الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رسائل إلى الدكتور عدنان إبراهيم [10] متى سيغلق باب التوبة

محمد عبد المنعم عرفة

2016 / 6 / 16
الادب والفن


متي سيغلق باب التوبة
قال حضرة النبي صلي الله عليه وآله وسلم (اذا طلعت الشمس من مغربها اغلق باب التوبة) وشمس الدنيا تطلع من مغربها ثلاثة أيام في القيامة الكبري. وأخبر ربنا عن القيامتين الصغري والكبري في قوله تعالي: (بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ يَلْعَبُونَ . فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ . يَغْشَى النَّاسَ هَذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ . رَبَّنَا اكْشِفْ عَنَّا الْعَذَابَ إِنَّا مُؤْمِنُونَ . أَنَّى لَهُمُ الذِّكْرَى وَقَدْ جَاءَهُمْ رَسُولٌ مُبِينٌ . ثُمَّ تَوَلَّوْا عَنْهُ وَقَالُوا مُعَلَّمٌ مَجْنُونٌ).

هذه الاحداث التي ستقع في القيامة الصغري التي تشير الي الحرب العالمية الثالثة التي يظهر فيها صاحب الولاية الكبرى الأحمدية الذي بظهوره يغلق باب التوبة.

لأن شمس الرسالة تطلع من مغربها أي مع اخر امام وارث لحضرة النبي، بل في الحقيقة هو حضرة النبي في قوله تعالي (ان الذي فرض عليك القران لرادك الي معاد) فبينها حضرة النبي ص وقال (العود حق والعود احمد) اي عندما اعود مرة اخري في القيامة الصغري، ساعود في الولاية الكبري الاحمدية لأظهر الاسلام علي الارض كلها، لان لا ظهور للاسلام علي الارض كلها إلا بقبضة انوار الذات الالهية المتعالية والتي ستاتي في النهاية الرسالة

لقوله تعالي (يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا وداعيا الي الله باذنه وسراجا منيرا) يعني شمسا منيرة بذاتها، لانها قبضة انوار الذات الالهية المتعالية، ولم يقل نيراً يعني أحدا أنارها، وهذا لا يتحقق الا بالعود في الولاية الكبري الاحمدية التي هي قبضة انوار الذات الالهية المتعالية، والتي واثق لها النبيين في الازل، وذلك في قوله تعالي (واذ اخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم من كتاب وحكمة ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به ولتنصرنه قال أأقررتم واخذتم علي ذلكم إصري قالوا أقررنا قال فاشهدوا وأنا معكم من الشاهدين) فكل نبي اخذ قسطه من النبوة والرسالة من هذا الشهود علي قدر الوسعة الروحية، وكفي حضرته شرفا أن يكون الله مع الشاهدين ليشهد أنواره مفصلة في مرآة ذاته.

(إِنَّا كَاشِفُوا الْعَذَابِ قَلِيلًا إِنَّكُمْ عَائِدُونَ . يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرَى إِنَّا مُنْتَقِمُونَ) البطشة الكبري: يشير إلي "القيامة الكبري" التي قال عنها حضرة النبي (لا تقوم الساعة الا علي لكع ابن لكع، قالوا وما اللكع ؟ قال كافر ابن كافر) اي جيلان متعاقبان من الكفار ليس في الارض أحد يقول لا اله الا الله سيدنا محمد رسول الله صلي الله عليه واله وسلم

وهذا ما زال أمامه أمداً بعيداً لأن عدد المسلمين الآن حوالي مليار ونصف المليار كلهم يقولون الشهادة، و"القيامة الكبري" التي فيها نفخة الصعق ثم نفخة البعث ليبعث الله الموتي للحساب، لكن إغلاق باب التوبة: يكون في "القيامة الصغري" التي هي "الحرب العالمية الثالثة" والتي يظهر فيها صاحب الولاية الكبرى الأحمدية ليُظهر الاسلام علي الأرض كلها..

يقول رب العزة (يوم ياتي بعض آيات ربك لا ينفع نفس ايمانها لم تكن آمنت من قبل او كسبت في ايمانها خيرا).. (يوم يأتي بعض آيات ربك) قبل ظهوره، فما بالكم بعد ظهوره؟
وهولاء الذين امنوا بصاحب الولاية الكبرى الأحمدية وبايعوه لا لكونهم مقتنعين به، ولكن في قلوبهم نفاق امنوا به مقهورين لان له السلطان علي الارض كلها فلا ينفعهم ايمانهم به لنفاقهم (او كسبت في ايمانها خيرا) يعني آمنت به من فترة طويلة ولكنها لم تفعل لانها منافقة لم تنشر دعوته ولم تبلغ عنه، فلا ينفعهم ايمانهم القديم.

وبيعته الكبري بالمدينة المنورة كما بين الامام أبو العزائم في كتابه الجفر:
يحضر الحج أنجم مشرقـات * يظهرون الهدي بمحو المعائب
يشرق الكــوكب المـضئ * وفيه يظهر النجم بالمقام يطالب
يظهرصاحب الولاية الكبرى الأحمدية في مقام جده حضرة النبي بالمدينة المنورة يطالب بالخلافة الاسلامية ويبايع البيعة الكبري
جنده المسلمون شرقا وغربا * والكرام الانجاب منه كتائب

والانجاب من مصر..
وليس مهما الايمان به سابقا، المهم الصدق في االايمان والانفعال به وتبليغ دعوته وتوصيل رسالته، ومن لم يكن هكذا: لا ينفعه الايمان ويعتبر باب التوبة مغلق بالنسبة له لانعقاد قلبه علي النفاق (يوم ياتي بعض ايات ربك لا ينفع نفسا ايمانها لم تكن امنت من قبل او كسبت في ايمانها خيرا) يعني حين يظهر صاحب الولاية الكبرى الأحمدية فالكل سوف يتبعة بالقهر لأنه هو الرحمن (ويسالونك عن الجبال فقل ينسفها ربي نسفا فيذرها قاعا صفصفا لا تري فيها عوجا ولا امتا يومئذ يتبعون الداعي لا عوج له وخشعت الاصوات للرحمن فلا تسمع الا همسا) عندما تدك جبال المال والشهوة وعلم ظاهر الحياة الدنيا (يعلمون ظاهرا من الحياه الدنيا وهم عن الاخره هم غافلون) التكنولوجا والأسلحة النووية والذرية وغيرها، وأي جبل يحجبهم عن الرحمن لابد من دكه في الدنيا لانه ليس هناك اتّباع ولا دعاة ولا دعوة في الاخرة ولكن الاتباع في الدنيا، فهذه الجبال التي تدك: في الدنيا، ويظهر صاحب الولاية الكبرى الأحمدية في صورة الرحمن ليحاسب الناس في الدنيا.

وهذه هي القيامة الاولي التي تحدث في الدنيا (اذا وقعت الواقعه. ليس لوقعتها كاذبه خافضة رافعة) تحدث في الدنيا وترفع المساكين المستضعفين في الدنيا (ونريد أن نمن علي الذي استضعفوا في الارض ونجعلهم ائمة ونجعلهم الوارثين) كل هذا الرفع والخفض يحدث في الدنيا، فيخفض اهل الباطل ويرفع اهل الحق ويعطيهم امامة الخلق ويورثهم الارض في الدنيا (واورثكم ارضهم وديارهم وارضا لم تطأوها) أرض الدول الغربية وأرض امريكا كما قال مولانا الامام ابو العزائم في كتابه الجفر:
مهدت ارض الاقامة زينت زخرفت * للمسلمين بها الامان
ما بها من آلـة من صنعــة * فهي للاسلام وهو بها يعان

وأرض الإقامة هي أمريكا، كل ما فيها من زينة ومن زخرف فهي للمسلمين وما بها من الات وصناعات فهي للمسلمين الذين سيحكمونها، وهذا هو حكم الله، ويؤكد مولانا الإمام ابو العزائم علي هذا في كتابه الجفر :
في أرض أمِرْكا بغض يؤجّجه * نار المطامع من غل ومن حرب
للمسلمن بها قرار ليجلي لهم * جمال الهدي من غير ما صعب

(واورثكم ارضهم وديارهم وارضا لم تتطأوها) وهذا ما بينه لنا الامام المجدد السيد محمد ماضي ابو العزائم (1).

حقيقة المهدي هي أم الحقائق الدينية
وأمره أكبر من ورود نص به لتعلقه بظهور كبرى الحضرات الإلهية
النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم يقصر في البيان حين عرفنا بالإمام المهدي وحثنا على اتباعه، وكفى به وقوداً للهمم كي نعمل ونجتهد ونحافظ على مرتبة الخيرية والشهادة على الناس وتقويم مسيرة الحضارة تحت قيادة ملهمة رشيدة، ولكننا للأسف لدينا مشكلة بل مشاكل معضلة تحول بيننا وبين أن نرقى لمستوى التلقي الجيد البناء والفعال عن حضرة النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
والواجب أن نؤمن إيماناً راسخاً بأن الله ناصر دينه بنا أو بغيرنا، وأن علينا مهمة قيادة البشرية إلى الحق والعدل والسلام تحت قيادة رجل عظيم من عظماء أهل البيت، (والقيادة لا تعني انعدام وجود الأفراد وإلا سيقود من!) كل منا يستفرغ جهده ويبذل وسعه بل ينذر حياته للتمهيد له، كما فعل رسل الله وأنبياؤه وورثتهم، لأننا لا نعمل لله ولا نعيش إلا لأنفسنا، نوظف لها كل شئ حتى الدعوة إلى الله، حتى هؤلاء الذين يحلمون بمهدي خارج نطاق الواقع والسنن لا وجود له في الخارج، ويرون أنه حكر عليهم دون غيرهم من المسلمين بناء على احتكارهم لأهل البيت بشكل عام وحصرهم إياهم في اثني عشر رجلاً ماتوا منذ ألف سنة، الخ الفيروسات الخطيرة التي فرقت الأمة وجعلت المسلمين ينفضون عن أهل البيت بحق وهم الأئمة الورثة المجددون على رأس كل قرن.
والبعض الآخر ينكرون المهدي بزعم أنه يعطلهم عن العمل، وهذه جعجعة بلا طحن، لأنهم لا يعملون، ولو كانوا يعملون حقاً لودوا أن يكون لديهم (هدف) أو إن شئت فقل: (حلم) يلتف حوله الكل وتتراكم ثمرات الأعمال وتتآزر في سبيل تحقيقه، وهو حلم ظهور الإسلام على الدين كله بقيادة رجل عظيم من عظماء أهل البيت، وهو هدف عملاق حري بأن تنذر حياتك كلها في سبيل المشاركة فيه، ثم تسلم المسئولية لمن بعدك كي يكملوا المسيرة من حيث انتهيت، هكذا تقوم الدول والحضارات، على أكتاف أفراد من ذوي الإيمان والهممم العالية الذين اجتمعوا على تحقيق هدف مشترك (سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا) ويجب أن نثق ونطمئن تماماً أن رب العالمين ليس بحاجة إلينا إن استغنينا، ولا يعجزه شئ في الأرض ولا في السماء، وخير لنا ألا نرى أنفسنا إلا صغاراً جداً أصغر مما نتصور، وقد أخبرنا غير مرة في كتابه فقال: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ) (إِلَّا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلَا تَضُرُّوهُ شَيْئًا وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) (وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ) (فَإِنْ يَكْفُرْ بِهَا هَؤُلَاءِ فَقَدْ وَكَّلْنَا بِهَا قَوْمًا لَيْسُوا بِهَا بِكَافِرِينَ).

لماذا تتعثر أمتنا حتى الآن.. لأننا - لا أقول عميان بل - نتعامى، ولسنا أغبياء ولكن نتغابى، ولا نريد أن نستفيد من أخطائنا، فبينما يتجه العالم نحو الوحدة والأحلاف والتكتلات، تجدنا حتى اللحظة لا نريد أن نفهم أن الله تعالى أرادنا أن نتوحد ونلتف تحت قيادة واحدة (الإمام الوارث)، نحن نحارب ونمنع وحدة هذه الأمة، وترى علامات التعجب والدهشة في الوجوه (نتوحد ؟!! وتحت قيادة واحدة ؟ لماذا ولأجل ماذا؟!).. تتسلط علينا أجهزة المخابرات التي تضرب المسلمين ببعضهم شيعة وسنة منذ القدم، وصرنا لعبة للملوك والكهنة ومحل أالأطماع السياسية للخلفاء عرباً وعجماً لأننا لا نريد أن نتحد، لنكن صرحاء.. لأن الإتحاد فيه ظهور الحق تبارك وتعالى واختفاء من ؟ اختفاؤنا نحن بكل جرائمنا وادعائنا الربوبية، وانضواؤنا تحت راية الحق الوحيدة نتلقى الأمر وننفذ كجنود لله لا كعباد للشيطان.
ولو أردنا أن نتحد حقاً ونصدق مع أنفسنا ونعترف بأننا عبيد لله، لسارعنا إلى بيعة الإمام والتففنا حوله وصدرت دعوتنا من خلاله لا من خلالنا، وبهذا تبطل مكايد العدو ولا يملك معنا شيئاً، ولكننا للأسف لا نريد..

هل تظن أن تلك الجماعات التكفيرية المتطرفة والمسلحة المسلطة على العالم الإسلامي ساقتها الأقدار هكذا اعتباطاً ؟ حاش لله! ليس في الأقدار الإلهية عبث، بل كل شئ له سبب وعلة، لو زالت زال معها، وإلا فلا، ولنتأمل في قصة موسى وكيف أرسل الله تعالى على بني اسرائيل – لما كذبوا بموسى- من يسومهم سوء العذاب (وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ يَسُومُهُمْ سُوءَ الْعَذَاب)، وكيف ضيق عليهم الرزق والمعيشة (وَلَقَدْ أَخَذْنَا آلَ فِرْعَوْنَ بِالسِّنِينَ وَنَقْصٍ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ) أليس هذا حالنا الآن ؟ فهل تذكرنا بالسنين بل بعشرات السنين بل مئات السنين من الابتلاءات والمصائب ؟ كلا.. والدليل أنك حين تقول لأحدهم (أهل بيتي فيكم كسفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلف عنها غرق) لا يقبل وربما يضعف الحديث، فمن هم آل فرعون إلا هؤلاء الذين بين أظهرنا ؟ وهم كثير.
هذه السجل من التقهقر وهزيمة الأمة وعدم استجابة الدعاء بالنصر والتمكين، له سبب واحد وهو نتيجة طبيعية تماماً لشئ واحد هو: عدم اتباع الإمام الوارث فرد وقته في كل عصر وفي كل جيل، الذين سيكون آخرهم وسيدهم هو الإمام المهدي أحمد صاحب الولاية الكبرى الأحمدية.

مائة ألف راية مرفوعة لا تنصاع تحت قيادة الإمام، بل شركاء متشاكسون منذ أربعة عشر قرناً، يكفر بعضهم بعضاً ويلعن بعضهم بعضاً، لا يعرفون خلقاً نبوياً ولا تصوفاً ولا تزكية نفس، وكل له دينه الذي صنعه على حسب مشتهيات نفسه ومزاجه وهواه، نسخ كثيرة من الإسلام كلها نسخ مزورة لا يصح منها إلا نسخة واحدة فقط هي التي مع إمام العصر من أهل بيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم (لا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين لا يضرهم من خالفهم أو خذلهم حتى تقوم الساعة) وبالطبع هذا الحديث يحمله كل صاحب راية على نفسه، لأنه لا يرى إماماً ولا رباً إلا نفسه، وهذا شرك خفي.

فالبشرية لا تصح خطاها إلا من خلال وجود الرجل الفرد سواء كان نبي أو وارث نبي، وبدون ذلك يضيع كل شئ وتعم الظلمة، ولذلك فلننظر كيف هي عناية الله بأهل البيت وكيف هم موضع نظره:
1- ففي الماضي: حفظ الله روضات نبيه وأهل بيته صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين، لكي يظل الناس أيقاظاً يجدون الرمز والقدوة التي يقتفون أثرها ويتبعون خطاها في الماضي
2- وأما في الحاضر: فجعل الله على رأس كل قرن إمام وارث لحضرة النبي وراثة كاملة جامعة وأوجب على الأمة الإلتفاف حوله وطاعته ونصرته وبيعته
3- وأما في المستقبل: فأخذ الله العهد على الأنبياء والرسل بل على أولي العزم منهم أن ينصروا ويتبعوا "أحمد" صاحب الولاية الكبرى الأحمدية المـُهدى للعالمين، وأن يبشروا أقومهم به وأن ينذروا حياتهم ويجعلونها توطئة لظهوره وعمله الإصلاحي غير المسبوق، وأخبرنا عنه في قصة "ذي القرنين" في لقطة سريعة من سلسلة إصلاحاته العملاقة كي لا نفقد الأمل ولكي نمهد الطريق كل في مجاله وموقعه.

فنحن لم ولا ولن نعمل عملاً يرضي الله تعالى بدون وجود الأشخاص الذين تتجلى فيهم أنوار الله تعالى بين أظهرنا سواء في الماضي أو الحاضر أو المستقبل، لأن الله هو الذي يفعل من خلال مظهره الأكمل، وليس نحن.

إن أمر ظهور الإمام المهدي وعودة الأنبياء أكبر من مجرد ورود نص، الأمر يتعلق بظهور الحضرات الإلهية الذي من أجله خلق الله الدنيا.. وهذه الحقيقة هي أم الحقائق وأصلها الكبير الذي لا تتسع له إلا قلوب فحول الرجال، فهذه حقيقة آمنت أو لم تؤمن، فلن تغير في الأكوان شيئاً يذكر (وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ).

وأما بلبلة التراث الإسلامي في شأنه - فنجد السنة لا يجعلونه من العقائد الرئيسية، فضلاً عن أن يكون أم العقائد التي يتفرع كل شئ عنها، والشيعة الإمامية يعظمونه كثيراً ولكنهم أسبغوا عليه مسحة أسطورية أضرت أكثر مما نفعت :
فقد أراد الله هذا وأخفى نفسه بين أهل الدنيا لكي تظهر حقائق النفوس كما هي دون نفاق، ولذلك خلق الله الدنيا، لأن الناس وهم أرواح لما واجههم الله "يوم ألست" بقوله: (ألست بربكم) ؟ فمن سيقول لا في مواجهة جلال حضرة الربوبية ؟! الكل (قالوا بلى) المؤمن والكافر، ولذلك خلق الله الدنيا ليكونوا في حرية تامة للتعبير عما تكنه بواطنهم.
ولهذا أراد الله أن يتولي معاوية الملك وينتزعه من أهل البيت، ويستمر الأمر على هذا حتى الآن ونحن على أبواب ظهور الإمام المهدي بعد اندلاع الحرب العالمية الثالثة.. أراد الله هذا لأن أهل البيت لو استمروا على الخلافة في الأرض لما ظهرت حكمة الله تعالى من خلق الدنيا (تعدد التجليات والمظاهر، مؤمن وكافر ومنافق، وظهور ما في البواطن والأسرار).. أنظر إلى الإمام علي حينما أخبر أحد أصحابه بأن ابم ملجم سوف يقتله، فطلب منه أن يقتل ابن ملجم، فصاح الإمام علي وقال غاضباً: (فمن يقتلني)!! يعني: هل تريد أن تعطل القدر ؟! هؤلاء هم أهل البيت باختصار.. أنوار إلهية ليست من هذا العالم.
لذلك أراد أراد الله إعطاء مساحة كافية لحرية التعبير عما في البواطن (وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر) حرية الكفر ؟ نعم! الله يريد بلاغ الحجة فقط لا إجبار الناس على قبولها.
ثم مع تولي النواصب للملك: كان من الطبيعي حدوث هذه البلبلة في أمر المهدي لعدة أسباب، منها العامل السياسي وبطش السلطة وتتبع الخلفاء لأئمة أهل البيت وبطشهم بالعلماء المحبين لهم، لأن أهل البيت في كل مكان وزمان هم رموز المعارضة والشغف بالحرية والعدل والكرامة الإنسانية، ولهذا يخشاهم أي طاغية، وكان الحديث النبوي موظفاً لخدمة السلطة عند السنة، وأما عند الشيعة فكانت أخبار جعفر الصادق والأئمة موظفة لسد الخلل العلمي والقيادي والتربوي الحاصل بعد غيبة أهل البيت والشعور بالظلم والقمع.. كل هذه العوامل أدت إلى فرار العلماء بدينهم وعدم التحدث في هذا الأمر وظهور الموضوعات والمكذوبات التي شوهت الحقيقة وبلبلتها.

ولذلك فالعلم المأخوذ بالنظر دون فرقان ونور كاف في القلب، علم ظني غير يقيني لا تستطيع أن تجزم بصحته ومطابقته للحقيقة، هذا علم الكسب وهو بخلاف علوم الحقائق المؤيدة بالكشف (2)، فهي أكبر من ابن الجوزي وابن خلدون (3) وابن حزم (4) والبخاري (5).. وعلم الكشف أو العلم اللدني يوضح مواضع الإلتباس والخلاف بين علماء الظاهر في جلاء وبرهان، وهو مع إمام العصر وعصبته في كل زمان وفي كل عصر.. معهم ميزان الحق ولا يضرهم من خذلهم أو خالفهم حتى تقوم الساعة. فلتتحد الأمة تحت رايته على قلب رجل واحد، بدلاً أن يعرض كل منا جزءاً من الحقيقة، ويكفر إخوانه لأنهم لم يروا إلا الجزء الآخر، وهذا الإتحاد ليس اختيارياً بل واجب من أوجب الواجبات (واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا) (ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم) (إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا لست منهم في شئ) والآيات الكريمات في هذا المعنى لا تعد ولا تحصى كثرة، ومن لم يلتزم باتباع الإمام الآن فلا زالت أمامه فرصة حتى لحظة اندلاع الحرب العالمية الثالثة (كلا إذا دكت الأرض دكاً دكاً وجاء ربك والملك صفا صفا)، لأن عندها يغلق باب التوبة (يوم يأتي بعض آيات ربك لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا).
_________________________________________
(1) دكتور أحمد بحيري 00201000617901
(2) العلم قسمان: كشفي يقيني، وكسبي ظني، وروى ابن أبي شيبة و الدارمي عن الحسن البصري قال : " العلم علمان : فعلم في القلب فذاك العلم النافع، و علم على اللسان فذاك حجة الله على ابن آدم". و قال الإمام مالك : "إن الحكمة مسحةُ ملكٍ على قلب العبد" و قال : "يقع بقلبي أن الحكمة الفقه في دين الله و أمر يدخله الله القلوب من رحمته و فضله" (الموافقات للشاطبي 4/61).
ويقول الإمام أبو العزائم في (أصول الوصول): (لما كانت مقامات اليقين عن مشاهدات، وعلومها عن مواجيد حقه، كانت أحكامها ومسائلها تحتاج إلى تسليم كامل، لأن أحكام العقل المكتسب وعلوم أهل النظر التي اكتسبت من المقدمات اليقينية أو الحدسية قاصرة على كشف خواص الكونيات. وليس للعقل ولا لقوة النظر أن تدرك المشاهدة القدسية، أو تسلم بتلك المقامات العلية، فالمحبة عند أهل النظر والكلام هي الإرادة، والإرادة لا تتعلق بالقديم الأول، ولذلك أنكروا المحبة.
.. وللعالم بالعلم الظاهر أن يقلد من فوقه ممن جعل على علم الباطن من أهل القلوب، لأن النبي (ص وآله) رد من علم الألسنة والفتيا إلى علم القلوب، ولم يرد أهل القلوب في علمهم الذين يختصون به إلى المفتين، لأنهم يأخذون من المفتين فتياهم ثم يجدون في قلوبهم حيكا وحزازة فيلزمهم فتيا القلب، لقوله: (استفت قلبك)، بعد قوله: (وإن أفتاك المفتون) مع قوله: (الإثم حزاز القلوب) إلى قوله: (ما حاك في صدرك فدعه وإن أفتاك وأفتوك).. اهـ
ويقول: (فالإنسان فى الحقيقة ونفس الأمر له كل شىء، لأنه سبحانه خلق الأشياء وهو غنى عنها، ومن نظر بعقله فى العالم أعلاه وأسفله يظهر له أنه خلق لنفع الإنسان، وبقدر ما يناله الإنسان من العلم تكون له القدرة على تسخير جميع الكائنات، فقد يبلغ الإنسان بعقله أن يقهر كل شىء لينتفع به، وقد يبلغ بتزكية نفسه مقاماً تخدمه فيه الملائكة، ولو علم الإنسان نفسه علماً مؤيداً بنور الكشف لتضاءلت فى عينه أكمل مراتب الدنيا، واضمحل فى نظره كل خير فيها، وفر بهمة لنيل كماله الروحانى ليفوز بالخير الحقيقى فى جوار الأطهار حيث البقاء فى مسرات الحياة، وصفاء العيشة، آنسة روحه بما يجانسها من عالم الطهر، وعقله بما يشاكله من جمال الآيات، وجسمه بما يطيب به من ملذات ومسرات، من غير شوب عناء أو جهاد، ولا كدر انقطاع وزوال).
(3) لو نظرت في كلام ابن خلدون بعد فراغه من سرد الأحاديث في المهدي وسوق كلام الصوفية عنه: لوجدته لا أقول منحرفاً عن أهل البيت وإنما لا يدرك منزلتهم إذ يرمي الصوفية –لأنهم يقدمون علياً- بالتشيع، يقول: (بل الصحابة كلهم أسوة في طريق الدين، وفي تخصيص هذا بعليٍّ دونهم رائحة من التشيع (قويَّة)!! تفهم منها ومن غيرها مما تقدم دخولَهم في التشيع وانخراطهم في سلكه)! فالرجل يحتاج أن نُفهمه أولاً أبجدية منزلة أهل البيت في الإسلام، وأن علياً إمام وارث! ورث الكل، ورث النبوة كلها فانطوت بين جنبيه إلا أنه لا يوحى إليه، وليس صحابياً فقط، وأن علم التزكية ورثه الإمام علي عن النبي ص من ضمن ما ورث، كي لا يلوم الصوفية على تخصيص عليّ بالتأسي، وكي يفهم أن سورة براءة والتوبة ومئات الآيات في القرآن نزلت في منافقي الصحابة الذين يساويهم بعليّ زعيم أهل البيت وكبيرهم وأبيهم وأستاذهم، وأنه نزلت فيه ثلاثمائة آية لخطورة شأنه إذ هو أول إمام وارث بعد ختم النبوات، حتى يفهم الفرق بين أهل البيت - الذين لا يقاس بهم أحد - وبين غيرهم.
والحقيقة أن العلم كما هو في حقيقة الأمر شئ آخر غير ما يظنه الناس علماً، ومن أراده اليوم فليبحث عنه عند الإمام الوارث في عصرنا، الإمام المجدد السيد محمد ماضي أبو العزائم، يقول:
(لا بد للعالم من خمسة أمور هي علامة علماء الآخرة: الخشية والخشوع والتواضع وحسن الخلق والزهد، قال تعالى: (إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء) وقال تعالى: (خَاشِعِينَ لِلّهِ). ولا بد من التواضع وحسن الخلق قال الله عز وجل: (وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ وَقُلْ إِنِّي أَنَا النَّذِيرُ الْمُبِينُ) وقال تعالى: (فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ)، والزهد في الدنيا، قال الله تعالى: ( وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوَابُ اللَّهِ خَيْرٌ).
فمن وجد فيه هذه الخلال فهو من العلماء بالله عز وجل، ولا يستبين العالم إلا عند المشكلات في الدين، ويحتاج إلى العارف عند شبهات حاكت الصدور، كما قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: لا تزالون بخير ما إذا حاك في صدر أحدكم شىء، وجد من يخبره به ويشفيه منه، وأيم الله أوشك أن لا تجدوا ذلك. وكما قال له رسول الله (ص وآله): (أى الناس أعلم؟ فقال الله ورسوله أعلم، فقال: أعلمهم بالحق إذا اشتبهت الأمور ووقعت المشكلات، وإن كان يزحف على إسته)، فكذلك إذا اختلف الناس- وإن كان في عمله تقصير- وكما قال (ص وآله): (إن الله تعالى يحب المبصر الناقد عند ورود الشبهات، والعقل الكامل عند هجوم الشهوات، ويحب السخاء ولو على تمرات، ويحب الشجاعة ولو على قتل الحيات). وقد وقعنا في زماننا هذا في مثل ما خافه ابن مسعود، لأن مشكلة لو وردت في معاني التوحيد، وشبهة لو اختلجت في صدر مؤمن من معاني صفات الموحد، وأردت كشف ذلك على حقيقة الأمر بما يشهده القلب الموفق، ويثلج له الصدر المشروح بالهدى، كان ذلك عزيزاً في وقتك هذا، ولكنت في استكشاف ذلك بين خمسة نفر:
1- مبتدع ضال، يخبرك برأيه عن هواه، فيزيدك حيرة.
2- أو متكلم يفتيك بقصور علمه عن شهادة الموقنين، وبقياس معقوله على ظاهر الدين وهذا شبهة، فكيف تنكشف به شبهة؟
3- أو صوفي شاطح تائه غالط يجاوز بك الكتاب والسنة لا يباليهما، ويخالف بقوله الأئمة المرشدين، فيجيبك بالظن والوسواس والحدس، والتمويه وبمحو الكون والمكان، ويسقط العلم والأحكام، وهذا ساقط القول إذ ليس معه حجة، ولا هو على سنن المحجة، وهؤلاء تائهون في مفازة التيه لم يقفوا على الحجة، قد غرقوا في بحر التوحيد لم يجعلوا أئمة للمتقين.
4- أو مفت عالم عند نفسه، موسوم بالفقه عند أصحابه، يقول لك هذا من أحكام الآخرة، ومن علم الغيب لا نتكلم فيه، لأنا لم نكلفه وهو في أكثر مناظرته يتكلم فيما لم نكلف، ولا يعلم المسكين أنه كلف علم يقين الإيمان، وحقيقة التوحيد، ومعرفة إخلاص المعاملة، لأن علم الإيمان، وصحة التوحيد، وإخلاص العبودية للربوبية، وإخلاص الأعمال من الأهواء الدنيوية وما يتعلق بها من أعمال القلوب، هو مـن الفقه في الدين، ونعت أوصاف المؤمنين، إذ مقتضاه الإنذار والتحذير لقوله تعالى: (لِّيَتَفَقَّهُواْ فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُواْ قَوْمَهُمْ ) ولقول رسول الله(ص وآله): (تعلموا اليقين فإنى متعلم معكم).
5- أو صاحب حديث وآثار، وناقل رواية الأخبار، يقول لك: إذا سألته اعتقد التسليم، وأمر الحديث كما جاء ولا تفتش، وهذا يتلو المفتي في السلامة، وهو أحسنهم طريقة وأشبههم بسلف العامة خليقة، ليس عنده شهادة يقين، ولا معرفة بحقيقة ما رآه ولا هو مشاهد وصفاً لمعنى ما نقله، وإنما هو للعلم راوية، وللأثر والخبر ناقلة عن غير خبر يخبره، ولا فقه في نقله فهو على بينة من ربه، وليس يتلوه شاهد منه).
وقال في وصف العلم: (والعلم نور يقذفه الله تعالى في قلوب أوليائه، والنور إذا جعل في الصدر انشرح القلب بالعلم، ونظر باليقين، فنطق اللسان بحقيقة البيان، وهو الحكمة التي يودعها الله في قلوب أوليائه، كما جاء في تفسير قوله تعالى: (وَآتَيْنَاهُ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطَابِ) قيل: الإصابة في القول فكأنه يوفقه للحقيقة، وقوله تعالى: (يُؤتِي الْحِكْمَةَ مَن يَشَاءُ وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيرًا) قيل: الفهم والفطنة. وقد قال (ص وآله)فى وصف الهداية حيت تلا قوله عز وجل: (فَمَن يُرِدِ اللّهُ أَن يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلاَمِ) فقيل: يا رسول الله، ما هذا الشرح؟ فقال: (إن النور إذا قذف في القلب انشرح له الصدر وانفسح، قيل: فهل لذلك من علامة؟ فقال: نعم، التجافي عن دار الغرور، والإنابة إلى دار الخلود، والاستعداد للموت قبل نزوله)( ). فذكر سببه الزهد في الدنيا، والإقبال على خدمة المولى. وحسن التوفيق والإصابة في العلم مواهب من الله عز وجل وأثره يختص بها من يشاء)
(.. ثم درست معرفة هذا بجهل فصار كل من نطق بكلام غريب على السامعين لا يعرف حقه من باطله سمي عالماً، وكل كلام مستحسن زخرف رونقه لا أصل له يسمى علماً لجهل العامة بالعلم أي شيء هو، فأعلم الناس في زماننا هذا أعرفهم بسيرة المتقدمين، وأعلمهم بطرائق السالفين، ثم أعلمهم بالعلم أي شيء هو، وبالعالم من هو من المتعلم والمتعالم، وهذا كالفرض على طالبي العلم أن يعرفوه لأنه لما قال (ص وآله): (طلب العلم فريضة)( ). وجب عليهم أن يعرفوا أي شيء هو العلم حتى يطلبوه، إذ لا يصح طلب ما لا يعرف، ثم وجب عليهم من هذا أن يعرفوا العالم من هو ليطلبوا عنده العلم، إذ العلم عرض ولا يقوم إلا بجسم فلا يوجد إلا عند أهله كما قيل لعلي كرم الله وجهه: (أنت خالفت فلاناً في كذا، فقال: خيرنا أتبعنا لهذا الدين).
فأعلم الناس في هذا الوقت وأقربهم من التوفيق والرشد أتبعهم لمن سلف، وأشبههم بشمائل صالحي الخلف، كيف وقد روينا عنه (ص وآله): (أنه سئل من أعلم الناس فقال: أعرفهم بالحق إذا اشتبهت الأمور). وفي خطبة له (ص وآله): (طوبى لمن شغله عيبه عن عيوب الناس، وأنفق من مال اكتسبه من غير معصية، وخالط أهل الفقه والحكمة، وجانب أهل الذل والمعصية، طوبى لمن ذل في نفسه وحسنت خليقته وصلحت سريرته وعزل عن الناس شره، طوبى لمن عمل بعلمه وأنفق الفضل من ماله وأمسك الفضل من قوله ووسعته السنة ولم يعدها إلى بدعة). وقال علي كرم الله وجهه: (يأتي على الناس زمان ينكر الحق تسعة أعشارهم لا ينجو منهم يومئذ إلا كل مؤمن نومة- يعني صموتاً متغافلاً - أولئك مصابيح العلم، وأئمة الهدى، وليسوا بالمزاييغ البذل). يعني المتكلمين كثيراً المتظاهرين بالكلام افتخاراً. وفى حديث أبى هريرة: (يأتي على الناس زمان من عمل منهم بعشر ما أمر به نجا). وعن بعض الصحابة: (أنتم اليوم في زمان من ترك منكم عشر ما يعلم هلك، ويأتي زمان من عمل فيه بعشر ما يعلم نجا).
ويقول الإمام أبو العزائم: (فحقيقة الذكر: العلم بالله تعالى، لما روي عنه (ص وآله) أنه قال: (أفضل الذكر قول لا إله إلا الله) وقال سبحانه وتعالى في تصديقه: (فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ). وقال: (فَاعْلَمُواْ أَنَّمَا أُنزِلِ بِعِلْمِ اللّهِ وَأَن لاَّ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ).
ثم إن من الذكر علم المشاهدة، والمشاهدة صفة عين اليقين، فإذا كشف الله تعالى غطاء العين شهدت معاني الصفات بأنوارها، وهو مزيد نور اليقين الذي هو كمال الإيمان وحقيقته، ومجالس أهل العلم بالله تعالى وأهل التوحيد والمعرفة هي مجالس الذكر، وهي التي جاءت فيها الآثار، وفى الخبر: (إذا مررتم برياض الجنة فارتعوا فيها، قيل: وما رياض الجنة؟ قال: مجالس الذكر) وفي الحديث: (إن لله تعالى ملائكة سياحين في الهواء فضلاً عن كتاب الخلق، إذا رأوا مجالس الذكر ينادي بعضهم بعضاً ألا هلموا إلى بغيتكم فيأتوهم حتى يجلسوا إليهم فيحفون بهم ويستمعون منهم، ألا فاذكروا الله واذكروا أيامه أنفسكم) وروينا عن على كرم الله وجهه قوله: ما يسرني أن الله تعالى أماتنى طفلاً، وأدخلني الدرجات العلا من الجنة، قيل: ولم؟ قال: لأنه أحياني حتى عرفته.
على أنهم يقولون: علم الظاهر من علم الملك. وعلم الباطن من علم الملكوت، يعنون أن ذلك من علم الدنيا لأنه يحتاج إليه في أمور الدنيا، وهذا من علم الآخرة لأنه من زادها، وهذا كما قالوه لأن اللسان ظاهر فهو من الملك وهو خزانة العلم الظاهر، والقلب خزانة الملكوت وهو باب العلم الباطن، فقد صار فضل العلم الباطن على الظاهر، كفضل الملكوت على الملك، وهو الباطن الخفي، وكفضل القلب على اللسان، وهو الظاهر الجلي.
وعند أهل هذا العلم- وهو العلم بالله تعالى- أن علمهم مخصوص لا يصلح إلا للخصوص، والخصوص قليل، ولم يكونوا ينطقون به إلا عند أهله، ويرون أن ذلك من حقه، وأنه واجب عليهم كما وصفهم على كرم الله وجهه في قوله: حتى يودعوه أمثالهم ويزرعوه في قلوب أشكالهم، كذلك جاءت الآثار عن نبينا وعن سيدنا عيسى عليهما الصلاة والسلام: (لا تضعوا الحكمة عند غير أهلها فتظلموها، ولا تمنعوها أهلها فتظلموهم، كونوا كالطبيب الرفيق الذي يضع الدواء في موضع الداء)( ). في لفظ آخر: (من وضع الحكمة في غير أهلها جهل، ومن منعها أهلها ظلم، إن للحكمة حقاً وإن لها أهلاً وإن لأهلها حقاً، فأعط كل ذي حق حقه) وفي حديث عيسى صلاة الله وسلامه عليه: (لا تعلقوا الجـوهر في أعناق الخنازير، فإن الحكمة خير من الجوهر، ومن كرهها فهو شر من الخنزير).
(4) كما يرى الشيخ حسن فرحان المالكي حيث يقول: (ابن حزم رغم كثرة علمه وفضله إلا أن له انفرادات لا يعَّول عليها … أضف إلى ذلك أنه متهم بالنصب ، وهو الانحراف عن أمير المؤمنين علي رضي الله عنه وموالاة بني أمية) نحو إنقاذ التاريخ الإسلامي ، ص 136 . وهو نفس ما يراه الشيخ حسن السقاف https://www.youtube.com/watch?v=Ce3qFNYiLc8
وقد لاحظ العلامة عبد العزيز الغماري النصب على "ابن حزم" حيث قال بعد أن ساق أسماء ستة وعشرين صحابياً رووا حديث الغدير: (وأمّا قولك أيّها المعافريّ - متعقّباً على الترمذيّ في حكمه على حديث الموالاة بالصحّة والحُسن معاً - حديث مطعونٌ فيه، فأَبِنْ لي مَنْ طعن فيه، وأظهر مَنْ ردّه وضعّفه، فإنّك لا تجد إلى ذلك سبيلاً، ولن تستطيع له وصولاً. نعم، ربّما أفصحتَ عن ابن حزمٍ، ونحن نراك - كثيراً - تتّبع ابن حزمٍ في هفواته، وتُعرض عنه في صحيح أقواله وآرائه، وما أراك قلّدتَ في هذا الحديث إلا هو، ولا أتّبعتَ إلا قوله.. أمّا ابن حزمٍ، فكثيراً مّا نراه يقول في "المحلّى" عن حديثٍ رواه خمسة أو ستّة: إنّه متواتر، ومع مذهبه هذا فإنّه لا يُثبّت حديث الغدير ويضعّفه، كما فعل في رسالة المفاضلة بين الصحابة، وكذلك ابن تيميّة.. ومَنْ تكلّم في هذا الحديث بالضعف وعدم الثبوت؛ فذلك لأنّه سيفٌ قاطعٌ لرقاب النواصب، وسهمٌ صائبٌ لقلب كلّ مُعرِضٍ عن موالاة الإمام عليه السلام وحبّه) اهـ
والنصب منتشر انتشار النار في الهشيم في تراثنا من شخصيات قد لا نتوقع أن يصدر النصب منها، ويتم تمرير كلامهم وتقبله.. وذلك بسبب عدم وجود الدراسات الناضجة حول أهل البيت وأعدائهم لدينا، لأن أهل البيت لم يتبوأوا المكانة اللائقة بهم في تراث أهل السنة وليست لهم مركزية ولا قضية لهم أساساً ولا أبحاث - إلا كتيبات في فضائلهم - حتى يبحثوا في أعدائهم. ويجب أن ننتبه إلى أن تيار النواصب عمل على تهميش دور ومكانة أهل البيت في الإسلام، ومن ذلك رواية الحديث.. وهنا يحسن بي أن أوجه القارئ الكريم إلى مطالعة الكتاب النفيس القيم والفذ في بابه وهو كتاب (العتب الجميل على أهل الجرح والتعديل) للعلامة محمد بن عقيل رحمه الله تعالى. https://ia800503.us.archive.org/22/items/hassanseqaf/3atabjamil.pdf
وهو من علماء صوفية حضرموت الذين نشروا الإسلام في سنغافورة وشرق آسيا ومن الراسخين في العلم، حيث تعجب من هذه السياسة الغريبة التي مارسها أهل الجرح والتعديل في توثيق الحديث النبوي الشريف، وأورد في كتابه تعجب الحافظ ابن حجر العسقلاني منها أيضاً، والكتاب من أوله إلى آخره يثير غضبك من سياسة الحصار التي مارسها (نواصب الجرح والتعديل) -لا أملك أن أقول إلا هذا- في حق كل من مال لأهل البيت، فيتم تضعيفه ومن ثم يتم تضعيف الحديث ومن ثم تجفيف منابع العلم المروي عن تلامذتهم.
(5) البخاري رحمه الله وغفر له كان أموي الهوى وأرضى الإتجاه الأموي على حساب الحق، وهذا رأي الدكتور سهيل زكار والأستاذ حسن فرحان المالكي
https://www.youtube.com/watch?v=zTtJRoM9Z2s
https://www.youtube.com/watch?v=rB1-xBN0aCw
وكانت هناك حلقات نقدية ممتازة استضافت علامتي التاريخ الإسلامي د. سهيل زكار والشيخ المالكي على قناة الكوثر بعنوان "حقائق التاريخ" قلما نجد في الإعلام مثل هذا الرقي وهذه الدقة العلمية، ولحسن الحظ أنها لا زالت محفوظة على موقع يوتيوب:
* https://www.youtube.com/watch?v=B2VNAXuglYI&list=PL4D3685DD5232B3AD
*
https://www.youtube.com/results?search_query=%22%D8%AD%D9%82%D8%A7%D8%A6%D9%82+%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%A7%D8%B1%D9%8A%D8%AE%22+%22Mohammed14M%22&sp=EgIYAg%253D%253D&page=1
*
https://www.youtube.com/watch?v=9naWgXP8d0Q&list=PL476B06C67722D243








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شراكة أميركية جزائرية في اللغة الانكليزية


.. نهال عنبر ترد على شائعة اعتزالها الفن: سأظل فى التمثيل لآخر




.. أول ظهور للفنان أحمد عبد العزيز مع شاب ذوى الهمم صاحب واقعة


.. منهم رانيا يوسف وناهد السباعي.. أفلام من قلب غزة تُبــ ــكي




.. اومرحبا يعيد إحياء الموروث الموسيقي الصحراوي بحلة معاصرة