الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نظرية الفوضى تنسف النظرية الحتمية والأجوبة العلمية البحتة!!

هفال عارف برواري
مهندس وكاتب وباحث

(Havalberwari)

2016 / 4 / 30
العولمة وتطورات العالم المعاصر


منذ عهد نيوتن حتى مطلع القرن العشرين، كان المجتمع العلمي يعتقد أن العالم هو عبارة عن آلة ضخمة تحركها قوانين حتمية يمكن وصفها بمعادلات رياضية دقيقة ويمكن عندها التنبؤا بحالاتها المستقبلية إعتماداً على حالتها الراهنة. نظرية أينشتاين في النسبية الخاصة والعامة من بعدها، والتي فندت فكرة المطلق في الزمان والمكان في نظرية نيوتن وجعلتهما نسبيان، مما يمكن إعتباره ثورة علمية ونسفاً للحتمية العلمية وبالتالي بالاجوبة العلمية في كل شيء .....
نعم كان المتوقع سابقاً أن العلم كفيل بالسيطرة التامة على الكون وبإمكان الإنسانبمغنى من المعاني أن يحل محل الإله !!
لكن النظرية النسبية أحبطت كل هذه المساعي بل أعاد النظر في كل شيء حتى في مصطلحات الخير والشر !!
فماتراه شراً لك هو خير لغيرك وماتراه خيراً لك هو شر لغيرك ؟
والثورة القائمة على مصطلح الزمن أحدث إرباكاً شديداً في أن الزمن بحد ذاته أيضاً نسبي وأن ماتعيشه من فترة زمنية وتقارنه بغيرك من الكائنات في عالمك دون العوالم الأُخرى ،التي قد تعيش أيام أوحتى ساعات -بل أن هناك من الكائنات البكتيرية التي تعيش ثواني- فإن الإستمتاع بهذه المدة القصيرة قد يستغرق فترة أطول بالنسبة له من ذاك الإنسان الذي يعيش مائة سنة !!
وكذلك بالنسبة للكواكب الأخرى فالزمن يختلف من كوكب الى كوكب آخر…
ودخلت النسبية حتى في السعادة والشقاء ،
وأنه كي تعيش بسعادة فإنك قد تسبب في القضاء على أُمم تعيش في عالمك وأنت لاتحس بها
بل أن حياتك مرهون بالقضاء عليها في بعض الحالات؟كالأُمم البكتيرية والأميبية !
فكل شيء أصبح يتحكم فيه قوانين النسبية
ثم جاءت نظرية الفوضى لتضرب حتمية القوانين العلمية في مقتل وأنه كان سائداً فيما قبل من أنه من الممكن السيطرة على العالم بما أنه تتحكم فيها علم الرياضيات لكن جاءت نظرية الفوضى لتقول عكس ذلك وأن الأصل في الأمور هي الفوضى وليس الإنتظام كما كُنا نظن !!

نظرية الفوضى :

فنظرية الفوضى ترى أن الأحداث التي تُرى متفرقة وغير مرتبطة مع بعضهاالبعض، لكن عند جمعها، نجدها تجتمع على حقيقة أن كل هذه الفوضى والعشوائيات ترتبط برابط مثير وخفي غامض، يجعلها غير عشوائية في الباطن أما في الظاهر فتظهر كأنها أحداث عشوائية غير منظمة وفي انفصال تام وليست مترابطة.
كما نرى في أغصان الأشجار وجذورها المتشعبة العشوائية لكن تكمن وراءها تنسيقاً منتظماً

نظرية (أثر الفراشة)!!
أو تأثير الفراشة، هي نظرية رياضية، فلسفية، فيزيائية، منتمية لنظرية chaos أي بنظرية الفوضى (التي ظهرت بداية بفضل عالم الرياضيات الفرنسي بوانكاري POINCARRE) وهي جزء مشتق منها.
ترى نظرية الفوضى، بفوضى العالم، كأول شيء، وكون أن النظام مجرد فكر يتعايش بها الإنسان، الغاية منه لفهم الواقع والكون.. ويتضح الأمر في الهندسة الرياضية، فلدراسة شكل غير اعتيادي (غير مُنظم) نحتاج لتقريبه، للأشكال الاعتيادية الأخرى (المثلث، المربع الدائرة...)..
لذلك يقول( هينري آدمز)
( كانت الفوضى قانون الطبيعة، فيما كان النظام حلم الإنسان)!!

أخذت نظرية الفوضى شهرتها الحالية من خلال العالم الأميركي إدوارد لورانز (Edward Lorenz) عالم الأرصاد الجوية عندما لاحظ بالصدفة عام 1961 وخلال دراسته الاعتيادية لأحوال الطقس، والذي كان يحاول آن ذاك الجمع بين الرياضيات التفاضلية، والدراسات الجوية، للتدقيق في الحاصل الحراري، للأشهر الفائتة (ما قبل 1961)، ومحاولة منه للتنبؤا بالحالة الجوية في الأشهر والسنوات المقبلة، بعدما كان سائداً، أن الكون تحكمه الحتمية المطلقة، التي ترى مع نيوتن أن أي تغيير بسيط جدا (لدرجة اعتباره مهملاً) لا يؤثر في العملية الحسابية والكونية العلمية.
وقام بإدخال درجات الحرارة، للأشهر التي عكف على دراستها منذ مدة، "واختصاراً منه للوقت" قام خلال بإدخال الحاسوب الرقمي بالبيانات، وكان الكسر يتألف من ثلاثة أرقام مجتزئاً بالتالي الأرقام الثلاثة الأخرى التي يمكن للحاسوب استيعابها (506. 0)بدل (0.506127) هنا سقطت النتيجة المفاجئة فوق رأس (لورنز) كالصاعقة.
فمع تراكم الأشهر التي عكف (لورنز) على دراستها، وجد أن التباين أخذ في الاتساع حتى انحرف الخط البياني للتحليل بالكامل عن ذلك الذي حصل عليه بإدخال الأرقام كاملة قبل تجزئة الكسر المؤلف من ستة أرقام.
وظن في البداية أن خللاً ما قد أصاب حاسوبه المحدود السرعة والبدائي نسبة للمعايير المعتمدة اليوم،،،،، لكن بعد جهد في محاولة الكشف عن الخلل، تبين له أن الحاسوب سليم ولا يعاني من أي عطل، فصبّ تركيزه حينئذ على اكتشاف خطأ ما في عملية إدخال الأرقام إلى أن تمكن من وضع اليد على مكان المشكلة. فقد أدرك أن ما قام به من حذف لجزء من الأرقام، ظناً منه أنها غير ذي أهمية لاختلافها بنسبة 1 في المائة عن الأرقام الأصلية، قد أثر جوهريا على نتائج تحليله!!.

فنظرية الفوضى ببساطة شديدة جداً تعني أن أمور صغيرة جداً لا نحسب لها حساباً ، قد تُحدث تغييرات هائلة وكبيرة جداً في أكبر الأنظمة ، وفي أصغر الأنظمة ، ربما على مستوى الكون أجمع .. فكل شيء مترابط .. كل شيء ..
فحدث صغير يقوم بحدث أكبر ثم حدث أكبر ثم حدث أكبر وينتهي المطاف بشيء كبير جداً .. ربما لا يكون التأثير مباشر فقد لا يظهر الأمر مباشرة ، ربما يظهر بعد 10 سنوات .. ربما بعد قرن .. ربما بعد 10 قرون .. وهكذا دواليك .

لذلك نستطيع القول أن العالم شهد ميلاد فلسفة جديدة، تندرج ضمن الفلسفة النسبية، سُميت بتأثير الفراشة، التي حاول العلماء تبسيطها ، بتأثر جناح الفراشة على الضغط الجوي، وإحداثه لعاصفة جوية.. !
التأثير بسيط ويمكن إهماله في الجزء، لكنه لا يزال من الكل، بل يؤثر فيه بشكل كبير ومرئي.

إن حركة الإلكترون في الذرة تأثر في حركة الكون ككل، وتحرير إلكترون واحد من ذرته يجعل منه قابل للالتحام بذرة أخرى ، وإحداث تركيبة جديدة في الذرات المجاورة، وهكذا ودواليك، إلى الوصول إلى التركيب الكوني.. ولا يقتصر الأمر على الفيزيائي والرياضي، بل هو إسقاط أيضا، على الأمور اليومية والحياتية للإنسان…
نظرية الفوضى هذه، وحكاية جناحي الفراشة، أصبحت تدخل في كل المجالات الفلسفية والعلمية وعلوم البايلوجيا وحتى في الطب بل تجد وقعها في السياسة والإقتصاد وتجد لها مكانا كبيراً في أحداث تاريخية سياسية بل إنه يُمكن القول إن الكثير من تلك الأحداث ومسارها كانت بدايته خفقان جناحي فراشة أو حتى بعوضة هنا أو هناك.....
لذلك هناك أغنية فولكلورية أمريكية كانت تقول:
(بسبب مسمار سقطت حدوة الحصان ، وبسبب حدوة تعثر حصان ، وبسبب حصان سقط فارس ، وبسبب فارس خُسرت معركة ، وبسبب معركة فقدت مملكة)!!
ولعل أبرز ما يخطر على الذهن هنا هو تلك الرصاصة التي أشعلت فتيل الحرب العالمية الأولى. عند اغتيال الأرشيدوق (فرانز فرديناند)، ولي عهد إمبراطورية النمسا والمجر (1863-1914)، الذي اغتيل يوم 28 /حزيران، من عام 1914، على يد (غافريلو برنسيب)وهو قومي صربي من أعضاء منظمة (الكف الأسود) القومية الصربية المتطرفة، في مدينة سراييفو في البوسنة والهرسك، وكان اغتياله بداية لسلسلة من الأحداث انتهت باشتعال الحرب العالمية الأولى التي استمرت أربع سنوات (1914-1918)، وحصدت أرواح أكثر من تسعة ملايين إنسان، غير الجرحى والمعاقين، وأعدت المسرح لكثير من الثورات الشعبية في العديد من الدول الأوروبية، لعل أهمها ثورة أكتوبر في روسيا، والثورة الألمانية عام 1918، وبداية صعود النازية والفاشية، والتمهيد للحرب العالمية الثانية. بطبيعة الحال لم تكن رصاصة (غافريلو برنسيب) هي السبب في كل هذه الأحداث، ولكنها كانت تلك الفراشة التي بخفق جناحيها، حركت الهواء المحيط بها، والذي بدوره حرك ما حوله، فكان الإعصار!.

أماالفوضى الخلاقة والذي يبدو وكأنه خارج تحكم أي قانون وكل قانون، ولكنه في الحقيقة خاضع لقوانين الفوضى الخلاقة،،،،
هو من أختراع الساسة للسيطرة على الشعوب !
لكن بصورة مؤقتة ؟فلا أحد يمتلك حتمية التحقيق في أي شيء ؟؟

فنظرية الفوضى الفيزيائية أصبحت تطبق على العديد من الأنظمة الديناميكية ودخل في كل العلوم كما قلنا كالتنبؤات الجوية، حركة الأسهم المالية وإقتصاد السوق، التطور الديمغرافي، وحتى في الطب والعلم البايلوجي وحركة الكواكب كحركة النظام الشمسي....
وهي بذلك أحبط الإنسان في إمكانيته أن يسيطر على السياسة والاقتصاد وحتى على مجريات الكون وباختصار أن يحل محل الإله ؟؟
فلايمكن للإنسان أن يسيطر على الكون لأنه تحكمه قوانين فوضوية متشعبة لايستطيع أن يضبطها ويتحكم في مجرياتها
وقد أنتهى زمن فكرة النظرية الأوحد لتفسير كل شيء ومن هذه النظريات التي تدعَّي تفسير كل شيء في التاريخ الانساني - طبعاً لها جوانب معتبرة وذات قيمة لاننكرها- لكنها لم تستطع الإحاطة بكل شيء بل أخذ الإعتبار بشيء وترك أشياء ،، ومن هؤلاء على سبيل المثال :
(شيلر) يقول :
الذي يفسر كل شيء في التاريخ الانساني هو {الحب والجوع} …
أما ( أرنولد تونبي) فيقول:
هو {التحدي والاستجابة}
أما (كارل ماركس) فقد قال :
{أن بنى الانتاج والاقتصاد وصراع الطبقات}
هو الذي يفسر مجريات الاحداث في التاريخ البشري
لكن أعلن العلماء والفلاسفة على لسان العالم (هربت ساركوزه) بقولهم :
{لقد سقطت زمان التفسير الواحدي للاحداث نحن بحاجة لبناء نظريات معقدة جداً حتى نتمكن من أن نقارب أي ظاهرة اجتماعية او تاريخية إنسانية مقاربة معقولة نوعاً ما ونقترب من الفهم الصحيح }!
وأختصر وأقول أن نظرية الفوضى قد أصاب العلم بإحباط شديد حيث لايمكن للعلم حتى الآن أن يقوم بتفسير كل شيء في الجانب المادي المحسوس فما بالك بالاشياء غير المحسوسة !
فإذا كان العلم لايستطيع أن يتحكم في تصرف الطقس وكما صرّح العلماء أنه لو وضعنا كل مسافة قدم جهاز التحسس للأنواء الجوية فلايمكننا أن نضبط بصورة دقيقة وقوع إعصار ما ونحدد موقعه ؟؟ فما بالك بأن نتحكم بقدرة الأكوان وحركة الأجرام!!
بل لاندرك تأثير جناحي الفراشة ! حسب هذه النظرية !
وما بالنا إذاً أن نتدخل بالمشيئة الإلهية و ندرك تصرفات رب الأكوان ومعرفة فيما إذا كان تصرفه عدلاً أو لحكمة ما أو عقاباً أو ما الى ذلك !! وحينها فقط ندرك قوله في كتابه
{ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ}؟
فهل هذا هو بيت القصيد من هذه النظرية !!
لكننا نرفع قبعتنا إجلالاً لهؤلاء العلماء الذين تراكمت خبراتهم العلمية وتراكبت وتطورت وضحوا بأعمارهم في سبيل الوصول الى الحقيقة .


المصادر /
أبحاث ومقالات علمية رصينة








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. غزة- إسرائيل: هل بات اجتياح رفح قريباً؟ • فرانس 24 / FRANCE


.. عاصفة رملية شديدة تحول سماء مدينة ليبية إلى اللون الأصفر




.. -يجب عليكم أن تخجلوا من أنفسكم- #حماس تنشر فيديو لرهينة ينتق


.. أنصار الله: نفذنا 3 عمليات إحداها ضد مدمرة أمريكية




.. ??حديث إسرائيلي عن قرب تنفيذ عملية في رفح