الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الوضع العراقي الراهن.. صراع وأزمة مستعصية

حزب اليسار الشيوعي العراقي

2016 / 5 / 10
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية


نحن ندرك طبيعة الازمات التي تتعرض لها الانظمة التابعة عادة، والنظام العراقي بمفاصله كلها ( حكومة وبرلمان ورئاسة جمهورية) نظام تابع، ولايحتاج المتتبع الى كثير معرفة لكشف حقيقة تابعية الدولة العراقية لمخططات اقليمية ومصالح دولية.
ولقد عبرت ( العملية السياسية) التي جرى طبخها في مطابخ الدوائر الامريكية العامة بأوضح صورها عن فشل منظومة عمل النظام التابع وخياراته السياسية والاجتماعية والاقتصادية، وفي الخيارات الثلاث هذه الكثير من التفاصيل المفجعة. ولقد شمل هذا الفشل جميع القوى الضالعة في هذه العملية. وليس التيار الصدري الذي يتدافع بالمناكب مع الآخرين يقف خارج هذا التصنيف، بل هو ايضاَ ضالع في العملية السياسية ويشترك مع اطرافها جميعاً في ما تنتجه من تخريب في حياة الشعب العراقي. وبلا شك أن الجميع يدرك إن فشل العملية السياسية لم يسفر الا عن تفشي عدم الاستقرار الأمني والسياسي والركود الاقتصادي التام وتراجع مستويات المعيشة للاغلبية، ولعموم الكادحين، وعدم تحقيق اي رفاه اجتماعي خصوصا للفئات الفقيرة اذ يرزح ثلث العراقيين تحت خط الفقر.
ولقد رصدنا الدخول المفاجيء للتيار الصدري الى ساحة الحراك العفوي، ومن ثم رفعه لشعارات الجماهير الغاضبة وهي تنادي بسقوط الجميع. وكنا ندرك الى أين يمكن ان تؤول اليه الامور بسبب تدخله، ولقد تحاورنا في الموضوع منذ يوم 18/4/2007 وتوصلنا الى استنتاجات وتساؤلات نشرت في حينها، افضلها يبعث على الاسف إن لم نقل الخوف. ولقد اثبتت النتائج صدق ما ذهبنا اليه.
إن دخول التيار الصدري هذا المستوى من المواجهة مع النظام، الذي يشكل هو احد اقطابه يعبر بشكل واضح عن تفجّر ازمات النظام بقوة. إنه صورة واضحة للتفجر الداخلي للازمة التي عمل في تأجيج نارها انخفاض اسعار النفط الذي فاقم مشاكل النظام المالية، فكان ان دفع نحو السطح بنية الفساد وكشفها بقوة، فجاءت جملة من الوقائع لتحريك خوف الجماهير وتدفعهم الى الانفجار وتحديهم السلطة. فكان من نتائج الأزمات تلك تعذر دفع رواتب العاملين في مؤسسات الدولة، كذلك تراجعت او اضطربت آليات الدعم للشغيلة والمتقاعدين، وتوقفت المشاريع على ضآلتها وتدنت مستويات انجازها وعجزت الحكومة عن السداد ولجأت الى البنك الدولي وصندوق النقد الدولي للاستدانة عن غفلة وعن عمد لتوريط العراق بالديون صعبة السداد مع هذه المؤسسات الدولية النهّابة والمستغلة، إضافة الى أمور اخرى كثيرة على مستوى الوضع الاقتصادي العراقي الذي جرى اضعافة ورهن اقتصادياته للمصالح الدولية والشركات والبنوك الاحتكارية.
نحن ندرك والجميع يدركون أيضاً أن الصدريين بنوّابهم ووزارئهم طرف مهم ومؤثر من اطراف النظام، وانهم جزء مهم في صناعة ازمة البلاد الاقتصادية والسياسية والاجتماعية ايضاً، ومشاركتهم واضحة ومعروفة في تأجيج بؤر للصراع الطائفي والارهاب مع شركائهم من طرفي النزاع الطائفي، شركاءهم في السلطة. وهذا يعني في الكثير من مفاصله، أن الازمة تخطت الحدود التي يمكن للنظام الطائفي القائم على المحاصصة والنهب، ولحلفائه الدوليين والاقليميين احتوائها والسيطرة عليها. ولقد عملت التظاهرات، وزمنها الطويل نسبياً والمقلق للجميع عمل الرافعة في دفع الازمة الى هذه الحدود. ودفعت بالتيار الصدري الذي طالما ادعى دفاعه عن مصالح فقراء الشعب، الى خيار مشاركة الجماهير مطالبهم، بل يمكن ان نقول تقمّصها، وليس اوضح من تخبطه في اختيار المواجهة مع النظام القائم تعبيراً عن تقمّصه هذا.
نعم، إن دخول التيار الصدري إلى التظاهرات وتبنيها ودفعها نحو الاعتصام يضيف ثقلاً مهماً للتظاهرات ويمنحها القوة في ان تخطو مطالب المتظاهرين الى امام، لتصدم استخفاف النظام، وتدفعه الى التفكير بجد نحو حلحلة الوضع السائد، وارضاء المطالب العامة والبسيطة، فيما يتعلق بالفساد ومعالجة التأزمات الاقتصادية والسياسية المفتعلة في اغلبها.
لكن هناك جملة من الأسئلة لابد من الاجابة عنها، وستجيب عنها الحوادث اللاحقة حتماً:
- هل يلعب التيار الصدري لعبة مخاصمة الصديق للفوز بثقل برلماني /حكومي في الانتخابات القريبة لمجالس المحافظات التي هي على الابواب؟
- هل يحاول التيار بهذا النشاط المفاجئ، ان ينفرد بساحة القرار السياسي، اوالتأثير فيه بقوة؟
- هل يخلو هذا النشاط من تأثير القوى الخارجية ( اقليمية ودولية) وسياساتها في الساحة العراقية؟
- هل هذا النشاط هو ثمن الاتفاقية الامريكية الايرانية الاخيرة وصلتة بموضوع مشاركة الحشد الشعبي او عدم مشاركته في تحرير الموصل وما يسببه تعميق الازمة من تمزيق لوحدة الحشد؟ ( لأن الحشد هو حشد ولاءات متعددة وتمزيق وحدته على المستوى السيكلوجي كافية لاضعافه ايضاً فضلاً عن أن الحشد الشعبي يثير الكثير من التساؤلات، فقد صرح علي أكبر ولايتي مستشار خامنئي وهو يسيء بشكل فاضح الى وطنية الحشد حين قال بتبجح رداً على سؤال جريدة الحياة " أن «الحشد الشعبي» استطاع، خلال ساعات قليلة - سبع أو ثماني ساعات على الأكثر- أن يخلي أولئك الذين احتلوا المقار الحكومية، سواء البرلمان أو مكتب رئيس الحكومة، وأخرجهم من «المنطقة الخضراء». هذا الأمر لم ينجح.". وكأن المقرات الحكومية تابعة للادارة الايرانية وليس الحشد سوى تابع من توابع ايران وحكومتها. وفي معرض تشفيه من الصدريين ومحاولاً أن يضع ابناء العراق والصدريين بمواجهة الحشد، قال بروح التبجح ذاته: "إن «الحشد الشعبي» في العراق، الذي استطاع أن يتصدى للمجموعات الإرهابية المتطرفة، مثل «داعش»، لا يصعب عليه أن يتصدى لبعض الأطراف غير المسؤولة وغير الواعية، التي تثير بعض الاضطرابات والقلاقل في الساحة العراقية. لكن «الحشد الشعبي» في بداية الأمر، لم يكن يتحرّك بصورة عنيفة مع هذه الأطراف، إلا أنه في نهاية المطاف توصل إلى ما توصل إليه، واستطاع أن يخلي الأطراف التي سيطرت بشكل غير قانوني على البرلمان، وعلى مكتب رئاسة الحكومة". ويبدو من ذلك وكأن الحشد الشعبي يأتمر بأوامر الحكومة الايرانية وهو قادر أيضاً على تنصيب الرئاسات الثلاث وفقاً لما تراه ايران لا ما يراه العراقيون. وهو في النتيجة تشكيكا بوطنية ابناء الحشد الشعبي وتضحياتهم الجسيمة من اجل الوطن في القتال ضد داعش وتجييرها لصالح ايران في صراعها مع الامريكان على النفوذ في العراق.
ثم يؤكد ولايتي بتبجح المنتصر ايضاً على تحديه لإرادة الشعب العراقي قائلاً : "وإن قيل إن هناك إمكانية لإزاحة الحكومة العراقية الحالية، فهو ضرب من الوهم والخيال. نحن على ثقة بأن الأستاذ فؤاد معصوم سيبقى رئيساً لجمهورية العراق، والأستاذ سليم الجبوري سيبقى رئيساً للبرلمان، والسيد حيدر العبادي سيبقى رئيساً للحكومة العراقية، ولن تتمكن أي قوة من إزاحة هذا الحكم في العراق ". إن اغضب الصدريون ايران فهو يحسب لهم ولكن الى ايّ حد؟)
هذه تساؤلات لأن الصدريين بوضعهم الايديولوجي! ظلوا غائبين طيلة عام واكثر عن تظاهرات الشعب. أين كانوا؟
- هل سيعود انتصار مطالب المتظاهرين غداً بالنفع لصالح عناصر من بين الصدريين معروفة بتطرفها الطائفي، والتي كانت تكرس التفرقة الطائفية وترتكب الجريمة في ظل نصرة الدين والطائفة والمذهب؟
- هل لدى التيار الصدري برنامج قادر على تحقيق مطالب الجماهير التي ظلت تنادي بها منذ عام وأكثر، ام ان دخوله هذه المواجهة كان لحلحة ازمة النظام المتفاقمة؟
لقد ادرك الغالبية الآن، وبعد مهزلة اقتحام المنطقة الخضراء والبرلمان ان ما آلت اليه الامور هو تضييع الفرصة على الجماهير في التغيير، وسرقة مطالبهم ودفع جماهير المتظاهرين الى مستوى من تدني الوعي السياسي لا يحسد عليه. بل ذهبت الامور الى فقدان الشعب البوصلة، وانهيار احلامه في تحسين الحال أو حتى امكانية محاربة الفساد جزئياً على الاقل، الفساد الذي يجري تنظيمه من جديد وبصور اخرى وهو ما يزال قائماً على المحاصصة البغيضة التي تعمل تمزيقاً في جسد الشعب.
ان اشد ما كنا نخشاه من هذه المشاركة هو العودة الى اعوام 2004- 2007 الدموية. وها هي اليوم تطل براسها القبيح من جديد بعد ان قامت المليشييات التي رسمتها الدوائر الاقليمية والدولية الى ميدان الصراع على المغانم في شوارع وأزقة العاصمة العراقية بغداد. لقد نبهنا الى ذلك والححنا بالانتباه الى مايجري وما كان يبيت لابناء شعبنا، لكن البعض من مدعي اليسار والمدنية البرجوازية كان يراهن على العملية السياسية ويشارك في صنع البلبلة وتغييب الوعي بين المتظاهرين تحت مسميات وشعارات متخاذلة وانهزامية من مثل الدعوة الى الاصلاح.
نحن مع مطالب الجماهير، ونحن مع التغيير. اما الاصلاح بالصورة التي يطرحها الغالبية اليوم فهو يوفر فرصة لكي يسترد النظام الفاسد انفاسه - وقد استردها الآن- ولكي يعيد تنظيم وضعه البائس، وليقوم بتوزيع الغنائم على شركائه دونما استثناء. فضلاً عن انه لو تحقق له الفوز النهائي في معركة الشارع الشعبي هذه، فسيكون فرصة ذهبية للنظام لتضييع جهود عام واكثر من نضال جماهيري عفوي صنعه فقراء الشعب وفقراء الشغيلة. والتيار الصدري في النهاية وفي افضل الصور لو اردنا تبرئته ممّا حصل، فإنه قد دخل في حيز الدعوة الى الاصلاح متجنباً بقوة موضوع التغيير، ونحن ندرك ذلك لأنه جزء من النظام.
إن النظام القائم اليوم يتجنب الاشارة الى من تحدى سيادته وقام بهذه المهزلة، بينما هو يحاول ان يضع على عاتق الجماهير سيئات شريكه الذي غامر في لعبة احتلال البرلمان، وهو نفسه الذي وفر له فرصة الفوز على الجماهير ومطالبها المشروعة في صراعها اليومي. أما الآن فأن النظام يتوعد الجماهير بتعقبها وبالقمع، ولابد والحال هذه ان تلد الايام القادمة موجة قمع ستطال الابرياء والمخلصين من ابناء الشعب، وسيجري اعادة الفاشية بصورتها الجديدة حين تتدخل المليشيات المدعومة من ايران وتحت امرة قاسم سليماني للقيام بما تقوم به سلطة القمع الحكومية.
إن العراق اليوم يكشف عن نموذج غريب للحكم هو؛ "دول داخل دولة"، سلطة مافيات تتحكم بمصائر الشعب والوطن، وقوى متسلطة تتحكم برقاب ابناء الشعب وتقدم علنا مصالح الدول الاقليمية والدولية على سيادة العراق وتدمر اقتصاده وترهنه للناهبين الدوليين والاقليميين ووكلائهم من الناهبين الداخليين. سلطة تعلن اجنحتها المتصارعة ان امتيازاتها اللامشروعة سياسيا واقتصاديا خط احمر، لا يُسمح المساس به. غير أن الجماهير قد بدأت تدرك حقيقة السلطة التي انتجها الاحتلال الامريكي، وعرفت الطبيعة القذرة للطبقة الطفيلية الكومبرادورية بكل مكوناتها، وكشفت خياناتها.
الشعب اليوم يتساءل هل تعمل الحكومة على وضع الدم العراقي الذي يبذله ابناءنا في قتالهم ضد العصابات التكفيرية، وحماسهم الوطني وتفانيهم في خدمة المصالح الايرانية؟
من الذي يموّل المليشيات ويدربها ويسلحها؟ ومن الذي يصدر اليها الاوامر لكي تكون جاهزة للتدخل كما حدث وتدخلت في اخراج المتظاهرين من المنطقة الخضراء كما يقول ( علي اكبر ولايتي) مستشار خامنئي؟
لماذا يجري تسليح هذه المليشيات ويهمل تسليح الجيش العراقي في قتاله ضد االتكفيريين؟
من الذي يحكم العراق فعلاً؟
ل ع ف
الحزب الشيوعي العراقي – اليسار
8/5/2016








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - التغيير
Almousawi A. S ( 2016 / 5 / 10 - 18:47 )
تحليل واضح
ومتابعه مدروسة ومسؤله عن الوضع بشكل عام
واذا كان تصدع السلطة
والخلاف بين ركائزها
مؤشر ضروري نحو التغيير وليس الاصلاح الذي هو ايضا مستحيل من خلال هذة الوثيقة
ترى ما هي العوامل الاخرى الازمة من اجل التغيير ؟
ولكم التوفيق

اخر الافلام

.. كلام ستات | أسس نجاح العلاقات بين الزوجين | الثلاثاء 16 أبري


.. عمران خان: زيادة الأغنياء ثراء لمساعدة الفقراء لا تجدي نفعا




.. Zionism - To Your Left: Palestine | الأيديولوجية الصهيونية.


.. القاهرة تتجاوز 30 درجة.. الا?رصاد الجوية تكشف حالة الطقس الي




.. صباح العربية | الثلاثاء 16 أبريل 2024