الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رسائل إلى الدكتور عدنان إبراهيم [9] الوسيلة

محمد عبد المنعم عرفة

2016 / 6 / 13
الادب والفن


دائماً يحاول الوهابيون الإيحاء بأن آراءهم في أصول الدين وفروعه هي الحق الذي لا محيص عنه، لا سيما في مسائل التوسل والإستغاثة (1)، ونجدهم يحاولون إيهام القارئ البسيط أنهم يسوقون إجماع المسلمين الذي لم يشذ عنه إلا بعض المبتدعة، وأنهم يمثلون الإسلام كذباً وتدليساً.. ثم بناء على هذا يكفرون الصوفية والشيعة لأنهم يطلبون المدد والدعاء سواء من النبي أو من أهل البيت وصلحاء المسلمين.. لأنهم يعتقدون بعقولهم (الجرثومية) أن محبي أهل البيت والعارفين بمنازلهم عند الله، يعتقدون فيهم الألوهية والربوبية حين يطلبون منهم الدعاء! فلما سألناهم: وهل حينما نطلب الدعاء من رجل صالح حي يكون هذا شركاً أم عملا صالحاً ؟ قالوا يكون عملاً صالحاً ! قلنا: فالإنتقال من دار الدنيا إلى دار البرزخ يقلب العمل الصالح شركاً ؟!! هنا يتخبط الوهابية لأنهم:
1- بنوا عقائدهم على ظلم المسلمين الموحدين أنهم يؤلهون غير الله، في حين أن أي متوسل يعتقد تماماً أن الإمام الحسين الذي يتوسل به قتل شهيداً وأنه عبد من عباد الله..
2- ولكنها سياسة أموية قديمة، اختلقت عقائد وأحاديث وآثار تنال من النبي ص وأهل بيته وتنفر عنهم بحجة حماية جناب التوحيد، وأول من فعل هذا مروان بن الحكم حينما وجد بلالاً جالساً عند قبر النبي ص فنهره واتهمه بأنه يعبد الحجر!! وهذا إسقاط نفسي، لأن مروان هو الذي كان يعبد الحجر ومثله بنو أمية الذين ظلوا على عقائد الإلحاد حتى زوال دولتهم (ويرجع في هذا للعلامة سهيل زكار والشيخ حسن بن فرحان المالكي).
3- وحتى زمن محمد بن عبد الوهاب، تكررت نفس القصة حينما جندته بريطانيا العظمى للإنفصال بالجزيرة العربية عن الدولة العثمانية، وجندت معه محمد بن سعود، وقامت حركة انفصالية سياسية (ليست دينية على الإطلاق فمحمد بن عبد الوهاب كان جاهلاً بأصول الفقه كما قال عنه أخوه سليمان في الصواعق الإلهية) أوقفها عند حدها البطل الهمام السلطان محمد علي ومنعها من الوصول إلى مصر، وأدب جيش الأعراب الغزاة التتر وقتل منهم الكثير، ومن هنا قام ثأر بين الوهابية وبين مصر على وجه الخصوص، وأما حملاتهم على العراق فلسببين: لأنها مهد أهل البيت، ولأنها مركز إشعاع حضاري للمسلمين، ومن ثم كان تركيز بريطانيا عليها ثم أمريكا حالياً لتدميرها.
4- ثم إن مسألة التفرقة بين حياة المتوسل به أو موته، بدعة ظهرت في القرن السابع الهجري على يد ابن تيمية، لم يسبقه إليها أحد، ولو قام أي باحث بنقل أقوال العلماء الذين يحرمون التوسل ويتحرجون من الإقتراب من أضرحة ومقامات أهل البيت والصالحين، فلن يجد عالماً أو فقيهاً واحداً ولد قبل سنة 661 هـ التي ولد فيها ابن تيمية.. استحالة وتحدي!
مسألة التفرقة بين الحياة والموت هي مسألة مأخوذة عن اليهود (وهم معروفون بعداوة الأنبياء) في القرون الوسطى، وتسللت إلى المسلمين من خلال ابن تيمية.. يقول العلامة أبو بكر الحصني الدمشقي عن ابن تيمية: وكان الإمام العلامة شيخ الإسلام في زمانه أبو الحسن على بن إسماعيل القونوي يصرح بأنه من الجهلة بحيث لا يعقل ما يقول ويخبر أنه أخذ مسألة التفرقة (يعني التفرقة بين حياة النبي ص وموته في طلب الشفاعة والتوسل بهم) عن شيخه الذي تلقاها عن أفراخ السامرة واليهود الذين أظهروا التشرف بالإسلام وهو من أعظم الناس عداوة للنبي وقتل على رضي الله عنه واحد منهم تكلم في مجلسه كلمة فيها إزدراء بالنبي وقد وقفت على المسألة أعني مسألة التفرقة التي أثارها اليهود ليزدروه بها وبحثوا فيها على قواعد مأخوذة من الإشتقاق وكانوا يقطعون بها الضعفاء من العلماء فتصدى لهم الجهابذة من العلماء وأفسدوا ما قالوه بالنقل والعقل والإستعمال الشرعي والعرفي وأبادوهم بالضرب بالسياط وضرب الأعناق ولم يبق منهم إلا الضعفاء في العلم ودامت فيهم مسألة التفرقة حتى تلقاها إبن تيمية عن شيخه وكنت أظن أنه ابتكرها واتفق الحذاق في زمانه من جميع المذاهب على سوء فهمه وكثرة خطئه وعدم إدراكه للمآخذ الدقيقة وتصورها عرفوا ذلك منه بالمفاوضة في مجالس العلم اهـ عن كتاب (دفع شُبَه من شبَّه وتمرد ونسب ذلك إلى الإمام أحمد)
5- قاعدة وأس الفساد في هذا هو بدعة تقسيم التوحيد، إلى قسمين أولاً، ثم إلى ثلاثة أقسام. وللعلامة الأصولي النقاد المحقق يوسف الدجوي رسالة تفضح هذا الصنم الأكبر، صنم تقسيم التوحيد، وتبين ببراعة وبأدلة مكثفة من القرآن الكريم أن توحيد الربوبية هو هو توحيد الألوهية، ولا أنه لا يُتَصور صدور توحيد الربوبية من المشركين على الإطلاق.. وعموماً فهذه السخافات التي هي خبل في العقل وغلو وتنفير عن النور ودجل ما بعده دجل: لم تظهر إلا في فترات ضعف المسلمين وتأخرهم حضارياً أثناء غزو التتار للعالم الإسلامي، ثم أثناء فترة انهيار الدولة العثمانية آخر دول الخلافة (وكان محمد بن عبد الوهاب أحد أعدائها الذين حاربوها أسوة بسيدهم معاوية).

المدد من الصالحين
يقول الله عز وجل (كلا نمد هؤلاء وهؤلاء من عطاؤ ربك وما كان عطاء ربك محظورا) إذن المدد من الله للناس، (هؤلاء وهؤلاء): الصالحين والضالين
ثم يثبت القرآن ان أهل الضلالة يمدون بعضهم بعضا، وأهل الصلاح يمدون بعضهم بعضا فقال: (واخوانهم يمدونهم في الغى ثم لا يقصرون) إذن اهل الضلالة يمدون بعضهم بعضاً بالضلال، و أهل الصلاح يمدون بعضهم بعضاً بالصلاح (والمؤمنون والمؤمنات بعضهم اولياء بعض) أى يتولى بعضهم أمور بعض، سواء كان مدداً أو غير مدد..
مثال: ربنا أعطاك مدداً في العلم فتمد الناس بالعلم الذى أعطاك ربك، وآخر لديه مال ويمد الناس بالمال الذى اعطاه ربه، اذن على حسب المدد الذى امدك الله به تمد به الناس.

الصلاة عند الاولياء والصالحين
الأمر الأول: لا يوجد تحريم الا بنص:
فلا يحرُم شيئاً الا بنص يحرمه، لأن القاعدة الشرعية تقول: (ان كل شئ مباح الا ما ورد فيه نص بالتحريم)، قال الله تعالى: (يايها الذين آمنوا اوفوا بالعقود احلت لكم بهيمة الانعام الا مايتلى عليكم) أي أن كل شئ حلال إلا ما يتلى عليكم.. السرقة نزل فيها نص بالتحريم أم لا ؟ القتل، الزنا، إذن لا تحريم الا بنص إما آية قرآنية أو حديث شريف.
أما قولهم بان الصلاة عند الاولياء والصالحين حرام: أين النص ؟
• يقولون أن هناك حديث عن رسول الله ص يقول: (لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور انبيائهم مساجد)
أولاً: هذا إن كان حديثاً فهو وارد في اليهود والنصارى لا في المسلمين
ثانياً: النصارى ليس عندهم مساجد بل عندهم عندهم كنائس، واليهود عندهم معابد، أما المساجد فعند المسلمين فقط
ثالثاً: هذا الحديث يتعارض مع القرآن:
1- نبدأ بالنصارى وهم منتسبون الى الناصرة وهي بلدة السيد المسيح، فالنصارى اتباع السيد المسيح، أين قبر المسيح ؟ لا يوجد له قبر.. هل دفن ومات ؟ ربنا في القرآن يقول عن السيد المسيح: (وما قتلوه و ماصلبوه ولكن شبه لهم) (بل رفعه الله اليه) إذن السيد المسيح في القرآن ليس له قبر والحديث يقول أن له قبر! فهل اصدق الحديث أوالآية ؟ اذن نحذف هذا الجزء من الحديث.
2- اليهود هل كانوا يحبون الانبياء لدرجة العبادة ؟ ام كانوا يقتلون الانبياء ؟ القرآن يقول (وقتلهم الانبياء بغير حق ذلك بما عصوا ماكانوا يعبدون) فهل أصدق الحديث أوالآية ؟

• استدلوا بحديث: (لاتشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد)
1- إن كان تأويل هذا الحديث من باب تحريم شد الرحال الى مساجد اخرى غير هذه الثلاث مساجد فهذا فهم خاطئ، لأن سيدنا رسول الله لن يحل الصلاة عند الاولياء والصالحين ويعود فيحرمها في حديث آخر! لأنه عندما نزل في الاسراء والمعراج على قبر سيدنا موسي، صلي و دعا هناك، فهو عندما صلى و دعا عند قبر سيدنا موسي فقطعا أحل الصلاة عند الصالحين، فكيف يحرمها مرة أخرى؟ هل سيخالف النبي نفسه ؟! هذا لا يصح، إذن (لا تشد الرحال) ليست من باب التحريم، وإنما هو من باب إظهار الفضل للمساجد التلاتة، أنهم يستحقون أن تشد لهم الرحال لأنهم مفضلين.
2- بم صاروا مفضلين ؟
أولاً: المسجد النبوي الشريف فيه ضريح الرسول صلي الله عليه واله وسلم وضريح الصحابيين سيدنا أبو بكر و سيدنا عمر، والسيدة فاطمة خلف سيدنا رسول الله لها ضريح اخر، فهذا هو سر تفضيل هذا المسجد، وجدارته أن تشد اليه الرحال.
ثانيا: المسجد الحرام ما الذي ميزه لتشد له الرحال ؟ فيه بيت الله الحرام (الكعبة) وفيه السيدة هاجر وسيدنا اسماعيل في الحِجْر، و فيه سبعون نبياً، إذن لوجود الصالحين ميز الله الصلاة هناك بمائة الف صلاة.
ثالثا: المسجد الاقصي ما الذى ميزه ؟ المسجد الاقصي فيه 140 نبياً من أنبياء بني اسرائيل، وأنه مسرى حضرة النبي ص، هذا الذى اعطاه الافضلية.. هذان الأمران جعلوه يجب ان يشد له الرحال.

الأمر الثاني: أن الله شرع دفن الصالحين في المساجد:
1- كما حكى عن اهل الكهف: (قال الذين غلبوا علي امرهم لنتخذن عليهم مسجدا) قيل أهل الفتوى والمشورة وقيل: أهل العلم، وقيل: أن الملك و جنوده او بطانته لهم امر لا يخالَف.. وأنا أزيدك بياناً جديداً فوق البيانات التى سمعتها: (الذين غلبوا على امرهم) هم أهل الله وخاصته الذين لا ينطق لسانهم الا بالحق، فلا يستطيع قول الباطل، من أين أتى هذا المعنى ؟ من الاية (والله غالب على امره) من الغالب على امره ؟ الله.. (والذين غلبوا على أمرهم) هم تبع لله، فلا يقولون كلمة إلا حقاً.
2- والدليل على ذلك: ان الله لم يعلق على كلامهم واقره في القرآن، لأنه جرت عادة القرآن أنه - في حالة وجود كلام باطل – فإنه ينفيه، وعندما ضربوا الامثال لحضرة النبي و قالوا ساحر و شاعر وكذا وكذا: رد ربنا وقال (انْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثَالَ فَضَلُّوا فَلَا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلًا) و(مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلًا بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ) إذن ربنا يرد في كلامه على كل الأباطيل التى ترد، لأن الله يحق الحق ويمحق الباطل بكلماته، فكلماته قرآن يحق به الحق و يمحق الباطل، ولأن هذا الكلام حق فربنا اقره و لم يعلق عليه، لأن الذين غلبوا على امرهم هم اهل الله و خاصته.
3- ثم قال تعالى (فتنازعوا أمرهم بينهم فقالوا ابنوا عليهم بنيانا ربهم اعلم بهم) من القائل (ابنوا عليهم بنيانا) ؟ بعض المفسرين قالوا أن هؤلاء أناس ليسوا بمؤمنين، لكن ما الذي يجعل غير المؤمنين يقولون ابنوا عليهم بنياناً ؟ الدفن في هذا الزمن: كان يدفن الميت و يوضع عليه غصن من الشجر، والغصن بعد مدة يجف ويموت ويختفي القبر وتطؤه الناس بأقدامهم، ولذلك فإن أهل الكهف ظهرت على أيديهم الكرامات حتى أن أن الكفار طلبوا بناء البنيان (فقالوا ابنوا عليهم بنياناً) خافوا من ان يؤذوهم فينتقم الله من البلد بسببهم (فقالوا ابنوا عليهم بنيانا ربهم اعلم بهم) أي لا أحد اعلم بهم الا الله.
4- والخلاصة: (أن كل مسجد لا يحتوى على ضريح لنبي او ولى هو مسجد قليل البركة عديم الأسوة بمسجد حضرة النبي صلى الله عليه وآله وسلم) لأن مسجد سيدنا النبي هوالاسوة (لقد كان لكم في رسول الله اسوة حسنة) ومسجد رسول الله هل به أضرحة أم لا؟ نعم.. إذن المسجد الذي فيه اضرحة عظيم البركة فيه أسوة بمسجد النبي ص، والآخر يكون مسجد قليل البركة عديم الاسوة، فالمسجد الذي فيه اضرحة مميز عن المسجد الآخر عديم الأضرحة.
5- بل والدعاء يستجاب عند الاماكن المباركة، والدليل (كلما دخل عليها زكريا المحراب وجد عندها رزقاً قال يامريم أنى لك هذا قالت هو من عند الله ان الله يرزق من يشاء بغير حساب، هنالك) يعنى في هذا المكان، محراب السيدة مريم (دعا زكريا ربه) في حين أن سيدنا زكريا يدعو منذ 90 سنة في محرابه بل وهو نبي، لكن عندما دعا في محراب مريم (فنادته الملائكة وهو قائم وهو يصلي في المحراب ان الله يبشرك بيحيي) أين جائته الاشارة ؟ في محراب السيدة مريم المكان الذي فيه الكرامات، إذن (الاماكن يستجاب بها الدعاء بوجود الصالحين فيها) فكل مسجد فيه ضريح لنبي او ولى او رجل صالح هو مسجد عظيم البركة والدعاء فيه يستجاب لوجود الصالحين فيها، والصلاة فيه تضاعف، كما في المساجد التى تشد إليها الرحال.

تسويد النبي ص
يقولون لا تقل سيدنا محمد خاصة في الإذان والصلاة، لماذا ؟ يقولون هو قال ذلك في الحديث (لا تسيدوني في الصلاة)!
1- هذا الحديث الموضوع على رسول الله، ليكشف الله من وضعه على سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، جعلهم الله يخطئون في صياغته باللغة العربية، لأن أصل هذا الفعل (سؤدد) والياء أصلها واو، فإذا كان الحديث صحيحا لقال سيدنا رسول الله (لا تسودوني) في الصلاة، ولكنهم قالوا (لا تسيدوني)، إذن هذا الحديث مدسوس على سيدنا النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
2- وأما قولهم نحن نسوده، إلا في الصلاة فلا نسوده فيها، فنقول: هل صلاتكم أكثر قدسية أم قرآن الله المقدس ؟ القرآن ذكر أحد الأنبياء بالتسويد وهو سيدنا يحيى فقال الله عز وجل: (وسيدا وحصورا ونبيا من الصالحين) وأما صلاتك فليست مقدسة، فلماذا لا تسوده فيها وهو سيد يحيى وجميع الأنبياء! افترضنا انك في صلاتك بعد الفاتحة سوف تقرأ الآية التي فيها تسويد يحيى (وسيدا وحصوراً) ثم في التشهد أقول محمد دون تسويد ؟ وهو سيد يحيى وسيد ولد آدم أجمع ؟! أسود التلميذ ولا أسود الأستاذ الكبير ؟!
3- النقطة الأهم: هل التسويد والتوقير لسيدنا رسول الله إختياري أي قد نقوم به أو لا ؟ تسويد سيدنا رسول الله و تعظيمه أمر واجب، ومن لا يفعله يعاقب، قال الله عز وجل: (لتؤمنوا بالله ورسوله وتعزروه وتوقروه وتسبحوه بكرة وأصيلا) والآية على مذكورين: الأول الله، والمذكور الثاني سيدنا رسول الله، وحسب قواعد اللغة فإن جميع الصفات الواردة في الآية تعود على المذكور الأخير، والذي هو في هذه الآيه سيدنا رسول الله، إذن التعزير والتوقير والتسبيح كل ذلك لسيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. وتوقير النبي فرض على مؤمن بهذه الآية، ومن لا يلتزم به فسوف يعاقب عليه.
والتسبيح: هو أن تنزه سيدنا رسول الله عن كل نقص وعيب، وهذا للمسلم، ونقطة أعلى أن تنزه سيدنا رسول الله عن كل ما خطر ببالك من صفات جماله وكماله وأخلاقه، لأنك لا تستطيع بعقلك المحدود أن تدرك جمالات وكمالات وأخلاق النبي، لأن الذي يدركها هوالله، فقد خاطبه وقال (إنك لعلى خلقٍ عظيم) وفي قراة أخرى (وإنك لعلى خلقِ عظيم) بإضافة الخُلُقِ إلى الله العظيم، إذن التسبيح هنا هو تنزيه سيدنا رسول الله عن كا ما خطر ببالك، فهو القائل: (ما عرفني غير ربي) فأنت مهما قلت عنه لن تصل إلى مقامه الذي أعطاه اله سبحانه وتعالى.
إذن تعظيم سيدنا النبي فرض، وجمهور العلماء أن من لا يعظم سيدنا النبي وهو جاهل لا يفهم نفهمه ونشرح له الآيات والأحاديث، فإن استجاب وإلا نأتي به مرة أخرى ونفهمه خطأه، وذلك ثلاث مرات، فإن أصر فإذن هو يريد التطاول والإساءة لرسول الله، والإنتقاص من قدره صلى الله عليه وآله وسلم، فذلك حكمه حكم المرتد عن الدين الإسلامي.
4- وفي مقام آخر يقول سيدنا رسول الله ص: (أنا سيد ولد آدم ولا فخر) أي أن ذلك من باب الحق وليس من باب الفخر، ولكن من باب الحقية، أي أن حقه علينا هو أنه سيد ولد آدم، فقد أعطانا سيدنا رسول الله بذلك بيانا واضحا بأنه سيد ولد آدم، فإذا رفضوا تسويده صلى الله عليه وآله وسلم بعد ما علموا من فرضية ذلك في القرآن وقول رسول الله عن نفسه أنه سيد، وفرض عليهم التسويد بهذا الحديث، يكونوا بذلك قد رفعوا أصواتهم فوق صوت النبي، ودخلوا في قوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي ولا تجهروا له بالقول كجهر بعضكم لبعض) لا تقولوا له يا محمد كما تنادون أصحابكم يا محمد وياحسين وياعلي (أن تحبط أعمالكم وأنتم لا تشعرون) وإلا حبط عملك فلا صلاة تنفعك ولا أذان ينفعك ولا أنت ذاتك ستصلح، لأنك لا تعظم سيدنا النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
5- تسويد النبي ص في الأذان: يقولون أن الإذان ألفاظ محدودة توقيفية لابد أن نلتزم بها.
فما هوالإذان ؟ هل هو فرض فرضه الله في كتابه ؟ أم هو حديث شريف نطق به سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بلسانه المعصوم ؟ لا.. الأذان رؤيا منامية رآها بعض الصحابة وعرضوها على سيدنا النبي، فجعلها صيغة للأذان بالصلاة، إذن هي سنة تقريرية، وأما تسويد سيدنا رسول الله وتعظيمه والصلاة عليه فهو فرض، والفرض فوق جميع السنن. كيف هذا ؟ لأن الأمر ورد بها في القرآن (يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما) إذن الصلاة على النبي وتسويده فرض.
وأما الأذان فقد تغيرت ألفاظه، فقد كان أولاً (حي على خير العمل)، وغيره سيدنا عمر فجعله (حي على الصلاة) وقبلنا هذا واستمر الناس على ذلك، ثم في زمن سيدنا النبي لم يكن في صلاة الفجر (الصلاة خير من النوم) في صلاة الفجر، وجاء بنو أمية ووضعوها وزادوها واستمر الناس على ذلك! إذن تغيرت ألفاظ الأذان بالكلية زيادة ونقصاناً، وأما نحن فلا نغير شيئاً ولكن نسود النبي ص ونصلي عليه في الأذان، لأنه سنة تقريرية، وأما الصلاة على سيدنا رسول الله وتعظيمه فهما فرض من الله في القرآن، والفرض مقدم على السنة، فالصلاة عليه صلى الله عليه وآله وسلم فرض في الآية: (يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما) و"سلموا تسليما" مفعول مطلق، إذن تسويد النبي ص وتعظيمه والصلاة عليه فرض مطلق، يعلو على جميع السنن.

مكانة آباء النبي ص في أعلى مقامات اليقين وفوق رتب النبيين
يتناقل السلفية الوهابية وهماً وهذياناً مفاده أن أبا النبي كافر، وأم النبي كافرة، وعم النبي كافر، وجده كذلك كافر، وكأن سيدنا رسول الله خرج على الناس من بيئة الكفر!
وذلك الكلام الباطل أحبطه الله عز وجل بآية واحده: (إنما المشركون نجس) وحضرة النبي نور من نور رب العالمين (قبضت قبضة من نوري فقلت لها كوني حقيقة محمدية فكانت) فإن كان هؤلاء مشركون، فهل سيخرج نور الله عز وجل من النجاسة ؟! إذن انكشف هذا الباطل بهذه الآية.
سيدنا عبد الله والد سيدنا النبي
1- إفتخر به سيدنا النبي فقال (أنا ابن الذبيحين) الأول جده سيدنا إسماعيل وفدي بكبش، والثاني سيدنا عبد الله والد سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وفدي بمائة ناقة، وهذا كان أكبر فداء في تاريخ العرب، فلم يسبق أن حدث فدي أحد بمائة ناقدة غير سيدنا عبد الله فقط.
2- وأيضا افتخر سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال: (إن الله اصطفى كنانة من ولد إسماعيل/ واصطفى من كنانة قريشا واصطفى من قريش بني هاشم واصطفاني من بني هاشم فأنا خيار من خيار من خيار) فكيف يفتخر بهم سيدنا رسول الله وتكفرونهم؟!
3- وفي الأثر عن سيدنا عبدالله عندما عرضت عليه المرأة القرشية أن يدخل بها بزواج أو بدون زواج لطمعها في أن ينتقل إليها النور الذي كان في وجهه، فقال لها: "أما الحرام فالممات دونه فكيف بالأمر الذي تبغينه يحمي الكريم عرضه ودينه"
(أما الحرام فالممات دونه) وهو لا يعني بالحرام: الزنا، بل يعمم فيقول أي حرام أموت ولا أفعله، والدليل أنه أكمل فقال: (أما الحرام فالممات دونه، فكيف بالأمر الذي تبغينه) أي: بل أموت أفضل من أن أقوم بأي عمل حرام ولو أقل معصية صغيرة، فكيف بالزنا ؟! فإذا كان هذا قوله، فكيف إيمانه ؟!
ولو قارناه بقول سيدنا يوسف عندما عُرِضَ عليه الزنا:
أ‌. (قال رب السجن أحب إلى مما يدعونني إليه) أيهما أعلى السجن أو الموت ؟
ب‌. ثم قال (وإلا تصرف عني كيدهن أصب إليهن وأكن من الجاهلين) وهو نبي معصوم، ولكن هل قالها سيدنا عبد الله ؟ أنك إن لم تصرف عني هذه المرأة سأفعل وأفعل ؟ إذن من الأعلى ؟!
ت‌. (ولقد همت به وهم بها لولا أن رأى برهان ربه) هل هم بها سيدنا عبد الله ؟ من الأعلى ؟! سيدنا عبد الله أعلى مقاماً.
4- فالآن سأخبرك عن مقام سيدنا عبد الله.. من هو سيدنا عبد الله؟!
قال (أما الحرام فالممات دونه) وهذه الكلمة لم يقلها إلا سيدنا رسول الله ص
قال (والله يا عماه لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في يساري على أن أترك هذا الأمر ما تركته حتى يظهره الله أو أهلك دونه).. نفس الكلمة هي هي!! لم يقلها أحد غير رسول الله ص إلا أبوه، فمن سيدنا عبدالله؟! هو وسيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم نور واحد.
5- (يحمي الكريم عرضه ودينه) هذه العبارة لا يعرفها إلا سيدنا رسول الله والإمام أبو العزائم وأئمة أهل البيت فقط، فقد قال صلى الله عليه وآله وسلم نفس الكلام بعد وفاة سيدنا عبد الله بثلاثين عاماً: ان النفس الشهوانية لا تصل إلى مقام العفة إلا عن طريق الكرم والسخاء، فكيف علم سيدنا عبدالله بذلك؟ إذن فهو يعلم بالرسالة وعنده وحي من الله.

سيدنا أبو طالب
قال كلمتين يجعلنه في أعلى مقامات اليقين
1- فعندما قال له سيدنا النبي: (والله يا عماه لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في يساري على أن أترك هذا الأمر ما تركته حتى يظهره الله أو أهلك دونه)، قال سيدنا أبو طالب: (والله لن يصلوا إليك بجمعهم حتى أوسد في التراب دفينا فاصدع بأمرك ما عليك غضاضة وأبشر وقر بذاك منك عيونا ولقد علمت بأن دين محمد هو خير أديان البرية دينا)
أ‌. حلف بالله ولم يقل واللات والعزى
ب‌. (حتى أوسد في التراب دفينا) أي (أهلك دونه)! هي هي نفس الكلمة التي قالها رسول الله، إذن هو وسيدنا عبد الله وسيدنا النبي ص نور واحد.
ت‌. (فاصدع بأمرك) كانت هذه آية قرآنية نزلت بعد وفاة أبي طالب، فما الذي عرفه بها ؟! قال الله عز وجل: (فاصدع بما تؤمر وأعرض عن المشركين إنا كفيناك المستهزئين) فهو عارف بالقرآن قبل نزوله.
ث‌. (ولقد علمت بأن دين محمد هو خير أديان البرية دينا) فهو رجل عارف بالإسلام وفضله.
ج‌. كان سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في بيت عمه أبي طالب وكان يصلي ويصلي خلفه سيدنا علي، فجاء سيدنا جعفر فقال له أبوه سيدنا أبو طالب (استر جناح ابن عمك في الصلاة) فمن أين عرف أن هذه الصلاة ذات الجناحين الأيمن والأيسر ؟
ح‌. السيدة فاطمة بنت اسد زوجة سيدنا ابو طالب وأم الامام على كانت ثانى امرأة دخلت الاسلام بعد السيدة خديجة، فلماذا لم يفرق سيدنا رسول الله بينها وبين سيدنا أبي طالب إذا كان كافراً ؟ مثلما فرق بين بنات النبي وبين أزواجهم الكفار ؟!
خ‌. أرسل سيدنا ابو طالب (عليه الصلاة وأزكى السلام) إلى النجاشي ملك الحبشة رسالة يدعوه فيه الى الدخول في الدين الاسلامى، ثم ختم هذا الخطاب ببعض الابيات:
قال اعلم مليك الحبش ان محمدا * نبيا كموسي والمسيح بن مريم
و انه قد اتى بالذى اتيا به * وكل بفضل الله يهدى ويعصم
فلا تجعلوا لله أنداداً وأسلموا * فإن طريق الحق ليس بمسلم
إذن يدعو للاسلام ام ضد الاسلام ؟
د‌. يقولون أن هذه الآية نزلت في سيدنا ابي طالب (وهم ينأون عنه وينهون عنه) ونسألهم: (هم) للجمع أم للمفرد ؟ وجميع التفاسير تذكر أنها نزلت في الكفار وليس في سيدنا أبي طالب، وإنما المأجورون فقط هم الذين اختلقوا هذه الفرية.
ثم هل كان ابو طالب ينأى عن النبي أساساً ؟! أم أقام معه في الشعب (الذي سمي باسمه) ست سنين ياكل ورق الشجر ؟! فمتى نأى عنه ؟!! وهل تستطيع أنت أن تظل ست سنين تأكل ورق الشجر ؟!! وأين، في مكة التي درجة الحرارة فيها لا تطاق، ويعطشون ويحتاجون مياه ليرتووا ولا يجدون الماء، وعليهم حصار اقتصادي ومقطوع عنهم كل شئ! هل تستطيع أنت فعل ذلك ست سنين ؟
ذ‌. لم يظهر القول بكفر سيدنا أبي طالب الا بعدما حكم بنو أمية، يريدون أن يوجدوا عيباً في سيدنا على فلم يجدوا، فاستمروا في البحث عن عيب فقالوا ان أبا طالب كان كافراً.
- أسلم أبو سفيان بن حرب في فتح مكة، لأن سيدنا النبي كان يريد أن يدخل مكة بيت الله الحرام بلا حرب و لا دماء، حتى لايهتك حرمتها، فأرسل عمه العباس إلى مشركي مكة أبو سفيان ومن معه يدعوهم إلى الإسلام
فقالوا: بل سنحاربه
فقال العباس: انكم لو جمعتم من في البوادي لن تصلوا ألفين، ولن تقدروا عليه، لأن معه عشرة آلاف
فقال أبو سفيان: لقد صار ملك ابن أخيك عظيماً! (يتكلم عن الملك لا عن دين)
قال: ليس الملك بل هي النبوة
قال العباس لأبي سفيان: قف خلف هذه الشجرة لترى الجيش، فرأى عشرة آلاف مقاتل فاستسلم وطلب لقاء سيدنا رسول الله
فقال له سيدنا رسول الله: أما آن لك أن تسلم يا أبا سفيان ؟
فأطرق أبو سفيان ثم نظر إلى الأرض ثم رفع رأسه وقال: وماذا أقول ؟
قال رسول الله ص: قل أشهد أن لا إله إلا الله
فقال: لا إله إلا الله.. هكذا مجردة ولم يقل أشهد!
قال له رسول الله: وأن محمداً رسول الله
فقال لااااا.. هذه ما زال في القلب منها غضاضة!!
فهل هذا مسلم ؟!!
- ويقولون أن معاويه كاتب الوحي!
عندما ذهب أبو سفيان لسيدنا رسول الله ويريد أن يجذب معاوية خلفه، فقال: إن ابني حسن الخط فاجعله كاتبا بين يديك.. ماذا يكتب ؟! يكتب عقود البيع والشراء ونحوه، وسيدنا رسول الله يراجع ويدقق ما كتب، وليس كاتب وحي! فهو ليس بمؤتمن على تدوين الوحي. فقد كان معاوية يعمل حلاقا ويحلق لحية النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فجرح خده الشريف، ونزل منه بعض الدم، فمصه معاويه بفمه، فغضب النبي غضباً شديداً حتى احمر وجهه الشريف، وقال (اغرب عن وجهي فأنت قاتل أهل بيتي)
وكان أبو سفيان يركب على ناقة يسحبها معاوية وهو قادم من بعيد وورائه يزيد، وحضرة النبي جالس مع أصحابه، فقال أرأيتم من هناك ؟ (لعن الله الراكب والقائد والساحب)
قال حضرة النبي صلى الله عليه وأله وسلم (ويح عمار تقتله الفئة الباغية) فلما قتل عمار وكان مع سيدنا علي ضد معاوية، وكان عبد الله بن عمرو بن العاص على الحياد، فوقف على صخرة عالية وأشار إلى أبيه وقال يا أبت أنت ومعاوية الفئة الباغية بنص كلام رسول الله، ولكن معاوية يريد أن يخفي الحق فقال: بل قتله الذي أخرجه للقتال!! فرد سيدنا علي قائلا: كأن رسول الله هو من قتل عمه حمزة حين أخرجه للقتال ؟!!
إذن فمعاوية وأتباعه هم الفئة الباغية، وقد رأت أم أيمن أن قطعة من جسد النبي صلى الله عليه وآله وسلم وقعت في حجرها فهالتها الرؤيا وأصابها الرعب مما رأت، فذهبت إلى حضرة النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرته بما رأت، فتبسم النبي صلى الله عليه وآله وسلم وقال: لها سوف تلد ابنتي فاطمه ولدا ويقع في حجرك، وبالفعل ولدت السيده فاطمة سيدنا الحسين ووقع في حجر أم أيمن، وقدمته لسيدنا النبي ص ووضعته في حجره، فقبله النبي وأذن في أذنه اليمنى وأقام في اليسرى، ثم ذرفت دموع سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على خد الإمام الحسين، فقالت أم أيمن: ما يبكيك يا رسول الله ؟ فقال: (إن ابني هذا تقتله الفئة الباغية لا أنالهم الله شفاعتي).. نحن نصلح التاريخ المكذوب الذي اختلقوه، هل بعد كل ما سبق يكون سيدنا أبو طالب كافر بعد كل ما فعل في سبيل الدعوة وجهاد في سبيل الله ؟! لم يظهر هذا القول إلا بعد سعي بني أمية لمبتغاهم في الملك (2).


التوسل والوسيلة
يقولون أن التوسل شرك!
1- وأقول: (المتوسل هوالموحد، والذى ينكر الوسيلة ولا يتوسل فهوالمشرك) لأن القاعدة تقول: (أن كل مؤمن واسل) لأن الوسيلة هي الاسباب في الوجود، والعبد لكي يثبت أنه عبد: لا بد ان يخضع لهذه الاسباب (الوسائل) والذى يعلو فوق الوسائل و لايلتفت اليها و لا للأسباب فهو يريد أن يزاحم ربنا في مقام الربوبية، لان الله لا يحتاج إلى أسباب و لا أى وسائل، فالشرك يأتي من هنا يريد أن يجعل من نفسه رب العالمين.
2- والدليل: أولاً: أن سيدنا ذوالقرنين الذي مكن الله له في الأرض (إنا مكنا له في الأرض وآتيناه من كل شيئ سببا فأتبع سبباً) رغم أن معه كن فيكون! لماذا يمشي بالأسباب ؟ وعندما قالوا له ابن لنا السد قال لهم (ما مكني فيه ربي خير فأعينوني بقوة) طلب العون والمساعدة، ولم يقل (كن) سدا فيكون سدا، ولكن قال أعينوني ليثبت أنه عبد لله رغم أن معه (كن فيكون) ولم يستعملها (آتوني زبر الحديد حتى إذن ساوى بين الصدفين قال انفخوا حتى إذن جعله ناراً قال آتوني أفرغ عليه قطرا) إذن المتمكنين هم الذين يخضعون للأسباب.
وإن حضرة النبي صلى الله عليه وآله وسلم عندما كان في غزوة ومعه مائة ألف من الفرسان معه عطشى سوف يهلكون من العطش، وليس هناك غير إناء ماء صغير، فماذا فعل سيدنا رسول الله آنذاك؟ وضع يمينه في هذا الإناء ثم رفعه فخرج الماء من بين أصابعه صلى الله عليه وآله وسلم فشرب الجيش كله.. لم فعل سيدنا رسول الله ذلك ؟ هل الماء القليل في الإناء هو الذي روى الجيش وأصبح أنهاراً بذاته ؟ بالطبع لا.. وإنما هي معجزة سيدنا رسول الله، فهل وضع يده في الإناء ثم رفعها ليخرج من بين أصابعه الماء كان لعجزه عن إجراء ذلك الماء بدون ذلك الإناء ؟ بالطبع لا، ولكن سيدنا رسول الله أراد أن يلفت أنتباه الناس (أن الذي يوجد الشيء من لا شيء هوالله) لكن النبي كعبد لابد أن يتبع الأسباب التي خلقها الله ولذلك (أنا أبارك في هذا الماء فقط ولا أوجده من العدم) لكي لا يعبد أحد سيدنا رسول الله ص.
إذن المتمكين يخضعون للأسباب لإظهار العبودية لله في أعلى المواقف، رغم عطاء الله سبحانه وتعالى لهم.
3- ثم بخصوص الوسيلة فقد قلنا أنه لا تحريم إلا بنص، وبما أنه لا نص بتحريم الوسيلة: إذن هي مباحة، وإن ورد فيها نص بالأمر بها أصبحت واجبة، والذي يترك الواجب يعاقب عليه، والنص هو: (يا أيها الذين آمنوا إتقوا الله وابتغوا إليه الوسيلة) إتقوا الله: التقوى أربع مقامات:
أقلها تقوى النار (إتقوا النار التي وقودها الناس والحجارة) وهذا للمسلم
وأعلى منها: تقوى يوم القيامة وذلك للمؤمن (واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله)
وأعلى منها: تقوى الرب وذلك للمحسن في مقام الإحسان (اتقوا ربكم إن زلزلة الساعة شئ عظيم)
وأعلى منها "تقوى الله" وذلك للموقن في مقام اليقين مثل درجة الأنبياء (وكذلك نري إبراهيم ملكوت السماوات والأرض وليكون من الموقنين) إذن تقوى الله لأهل اليقين.
وهنا نتسائل: إذا كان الموقن الذي هو في مقام (تقوى الله) يحتاج إلى وسيلة، فكيف بمن هو في مقام الإسلام أو مقام الإيمان أوالإحسان ؟! بالطبع يحتاج إلى وسيلة لأن صاحب أعلى المقامات يحتاج إلى الوسيلة، لأن كل مؤمن واسل ومن لا يتوسل فليس بمؤمن.
4- ولكن لماذا يحتاج الوسيلة من هو في مقام اليقين ؟! لأن هناك شيء يسمى الشرك الخفي والشرك الأخفى، والشرك الأخفى يقع فيه أي أحد حتى ولو كان في مقام اليقين، أين نجد ذلك في القرآن: (وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل) قالوا (ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم ربنا واجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا أمة مسلمة لك ورنا مناسكنا وتب علينا) من ماذا يتوب عليهم ؟ من قولهم (ربنا تقبل منا)، لأنك عندما تطلب قبول للعمل تكون رأيت العمل، مع أنك لم تعمل شييئاً (وقد خلقتك من قبل ولم تك شيئا)، وربنا سبحانه أخبر سيدنا إبراهيم بذلك وقال (والله خلقكم وما تعملون) وتلك الكلمة قالها سيدنا إبراهيم للمشركين عندما حطم أصنامهم (والله خلقكم وما تعملون) إذن فرفع القواعد للبيت، من الذي قام به ؟ الله.. إذن تطلب القبول على ماذا ؟! ولأنهم أنبياء معصومين وفي مقام اليقين سحبوا الكلمة واستغفروا الله وتابوا منها، لأنها شرك أخفى. فإذا كان من هو في مقام اليقين محتاج للوسيلة لئلا يقع في الشرك الأخفى فكيف بالمسلم وكيف بالمؤمن والمحسن ؟!
يقول سيدنا الإمام أبو العزائم:
(يابني لا تفرح بالعمل الصالح حتى تتحقق بالإخلاص فيه) فقد تعمل العمل وأنت لست بمخلص وفيك رياء فإذن تحققت بالإخلاص فيه فمن الممكن أن تفرح
(ولا تفرح بالإخلاص حتى تتحقق بإصابة الحق فيه) حتى إن كنت مخلص فلا تفرح حتى تصيب الحق في ذلك العمل لأنك قد تخلص في عمل ولا تصيب الحق، ترى أنه في ما يرضي الله وهو ليس كذلك، مثال على ذالك: ذهب رجل ليسأل شيخه أن يحج الحجة الثانية، فقال له لماذا تريد الذهاب؟ الناس إما أن يذهبون لشوقهم لماء زمزم أو الكعبة، أو للزيارة والتنزه، أو لإرضاء الله، فقال له لأرضي الله ؟! فأجابه الشيخ: إن تريد إرضاء الله، فسوف نفتح لك عشرة أبواب من إرضاء الله دون لزوم لهذا السفر المكلف، سد دين غارم، أعط فقير، أو يتيم أو أرملة أو أو..
فقال: ولكن السفر في قلبي أشد أي أريد أن أسافر
فقال الشيخ: (إذا جمع المال من أوساخ التجارة (أي كان به شبهة) فإن النفس تقتضي له بابا ظاهره الصلاح وباطنه إرضاء النفس)! إذن فقد لا تصيب الحق.
سيدنا عبد الله إبن المبارك أعد العدة للسفر للحج وفي طريقه للخروج للحج وجد إمرأه تلتقط بطة ميتة من الأرض ثم تهرع راكضة فاستوقفها سائلاً: ماذا تفعلين بها
قالت أطعم صغاري
قال لها إنها ميته تهلكين بها أطفالك
قالت هم جياع يهلكهم الجوع منذ ثلاثة أيام لم يطعموا شيئا
فأعطاها نفقة الحج والزاد الذي كان معه وعاد ولم يحج..
وبعد إنتهاء موسم الحج، وعاد أصحابه من الحجاج قالوا له كنت تفعل في حجك كذا وكذا فتعجب! ثم بعد أن صلى الفجر ونام، جاءه سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، في الرؤيا وقال له لا تتعجب يابن المبارك، فعندما أعطيت المرأه نفقة الحج، خلق الله ملكا على صورتك يحج عنك ويؤدي عنك، وكتب لك بذلك أجر سبعين حجة.
ثم بقول الإمام أبوالعزائم: (ولا تفرح بإصابة الحق فيه، حتى تتحقق بتوفيق الله لك فيه) فلو رأيت أنك عملت بقدرتك ومهارتك، سيكون عملك هباء ومنثورا لا قيمة له، بل ستكون فوق هذا مشركاً وليتك لم تعمل شيئاً!
(ولا تفرح بتوفيق الله لك فيه، حتى تفرح بالله الذي أقامك مقام العامل لذاته فصرت عاملا من عمال الله).. إذن الوسيلة تمنعك من الوقوع في الشرك الخفي والأخفى، لأنك ترى أنك تتوسل بفلان وعلان، فتخرج من حولك ومن عجبك ومن شركك، لئلا تقع في الشرك، لأن الوسيلة هي التي تحفظك من الشرك. فهي أساس من أساسات الدين الإسلامي.

وللإمام أبي العزائم كلام هام في التوسل أسوقه بطوله وأختم به:
(قد ورد الأمر بالتوسل في القرآن الكريم، قال تعالى آمراً المؤمنين بابتغاء الوسيلة إليه: (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وابتغوا إليه الوسيلة) أي: وخالفوا اليهود الذين ينكرون الوسيلة كبرا وعتوا، واحتقاراً لمقام من رفعه الله تعالى حتى أقام صاحبه مقام نفسه في آيات كثيرة لا تحصي، قال تعالى: (قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم) وقال تعالى: (إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله) . والوسيلة ما يتقرب به العبد إلى ربه، فكل مؤمن واسل.
وسبب نزول هذه الآية الشريفة، أن اليهود والنصارى بعد أن خانوا مواثيقهم، وادعوا أنهم أبناء الله وأحباؤه، وكذبوا الرسل عليهم الصلاة والسلام، وحاربوا الله ورسوله (ص وآله) – شنع الله تعالى عليهم وكذبهم، وأمر أهل الإيمان بأن يتقوا الله تعالى ويطلبوا إليه الوسيلة.

الوسيلة بالحي:
قد ورد أن الصحابة كانوا إذا حزبهم أمر لجأوا إليه عليه الصلاة و السلام، وقام عمر بن الخطاب رضي الله عنه ليصلي بالناس صلاة الاستسقاء فدعا العباس عم رسول الله (ص وآله) وقال: كنا نتوسل برسول الله، فنتوسل اليوم بعم رسول الله (ص وآله) أن يغيثنا الله تعالى بالغيث النافع، أو كما قال.

الوسيلة بالميت:
إن المسلمين أجمعوا على أن الله تعالى أوجب علينا ابتغاء الوسيلة، وقد اختلفوا في أنه هل تصلح الوسيلة بالميت أم لا ؟ وعلى فرض عدم صحة الوسيلة بالميت، فإن الميت من مات فآل إلى سجين، وأما من مات فرفعه الله إلى عليين فليس بميت، قال تعالى: "كلا إن كتاب الأبرار لفى عليين" وقال تعالى: " كلا إن كتاب الفجار لفي سجين ".
وقال سبحانه: " ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون " .
فصحت الوسيلة بمن انتقلوا إلى عليين مفارقين الدنيا، لأنهم أحياء عند ربهم، والمتوسل إنما يتوسل إلى الله الذي لا يخفي عليه شيء في الأرض ولا في السماء، والوسيلة عنده هي طاعته سبحانه، أو عبد يهدي الناس إليه جل جلاله.
وقد ثبت أن الله سبحانه وتعالى أخبرنا عن الملائكة بقوله جل جلاله: " أولئك الذين يدعون يبتغون إلى ربهم الوسيلة أيهم أقرب ويرجون رحمته ويخافون عذابه " . ورحمته التي يرجونها معلومة في قوله تعالى: " وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين " الذين منهم الملائكة.
إذاً ثبت أن الله امرنا بابتغاء الوسيلة، وأخبرنا أن الملائكة يدعون يبتغون الوسيلة، وأنه لا خلاف بين المسلمين في ابتغاء الوسيلة بالأحياء، أما الوسيلة بالأموات فهي مناط الخلاف.

حياة الشهداء:
أهل الإيمان يعتقدون أن الذين قتلوا في سبيل الله أحياء عند ربهم يرزقون إكراما له (ص وآله)، فكيف تكون حياة من أكرم الله تعالى باتباعه الشهداء بالحياة الدائمة ؟ يجب أن تكون حياته (ص وآله) عند الله لا عند الرب، لأن حياته المحمدية بعد انتقاله إلى الرفيق الأعلى، حياة أنس بالله وقرب منه.

حديث الإسراء:
هنا أورد حجة تقصم ظهر كل معاند، وهي أنه ورد في أحاديث الإسراء بالأسانيد الصحيحة، أن جبريل عليه السلام أنزل رسول الله (ص وآله) عند بيت لحم، وقال: انزل فصل فهذا بيت لحم حيث ولد عيسى عليه السلام، وأنزله (ص وآله) عند قبر موسى وقال له: انزل فصل فهذا قبر موسى، فنزل (ص وآله) وصلى، أي: دعا متوسلاً إلى الله تعالى.
ومن أنكر الإسراء وما أكرم به الله حبيبه (ص وآله) فيه، فهو عدو محارب يجب أن نتبرأ منه، لأن هذا الإسراء أمر معلوم من الدين بالضرورة.

سبب الخلاف:
لم ينتشر هذا الخلاف إلا في زمن ابن تيمية – غفر الله لنا وله – وكان له العذر، لأنه ظهر في زمانه بدع الذين يقولون بالحلول، قاتلهم الله، وكان – غفر الله له – شديد الغيرة للسنة، فوقف موقفًا يدفع تلك البدع المضلة، حتى أثبت أن التوسل لا يكون إلا بالحي، ولم ينكر الوسيلة أبدًا.

والوسيلة لغة ما يتقرب به العبد إلى الله تعالى مما ينفعه يوم القيامة، أو يدفع عنه فتن الدنيا ومحنها. ولما كان المتوسل لا يتوسل بحق صحيح، إلا إذا توسل بقول رسول الله (ص وآله)، أو بعلمه، أو بحاله، أو بجاهه العظيم عند الله تعالى، ولا ينكر عليَّ هذا إلا من بلغت به الجهالة مبلغًا جعله ينكر الأسباب التي وضعها الله تعالى، فينكر التوسل الذي أمرنا به سبحانه، فالله جعل الماء يروي، والشمس تضيء، والهواء حياة للنفوس، وبعث رسوله صلوات الله وسلامه عليه رحمة للعالمين، وجعل اتباعه (ص وآله) يجعل العبد محبوباً لله تعالى، وطاعتنا له (ص وآله) هي طاعة الله تعالى، وجعل مبايعتنا له (ص وآله) مبايعة لله تعالى.

مفهوم أهل الجهالة في التوسل:
التوسل الذي ينكره أهل الجهالة بالله تعالى، هو ظنهم اعتقاد العامة أن رسول الله (ص وآله) يدفع تقدير الله تعالى بحوله وقوته، أو أنه يعطي بحوله وقوته ما يطلبه المتوسل به حتى يكون في حكم الشريك لله.
من ظن باجهل مسلم هذا فقد باء بالخسران في الدنيا والآخرة، فإن المسلم الذي يتوسل مثلاً بالحسين بن علي عليهما السلام، تراه إذا ذكره يدعو على يزيد بن معاوية الذي قتله وقتل أولاده وأجاعه، وإنسان يعتقد قتل الحسين بن علي عليهما السلام، وأنه لم يستطع أن يدفع عن نفسه هذا الضر، كيف يعتقد أنه ينفع غيره أو يضر غيره ؟! فيكون التوسل به بعد أن يتوسل بالعبادة والقربات، من صدقات وبر وصلة وتحصيل علم وتلاوة قرآن، تواضعًا لله كما أمرنا الله تعالى بقوله سبحانه: " يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وابتغوا إليه الوسيلة " .
وهنا أشرح لك أيها السائل حقيقة الوسيلة في كل مقام من مقامات الدين، لأن كل مؤمن واسل، ولكن الوسيلة تتفاوت بحسب مقام كل مؤمن وقربه من الله تعالى، قال الله تعالى مخبرًا عن ملائكته: " وما منا إلا له مقام معلوم " .

مقامات الوسيلة:
الوسيلة في مقام الإسلام، غيرها في مقام الإيمان، وغيرها في مقام الإحسان، وغيرها في مقام الإيقان، ومن جهل هذه الأسرار وجب عليه أن يحصلها قبل أن يتكلم منكراً أو مثبتاً.
فإن المؤمن بالله تعالى مقامه الخشية من الله سبحانه، وهي التقوى والتقرب إليه بما يحبه ويرضاه، من المراقبة والمحاسبة والمسارعة إلى القيام بما أمره به سبحانه وترك ما نهى عنه.
والوسيلة عند أهل مقام الإحسان هي رعاية مشاهد التوحيد عند كل عمل وقول وحال، وهو مقام الجمع والفناء.
والوسيلة عند أهل مقام الإيقان هي رعاية الله تعالى في كل لمحة ونفس، لأن أهل الإيقان يراقبون الله تعالى في أنفاسهم حفظاً لها من أن ينصرف نفس في غفلة.
والوسيلة عند أهل مقام الإسلام هي رسول الله (ص وآله)، لأننا نتوسل به ليعرفنا الإيمان والتوحيد، فإذا عرفنا أنفسنا وعرفنا ربنا وآمنا، تزكت النفوس، واطمأنت القلوب بما تشهده من آيات منبلجات في الكائنات.
والذي لم يسلك على هذه المعارج الشرعية، فيسَلّم أولاً لمن فوقه في العلم تسليما كاملاً ليؤهل نفسه لسماع علوم الإيمان، ليعلم الحقائق التي يكون ناقص الإيمان بجهلها، لم يبلغ درجة الدعاة إلى الله تعالى حتى يقتدي به.
فالوسيلة التي يجب أن يتوسل بها في مقام الإسلام هي ولا شك رسول الله (ص وآله) الذي أخبرنا الله تعالى عنه بقوله: " قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم والله غفور رحيم " .
وإني أسأل الله العصمة من خطأي الذي هو من طبعي ومن العجالة التي هي من فطرتي وأسأله سبحانه الهداية والتوفيق لما يحبه ويرضاه، إنه على كل شيء قدير.

حكم منكر الوسيلة:
منكر الوسيلة سالك على المدارج لا المعارج، وجاهل عند أهل العلم بالله، وإن كان عالماً عند نفسه، والواجب عليه أن يستر جهله ولا يفتح على المسلمين أبواب الفتن العمياء، والحقيقة أن المنكر غره ما قرره المفسرون في هذه الآية جاهلاً بقوله تعالى: " يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وابتغوا إليه الوسيلة " وغافلاً عن أن كل آية من القرآن لها ظهر وبطن ولها حد ومطلع، فظاهر الآيات لأهل مقام، وباطنها لأهل شهود، وحدها لأهل محبة الله تعالى، ومطلعها للمصطفين من خيرة الأمة المحمدية، فليتق الله من لم يتق الله فيعلمه الله كما قال سبحانه: " واتقوا الله ويعلمكم الله " ولا يحقر صغير المسلمين، لأن صغير المسلمين عند الله عظيم، وفي الخبر، قال (ص وآله): " ياأبا بكر لا تحقرن أحدًا من المسلمين، فإن صغير المسلمين عند الله عظيم ".
وقال (ص وآله): " أمتي هذه كالمطر لا يدرى أولها خير أم آخرها " وحجة ذلك قوله تعالى: " فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومة لائم " .وقوله تعالى: " يا أيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيراً منهم " وقال (ص وآله): " إن الرجل ليقول الكلمة من الشر لا يلقي لها بالا يهوي بها في النار سبعين خريفًا، وإن الرجل ليقول الكلمة من الخير لا يلقي لها بالا يرفعه الله تعالى سبعين درجة في الجنة. "

وهنا يكون الحكم على منكر الوسيلة- بالغلطة والفظاظة وإلقاء الشحناء والبغضاء بين المسلمين – أنه أوقع نفسه في كبائر، حكم القرآن على مرتكبيها بالخلود في النار:
أولاً: كذبه على الله
أنه كذب على الله بإنكار الوسيلة، وقد أثبتها الله تعالى في القرآن بقوله: " يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وابتغوا إليه الوسيلة " وقوله تعال: " أولئك الذين يدعون يبتغون إلى ربهم الوسيلة أيهم أقرب ويرجون رحمته ويخافون عذابه " والكذب على الله تعالى من أكبر الكبائر.
ثانيًا: فتحه أبواب الفتن
الواجب على الداعي إلى الله تعالى، أن يعمل بمقتضى قوله تعالى: "ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن" .فإذا نزعت به نفسه إلى العناد والشر، فتح أبواب الفتن العمياء على من يدعوهم وارتكب كبيرة في دفع بدعة على ظنه، و أوقع نفسه وغيره في كبائر توعد الله عليها بنار جهنم، قال تعالى: " ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم " .
ثالثاً: فتحه أبواب الشر على العامة
منكر الوسيلة فتح على العامة أبواب الشر، فإنهم باعتقادهم فيه أهانوا جانب رسول الله (ص وآله)، و حكموا بأن السنة بدعة مضلة لجهلهم، حتى تركوا العمل بالسنن، وإهانة رسول الله (ص وآله) من الكبائر، قال تعالى: " فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا ف أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلموا تسليما " .
رابعاً: تخلقه بالغرور والكبر
منكر الوسيلة حكم لنفسه بالكمال، وبلوغ درجة الدعوة والإرشاد، وفي ذلك من الغرور والكبر والكذب على الحقيقة، وهذا يكرهه الله تعالى، قال الله تعالى: " قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالا. الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا " . وقد ابتلى الله تعالى هؤلاء بسب وبلعن غيرهم – ولو كان ممن سبقهم بالإيمان – وهذه من الكبائر، وقال تعالى: " فمن اظلم ممن افترى على الله كذبا أو كذب بآياته.. " إلى قوله تعالى ": " كلما دخلت أمة لعنت أختها " .
أقول ذلك لاعتقادي أن القوم ما بلغوا درجة الاجتهاد حتى يكون لهم أجر ولو اخطأوا، وكيف لا ؟ والمجتهد أكمل الناس أدبا مع رسول الله (ص وآله)، وأوسعهم علما بالحقائق والمقتضيات التي تجعل الرجل يتوسل بالرجال في مقام، وبالعبادات في آخر ,وبالتصورات في حال , وبالمجاهدات في آخر, وكلها وسائل للقرب من الله تعالى.

حالة منكرالوسيلة
من جهل، وحكم ـ لجهل بالكفر أو بالشرك أو بالمعصية، على قوم هم في مقامهم أهل إسلام وإيمان، كان من أهل لعنة الله تعالى،لأنة كذب على الله جل جلاله، قال سبحانه (فنجعل لعنت الله على الكاذبين)
إذا كان منكر الوسيلة يستر حالة عن الناس فشركه خفي، أما إذا كان يجاهر بالعناد والجدل خصوصا في أماكن العبادة والعلم فليس هذا من الإسلام في شيء،قال الله تعالى (إن الذين فراقوا دينهم وكانوا شيعا لست منهم في شيء) وقال الله تعالى (ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم)
وإن منكري الوسيلة ـ وإن أساءوا الظن بالمتوسل فإن التوسل لا يؤدي إلى شرك ظاهر ولاخفي , لأن المتوسل برسول الله(ص وآله)
يعلم أنه عبد أوذي في الله،وربط الحجر على بطنة من الجوع،ورمى بالحجارة حتى سال الدم من ساقيه،وأخبرنا الله تعالى عنه بقوله (ولو تقول علينا بعض الأقاويل لأخذنا منة باليمين ثم لقطعنا منة الوتين) وقال الله تعالى(ولئن شئنا لنذهبن بالذى أوحينا إليك ثم لا تجد لك به علينا وكيلا الارحمة من ربك إن فضلة كان عليك كبيرا) فأقامه (ص وآله)مقاما لم يقم فيه أحدا من عالم عاليين إلى مرتبة الإنسانية،وهو في تلك المقامات العالية عبد متحقق بكمال العبودة،ثم أدبه جل جلاله في القرآن الكريم المجيد، فأحسن تأديبه بآداب لم تخرجة عن أنه خير رسول بعثة الله.
وهنا أبين لك التوسل ياخي: نحن مأمورون أن نتوسل إلى الله بما يقربنا إليه، وينيلنا رضوانه الأكبر والحب لذاته، وأكمل وأجمل وسيله نتوسل بها إلى الله هي أعمال وأقوال وأحوال من باتباعه يحبنا الله تعالى، وأدع الحكم على منكر الوسيلة ـ بعد هذا البيان ـ إليك أيها القاريء.

الواجب علينا سد باب الفتن
الواجب علينا سد باب الفتن والتسليم للعاملين، حتى نعلم وجه الحق أو وجه الباطل فيما نعمل، فإذا عملنا عالجنا المرض بما نعلم من طب رسول الله (ص وآله).
من هذا تعلم أن الوسيلة هي القربة إلى الله تعالى بما يحب من العقيدة والعبادة والمعاملة والأخلاق، التي لا تصل إليها إلا بمن يحبه الله تعالى، وهو الذي بعثه الله تعالى: (شاهدا ومبشرا ونذيرا وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا).
ونحن لابد أن نتوسل إلى الله تعالى بعمله (ص وآله) وقوله وحاله وإقراراته وتلك المعاني لا تتحقق إلا بذاته (ص وآله) فمنكر الوسيلة برسول الله (ص وآله) منكر للأسباب التي وضعها الله تعالى ليتعرف بها إلى عباده، وكفي منكر الوسيلة جهلا أنه أشبه اليهود فعلا وقولا) (3).

______________________________________
(1) هذه مجموعة كتب مختارة لمت أراد البحث المستقل في هذه المسألة http://www.4shared.com/rar/qb1BuKjJba/________.html
(2) هذا الكلام الذي قيل: إنما هو مدد من سيدنا رسول الله ص بشكل مباشر لن تجده في كتاب ولا في أي موضع إلا هنا وصلى الله على سيدنا محمد وآله وسلم.. دكتور أحمد بحيري 00201000617901
(3) "الوسيلة وما اختلف فيه من البدعة والسنة" ص 6 - 20













التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - استدراك خطأ
محمد عبد المنعم عرفة ( 2016 / 6 / 13 - 18:56 )
ورد أعلاه في أشعار أبي طالب عليه أفضل الصلاة وأتم السلام قوله
فلا تجعلوا لله أنداداً وأسلموا * فإن طريق الحق ليس بمسلم
والصواب:
فلا تجعلوا لله أنداداً وأسلموا * فإن طريق الحق ليس بمظلم


2 - المشركون كانوا موحدين توحيد الربوبية
عبد الله العمري ( 2016 / 6 / 14 - 18:48 )
نحن تعلمنا في المدارس أن المشركين كانوا يقرون أن الله هو الخالق الرازق المحيي المميت المدبر...... وهناك آيات كثيرة تدل على هذا في القرآن الكريم
فكيف تقول أنهم لا يوحدون في الربوبية ؟


3 - المشرك لا يوحد لأن هذا تناقض
محمد عبد المنعم عرفة ( 2016 / 6 / 15 - 00:43 )
مرحباً أخي الكريم.. هناك رسالة صغيرة على شبكة الإنترنت للعلامة يوسف الدجوي بعنوان: (نقد تقسيم التوحيد) ارجع إليها وسوف تكتشف أن هذا التقسيم يخالف القرآن الكريم تماماً.. وأسوق لك آية واحدة من ضمن الآيات الكثيرة التي ساقها العلامة الدجوي تبين لك أن المشركين يشركون في الربوبية وهي قول الله تعالى: (أأرباب متفرقون خير أم الله الواحد القهار) ؟ يقول بمنطق عقلي: هل الأفضل أن تتحيرون بين عدة أرباب، رب الشمس ورب الرياح الخ المظاهر، أم أن تكون هذه كلها مظاهر لرب واحد مقتدر والكل مفتقر إليه؟
فقوله: (أأرباب متفرقون) يدل على أنهم كانوا يشركون في الربوبية ويقولون أن آلهتهم ترزق وتدبر وتحيي وتميت ، وليس أظهر من اعتقادهم في الملوك كقول النمروذ (أنا أحيي وأميت) وهم يعتقدون فيه هذا ويصدقونه (شرك ربوبية ظاهر) فقطع إبراهيم عليه السلام حجته بأن وضعه أمام الأمر الواقع (قال فإن الله يأتي بالشمس من المشرق فأت بها من المغرب) ليبين أمام الناس أنه كذاب (فبهت الذي كفر). وكيف يعبد المشركون أحداً إذا لم يعتقدوا فيه الربوبية وأنه ينفع ويضر مع الله؟ ولهذا حذرهم القرآن أنهم لن يجدوا (من دون الله) ولي ولا نصير

اخر الافلام

.. الحكي سوري- رحلة شاب من سجون سوريا إلى صالات السينما الفرنسي


.. تضارب بين الرواية الإيرانية والسردية الأمريكية بشأن الهجوم ع




.. تكريم إلهام شاهين في مهرجان هوليود للفيلم العربي


.. رسميًا.. طرح فيلم السرب فى دور العرض يوم 1 مايو المقبل




.. كل الزوايا - -شرق 12- فيلم مصري يشارك في مسابقة أسبوع المخرج