الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مخاطر نظام المحاصصة على الوحدة الوطنية (1)

فلاح علي

2016 / 6 / 9
مواضيع وابحاث سياسية


المقدمة :
خاض الشعب العراقي بكافة قومياتة وأديانة وقواه السياسية الوطنية والديمقراطية نضال طويل ضد الهيمنة الاستعمارية وقدم تضحيات جسام من اجل التحررالوطني والاستقلال وبناء وطن حر مستقل ودولة مؤسسات ديمقراطية اتحادية .كان هذا النضال الجماهيري تحت راية الوحدة الوطنية , وجسد هذا النضال الوطني وحدة الشعب العراقي بكافة قومياته واديانه ومنظماته المهنية واحزابه, وتشكلت تحالفات سياسية وطنية عابرة للطوائف والقوميات آنذاك بين الشيوعيين والوطنيين والديمقراطيين والتف حولهم الشعب لخوض النضال الوطني التحرري . ولا يزال شعار ( على صخرة الاتحاد العربي الكردي تتحطم مؤامرات الاستعمار والرجعية ) راسخاً في ذاكرة الشعب ويؤكد على واقعيته وضرورته الوطنية انه شعاريجسد الوحدة الوطنية لا طائفي ولاقومي , وكانت التظاهرات والهبات الجماهيرية تنطلق في آن واحد من كوردستان الى البصرة وترفع شعارات موحدة وهتافات موحدة ومطاليب موحدة لهذا كانت القوى الوطنية والديمقراطية في نضالها الوطني تستمد قوتها من قوة الشعب .
ما الذي حصل بعد ذلك ؟ النظام الدكتاتوري الفاشي المقبور استخدم القمع والبطش والقتل والابادة لتحطيم وتدمير وانهاء الروح النضالية الوطنية والاممية التي يتميز بها الشعب العراقي .
لكن بعد سقوط النظام الدكتاتوري المقبور من خلال الحرب والاحتلال بوغت الشعب العراقي بتشكيل نظام سياسي قائم على المحاصصة الطائفية والاثنية , فحول نظام المحاصصة الوطن الى اتحاد للمصالح الفئوية الطائفية والاثنية تقوده زعامات أكدت تجربة ال 13 عام الماضية, انها وضعت مصالحها فوق مصالح الشعب والوطن . وان هذه الزعامات متحدة على تقاسم الثروة الوطنية والامتيازات وفي اشاعة الفساد بكل مؤسسات الدولة ومتحدة ومتضامنة في معاداة الديمقراطية وعدم بناء دولة المواطنة ومتحدة في حرمان الشعب من العيش الكريم . وهذا ما اكدته التجربة ان زعامات نظام المحاصصة لا تربطهم اي رابطة بتأريخ العراق السياسي وامجاد ونضالات وتضحيات وانتصارات وانجازات الشعب العراقي , من هذا نرى اليوم ان الزعماء المتحاصصون لا يستمدون قوتهم من قوة الشعب , وانما يستمدونها من مسايرتهم للمشاريع الاقليمية والدولية , وان صلتهم بالوطن ووحدته ما هو الا شعار مصطنع وانها تؤدي دور اعلامي بأدعائها بالحرص على مصالح الشعب والوطن ليس الا , لكنها في الواقع تعمل لأجندات سياسية لا تلتقي ومصالح الوطن والشعب . وما اكدته التجربة في ظل نظام المحاصصة الطائفية , هو غياب الموقف الوطني الموحد في أجندات الزعامات المتحاصصة وحتى يمكن القول انه استحالة التصدي لأي عدوان خارجي في ظل نظام المحاصصة ومن الامثله على صحة ذلك :
1- تقدم الجيش التركي في أواخر عام 2015 لملاحقة عناصر حزب العمال الكردستاني واحتلاله لبعشيقه خير دليل على غياب الموقف الوطني الموحد , حيث في ظل هذا التطور انقسمت زعامات الكتل المتحاصصة حول الموقف الوطني المطلوب اتخاذه لمواجهة الاختراق العسكري التركي الخطير الذي هدد السيادة الوطنية واخترق حدود الوطن , والى اليوم لا يوجد موقف وطني موحد لمواجهة هذا العدوان.
2-عندما دخلت عصابات داعش من سورية واحتلت مدينة الموصل لم يجري التصدي لها ودحرها في حينها , لغياب الموقف الوطني الموحد لدى المتحاصصون وزحفت الى مدن اخرى واحتلتها . عجزت كل الكتل المتحاصصة في حينها من مواجهة هذه العصابة بداية دخولها للموصل ودحرها .وهذا يعود الى الانقسام والصراع وعدم الانسجام في المواقف الوطنية , انهم متفقون فقط على المصالح والامتيازات وتقاسمها , حيث لم تتمكن القوى السياسية الحاكمة من الاتفاق على القيام بخطوة عملية تجاه تلك الاختراقات للوطن وسيادته , حتى ان تأجيل تحرير مدن رئيسية مثل الموصل لها علاقة بانقسام الموقف الداخلي والاقليمي والدولي . وأكدت التجربة ان هذه الارتباطات الاقليمية والدولية لها الغلبة على الحالة الوطنية . اذن المحاصصة الطائفية والاثنية تشكل تهديد للوحدة الوطنية و تشكل مخاطر على مصالح الوطن والشعب المحاصصة نهج مقيت يحرض على العنف والكراهيه ومعادي للثقافة الوطنية والديمقراطية والتسامح , ان التصدي للمحاصصة الطائفية والاثنية بموقف وطني شعبي موحدهو مسؤولية ومهمه وطنية واخلاقية .
ما هي مرتكزات نظام المحاصصة الطائفية والاثنية :
لنظام المحاصصة مرتكزات سياسية وقانونية واقتصادية واجتماعية وفكرية .
أولاً :المرتكزات السياسية والقانونية :
تأسس النظام السياسي بعد عام 2003 , على اساس المحاصصة الطائفية والاثنية وانسحبت آثاره على كافة مناحي الحياة في البلاد ابتداءً من ادارة الدولة وتشكيلة البرلمان وهيئة الرئاسة وتقاسم السلطات على اساس المحاصصة والوزارات والمدراء العامون والسفراء والهيئات التي تسمى مستقلة .... الخ . وهذا انعكس على كافة مرافق الدولة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتعليمية والثقافية وحتى الخدمات الصحية والمتضرر من هذا النظام هو البلد بأزماته المعقدة وايضاً جماهير الشعب والكادحين والفقراء منهم .ويجدد هذا النظام نفسه في انتخابات برلمانية كل اربعة سنوات من خلال وسائل ومرتكزات سياسية وقانونية لا ديمقراطية تم تشريعها لديمومة نظام المحاصصة تتمثل في :
1- قانون انتخابات لا ديمقراطي قسم العراق الى دوائر انتخابية بدلاً من دائرة وطنية واحدة , وتم سرقة اصوات الديمقراطيين والكتل الصغيرة ولعدم اعتماد الطريقة النسبية ايضاً .
2- عدم وجود قانون للاحزاب .
3- في ظل مفوضية للانتخابات غير مستقلة تم تأسيسها على اساس المحاصصة لتخدم مصلحة وديمومة الكتل المتحاصصة .
4- توظيف الدين في السياسة لتضليل جماهير الشعب .
5- دخول المال السياسي مع تدخلات اقليمية كبيرة تؤثر على مسار الانتخابات لصالح هذا الطرف او ذاك
6- عدم حيادية اعلام الدولة وتوظيف بعض مؤسسات الدولة وتسخيرها لخدمة قوائم معينة اثناء الحملات الانتخابية .
اذن البلد يدار بعقلية المحاصصة الطائفية والاثنية , لذلك نجد ان جميع الوظائف العليا والامتيازات هي حكراً على هذه الكتل المتحاصصة , وهم يعلمون ان الديمقراطية والعدالة الاجتماعية لو طبقت في العراق لخسروا كل امتيازاتهم وغنائمهم لهذا لن يتنازلوا عن نظام المحاصصة بسهولة . من هذا اكدت التجربة ان نظام المحاصصة يمثل الظلم والطغيان والجور وانتهاك الحقوق والحريات وعدم المساواة وتفشي الفساد . لو كان العراق دولة مواطنة ودولة مؤسسات ديمقراطية لحكم العراق العدل والقانون ولتم توزيع الثروة على المواطنين حسب العمل والكفائه والاختصاص ولتم اقامة نظام الضمان الاجتماعي والصحي وتحقيق الحياة الحرة الكريمة للشعب بدون تهميش ومصادرة للحقوق والحريات.
ثانياً :المرتكزات الاقتصادية والاجتماعية :
1- في الجانب الاقتصادي تم توظيف واردات النفط لصالح الكتل المتحاصصة وضمان منافعها وامتيازاتها حيث لعبت واردات النفط دور كبير في تعزيز هيمنة الكتل المتنفذة وامساكها للسلطة السياسية ولفرض دورها وتأثيرها في الدولة والمجتمع . وما اكدته تجربة نظام المحاصصة ان العلاقة طردية بينها وبين واردات النفط . كل زيادة في اسعار النفط ينتج عنها تضخم حجم القوى المتحاصصة في المجتمع وهيمنة اكثرعلى الدولة وبالذات قوى الاسلام السياسي . وكلما إنخفضت أسعار النفط كلما تقلص حجم احزاب الاسلام السياسي في المجتمع وتراخت قبضتهم وهيمنتهم على السلطة وهذا ما يشهده العراق اليوم من هذا نجد ان هنالك ترابط في المصالح بين المتحاصصون والعولمة الرأسمالية ودولها الامبريالية والدول الاقليمية وخضوع زعامات الكتل المتحاصصةللتوظيف السياسي لهذه الدول من هنا يأتي دعم واسناد هذه الدول لنظام المحاصصة لتمكينهم من مقاومة الحراك الجماهيري وتمكينهم من سرقة ومصادرة ثمار الحرك الجماهيري . ومع ذلك ما اكدته تجارب الشعوب ان نظام المحاصصة القائم على المصالح لا يستطيع هزيمة جماهير الشعب المنتفضة والمطالبة بحقوقها المشروعة .
2- اذن ان زعماء المحاصصة في العراق إمتلكوا الثروة وكونوا من الناحية الاقتصادية والاجتماعية تحالف طبقي لأصحاب الثروة وسياسي طائفي واثني, انهم تحولوا الى احتكارات محلية تستأثر بالثروة والدخل وتتقاسمها عبر رموزها السياسية والجهات المتنفذه المرتبطة بها . وما اكدته التجربة انهم يريدون ان تكون نشاطاتهم الاقتصادية هي بديل عن التنمية المستدامة وهذا هو مصدر قوة لبسط هيمنتهم . وما أكدته التجربة ايضاً ان المحاصصة الطائفية تقف دون تنامي دور القطاع العام للأقتصاد الوطني وتطويره ومصالحها الطبقية تضغط للسير في طريق الخصخصة .
9-6-2016
(يتبع)








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كاميرات مراقبة ترصد فيل سيرك هارب يتجول في الشوارع.. شاهد ما


.. عبر روسيا.. إيران تبلغ إسرائيل أنها لا تريد التصعيد




.. إيران..عمليات في عقر الدار | #غرفة_الأخبار


.. بعد تأكيد التزامِها بدعم التهدئة في المنطقة.. واشنطن تتنصل م




.. الدوحة تضيق بحماس .. هل يغادر قادة الحركة؟ | #غرفة_الأخبار