الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بحثاً عن ديونيسيوس

شادي كسحو

2016 / 5 / 24
الادب والفن


1-
الكل يمارس هذه اللعبة ويجيدها، إنها "لعبة التمترس والاختباء"
2-
الكل ياصاحبي له سقف، وحين لا يكون لديك سقف، ستعرف للتو أنك في العراء وحدك.
3-
الوجود غير ممكن بلا تدمير بنية الذات، التدمير من حيث هو خلاص الذات، والقوة التي تنفقها الذات في تدمير نفسها، هي ذات القوة التي يُخلق فيها العالم بكامله.
4-
قليلون هم أولئك الذين يستطيعون العيش طلقاء كـ ديونيسيوس أو حقيقيون كـ انكيدو. بلا سقوف أو أسور أو أسيجة، تحمي ذواتهم البئيسة من كل رافد حي أو جديد.
يكفي أن تلقي نظرة سريعة على الناس لتكتشف أن الكل يختبأ وراء قناع يناسبه. هذا يتمترس خلف ايديولوجيا، وذاك يختبأ خلف دين أو لاهوت، وتلك تتوارى خلف حزب أو منظمة. أما ذاك الجوهر الخالد، ذاك الحر الطليق، أو ذاك الانسان الخالص الموجود في قلب معمعان الحياة ذاتها، فلا تحمل نفسك عناء البحث عنه، لأنك لن تجده إلا في كتب علماء الإناسة أو الحوليات، وإذا كنت محظوظاً ربما تجده في تخريفات نيتشه الأخيرة بعد أن اشتد به المرض.
لكثرة ما رأيت من هذه الأصناف البشرية، صرت قادراً على تمييز أنواع الأسوار التي يسور بها الناس حيواتهم، من حصون ومتاريس وأسقف وأسلاك شائكة، بل صرت أعتبر أن هذه الأخيرة هي المعيار الذي يفصل بين الانسان الحقيقي والانسان المزيف، فهذه العوائق التي ينصبها الانسان أمام عقله وحياته شراكاً، لا توجد أصلاً إلا إذا كان صاحبها ميتاً أو على أهبة الموت ، أو فاقداً للأهلية الوجودية بحد ذاتها..
صدقوني أنا لا أعرف بالضبط ما الذي يدفع شخصاً سليم العقل، لتبديد ذاته وانفاق وجوده في عملية تحصين واغلاق ساذجة لوجوده، لا يدفع ثمنها إلا مزيداً من البلادة والغباء؟.
في كل مرة أصادف فيها شخصاً من هذا النوع لا تراودني إلا فكرة واحدة: وهي أن أهيم على وجهي في بلاد نائية، بعيداً عن هذه الجثث الحية، محولاً وجودي الشخصي إلى جحيم فردي على شاكلة دون كيشوت، بعيداً عن أسيجة الآخرين وأسقفهم المستعارة..
لا تحدثوني عن شخص ببدلة أنيقة ومكتب وثير ذو سقف مزركش وعشر صفحات قاحلة عن هيغل، بل حدثوني عن شخص امتطى حلمه وراح يضرب في الأرض باحثاً عن جسد جميل أو كلمة أو حتى فاصلة كي يموت لأجلها.
في كل يوم يزداد يقيني بأن الانسان لا يجب أن يحاكم بجريرة ما ارتكبه من أخطاء وآثام، وإنما بقدر ما نصب لنفسه من موانع وأقنعة وحجب، تحول دونه ودون مغامرة الحياة.
الآن فقط، صرت أفهم لماذا كان ديوجين يحمل قنديله في وضح النهار باحثاً عن انسان حقيقي..صرت أعي ما معنى أن تبحث عن شيء تعرف مسبقاً أنه غير موجود، أو على الأقل نادر الوجود.
أين هو ديونيسيوس يا نيتشه؟.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الحلقة السابعة لبرنامج على ضفاف المعرفة - لقاء مع الشاعر حسي


.. الفنان أحمد عبد العزيز ينعى صلاح السعدنى .. ويعتذر عن انفعال




.. االموت يغيب الفنان المصري الكبير صلاح السعدني عن عمر ناهز 81


.. بحضور عمرو دياب وعدد من النجوم.. حفل أسطوري لنجل الفنان محمد




.. فنانو مصر يودعون صلاح السعدنى .. وانهيار ابنه