الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هو الذيبُ .. صاحبي !

يحيى علوان

2016 / 6 / 12
الادب والفن




مَلعونَةٌ هذي الحروفُ ، إِنْ إِنتَبَذَتْ الأَدراجَ ،
إنْ لاذَتْ بظل ..
إِنْ أَمسَتْ لافِتَةً للتهريج !


يا ذيبُ ، يا حكيمُ ، ويا جميلُ ...
يا ذيبُ ، أَنتَ البريءُ ...
يا سِبْطَ ذاكَ ، الذي رَمَته العُرْبُ بِدَمِ يوسُفَ .. ومنه بُـراء كانَ !..
خَلّيكَ ، يا ذيبُ ، في رِفعَـةٍ عمّـا دَمَغَتْكَ بـه النصوصُ و" الدَهمـاء"!!
يُُعجِبني عِشقُكَ للحرية ، يا ذيبُ ، فأنتَ تَمقُتُ " الحظائرَ " كي لا تَغدو " كَلبَـا "..!
أنتَ تنـوحُ ، فيما فِضّـَةً يَقْطُـرُ القمر..
إدفِنْ حُرقَـةَ النُـواح بقلبِكَ .. ، تَنْزَعُ الهَلَعَ عن قلوبِ " الكِبـارِ" !

أَتَبحثُ عن قَمَـرٍ أَخـرَ ، بعيـونٍ تَتَحـدّى المِخـرَزَ .. ؟ !
أَمْ عنْ دليلةِ السُراةِ .. ؟!
سأتكفَّلُ ، عنكَ يا ذيبُ ، بهذا القمرِ الفضولِيِّ ، الباهِتِ ، " مَجدورَ "! الطَلعَة ..
لا شُغلَ له إلاّ هَتكَ أَسرارِ الليلِ ،
يَهُشُّ عَنْ رأسِكَ لِحـافَ النوم ،
ويَتَلَصَّصُ عندَ شبابيكِ العُشّاقِ ..
سَارمي له صنّارتي ، أُجرجِرُه مثلما يَفعلُ الصِغار بطيّاراتِهم الورقية ..
أربُطُه عندَ سَروَةٍ عتيقةٍ ، خلفَ التََلِّ .. فلا يطلَعُ إلاّ باهِتاً في الأصبـاحِ ..
وإنْ تَمَنَّعَ ، سأُقََطِّعـُهُ أَشرِطَةً ..
لا .. ! لا ..!!
سَأُقَصْقِصُـهُ أَهِلَّـةً نَحيفَةً ، نَحيفةً ، كَهِلالِ العِيد ..
أَدُسُّهـا في زَنابيلِ اليَتامَى ،
سأَجلِبُ لكَ قَمَـراً أَسودَ ، يَمسحُ مرآةَ العَتمَةِ ، عساكَ تَهجرُ العويلَ !!
وسَنكتَفي بنُجيمَةٍ مُتَبَرِّجةٍ ، أو قُلْ نَتَوَهَّـجُ بأحزاننـا ، نتَحَصَّنُ بالظُلمَةِ في عِـزِّ
صَمتِ الُمُرابين ، وَجَعجَعَةِ الرَدّاحين ..
سنَتَحسَّسُ ، يا ذيبُ ، طريقَنا في الظُلمَةِ على خُطىً تَرِنُّ فينا مثلَ "الليرةِ الرَشاديَّـة"!
فلا " الخيلُ " ولا " الليلُ " يَعرِفُنـا ... سوى " القرطاسُ " و " القَلَمُ "..!!
.............................


أَتَسمَعُ يا ذيبُ ؟!
سأحكي لكَ بعضـاً من قِصَّتنا ...
فيما مضى ، كُنّا نَتّخِذُ من الغَيمِ " بلاتو " نَرسِمُ فوقَه أحلامَنا الصغيرةَ ..
حارّةً كرغيفِ التنّـور..
نَخُطُّ فوقَه كيف تُصابُ المصابيح بـ" جَلطَةٍ " كهربائيةٍ ، فَتَتْرُكُنـا في الظُلمَـةِ نَسبحُ ...

مَـرَّةً ، يا ذيبُ ، عن نَفْسيَ غِبتُ ،
..غِصْتُ في دَمي ، فَعَثَرتُ عَليَّ في خَيمَـةِ سِركٍ
لَمْ يُدهِشني أَنَّ أحداً من الجمهورِ " الكولاج ! " لَمْ يُصفِّقْ ، بينما كُنتُ أُرَوِّضُ
اليأسَ والقنوطَ ..!
أَعرِفُ أَنَّ المشهَدَ لَمْ يكنْ مُسَلِّياً ، كذاكَ الذي قَدَّمَه شابلن في "نمرَته" المُمَيَّزة ،
بتَرويضِ البَراغيثِ ..!!
إنْسَلَلْتُ من المشهَدِ الواجِمِ ، أُجَرجِرُ سيزيفَ " الضَريرَ " ، خَلفَ الكواليسِ
ـ كُنتُ إِستَعَنْتُ بـه في نِمرَتي ـ إلـى حيثُ المرايـا مُكَسَّرةً ، عَلَّهُ يُفرِغُ مَوّالَ الحزنِ ..
لا لِنَبكي طَلَلاً ،
بَلْ لأُريه كيفَ تَنوَلِدُ الظُلمَةُ لَمّـا يَنكَسِرُ المـاءُ ، ويظلُّ الكوبُ " سالِماً "!!
عَساهُ يُدرِكُ مغزى خُسرانُ وطنٍ ، حينَ تَضيعُ الأَقمـارُ في مَجازٍ هابِطٍ ..!
عندما يحترِقُ الصبرُ ، ونحنُ " شَمَّريونَ "(1) لأنَّنا نَصَبنا في الهـواءِ شِباكاً
من أسلاكٍ قديمةٍ ، حتى غير شائكةٍ ..!
فَلَمْ يَعْلَقْ بِهـا إلاّ صَهيلُ الريحِ .. يُراوِغُ فوقَ سفوحِ الشِعارِ .. لا غير ..!!

كُنّـا ، ياذيبُ ، بُقعَةَ ضوءٍ .. تَحلُمُ أَنْ تَصيرَ واحدةً من الشُموسِ .. لكنّنا لَمْ نَهتدِ
إلاّ إلـى الحِبْرِ السرِّيِّ ، نَكْتُبُ بـه خطابـاً "سرياليـاً !" ..

مرةً أخرى ، كُنّا نتحلَّقُ حول مائدة مستديرة ،
وكانَ الوجومُ سيّد الجلسة ..!
ما غادرت الألسنُ الأفواهَ ... إلاّ واحداً ، يؤثِرُ الخطابةَ !!
وكل ما هَمَّ المايكروفون بالهربِ جَزعاً منه ، أمسَكَ بخناقِه !!
وحدَها ، سيدةٌ لم تتخلَّص من عادة التصفيقِ لنفسها في المرآةِ ، صفَّقَتْ له ..!
.............................
أفرَغتُ المائدَةَ مِنّي ، حينَ حظَرَتْ عَرّافَةٌ شمطاء ، معقوفة الأنف ،
قَرَاَتْ ما تَيَسَّرَ من سوءِ طوالعنا ،
رُحتُ أَبحثُ في مُعجمِ الليل عن مُفردةٍ تُحيِي الفَرَحَ وهو رَميم !
عندها ، عُدنا إلى أنفسنا .. عودةَ الماء إلى فَمِ حَنَفِيَّةٍ يابسة ، بعد إنقطاعٍ طويل ..
أدركنا أنَّ الحربَ لن تنتهي ، وعلينا أَنْ نتدبَّرَ ما يكفي مؤونةً للصغار ...
أما نحن ، فسنهيءُ أنفُسَنا لأَنَ الحربَ ستحمِلُ إلينا السلامَ والديمقراطية ، وفوقها الحرية ..!!
.............................

اللعنةُ ..! اللعنة على تُربةٍ نتقاسمُ هواءها مع المحتلينَ والخوَنَة !
كَفَرتُ بالترابِ وبعذابِ الإنتماء .. فتوجَّعَت مرآتي لفُتاتِ ما بقيَ من العمر ..
حينَها إرتفعَ منسوبُ الخيبة لديَّ ، حتى تكاثرَت كُريَّاتُ الهذيانِ في دَمي ..
فَرُحتُ أرتابُ من الحليبَ على شَفَةِ التينَ ،
ومن هواءٍ يمَشِّطُ هامَ النخيل ،
من وضوحِ الزمانِ الكثيفِ ، ومن حاضرٍ لم يَعُدْ حاضراً ..
أخافُ زمناً يغدو فيه اليأسُ رحمةً ، والموتُ نعمة !

* * *
يا ذيبُ قُلْ لهم أَلاّ يوغلوا في دمنا ..
لهم فِكرُهم ولنا فِكرُنا ..!
لهم أَمسُهم ، ولنا أمسُنا ، الذي لا نَكرَهُهُ ..
وفي الهـواءِ مُتَّسَعٌ لما هو أكثر .. !!
سينقضي زمنٌ طويلٌ ليصبحَ الحاضِرُ ماضياً مثلَنا ،
بعدَ أَنْ "نمضي" دفاعاً عن طَلعِ النُخيلاتِ ، عن ضفائرِ الصَبايا وطينِ فَخّار التنّور ..
ِلكنَّنَا سنتَسَرَّبُ من موتنا قُبَيلَ الفجرِ .. هادئين ، نُضيءُ شُموعَ القناديل ، لنَشرَبَ
شايَ الصباح ، قبلَ أَنْ يفيقَ القَتَلَةُ والأفّاقونَ ..
سنَتلوا عليهم شروطَ السلامِ مع المَيّتين .. إِنْ أرادوا النومَ من دونِ أشباحنا ...
حيثُ السماءُ بعيدةٌ عن أرضها ..
فلا ريحَ ترفعنا أعلى من الماضي ،
ولا راياتَ للشهداءِ يرفعونها مُستسلمينَ لِمَنْ تَسَيَّدَ المشهَدَ غفلَةً ..!!
لكنْ ثمّةَ ربابَة للغَجرياتِ يَسخَرنَ من البدايةِ والختام !

كُنّا قد رَفَعنا سقوفَ البيوتِ كي يرتدي الظلُّ أجسادَنا ، فلا تسيل في قيظِ العراق ..
وكُُنّا نعيشُ على مَهلٍ وكَفافٍ ، فكانَ للعُمر طعمُ الفُروقِ بين الفصول ..!
كانَ لنا ما لنا ... وكانَ أمسُُنا يُرَتِّبُ لنا أحلامَنا ، صورَةً صورة ، يُُهذِّبُ أَيامَنا وأَيّامَ
رَبعِنا والسابقينَ ...
أَنتَ تدري ، يا ذيبُ ، لابُدَّ من ذاكرةٍ لِنَنسى ...
كي نَغفِرَ لَمّـا تحينُ الساعة ...
ولا بُدَّ من فَرَسٍ فوقَ "الصهيلِ" ، يُداوي الهواءَ المريضَ !!
فيا تأريخ إِترُكْ لنا ما لنا من هواء الرافِدينِ !
ولا تسمح لأَيامَنا تُطِلُّ علينا لنعطَشَ أَكثر...
فلمْ نكُنْ على شَطَطٍ لمّا وُلِدنا هنا ... وإنْ هَبَّ علينا غُزاةٌ كثيرون ،
فليسَ حُبّاً بأساطيرنا ، أو بما سَطَّرَه الأسلاف .. !!

يا ذيبُ ، هَبْ لنا من لَدُنكَ ضِرساً.. سَنَتدَبَّـرُ ، وجَدّاتُنا ، العَفَصَ والخِرَزَ الفيروزَ(2) !!
!! عَلَّنـا نُشفى من " زُحافِ " الرؤيـا ، ونَهجُـرَ نَشازَ " التَعليلِ والتأويلِ ..
يا ذِيبُ ، يا ذِيـ ..... .ـبُ ! أَعِنّـا ، عَسانا نَتَطَهَّـرُ ، فَنَكفَّ عن بَديـعٍ زَلِقٍ ، لَزجٍ ،
لأَنًَّ الجِنـاسَ باتَ يَنـوحُ من بؤسِ الإشتقاقِ ..!!
لا يّهُمَّنَّكَ ! يرمونَنَا ، بمـا شاؤوا ..!
دَعهُمْ يقولون أَنّـا سادَةُ " التَجديفِ " !
سأُطعِمُكَ ثَمَرَ الرَعـدِ طَرِيَّاً ، فَأرزُقنا شجاعةَ الأَصـالَةِ أَنْ نرى أَنفُسَنا دونِ مَرايا ،
أَنْ نَفقَهَ ما يَنبغـي أَنْ نُريـدَ ..!
إِصرَخْ ، فَدَاكَ "المالكونَ " ، عَـلَّ الأسئلَةَ والمدائنَ ، تَنفِضُ صَدَأَ الجَهالَةِ ،
فتَصحو .. وتَنضو عنها أَترِبَةَ التَصَحُّر والخنوع ..!

عَلِّمْنَـا ، رَعاكَ الله ، فَقَدْ نَسينا إندياحَ المسافاتِ عندَ الشواطيءِ ،
تُغوي القناديلَ لرَقصِ "زوربـا" في چَراديغَ بُغدانَ ،
حَتّى نَسكَرَ بكوثَرِ الرؤيـا من طاسِ الهَديلِ ..
سَـئمنا زَبَـدَ الزَمان هـذا ..!!
فعلى شَرايعِ " الشَوَّاكَةِ " و "الكْريماتِ "(3) تَكَسَّرَتْ إسطورةُ الأحلامِ ،
وقُصورُ رَملِ الصِغارِ ..
فيما "عَلِيَّةُ " الوَطيئةِ ! تُذيبُ مِلعَقَةَ سُكَّرٍ في أُجاجِ العَفَنِ ، عَلَّهَا تُشَوِّهُ تَضاريسَ
الطَعمِ .. تَعُبُّ الرأسَ والصَدْرَ بأَراجيلِ السِحرِ والغَيبِ ، يَتبعُهم " المُنَوَّمون "!
يُرَتّلُ البعضُ " إنشودَةَ المطَرِ" ، يَحسبونَها صَلاةَ إستسقاءٍ لبَوادينا ..!!

قُـلْ لنَـا ، يا ذيبٌ ، كَيفَ السَبيلُ ! فإِنّـا صَحْبٌ ضَئيلٌ ، والرَهْطُ مُتَمَنِّعٌ عن السمعِ
والرؤيـا ... كالقطيـ.............ـع !!
و"علاءُ الدينِ " فَتىً ، بينَ دياجيرِ الرصـافَةِ والكرخِ ، يبحثُ عن مصباحهِ
في تِـلالِ القُمـامَةِ ليصرخَ " إفتح يا سمسم ! أُريدُ أنْ أهرَبْ "..!!

وفيما "الجمعُ" الذكوريُّ يَلعَقُ بألسِنَةِ الشَبَقِ الشوارِعَ ، مَشْدوداً لرائحةِ " أُنثى"
سنبقى وحيدينَ ، مثلَ فَنارٍ يأكلُ نفسه في ميناءٍ مهجورٍ لايدري لِمَنْ يحكي ما رآه ..!!
إذْ تَفَرَّقَ الصحبُ ، كُلٌّ إلى " بزنِسِهِ "، فأنفَرَطَ الوطنُ من بينِ أَيدينا ..
وما عُدتُ أَعرِفُ أَينَ أَحُطُّ رِحالي ، حَمَلتُها طويلاً فوق الجبال ، في المنافي والشَتَاتْ !
سأَقذِفُ بِها فـي ريحِ العَمـاءِ ، وأَحمِلُ ما خَفَّ منها .. أَشيائي المُفَخَّخَةَ بالأسئلةِ ..!

إِخْمِطْ !
إِخمِِْطْ بِمِخلَبِكَ "فِضَّةَ" المرآةِ ، يَلْتَّـمُّ الشارِدَ منَ الشُهُبِ .. يُضيءَ عَتمَةَ السُكونِ ..
يا ذيبُ لا تَتْرُكنـا وَحيدينَ لضَواري الزَمان ،
فنحنُ صَحبٌ ضئيلٌ ، مثلما تَرَى ،
دَرَاويشَ " ، لا يَسْتُرُنا غيرَ عَجـاجِ ماضٍ رَحَلَ .. "
* * *
مُتعَبـونَ ، منَ الجََبَلِ ، إلى البَطحـاءِ نَزَلنـا ، ومنَ الشَتَاتِ إلتَأَمْنَـا ، ..
إِستَمرَأنـا اللَعِبَ مع " اللاعبينَ "! كـي لا يَفونتا القطـار ..!!
صَمَمْنَـا الآذانَ عنْ حِكمَـةِ .." لا تُقامِرْ في لُعبَـةٍ ، تَجهَل قَواعِدَهـا "!
وحينَ جَـدَّ الجِـدُّ ، رُحنـا نُتأتِيءُ ، ونَلثَغُ عندما نُسألُ عنْ أَمانينا ..
فيما الآخرونَ فَصيحون ، جَهوريونَ فيما يريدونَ !
كُنّـا سُجناءَ ... تَحرَّرنا ، لكن يا لوَيلتِنا ، نَسينا أَحلامَنـا سَجينَةً ؟!
...............................
إرحَمنـا ، يا ذيبُ ، فَنحنُ " فُقَراءُ " .. إلى أعناقِنـا مَغْلولَةٌ أيدينـا ،
ومِنْ حَولنـا ضِبـاعٌ ..!!

يا ذيبُ ، أَعِنَّـا على أَنفُسِنا مِنَّـا ..
فَهَلْ يَرِقُّ جَلمودُ قَلبِكَ ، فتَأخُذَ بأيدينـا ، عَلَّنَـا نَتَطَهَّرُ فَنَقِفُ على إثنَتَينِ .. !
عَسانا نَبـرَأُ من عِلَّةِ " التَعليلِ " !؟
فَنَثوبَ إلى صورةِ عِراقٍ رحيـمٍ ، حُلـوٍ ، كأحلامِ الصِغـارِ ...

يا ذيبُ لا تَشِحْ بوجهكَ عنّا !
نحنُ نَعرِفُ أَنَّ فينـا مَنْ إِستَصرَخَ " بليرَ " عَلينَـا..
قَرَأنـا للبعضِ الآخر أنّه سيرضى ، حتى بشارونَ ..!!
وبعدَها مَنْ غدا "كريماًً"، فدعا لإقامةِ نصب لليانكي "المُحرِّر" في بغداد !!
وآخرَ ، خجولٌ ، لَم يترَدَّدْ من القول أنه تطوَّعَ للإتصال بالمحتلِّ وعَرضَ
خدماته ، لأنه لم يِشأ الإنتظار حتى ..!!
نَسَوا أَنَّ الأوطانَ ليست مِلكاً لحُكّامِها .. فهيَ لا تُهـاجرُ ،
يُمكِنُ لهـا أَنْ تَتَشظّى وتَنْتَحر ... لكنها لا تَرتَحِـلُ ..!!
إلتَمَسوا الحريةَ ممّن لايملكها .. من سادةِ الحروب ،
المُقيمينَ في أَبراجِ المصارِفِ ،
تحتَ يافِطَةٍ خُطَّ عليها " خُلِقَ الإنسانُ ليموتَ .. إنْ لَمْ يُقتَلْ "!

يا ذيبُ نَعرِفُ أَنّـا غيرَ " أَسوياء "! ، نحنُ ، مثلُكَ ، "خوارجُ" هذا الزمان ..!
حاولنا الإقترابَ من شجرةِ الغواية .. نستبيحُ السكونَ ،
...............................
فآثَرَ "القومُ" أَنْ نُراوِحَ ، كي لا يُستفََزَّ "الآخرون"!!
فَرُحنا نَستَلقي ذاتَ اليمينِ وذاتَ الشمال !
نتَطلَّعُ ، لـ "ربيعِ "، طُمِرَ تحتَ عواصِفِ التراب ،
هَبَّتْ علينا من نَجدٍ والرُبعِ الخالـي .. سَرَقَتْ حناجِرَ الناس وأحلامهم ..
فما عُدنا نرى ، غيرَ خَرابٍ مدفوعٍ من خزائنِ "أَبي جَهلٍ" و" خَيْبَرِ " الخِلجان ..!
ولمْ تَبقَ إلاّ "كَمْشَة " مِمََّنْ يتَشَبَّثونَ بأَهدابِ الشمسِ .. عَسَى ، ولَعَلَّ ..!!
فيما الموتُ ، يافِعاً ، مُعافىً يَتَمشَّى خارِجَ المقابِرِ .. في الأَزِقَّـةِ والحارات !

ليتَني ، يا ذيبُ ، لا أَرَى كيفَ سَيَغدو ياسمينُ الشامِ ، فبدوُ البوادي ،لايعرفونَّ
غيرَ بَوْلِ الإِبِلِ مِسكاً ،
ولا كيفَ يموتُ الدوريُّ ..!
تُـرى أَيَظلُّ غناؤه مُعلَّقاً في الهواءِ فوقَ "أبو رُمّانه" !؟
............................
طوابيرُ كوابيسٍ ، لا تُبارِحُنـا .. تُقاسِمُنا السريرَ !
سنحتاجُ زمناً مَديداً ، حتى نَتَعَلَّمَ المُكْرَ ، فَنَذهَبُ معها إلى السريرِ يداً بيد ،
مثلَ عاشقينِ ، نَغفو سَوِيَّةً .. فَنَفيقَ بِدونِها ،
ثمَّ نَنْسَلُّ من دفءِ الفِراشِ .. نَترُكها تََغُطُّ في الشَخير..!

غَداً ، حينَ لا تَراني ، سأكونُ متأَمِّلاً أَشجارَ الصمتِ .. مُلتَحِفَـاً بظلّي ، لا يُبارِحُني ،
أراه يسيرُ مُتأَبِّطـاً كتاباً ، يَحسَبُهُ فاتِنَةًً ،
يُهدهِدُني للغَفوِ ، دونَ أَنْ يَقولَ لي " تُصبِح على خَيْر!"
أو قَـدْ أَكونُ هائمـاً في دهاليـزِ حَيرَتي ، تَتْبَعُني الغوايَةُ متوَسِّلةً ..
فَمُذْ كُنّـا صِغـاراً ، نَصرَخُ ، ما تَعِبَ من الصمتِ الحجرُ ..
ولا كَفَّ النجمُ يَخزِرُنـا ..!
لا نَدري ، حتى الساعَةَ ، مَنْ " دَعـا " علينـا ، فصارَ " الطيرُ الأَبابيلُ " يرمي بيادرَنا
بشواظٍ من " سِجّيل !".. حتى طَشَّ الصَحبُ غَيبَتَنـا بماءِ العَصريّاتِ فوقَ تُرابِ العَتَباتِ ،
ليستريحوا من وَجَعِ الذكرى ..!!







ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) سُئلَ أعرابيٌّ من قبيلةِ شَمَّر عن حاله ، فأجابَ : " شَمَّرْ بخيرْ .. ما عُوزْها غير الخام والطعام "!!
(2) لما كنا صغاراً ، كانت الجَدّاتُ ، حينَ يمرَضُ أحدنا ، يَنهمِكُنَ في رعايته ... من بين إجراءاتهن "العلاجية !" تعليقُ
تَميمةٍ في رقبته ، قوامها ضرس ذئبٍ وجوزة عَفَصٍ وعدد من خِرَزِ الفيروز .. كي تدرأ الشر والمكروه عن المريض !
(3) حاراتٌ قديمة من حارات بغداد في جانب الكرخ ، تُُطِلُّ على دجلة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شراكة أميركية جزائرية في اللغة الانكليزية


.. نهال عنبر ترد على شائعة اعتزالها الفن: سأظل فى التمثيل لآخر




.. أول ظهور للفنان أحمد عبد العزيز مع شاب ذوى الهمم صاحب واقعة


.. منهم رانيا يوسف وناهد السباعي.. أفلام من قلب غزة تُبــ ــكي




.. اومرحبا يعيد إحياء الموروث الموسيقي الصحراوي بحلة معاصرة