهلها , فوالدها مناضل معروف له تاريخه السياسي, اغتاله النظام البائد , وهي ترعرعت بهذا الجو المشبع بالسياسة من كل الاتجاهات , لان والدتها من عائلة عريقة من الجنوب اللبناني , عائلة لها أيضا تاريخها بالسياسة اللبنانية , ولها أثرها بالأدب والفكر والشعر العربي , فمن أي صوب تلفتت تلك الطفلة وجدت السياسة والفكر أمامها, هكذا نشأت بجو الثراء الفكري والوطني , لتكون بالبداية حاملة لأسرار عمل أبيها السياسي , ومن ثم خطت لنفسها طريقا خاصا لتتابع المسيرة , فلم تبرز هذه السيدة من دون عناء ومشقة , ولم يكن دربها محفوفا بالورود , ولم تكن حياتها خالية من المخاطر , ولم تكن ظروفها المادية دوما ميسرة , ذاقت أمورا كثيرة , وعرفت طعم الالم والظلم , والتقت بطريقها بأشكال متنوعة من البشر , ورغم صغر سنها , صنعت لنفسها خبرة متواضعة بالحياة , لان التجارب هي التي تصنع الإنسان .

هي كانت وما زالت سيدة لكل المواقف , ترتبط بعلاقات طيبة مع كل الأطراف, حتى التي تختلف معها فكريا تربط بهم بعلاقات صداقة وود واحترام, جميعهم يسالون عنها ويفتقدونها أن غابت , وهذا بحد ذاته امر لا ينجح كثيرين بتحقيقه .

لا تنتمي لأي حزب كان , ولا تمثل فئة معينة , لأنها تؤمن حقيقية أن العراق لكل العراقيين ,وان أرادت العمل للوطن ستعمل للجميع ليس لفئة او لصالح حزب .

بعض أخر ينتقدها لأنها تكثر من ذكر والدها , ويتناسون أمرا إنسانيا طبيعيا , ألا وهو الوفاء , لأنها حين وصلت للعراق بكت بحرقة قلب , وتذكرت نضال أبيها , تذكرت كل من عرفتهم وغابوا ظلما وطغيانا , تذكرت الطريق الطويل الذي سارته , وتذكرت الأصدقاء الذين ساروا معها بنفس الدرب وسقطوا بظلم وغدر , كانت تتمني ان يكون والدها ضمن العائدين للوطن ,لانه كان رفيقها وسندها في رحلة النضال والغربة , لكنه ودعها بحلمها والبسها عباءته , إنها قدمت دما للعراق , وهي مثل أي ابن لشهيد لا يمكن أن تنسي جرحها الذي يمثل جراح كل العراقيين المظلومين , من لا يقدم الوفاء لأهله لن يقدمه لأحد من عشيرته , ولن يقدمه لأحد من أبناء وطنه .

إنها مؤمنة بسيادة القانون , فكان موقفها أن تلجا للقانون لتأخذ حقها , باسترداد أملاك والدها , فلم تطرد من يسكنون بأرضها ودارها , لم تهدد احد , ولم توجه اللوم والتعنيف لمن استولي علي حقها وحق أخواتها , لم تصنع لنفسها ميلييشياتا , وهي ابنة شيوخ القبيلة لو أرادت كانوا طوع رأيها ,لا تؤمن هي بلغة الميليشيات لأنها تريد الحق بالقانون , أنها اليوم لاتملك بيتا خاصا بها غير ما قدمته الدولة لها , ولم تدير أي أعمال خاصة بها بالعراق , وزوجها الوزير السابق لوزارة حقوق الإنسان السيد بخيار أمين يكفيه نبلا ونزاهة أن يعيد من ميزانية الوزارة نسبة عالية لميزانية الدولة .

بلي انها سيدة عراقية من الطراز القيادي الاول ,فلا تتكبر ولا تتصنع القيادة , لانها بدمها وبطبعها , نقلت للآخرين صورة نفسها الحقيقية , حين نطقت بحلمها البسيط أمام مجموعة من الطلبة والشباب , حلمهما الذي يلخص فكرها كله ووطنيتها فقالت " احلم أن يدرس أبناء العراق بمدرسة راقية جدا كالتي درست فيها بمدينة رمانا بلبنان " , كانت عيناها تلمع وهي تتحدث وكانها تري تحقيق الحلم هذا امامها , حملت كلماتها البسيطة الكثير من المعاني المدفونة , ولو لم تكن كلماتها البسيطة صادقة فعلا لما وجدت طريقا للقلوب .
أنها السيدة صفية الشيخ طالب السهيل و هذا الشبل من ذاك الأسد , رحم الله ابيك يا صفيه , فما مات من له ابنة مثلك .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. روان الضامن، المديرة العامة لمؤسسة إعلاميون من أجل صحافة إست


.. لينا المومني منسقة منظمة سيكديف بالأردن




.. اختتام أعمال ملتقى عمان الإقليمي وشبكة مناهضة العنف الرقمي ض


.. -اخترت الفن التجريدي كونه يحررني من كافة القيود-




.. تربية الحيوانات الأليفة جزء من الطبيعة التي تعتز بها الريفيا