الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل ولى زمن النقابات .. وجاء دور التنسيقيات الفايسبوكية؟

العياشي الدغمي

2016 / 7 / 6
مواضيع وابحاث سياسية


هل ولى زمن النقابات.. وجاء دور التنسيقيات؟
سؤال يبدو سابقا لأوانه. إلا أنه صار يفرض نفسه على كل متتبع لواقع الأخذ والرد الذي باتت تعيشه الطبقة العاملة العمومية والخاصة على حد سواء (بالمغرب)، حينما تسعى بين الفينة والأخرى إلى الدفاع عن نفسها من الهجمات المتتالية والشرسة لركاز الأنظمة النيوليبيرالية المتوحشة.. فقد توالت مؤخرا (وأقصد بذلك حوالي 3 عقود مضت وأزيد – منذ الثمانينات) استنادا على سياسة التقويم الهيكلي P.A.S المعيارية المملاة من طرف صناديق النقد والتحكم الدولي، والتي تقوم على تخفيض الاستثمارات في القطاعات العمومية، والرفع من نسب الضرائب إلى أقصى حد وخوصصة الخدمات العمومية وإلى ما ذلك.. هجمات تلو الأخرى كل همها هو الربح والربح ثم الربح دون أدنى اعتبار للظروف الاجتماعية للمشتغلين والعاملين ولا مراعاة للتحولات الاقتصادية التي صاروا يوم بعد آخر يؤدون ثمنها من أكبادهم ودمائهم وصحتهم قبل جيوبهم...
لن نخوض كثيرا في تفاصيل هذه السياسة أو رهاناتها الواضحة والمكشوفة للعيان والتي تعرفونها جيدا.. بل ما يهمنا هو كيف كانت ردود أفعال الطبقات العاملة على هذه السياسات/الهجمات؟ وماهي الآليات والوسائل التي اعتمدتها في ذلك إلى اليوم؟
صحيح أن كل من يسمع كلمة "نقابة" يسمع بعدها مباشرة كلمة "إضراب".. فعلا هذا ما لجأت له النقابات بصفتها الممثل الأول والرسمي للطبقة الشغيلة.. فتوالت بذلك الإضرابات والاعتصامات والاحتجاجات ومنها نذكر على سبيل المثال لا الحصر: إضراب يونيو/حزيران 1980 (والجميع ممن يهتم يذكر الأحداث الدامية والمأساوية لهذا الإضراب).. أضف إلى ذلك إضراب ديسمبر/كانون الأول 1990.. وقس على ذلك.. ولعل أبرز ما يمكن الاستدلال به في هذا السياق إضرابي 24 فبراير و31 ماي من السنة الجارية.. نعم السنة الجارية (2016).. ولم هذا بالضبط؟ لأنهما إضرابين لم يزيدا إلا الطين بلة على الطبقة الشغيلة والنقابات بصفتها الداعية لهما على حد سواء..
نعم لقد خاضت الطبقة الشغيلة هذه السنة في نصفها الأول إضرابين متتاليين خلال شهرين فقط دون أن يؤثرا ولو بشيء على قرارات الحكومة ويثنياها عن السير قدما في تطبيق سياساتها النهبوية لجيوب العاملين.. وكان هذين الإضرابين الأخيرين دليلا قويا على أن دور النقابات بات باليا مكشوفا وواضحا.. بعدما أبانت عن عجز تام أمام جبروت السلطة الحاكمة وعدم اعتبارها لأي منها أو أي من احتجاجاتها وإضراباتها الشكلية التي لا تعود على المضرب (برفع الميم) العامل بغير الاقتطاع من أجرة هي في الأصل مجرد اقتطاع ليوم غياب إن طبق فعلا "على أجرة برلماني امرح في كورسي الشعب".. لكن ما وراء ذلك؟ ما بعد الفشل الذريع الذي منيت به النقابات في مواجهة جبروت السياسة السلطوية المسلطة على أرزاق الموظفين البسطاء ومعاشاتهم الهزيلة مبدئيا؟ هل كان هذا آخر مسمار يدق في نعش النقابات البالية؟ هل هذا دليل قاطع على تواطؤ محتمل بكل ما يسمح به الاحتمال بين قواد النقابات والسلطة الحاكمة؟
أسئلة مثل هذه كثيرة جدا وكلها مشروعة.. إلا أن أهمها هو هل بعد كل هذا ستستمر الشغيلة باستحمارها المعهود وغبائها البين في ثقتها العمياء بهذه النقابات أو غيرها أو حتى في شيء اسمه "نقابة" من بعد؟
يبدو جليا -وإن كان بشيء من التسرع- أن الموظفين والعاملين -الشباب منهم على وجه الخصوص- صاروا أكثر وعيا بأن النقابة كتنظيم عمالي جماهيري لم يعد في ظل وضع يده في يد السلطة قادرا على إسماع صوتهم والدفاع عنهم.. كيف ذلك والنقابي من أمثال "زعمائنا النقابيين" يقتلون العامل والموظف ليلا في دهاليز الحكومة، ويمشون في جنازته نهارا في الشارع العام بدماء باردة ووجوه ممسوخة؟ كيف ذلك وكل الألاعيب اتضحت للعيان وتفتقت أمام العجز الكلي للتصدي لحكومة تفعل ما تريد وهم لها يصفقون "بلا حيا بلا حشمة"؟
لكن ما العمل إذن؟ يلاحظ اليوم الكثير من التكتلات التي بدأت تفرض وجودها وكلمتها في هذا الشأن.. إنها التنسيقية.. نعم التنسيقية بمفهومها الغامض.. لا يهم.. المهم هو المهمة وليس الدلالة.. حيث تأسست مؤخرا مجموعة من التنسيقيات "الوطنية والجهوية والمحلية" تحت شعار معين واسم معين وهدف معين.. لا يهم أين ومتى وكيف؟ المهم أنها بدأت تظهر بين الفينة والأخرى في الشوارع.. لعل أبرزها التنسيقية الوطنية للمعطلين وثانية للأطباء وأخرى للمهندسين وأخرى للأرامل وأخرى لا يهم .. ولعل ما كان صداه قويا في آذان السلطات الحاكمة "التنسيقية الوطنية للأطباء" الذين خرجوا للشارع خلال هذه السنة.. والأخرى التي "شيبت" السلطات الممثلة من طرف الأساتذة المتدربين "التنسيقية الوطنية للأساتذة المتدربين".. لن نقف عند إنجازات هذه التنسيقيات والتي حققت ما لم تسطع عليه النقابات على مدى عقود.. وإنما نشير من خلال هذا إلى أن وقعها صار قويا ودورها بات مؤثرا أمام شتات وتلاعب وتواطؤ النقابات..
آخر ما يطفو على الواجهة هذا الأسبوع هو التنسيقيتين الوطنيتين: الأولى "لإسقاط خطة التقاعد" والثانية "للأساتذة الممارسين".. لن نسبق الأحداث، ولكن حق الاستشراف محفوظ أمام القدرة الهائلة لهتين التنسيقيتين على استقطاب وتعبئة وتوحيد وتوجيه آراء وأهداف الشغيلة بالوظيفة العمومية.. بعيدا عن أي تحزب سياسي أو أي توجه أيديولوجي نقابي أو غيره..
وهذا يدفعنا لثلاث استنتاجات أساسية:
الأول : قدرة التنسيقية على نبذ التوجهات الأيديولوجية وشتات التحزبات السياسية وتوحيد الهدف
الثاني : وهو الأهم.. أن التنسيقية تتأسس على وعي الشغيلة ووحدتها وليس على الحسابات الذاتية والأهواء الشخصية
الثالث والأخير: أنه ولى زمن الشتات النقابي ومعه النقابات وجاء وقت التنسيق الشبابي الوطني والوحدوي .. فما يهم ليس المزايدات السياسية والمصلحية وإنما الهدف ..
وأخيرا فلنترك بعضا من الوقت للحكم على نجاحها الفعلي حين يكون الشارع منصتها ومنبرها ..

ذ.العياشي الدغمي
6 يوليوز 2016 – 02:57
المغرب








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اضطرابات في حركة الطيران بفرنسا مع إلغاء نحو 60 بالمئة من ال


.. -قصة غريبة-.. مدمن يشتكي للشرطة في الكويت، ما السبب؟




.. الذكرى 109 للإبادة الأرمينية: أرمن لبنان.. بين الحفاظ على ال


.. ماذا حدث مع طالبة لبنانية شاركت في مظاهرات بجامعة كولومبيا ا




.. الاتحاد الأوروبي يطالب بتحقيق بشأن المقابر الجماعية في مستشف