الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لغة الجسد

ماري مارديني

2016 / 5 / 13
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


ان اشارة ما، او حركة ما، او لفتة ما ، او تغيير درجة الصوت و نبرته، قد تعني اكثر من شيء و لها اكثر من مدلول ، ان تفسير ذلك يعود على عدة امور مثل : من اين تصدر تلك الاشارة ، عن من تصدر ، و متى ، و ما هي ظروفها التي صدرت به ، نوع الشخصية و عمقها او سطحيتها و ثقافتها ...و ضمن اي ثقافة و مجتمع و مكان .. فالشعوب تختلف فيما بينها بطريقة التعبير و لغة الجسد التي يتبعونها ، و كذلك قد يختلف الافراد بذلك ضمن ذات المجتمع . مما يجعل تفسير الكثير من الاشارات و الحركات تفسيرات خاطئة من قبل البعض للبعض الاخر ، و ذلك يرتبط بثقافات الافراد و خلفياتهم و اهتماماتهم و نوعية مجتمعاتهم و ما اصطلحوا عليه ايضا في مجتمعاتهم و ثقافاتهم ..فإشارة معينة بناء على ذلك قد تعني اكثر من شيء ، و قد يستطيع البعض فهم الحركات او الاشارات الصامتة او المرافقة للكلام، او قد لا يستطيع البعض فهم ذلك، او ربما قد يتم فهم ذلك بشكل خاطئ ايضا. فلغة الجسد قد لا تكون دقيقة و لا يمكن الاعتماد عليها بسبب فروقات التفسير بين المجتمعات او بين الافراد لانها لغة قابلة لسوء الفهم و التفسير الخاطئ . فإذا كانت الشعوب تختلف بإسلوب الكلام بين بعضها البعض "مثل اسلوب النقد المُتبع ـ كطرح او فهم مثلا ففي النقد يكون المديح احيانا قد يعني الذم ، او الذم قد يعني مديح لدى بعض الافراد او البعض في بعض الثقافات ـ ، او اسلوب النفي او الايجاب مثلا بحركات الرأس فالحركة بالرأس بثقافة معينة تعني شيء مناقض تماما لما تعنيه ذات الحركة لدى شعب اخر "، كما إن طرق التعبير ايضا بالحركات و الاشارات تختلف من فرد لاخر و من مجتمع لاخر . " مثلا الصمت قد يفسره البعض على انه خوف ، او يفسره اخرون على انه تردد ، او يفسره اخرون على انه استهتار ، او استخفاف بالاخرين ، او يفسره البعض على انه ترفع عن الاخرين و مستواهم او و استصغار لهم و تجاهل مثلا او عدم النزول بالمستوى، او قد يفسره البعض بأنه قبول . فكل شعب و كل فرد له تفسيره الخاص حسب ثقافته و ادراكه و فهمه للموقف ، كما ان لكل فرد سلوكه الخاص و طريقته الخاصة بالتعبير ، لذلك لا يمكن الاعتماد على لغة الجسد التي هي لغة صامتة قابلة للخطأ في التفسير . " مثال : البسمة قد تكون لطفا في بعض المجتمعات و في بعضها الاخر قد تكون خطأ ، او قد تكون احيانا شفقة ، او تودد ، او محبة ، او مجاملة ، او سخرية ، او قد تكون عادة ما " و ممكن جدا اساءة فهم تفسيرها من شعب لاخر او من فرد لاخر.

ان الاشارة هي عبارة عن رسالة يسعى مرسلها الى ايصالها لكن قد يُساء فهم تلك الاشارة لسبب او لاخر قد يتعلق بالفروق بين طرق تصرفات و سلوك الافراد، او بإختلاف الثقافات او المستويات الفكرية و الاجتماعية ...فهناك شعوب تستعمل حركات باليدين او الوجوه اكثر من غيرها من الشعوب ، و شعوب تستخدم الجسد ككل اثناء الكلام لايصال فكرة ما للاخرين ، و حتى نمط الالبسة و نوعها و الوانها و ربما ماركاتها و اسعارها و كذلك البيئة التي يوجد بها من يرتدي تلك الالبسة تعد جزء من اللغة الجسدية التي لها اثر على ما يرسله الفرد حوله من رسائل ، فمظهر الانسان قد يعكس مؤشرات عنه لغيره قد تكون صحيحة او غير صحيحة ، و قد يحصل سوء فهم لما ترسله تلك اللغة للاخر و خاصة عندما تكون الثقافات مختلفة و بعيدة عن بعضها في العمق و المسافات . " مثال: اللون الاسود لدى الكثير من الشعوب هو لون يستعملونه في البستهم في المناسبات الحزينة ليعبروا به عن حزنهم على فقدان احد ما، الا ان بعض الشعوب تستعمل اللون الابيض في ذات المناسبات المشابهة ليشيرون باللون الابيض الى نقاء الروح و قدسية المناسبة. في بعض المجتمعات يرتدي الرجل ربطة عنق سوداء بالمناسبات الحزينة بينما في مجتمعات اخرى يرتدي ربطة عنق بيضاء "
.
بشكل عام كل الناس يستخدمون لغة الجسد لكن بنسب متفاوتة بين الافراد و الشعوب ، و تعد النساء اقدر على تفسير تلك اللغة و فك رمزها و معرفة صدق او عدم صدق الاخرين من خلال ترجمة اشاراتهم المعبرة عنهم، حيث ان المرأة تتميز بحساسيتها و قدرتها على التقاط الفكرة من الاشارة، او من ما هو ابعد من العبارة او الكلمة المُقالة ، و المرأة ايضا اقدر على التحكم بلغة جسدها من الرجل.

مع ان لغة الجسد هي لغة صامتة ومتباينة بين الشعوب و الافراد ، و لكن مع ذلك فهناك بعض الاشارات التي يتفق على فهمها الكثير من الشعوب، كأن يشير احد بيده على شيء ما فيكون المعنى مفهوم لدى الجميع . و كذلك الوجه الذي يعاني صاحبه ألم و وجع، او الوجه الذي يشعر صاحبه برضى و راحة او سعادة ايضا فإن معالمه تكون مقروءة للاخرين بتلك الاحوال. الشخص الذي ينظر حواليه بحذر قبل ان يتحرك او قبل ان يتكلم مع احد فهو بذلك يعطي رسالة عن نفسه بأنه شخص مريب و غير مريح و لا يتم الوثوق به لان حركاته و نظراته تشير الى شيء غير مريح ، لان الشيء الطبيعي هو ان الذي يتصرف صح لا يحتاج ان ينظر حواليه بخوف و حذر، فالنظرة ايضا تعكس ما يفكر الفرد به و ما يشعر به ، و بعض النظرات تترجم شر و سوء نوايا لدى صاحبها كما ان بعض النظرات بالمقابل تدل على جودة اصحابها و نقائهم. كذلك اسلوب الحديث ايضا فإنه يعكس الكثير عن مضمون المتحدث، فذات العبارة او الكلمة قد يقولها شخصان في ذات المناسبة لكن قد تتضمنا معاني مختلفة من شخص لاخر و قد تعكسان خبثا او طيبة بالقائل . فربما يعتقد احد ما انه بارع بالكذب او التمثيل لكن يسهو عن ان اسلوب حديثه او صياغته لحديثه و عباراته و تدرجها و ترتيبه لتركيب عبارته في الحديث يتجلى عن تمثيل او كذب او خداع واضح، و مثل ذلك الشخص لا يعرف ان من يسمع عباراته يمكنه ان يمثل بأنه صدق القائل و ذلك بغية كشف خبث القائل . فلغة الجسد لها اهميتها و تتطلب خبرة و يمكن الاستفادة منها في التحقيقات كما في العلاقات اليومية لانها شيفرا و رموز.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -تكتل- الجزائر وتونس وليبيا.. من المستفيد الأكبر؟ | المسائي


.. مصائد تحاكي رائحة الإنسان، تعقيم البعوض أو تعديل جيناته..بعض




.. الاستعدادات على قدم وساق لاستقبال الألعاب الأولمبية في فرنسا


.. إسرائيل تعلن عزمها على اجتياح رفح.. ما الهدف؟ • فرانس 24




.. وضع كارثي في غزة ومناشدات دولية لثني إسرائيل عن اجتياح رفح