الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


للنقابيين فقط !

محمد السلايلي

2016 / 5 / 26
مواضيع وابحاث سياسية


رغم تمديد حالة الطوارىء للمرة الثالثة بفرنسا، تتسع المظاهرات الاحتجاجية ضد قانون اصلاح العمل الذي مررته حكومة الاشتراكيين بفرنسا.
منذ مارس الماضي والى حدود اليوم الخميس، دعت النقابات الفرنسية، وعلى راسها الاتحاد العام للشغل (سي جي تي) اليسارية، الى ثمانية اضرابات عامة، مصحوبة بتعبئة جماهيرية لتنظيم مسيرات ومظاهرات بمختلف المدن الفرنسية، وتم اعلان عن يوم احتجاجي وطني اخر يوم 14 يونيو المقبل.
وخلال هذا الاسبوع، صعدت النقابات من مواجهتها للحكومة الفرنسية، بشل ستة مصافي نفطية من اصل ثمانية، ورغم تدخل القوات العمومية لفك الطوق عنها، صمد العمال بل التحق بهم العديد من رفاقهم للتصدي للهجوم البوليسي حسب مانشرته وسائل اعلام فرنسية. وكرد استباقي على ذلك، دعت ال (سي جي تي) وهي اقوى النقابات الفرنسية، عمال الموانىء والمحطات النووية المنتجة للكهرباء، والسكك الحديدية والملاحة الجوية، للاتحاق بالاضراب، وهو ما تم اليوم الخميس، حيث شلت الحركة في جميع هذه المواقع، ما ادى الى صعوبة استخدام المخزون الاستراتيجي للنفط الذي اعلنت عنه الحكومة امس الاربعاء.
ونحن نتتبع تطور هذا الصراع الاجتماعي ببلد كبير كفرنسا، نضع صوب اعيننا بكل تاكيد، نقاباتنا المغربية، خاصة المركزيتان الاساسيتان الاتحاد المغربي للشغل والكونفدرالية الديمقراطية للشغل، ليس للمقارنة بينها وبين النقابات الفرنسية فقط، بل ايضا لتسليط الضوء على الطريقة التي تشغتل بها نقاباتنا المثيرة فعلا للجدل.
وقبل ان ندلي ببعض الملاحظات، يجب التذكير انه في نهاية التسعينات، اعلنت الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، وكانت ابانها اقوى نقابة من حيث التحرك الاحتجاجي والقدرة على زعزعت خصومها سوى في الدولة او ارباب العمل، اعلنت توجهها نحو رمي كل ثقلها في القطاعات العامة والقطاعات شبه العامة لحساسيتها بالنسبة للدولة.
وكانت الكونفدرالية تضع نصب اعينها الاتحاد العام للشغل الفرنسي الذي سيطر على هذه القطاعات للضغط على الحكومة لترضخ لمطالب الشغيلة الفرنسية.
هكذا بدا التخلي عن الدفاع عن عمال المقاولات الخاصة التي كان اربابها يهددون باغلاقها وتشريد العمال المنقبين، كما حصل منذ التسعينات من القرن الماضي بالعديد من مصانع النسيج مثلا.
وبالموازاة مع ذلك، وبعد حوالي عقد من الزمن على هذا الخيارالنقابي، لمسنا ان النقابات المغربية بدات تبتعد شيئا فشيئا عن محيطها الجماهيري. فقد اعطت بظهرها لحركة المعطلين، تم جاءت حركة 20 فبراير سنة 2011، التى رفعت شعارات اجتماعية واقتصادية جوهرية مثل اعادة توزيع الثروات ومحاربة الفساد والكرامة الاجتماعية، وهي مطالب تدخل في صلب العمل النقابي. وعكس ما قامت به اقوى مركزية نقابية بتونس، حيث تزعمت الحراك الشعبي، لجات نقاباتنا الى تفييء النضال النقابي، وفصله عن الحركة النضالية العامة للمجتمع، وهي ظاهرة لازالت مستمرة حتى الان.
بعد هذه الاشارة السريعة، هناك ثلاثة ملاحظات على الاقل يمكن استنتاجها بالمقارنة بين الحركية النقابية ببلادنا والحراك النقابي بفرنسا:

أولا: النقابات الفرنسية تجندت لاسقاط قانون اصلاح العمل، وهو قانون لايهم فقط النقابات بل يهم بالاساس عموم المواطنين، طلبة وعاطلين وفلاحين... معترة ان معركتها ضد هذا القانون جزء مهم من معركتها ضد الدولة وارباب العمل، الذين فصل القانون على مقاصهم. النقابات الفرنسية تحملت مسؤوليتها رغم اعلان حالة الطوارىء ورغم التهديدات الارهابية المحتملة بعد احداث باريس الاخيرة.
نقاباتنا، وخاصة الكونفدرالية التي سجل تاريخها مجموعة من البطولات العمالية والاضرابات العامة التي واجهت تعنت جهاز الدولة، باتت تقيم الاوضاع الاجتماعية من منظور اخر، يُغلب الطابع السياسي الامني على اي حركة نقابية من شانها تعبئة الراي العام الداخلي.

ثانيا: قانون العمل الفرنسي موضوع النزاع لايخص النقابات لوحدها، ومع ذلك رمت هذه الاخيرة بكل ثقلها لاسقاطه، رغم ان الرئيس الفرنسي هولاند صرح انه لايمكن الاطاحة بالقانون الا عبر الاطاحة به!
نقاباتنا، وبخصوص قانون اصلاح التقاعد الذي يهم الشغيلة المغربية، وبالاساس شغيلة القطاع العام الذي تركز عليه هذه النقابات، نراها غارقة في مسلسل مراطوني من المفاوضات غير المثمرة مع حكومة مسخرة ولا تملك قرارها كما صرح بذلك اكثر من مرة زعيم الكونفدرالية محمد نوبير الاموي.

ثالثا: استهداف النقابات الفرنسية شرايين الاقتصاد الفرنسي لشل حركيته للضغط على الحكومة من اجل التراجع سياستها الاجتماعية التي تخدم ارباب العمل. فيما تستهدف نقاباتنا بعض القطاعات الاجتماعية "غير الحساسة" بالنسبة للدولة وللبطرونا المغربية، والمؤثرة فقط على الحياة اليومية للمواطنين مثل التعليم والجماعات المحلية والمستشفيات والمحاكم وبعض الادارات العامة..

ودون الحديث مفصلا عن القطاع الخاص، خاصة قطاع المناجم الذي يشن فيه اليوم عماله اضرابات واعتصامات بطولية لم تستطع المركزيات النقابية الغارقة في معارك التمثيليات البرلمانية والمفاوضات الحكومية، ان تجعل منها قضية وطنية مادام الامر يتعلق بثروات البلاد التي يستنزفها القطاع الخاص بابشع استغلال للطبقة العاملة ولسكانة المناطق المهمشة.

هناك ازمة للعمل النقابي ببلادنا، وغموض في الادوار التي تضطلع بها، وهي ازمة خيارات قبل ان تكون ازمة تنظيمية، ازمة بدات بعد ان ساد الهاجس الامني ليشكل الفرملة السياسية لاي حراك نقابي مقاوم لسياسة الدولة الاجتماعية، وضد خياراتها المفلسة بسبب انصياعها لصندوق النقد الدولي وتوصياته المجحفة في التعليم والصحة والشغل ..فالنقابات تنهض من عقالها في اوقات الازمات وتجند المجتمع للدفاع عن حقوق العمال والمواطنين دون ان تفصل بينهما، وهو مايحدث منذ ثلاثة اشهر بفرنسا، عكس ما يحدث بالمغرب، حيث تنكمش النقابات وتتلكأ في اوقات الازمات لتهرول نحو مفاوضات لاتسمن ولا تغني من جوع؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل بدأ العد العكسي لعملية رفح؟ | #التاسعة


.. إيران وإسرائيل .. روسيا تدخل على خط التهدئة | #غرفة_الأخبار




.. فيتو أميركي .. وتنديد وخيبة أمل فلسطينية | #غرفة_الأخبار


.. بعد غلقه بسبب الحرب الإسرائيلية.. مخبز العجور إلى العمل في غ




.. تعرف على أصفهان الإيرانية وأهم مواقعها النووية والعسكرية