الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أمهات المؤمنين - بين البشرية والعصمة

احمد حسن

2016 / 7 / 7
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


أمهات المؤمنين

كانوا بشرا كسائر البشر ، ونساء في طبعهن وخلقهن مثل سائر النساء ، أما تسميتهن ( أمهات المؤمنين ) فهو تكريم معنوي ليس لفضل أو قيمة أو علم ، وقد كان منهن بنت عمر ابن الخطاب ، وبنت أبو بكر الصديق ، وليس متصورا أن يصرن أمهات أباءهن بأي صورة ، وإنما ميزهن فقط اعتبار أدبي لزواجهم من النبي .

وكان هو كما ورد - ما أنا إلا بشر مثلكم ، ولكن يوحى إليي - فقد كان يغير ، ويخطأ مثل البشر أحيانا حين يتصرف كبشري أو يقدر من تلقاء ذاته ، وكان القران يعاتبه أحيانا لخطأ تقديره كما حدث في سورة عبس وغيرها .

أما تصور العصمة والتنزيه فهو من صنع الفقهاء بعد موته ، بدأة بتنزيهه ، ثم تنزيه أل بيته ، ثم تنزيه صحابته ، ثم تنزيه السلف والتابعين ، ثم تابعين التابعين .

حتى انهم وضعوا حديثا يقدس وينزه 300 سنة بما فيهم ومن فيهم - خير القرون .. الخ -
ولم يكتفوا بذلك فوضعوا عصمة لهم باعتبارهم - علماء الدين وحفظة القران -

هكذا شيدت أسوار وأبراج من القداسة والعصمة شعر المسلمون أمامها بالانسحاق والتضاؤل والخوف والرهبة ، فكان يكفي أن يربي صبي صغير لحيته ، أو يرتدى جلبابا قصيرا حتى يعامل ممن حوله بتبجيل وتقدير ، ويستشيرونه في أمورهم باعتباره عالما حتى لو كان يجهل القراءة والكتابة ، ويطلقون عليه - الشيخ ، أو مولانا .

هذا الهرم الصناعي لا يقوم على أي قوائم من عقل أو دين ، ويناقضه ويكذبه تماما وقائع التاريخ ، فلم يكن صحيحا حديث - أصحابي كالنجوم بأيهم اهتديتم اقتديتم - فليس من القدوة في شيئ خديعة وكذب الصحابي عمرو ابن العاص على أبو موسي الأشعري ، وليس من القدوة في شيئ ما اخترعه كذبا على النبي أبو هريرة من أحاديث ملئت الكتب والمجلدات ، وليس من القدوة في شيئ أن يسارع كبار الصحابة والأنصار - وجسد النبي مسجي في سريره لم يدفن بعد - إلي التنازع حول الحكم يكن لأي عشيرة أو قبيلة - رغم أن الإسلام ساوي بينهم جميعا في نصوصه - حتي كادوا يتقاتلوا في السقيفة ، وليس من القدوة في شيئ أن يستحوذ فريق من المسلمين على الحكم ويحرموا منه اخرين كما حدث مع الأنصار ، ومع الحكم الأموي في مواجهة باقي الأمصار ، وعشرات الأمثلة ليس أخرها أن يتواجه أل البيت بالسيوف في موقعة الجمل .

سأعطى أمثلة عن عادية وبشرية ( أمهات المؤمنين ) ، وحتي عن نزول القران - مصدقا - بل أحيانا مؤكدا حرفيا وبالنص - لقول عمر .

1- حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا ابن أبي عدي ، عن حميد ، عن أنس ، قال : قال عمر بن الخطاب : بلغني عن أمهات المؤمنين شيء ، فاستقريتهن أقول : [ ص: 489 ] لتكففن عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أو ليبدلنه الله أزواجا خيرا منكن ، حتى أتيت على إحدى أمهات المؤمنين ، فقالت : يا عمر أما في رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يعظ نساءه حتى تعظهن أنت؟ فكففت ، فأنزل الله ( عسى ربه إن طلقكن أن يبدله أزواجا خيرا منكن مسلمات مؤمنات ) . . . الآية .

2 - في صحيحي البخاري ومسلم وغيرهما واللفظ للأول بسنده عن عائشة قالت : كان رسول الله ( ص ) يحب الحلواء ويجب العسل وكان إذا صلى العصر أجاز على نسائه فيدنو منهن ، فدخل على حفصة فاحتبس عندها أكثر مما كان يحتبس ، فسألت عن ذلك فقال لي :
أهدت امرأة من قومها عكة ( 1 ) عسل فسقت رسول الله ( ص ) منه شربة فقلت : أما والله لنحتالن له ، فذكرت ذلك لسودة بنت زمعة وقلت : إذا دخل عليك فانه سيدنو منك فقولي له : يا رسول الله أكلت مغافير ؟ فانه سيقول : لا ، فقولي له : ما هذه الريح التي أجد منك ؟ وكان رسول الله ( ص ) يشتد عليه أن توجد منه الريح ، فانه سيقول : سقتني حفصة شربة عسل فقولي له : جرست نحله العرفط ؟
وسأقول ذلك وقوليه أنت يا صفية ، فلما دخل على سودة قلت : تقول سودة : والذي لا إله إلا هو لقد كدت أن أبادره بالذي قلت لي : وانه لعلى الباب فرقا منك ( 2 ) ، فلما دنا رسول الله ( ص ) قلت : يا رسول الله أكلت مغافير ؟ قال : لا ، قلت : فما هذه الريح ؟ قال : سقتني حفصة شربة عسل ، قلت : جرست نحله ( 3 ) العرفط ؟ فلما دخل علي قلت له : مثل ذلك ، ودخل على صفية فقالت له : مثل ذلك ، فلما دخل على حفصة قالت له : يا رسول الله ألا أسقيك منه ، قال : لا حاجة لي به ، قالت : تقول سودة : سبحان الله لقد حرمناه ، قالت : قلت لها : ( اسكتي ) ( 4 ) .

لا توجد مشكلة على الإطلاق في أن ننظر اليهم جميعا كبشر - يخطئ ويصيب - وان نتعاطى مع التاريخ الخاص بهم كتاريخ بشري قابل للنقاش والملاحظة دون ترهيب أو حصانة مفترضة ، أن نميز بين كل ما هو بشري - كنسبي وقابل للنقاش - وبين الإلهي - الذي هو أيضا قابل للنقاش ولكن من زاوية مختلفة - المشكلة هي في إضفاء تنزيه وعصمة لم يقل بها عقل أو تاريخ أو حتي أية ، ومن اختراع فقه منحط نصب نفسه سيدا ومرشدا لعقل وروح الأمة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - و كانوا فى منتهى الهوان و القذارة
هانى شاكر ( 2016 / 7 / 7 - 06:33 )

و كانوا فى منتهى الهوان و القذارة
____________________


قوله : ( كان يطوف على نسائه في غسل واحد ) أي يجامعهن ثم يغسل غسلا واحدا ، ولأحمد والنسائي في ليلة بغسل واحد . والحديث دليل على أن الغسل بين الجماعين لا يجب وعليه الإجماع ، ويدل على استحبابه ما أخرجه أبو داود والنسائي عن أبي رافع : أنه صلى الله عليه وسلم طاف ذات يوم على نسائه يغتسل عند هذه وعند هذه قال فقلت يا رسول الله ألا تجعله غسلا واحدا ، قال : هذا أزكى وأطيب وأطهر ، فإن قيل : أقل القسمة ليلة لكل امرأة فكيف طاف على الجميع؟ فالجواب : أن وجوب القسم عليه مختلف فيه ، قال أبو سعيد : لم يكن واجبا عليه بل كان يقسم بالتسوية تبرعا وتكرما ، والأكثرون على وجوبه . وكان طوافه صلى الله عليه وسلم برضاهن ، وقال ابن عبد البر : معنى الحديث أنه فعل ذلك عند قدومه من سفر ونحوه في وقت ليس لواحدة منهن يوم معين معلوم فجمعهن يومئذ ، ثم دار بالقسم عليهن بعد ، والله أعلم . لأنهن كن حرائر وسنته صلى الله عليه وسلم فيهن العدل بالقسم وأن لا يمس الواحدة في يوم الأخرى ، انتهى .

دى مُصيبة سودة يا جدعان

....

اخر الافلام

.. الأوقاف الإسلامية: 900 مستوطن ومتطرف اقتحموا المسجد الأقصى ف


.. الاحتلال يغلق المسجد الإبراهيمي في الخليل بالضفة الغربية




.. مراسلة الجزيرة: أكثر من 430 مستوطنا اقتحموا المسجد الأقصى في


.. آلاف المستوطنين الإسرائيليين يقتحمون المسجد الأقصى لأداء صلو




.. الشرطة الأمريكية تعتقل عشرات اليهود الداعمين لغزة في نيويورك