الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المساعدات الخارجية الامريكية لمصر

محمد خضر خزعلي

2016 / 6 / 24
مواضيع وابحاث سياسية


على الرغم من الايحاءات الطائية التي يتضمنها تعريف المساعدات الخارجية في كثير من الادبيات المختلفة وفي كثير من اذهان الباحثين، الا اننا نجدها ايحاءات ساذجة، نظرا للنزوع الشايلوكي الكبير لمانح المساعدة وإن تستر بالطائية.
هذا ولا تمنح المساعدات الا في حال التزام المتلقي بالعمل على تحقيق عدد من الاهداف التي يطمح اليها المانح مقابل مساعداته، وهو ما يعني وجود اتفاق معين بين المانح والمتلقي، سواء اكان الاتفاق تلميحا او تصريحا، يرسم حدود دائرة العطاء والاخذ، كما ويعني هذا الاتفاق، ان اي تلاعب من المانح بحجم وطبيعة المساعدات، يعني فكاك المتلقي من التزاماته المتفق عليها لتحقيق الاهداف، كما ويعني من ناحية اخرى، تحلل المانح من التزاماته في حال توقف المتلقي عن العمل على تقيق الاهداف المرادة.
قيمة ما قدمته الولايات المتحدة من مساعدات لمصر خلال الفترة الممتدة من عام 2001 الى عام 2015 بلغ 23.945 مليار دولار، وقيمة ما قدمته لإسرائيل بلغ 39.812 مليار دولار، وتتكون هذه المساعدات من مساعدات اقتصادية وعسكرية.
اهداف المساعدات:
استراتيجيا:
حيث تعمل مصر على المساهمة في حفظ امن اسرائيل، واخلاء سيناء من اي قطعة سلاح تنعكس تهديدا على اسرائيل، فضلا عن ضمان عمل مصر باتفاقية كامب ديفيد، والعمل على زيادة نسبة التطبيع مع اسرائيل في القطاعات التعلمية والصناعية والزراعية والاستثمارية والسياحية، بما ويمهد لتغلل اسرائيل اقتصاديا في المنطقة عن طريق مصر، كما تساهم مصر في اي عملية من شأنها الحفاظ على مصالح الولايات المتحدة في المنطقة، من خلال استخدام مصر لثقلها الاقليمي في صياغة وجهات نظر دول المنطقة ازاء القضايا المختلفة بما ويخدم توجهات المنظور الامريكي.
عسكريا:
تقوم مصر مقابل المساعدات الامريكية بالسماح للبوارج والاساطيل البحرية الامريكية بالمرور عبر السويس، كما وتتعهد القوات البحرية المصرية بحماية تلك الاساطيل من اي خطر محتمل اثناء عبورها، فضلا عن استخدام سلاح الجو الامريكي للأجواء المصرية في اي وقت كان، وتعهدها بالتدريب العسكري لأفراد دول اخرى تتعهد الولايات المتحدة بتدريبهم(اي ان الالتزام امريكي والتدريب مصري)، والمساهمة اللوجستية من القوات المصرية في حال طلب الولايات المتحدة ذلك من مصر في اي وقت، كما توفر المساعدات بيانات كاملة عن مستوى تسلح الجانب المصري مقابل تسلح الجانب الاسرائيلي، فضلا عن عمليات التي من شأنها احداث تغير في العقيدة القتالية للجيش المصري جراء برامج تدريب الضباط في الولايات المتحدة.
اقتصاديا:
ترتبط المساعدات الامريكية بضرورة توسعة القطاع الخاص المصري، والعمل على برامج التحول الديمقراطي واللبرلة، وعمل الحكومة المصرية على تهيأت مصر بما ويجعلها نقطة انطلاق للشركات الامريكية في الشرق الاوسط، كما ترتبط المساعدات بضرورة انفاقها على ما يدعم الصادرات الامريكية لمصر...الخ.
على الرغم من اعتبار برنامج المساعدات الخارجية الامريكية لكل من مصر واسرائيل تعهد الزامي بمبالغ ثابتة بعد توقيع الطرفين لاتفاقية كامب ديفيد، الا اننا نلاحظ اخلال الولايات المتحدة بطبيعة البرنامج كميا ونوعيا، وهو ما يعني اخلالا للاتفاق بين مصر والولايات المتحدة، وبين الاخيرة واسرائيل.
اولا: التغيرات في الجوانب الكمية:
1-ان الاتجاه العام لحجم المساعدات العسكرية الامريكية لإسرائيل في تزايد واضح وبشكل مستمر خلال الفترة 2001-2015، حيث كانت في عام 2001 ما حجمه 1.9 مليار، واستمرت بالتطور تدريجيا حتى بلغت في عام 20152.8 مليار دولار، تزايد تصاعد حجم المساعدات مع عام 2011، لتصل 3.1 مليار دولار نهاية بداية عام 2015.
2-الاتجاه العام لحجم المساعدات العسكرية الامريكية المقدمة لمصر بقي ثابتا تقريبا خلال طول الفترة تقريبا عند معدل 1.1 مليار دولار، مع ملاحظة هبوطها الحاد في عام 2014 الى ما حجمه 274 مليون دولار، وتوقفها في عام 2015 وعام 2016.
ثانيا: التغيرات في الجوانب النوعية:
قامت الولايات المتحدة بإحداث تغير جوهري في نوعية المساعدات العسكرية المقدمة لمصر خلال الاعوام 2011، 2012، 2013، حيث حرمت مصر من القدرة على انتقاء الاسلحة، كالدبابات والطائرات المقاتلة، لتقتصر على تقديم مساعدات بنفس القيمة، لكن في قطاعات امن سيناء، والامن البحري، ومكافحة الارهاب، دون الالتزام بتقديم دبابات وطائرات مقاتلة، باستثناء قطع خفيفة في هذا المجال، كالسيارات العسكرية العادية، وطائرات هيلوكوبتر للنقل، بينما بقي الجانب الاسرائيلي يتمتع بحق الانتقاء وفقا للنقص العام في جيش الدفاع الاسرائيلي.
كل ما سبق يعني ان الولايات المتحدة اخلت باتفاق المساعدات على النحو التالي:
1-اخلال كمي مع الطرف المصري من خلال زيادة الحصة الاسرائيلية من المساعدات العسكرية.
2-اخلال نوعي مع الطرف المصري من خلال حرمانها من حق الانتقاء، مع بقاء تمتع اسرائيل به.
لكن المحير هو استمرارية الجانب المصري في العمل على تحقيق الاهداف المشار اليها سابقا، دون اي اجراء جدي من شأنه التساؤل عن طبيعة هذا التغير بشكل يوحي بجدية الجانب المصري امام الجانب الامريكي، او ان تحاول استخدام هذه التغيرات كورقة تستعيد بها مصر تأثيرها الاقليمي في المنطقة، فالطائرات والسفن الامريكية ما زالت تمر عبر المياه والاجواء المصرية، كما تشدد مصر الخناق على غزة، حتى تحولت الى سجن كبير، فضلا عن تيه الجيش المصري في صحراء سيناء لمدة تقترب من الاربعين عاما.
ما اراه بسذاجتي ان هذه الاخلال من الجانب الامريكي يمثل فرصة هامة جدا للجانب المصري، لتستعيد قدراتها التأثيرية في الاقليم، فحجم خساراتها جراء هذه المساعدات اكبر من حجم ارباحها، فقد خسرت على اكثر من جانب، فسياسيا خسرت الشعب العربي كاملا، خاصة خلال الحروب الاخيرة لإسرائيل على قطاع غزة، كما وخسرت من جهة اخرى، امكانية استغلال تنامي المد الصيني والروسي في المنطقة نتيجة الدوران في الفلك الامريكي، واقتصاديا دمرت القطاع العام تماما، فحجم الديون المصرية في تصاعد مستمر منذ عام 2002، كما وخلخلت القطاع الزراعي والصناعي نتيجة لربط تقديم المساعدات بضرورة استيراد هذه السلع من الولايات المتحدة، بشكل اخل بين الاستهلاك والانتاج، ليتدمر الانتاج مقابل تصاعد نسب الاستهلاك، وعسكريا حرمت مصر كما اشرنا من قدرة الانتقاء، فضلا عن ارتباط عمليات التسلح بالجانب الامريكي، لتحرم مرة اخرى من قدرات الصين وروسيا في هذا الجانب نتيجة لعدم تنويع مصادر التسلح بشكل متوازن.
السؤال هو: لماذا نستمر في التزاماتنا الطائية في حين قد قام شايلوك بنسف الاتفاق؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. السودان الآن مع عماد حسن.. هل سيؤسس -الدعم السريع- دولة في د


.. صحف بريطانية: هل هذه آخر مأساة يتعرض لها المهاجرون غير الشرع




.. البنتاغون: لا تزال لدينا مخاوف بخصوص خطط إسرائيل لتنفيذ اجتي


.. مخاوف من تصعيد كبير في الجنوب اللبناني على وقع ارتفاع حدة ال




.. صوت مجلس الشيوخ الأميركي لصالح مساعدات بقيمة 95 مليار دولار