الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الجدل الهيجلي في مؤلف رأس المال - 3

علي عامر

2016 / 7 / 5
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية


{قراءات في كتاب رأس المال في ضوء الجدل الهيجلي} 3
الفرضية:
1- الماركسية ليست الا تطبيق الهيجلية في وسط مادي.
" كان الديالكتيك يسير على رأسه، ويكفي اعادته على قدميه لكي نرى له هيأة معقولة"
2- ماركس التزم حرفيا بالمنهج الجدلي.
"اعلنت نفسي تلميذا لهذا الفيلسوف العظيم"
وهذا ما سيتم اثباته في هذه السلسلة.

بعدما تتبعنا في الحلقة الثانية كيف التزم ماركس حرفياً بطريقة هيجل ليستنتج مقولة القيمة الاستعمالية, حيث بينّا سابقاً فكرة البضاعة والقيمة الاستعمالية في ضوء مقولتي الكيف(الوجود في الذات) و(الوجود للآخر).
سنكمل هنا مشورانا بنفس الطريقة, لنجد ان ماركس لم يلتزم بتسلسل المنهج الجدلي عند هيجل فقط, بل نجده يستخدم في كثير من الأحيان نفس طريقة هيجل في التعبير.
يقول ماركس في تذييل الطبعة الألمانية الثانية لرأس المال: "بل إنني عمدت في بعض أجزاء الفصل المخصص لنظرية القيمة الى تبني طريقته الخاصة في التعبير".
تعتبر فكرة القيمة الاستعمالية تطبيقاً بسيطاً لدائرة الكيف عند هيجل.
وفي الديالكتيك الهيجلي تنتفي دائرة الكيف في دائرة الكم, أي أن الكم يولد من الكيف.
وفي رأس المال يتطرق ماركس -بعد شرحه للقيمة الاستعمالية- لموضوع الكم والكمية فيطرح عدة أمثلة بسيطة.
فكما يعلمنا هيجل أنّ لكل كيف محدد كم وكمية.
يقول ماركس:" حين نتحدث عن القيمة الاستعمالية, فإنما نعني بحديثنا دائمأ كمية معينة, كدزينة من الساعات, ومتر من النسيج, وطن من الحديد, الخ...
وكما اعتبر هيجل الكيف أساساً للكم.
يقول ماركس: "القيمة الاستعمالية هي, ..., الدعائم المادية للقيمة التبادلية".
في آخر دائرة الكم, يعرض هيجل لفكرة النسبة, باعتبارها علاقة بين كميتين تبدو في صورة كمية ثالثة (2= 10:5), النسبة تنتج عن علاقة بين كميتين, ثم تستقل عنهما, فترتبط بنفسها, فتنتقل بذلك من علاقة كمية إلى علاقة كيفية.
مثلاً: 10-5= 2, ولكن كمية اثنين (2) تساوي أيضاً عدداً لا متناهياً من العلاقات بين كميتين مختلفتين, فهي تساوي 20-10, و 40-20, و 100-50, الخ...
يقول ماركس:" تظهر القيمة التبادلية, بادئ بدء, بوصفها العلاقة الكمية, بوصفها *النسبة* التي تجري وفقاً لها مبادلة قيم استعمالية مختلفة النوع, إحداها لقاء أخرى".
طبعاً هذه القيم الاستعمالية -والتي يتم تبادلها وفق نسبة معينة- لانهائية.
فمثلاً يمكن مبادلة كيلو واحد من الطحين بأصناف أخرى, بنسب مختلفة جداً, لاختلاف القيم الاستعمالية لكل صنف, بيد أن القيمة التبادلية للطحين تظل ثابتة لا تتغير, حتى لو اختلفت طريقة التعبير عنها
( ي ) من الدهان, أو ( س ) من الحرير, الخ...
"لنأخذ أي بضاعتين, شيئاً من الحنطة وشيئاً من الحديد, فمهما كانت علاقتهما التبادلية, فيمكن دائماً التعبير عنها بمعادلة تعتبر فيها كمية معينة من الحنطة مساوية لكمية معينة من الحديد (مساوية كقيمة تبادلية).
مثلاً كوارتر واحد من الحنطة= كذا كيلو غراماً من الحديد."
هذا يعني أن هناك شيئاً مشتركاً بين كمية معينة من الحنطة وكمية معينة من الحديد.
فالشيئان إذن مساويان لشيء ثالث, والشيء الثالث ليس كمية الحنطة ولا كمية الحديد.
هذا الشيء الثالث هو النسبة بينهما, والنسبة في ذاتها مقولة محضة خالصة لا تحمل في جوفها أي إشارة لأي نوع أو كيف أو كم محدد.
يقول باريون الشيخ"إن نوعاً من البضاعة هو على مثل جودة نوع آخر, حين تكون قيمتها التبادلية واحدة, ليس ثمة أي فرق, أي تمييز.

نلاحظ, كيف يلتزم ماركس بتسلسل منهج هيجل, في خضم استباطه لقوانين حركة نمط الانتاج الرأسمالي بدءاً من فكرة البضاعة, متنقلاً من مقولة الكيف فالكم فالنسبة, مثبتاً بذلك, التزامه الدقيق بمنهج هيجل.
وفي المقالات التالية سيتعزز هذا البرهان المهم جداً والتاريخي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تصريح عمر باعزيز و تقديم ربيعة مرباح عضوي المكتب السياسي لحز


.. طقوس العالم بالاحتفال بيوم الأرض.. رقص وحملات شعبية وعروض أز




.. يوم الأرض بين الاحتفال بالإنجازات ومخاوف تغير المناخ


.. في يوم الأرض.. ما المخاطر التي يشكلها الذكاء الاصطناعي على ا




.. الجزائر: هل ستنضمّ جبهة البوليساريو للتكتل المغاربي الجديد؟