الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
العثمانية اللأمركزية .. بديل سايكس بيكو
زيرفان سليمان البرواري
(Dr. Zeravan Barwari)
2016 / 5 / 23
السياسة والعلاقات الدولية
إن أتفاقية سايكس بيكو منذ إعلانها في أوج ألحرب العالمية الاولى لم تجلب للشعوب في الشرق الاوسط غير الظلم والطغيان وإراقة الدماء، فالشرعية التي فقدتها الحكام بإنتهاء الخلافة العثمانية لم تعوض باية شرعية قومية او وطنية مصطنعة بل على العكس تحول الدولة القومية في الشرق الاوسط الى دولة الظلم المنظم ضد الاقليات والتنوع الثقافي التي شهدتها الامبراطورية العثمانية وكانت مصدر قوتها في الكثير من المحطات الجوهرية، فالدولة القومية العربية استخدمت المبادى القومية في فرض القيود على الاقليات غير العربية في الدول المصطنعة بإرادة الغرب دون مشاركة الشعوب الاصلية في صنع قرارهم ومصيرهم السياسي، وكذلك الحال بالنسبة للدول الاخرى القائمة على اساس العنصرية الفئوية.
إن جميع الحلول التي تلت الاتفاقية كانت لخدمة الاحتلال اكثر من خدمتها لحضارة الشعوب القاطنة في الشرق الاوسط، فالدولة القومية على سبيل المثال افرزت المزيد من الانقسام والتدهور السياسي والاقتصادي، والحل المركزي عن طريق الدكتاتورية العسكرية لم تجلب غير التدهور والحروب والتخلف والجمود، وكذلك المنظمات الاقليمة مثل التعاون الاسلامي، الخليجي ، العربي ... الخ لم تثمر التنمية والاستقرار للشعوب الاسلامية.
إن الربيع العربي وما افرزتها من نتائج عكسية من تحقيق الديمقراطية والحكم الصالح الى الحرب ودفع المزيد من الدول القومية نحو تصنيف الدول الفاشلة تفرض التفكير في حل تختلف عن تلك التي فرضت على الشعوب واثبتت فشلها. إن الحقوق السياسية والاقتصادية والاجتماعية للشعوب في الشرق الاوسط لايمكن تحقيقها من خلال الاستمرار على النظام القائم على سياسة القوة والاحتكار الاقليمي والدولي. ونظرا لتزايد التهديدات الامنية والانهيار الشامل لا يمكن للدول الضعيفة من حماية امنها ومصالحها العليا بوحدها بل لا بد من وحدات اقليمية اقتصادية، عسكرية قائمة على المصالح المشتركة وهنا ياتي دور نموذج عثماني لامركزي بغض النظر عن التسميات ومن يقود المشروع، لكن المرحلة والواقع السياسي تفرض حالة الاتحاد اللا مركزي مثل الذي يطبق في الاتحاد الاوربي. وان العوامل المشتركة بين الشعوب الاسلامية اكثر بكثير من العوامل المشتركة التي دفعت الدول الاوربية نحو تكوين اتحادهم القائم على القوة المرنة والتنمية الاقتصادية، فالاتحاد بين شعوب الشرق الاوسط سوف تحقق حالة الاستقرار للدول التي تعاني من ازمات جوهرية وتضمن حقوق الاقليات والشعوب من ضحايا أتفاقية سايكس بيكو.
بعد مرور مائة عام على اتفاقية سايكس بيكو الكل يشكو من جور الاتفاقية، والكل يدري ان انتهاء الغطاء العثماني في الشرق الاوسط فرضت سيناريوهات دولية دفعت ثمنها اكثر من عشرة اجيال فضلا عن الحروب والكوارث والمستقبل المبهم. ان التعايش وقراءة الآخر ضرورة انسانية وحضارية في الشرق الاوسطـ، وان الصراع المصطنع القائم على المذاهب والأطر الايدولوجية الضيقة ما هي الا ادوات إخضاع الشعوب وفرض المزيد من الاجندة الدولية على المنطقة.
ان الاتحاد الاقتصادي والسياسي بين الدول الاقليمية المتنفذه في العالم الاسلامي تعد الحل الامثل لحل القضايا العالقة بشرط ان تكون الاتحاد اختياري وقائم على اساس احترام حقوق وحريات الاقليات وتحرر الشعوب من الاضطهاد والاستبداد وان الاستمرار في حالة التشرذم سوف تفرز الانهيار للمزيد من الدول القائمة على الاسس العرقية، وبالتالي افراز المزيد من الحروب والويلات على الشعوب.
ان النموذج العثماني القائم على اساس لامركزي كانت النظام الامثل التي حكمت الشعوب لاكثر من خمسة قرون، ورغم المشاكل والازمات التي عصفت بالامبراطورية العثمانية فالاقليات كانت تحكمها امراء من بني جلدتهم وتصان امن واستقرار الجميع من قبل الخلافة العثمانية. ان الواقعية السياسية في القرن الحادي والعشرون قد تفرض نموذج عثماني جديد مثل نموذج الاتحاد الاوربي او اي تصنيق سياسي قائم على الوحدات الاقتصادية والسياسية والعسكرية، فالمغزى تكمن في الحل وليس التسميات، وان الاولوية في إيجاد حل تحرر الشعوب من الجور والظلم والطغيان هي غاية الجميع بغض النظر عن الاثنيات والعرقيات الموجودة في الشرق الإسلامي.
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. لماذا لا تريد روسيا تصديق أن تنظيم داعش يقف وراء هجوم موسكو؟
.. هيئة البث الإسرائيلية: الجيش الإسرائيلي سيدخل لبنان بعد الان
.. المسؤولة الأممية فرانشيسكا ألبانيزي ترد على تشكيك صحفي في تق
.. الإعلام الحكومي بغزة: الاحتلال اعتقل جميع الأطباء والممرضين
.. متظاهرون يتجمعون خارج حفل لجميع التبرعات لحملة بايدن للمطالب