الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كل رمضان وانتم....أسمن وأكذب وأكثر قسوة ....

عارف معروف

2016 / 6 / 6
كتابات ساخرة





كل رمضـــــان وانتم....أسمن وأكذب وأكثر قسوة ....
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

منذ مئات السنين ورمضان هو هو في بلاد الاسلام المباركة.... قبيل ايام من تشريف الشهر الفضيل تكتظ الاسواق بالناس وهم يزدحمون على السلع والمواد الغذائية ويبالغون في اقتناء اصنافٍ مترفة وكمياتٍ تفيض عن حاجتهم ، ذلك انهم سيجوعون نهارا ويعانون من بعض العطش ،ولا أقول شدّته ، لأن غالبيتهم سيقضى النهار نائما في سبات عميق قرب اجهزة التكييف او المبردات وهو ينفرمن كل حديث اوطلب بدعوى الصيام والمعاناة ، ليزدحموا مساءا على مائدةٍ عامرة بالأطايب وليأكلوا بلهفة وشراهة ، بعد ان يكونوا قد افتتحوا افطارهم بتمرة وشربة لبن كما تقضي السنة والى جانبها الزهد الكاذب والصبر المصطنع ، ولكن ليملئوا كروشهم ، بعد ذلك ،حتى تنوء بحملها الابدان فيمنع الخدر الكثيرين منهم عن القيام حتى يسترد انفاسه ، وربما بادروا الى توزيع المواعين الى جيرانهم وكل يتفنن في ان يكون صحنه هو الافضل والاكثر مجلبة للأعجاب ! في حين يكون التجار قد بادروا الى رفع الاسعار، ربما الى الضعف ، ولربما كان اكثرهم تقى وتدينا من بادر الى جمعها من الاسواق قبل شهر او شهرين وبأبخس الاثمان ، تحسبا للشهر المبارك ، ليملأ بها المخازن و ليطلقها قبل ايام من رؤية الهلال السعيد الذي كان يترقبه بلهفة وابتسامة شايلوكية ترتسم على شفتيه !
انه شهر صيام البطون نهارا وتخمتها ليلا ، ذلك ان صيام الجوارح امر لا يعرفه القوم ولم يسمعوا به وان سمعوا فما وعّوا وان تكلموا به وتقّولوه فمثل ما يلوكون لغو الحديث في الدين والسنة والاخلاق وما يجب وما يصح دون وعي او التزام ، ولو وعّوا لتأملوا في اسباب خبر غار حراء الذي كان يقضي فيه النبي شطرا من عامه متعبدا، وهو خبر يعرفونه ويرددونه منذ نعومة الاظفار حتى المشيب ، لم يسأل احد منهم نفسه لماذا كان النبي يتعبد في الغار ويعاني من وعورة الجبل ولماذا لا يقوم للصلاة في بيته ان كان الامر صلاة او يتهجد في منزله ان كان الامر امرتهجد ؟ لقد كان النبي يعتكف هناك لصيام الجوارح ، لرياضة نفسية صنعت منه ما هو عليه ، رجل في امّة او أمة في رجل ، فمتى تعرفون صيام الجوارح ، اتحداكم : ، الصيام عن الكذب ، الصيام عن النفاق والمسايرة ، عن الذل والاذلال ، عن الجبن والخنوع ، عن الشهوات المنفلته ، الصيام عن السرقات والاختلاسات والرشى والعقود المزيفة والصفقات المبطنه ، الزنا المغطى والاباحية المتسترة ، وتكفون عن صيامكم السخيف هذا ؟! او لأسهل عليكم واختصر ... صوّموا عن الكذب فقط ، وانا اضمن لكم انكم ستصحّون فعلا، وستكونون ، حقا ، خير أمة اخرجت للناس ، فهل انتم قادرون ...، ابـــداً !
عرفت زميلا في الوظيفة كان، طوال عامه ، لايدع معصية الا ارتكبها ولا مثلبة الاّ جناها ، حتى اذا حلّ رمضان رأيته يختلف الى المسجد وقد اكتسى دشداشة بيضاء واعتمر غطاء رأس ابيض وصاغ ولده الصغير ، الذي يمسك بيده ، وفق نفس القالب ، وهو يسير مطّرّق الرأس ، هاديء الخطو و" براءة الاطفال في عينيه " ، تلاعب اصابعه مسبحة سوداء وتتحرك شفتاه بما يحفظ من آيات ، فاذا قطع عليه اجواءه " الروحية " هذه ، زميلٌ ممن له معه خصوصية داعيا اياه الى ما تعّودا ، همس بأنكسار :" استغفر الله ... دعها الى ما بعد الصلاة " واذا جاءه آخر برشوة اشاح بوجهه عنها مطالبا اياه بأن يوافيه على مائدة الافطار ، توددا ورحمة بين أخوين مسلمين ، حتى اذا افطر وصلّى ،استلم من ضيفه رزمة المال وبدأ يعدها مبسملا : " بسم الله الرحمن الرحيم ... مئة .. مئتان .. ثلاثمائة ...الخ حتى اذا انتهى شمل الراشي ببركته جزاء الامانة والحساب السليم :" بارك الله فيك ... اخي "...
هل تظنون ان هذا نموذجٌ فردٌ ، وحالةٌ استثنائيةٌ شاذة؟
ابداً ، .... انتم تعلمون ، مثلما اعلم ، ان هذا هو ديدن 90% من الناس اذا تهاوّنا كثيرا وتساهلنا في القياسات وتركنا التشدد في المواصفات . ان الأفضل من هذا النموذج والاكثر تقى ، سيؤجل كل ما تعود اليه الى مابعد رمضان فقط ، في افضل الاحوال ، لينغمس مع بشارة العيد السعيد في كل ما درج عليه ولربما زاد عليه ، تعويضا لما فاته في الشهر الكريم !
انهم يتحاشون ، ربما ، دعس نملة بأقدامهم ، في شهر الخير والبركة ، ليعودوا فيدوسوا ويسحقوا عظام البشر بعده !
وكل عام وانـــــتم .....










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - عد مال الرشوة
جمشيد ابراهيم ( 2016 / 6 / 6 - 13:58 )
تعجبني هذه الجملة المفيدة جدا
بسم الله الرحمن الرحيم مئة مئتان ثلاثمائة - لربما لان اصل كلمة المال كان الماشية و البعير فهو بالتاكيد خبير في عد البعير خاصة في شهر الرشوة و البرطيل
تحياتي


2 - شهر النفاق
نور الحرية ( 2016 / 6 / 6 - 23:37 )
اهلا بشهر الخداع والنفاق شهر الدواعش والاوباش شهر الكسل و الخمول

اخر الافلام

.. في ذكرى رحيله الـ 20 ..الفنان محمود مرسي أحد العلامات البار


.. اعرف وصايا الفنانة بدرية طلبة لابنتها في ليلة زفافها




.. اجتماع «الصحافيين والتمثيليين» يوضح ضوابط تصوير الجنازات الع


.. الفيلم الوثائقي -طابا- - رحلة مصر لاستعادة الأرض




.. تعاون مثمر بين نقابة الصحفيين و الممثلين بشأن تنظيم العزاءا