الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


محنة عراقية

خالد صبيح

2016 / 7 / 9
مواضيع وابحاث سياسية



يتردد كلام عابر بين عامة الناس في العراق أن جنود السيطرات يتعرفون بعض الأحيان على السيارات المفخخة حين مرورها عبر سيطراتهم، سواء باجهزة الكشف المزيفة التي سببت فضيحة كبيرة أو بطرق أخرى، لكنهم لايعترضون هذه المفخخات خوفا من أن يفجرها حاملوها في موقعهم. يعني يفضلون انقاذ حياتهم على حياة أناس آخرين أكثر عددا.

هذا كلام مرسل لايستند الى أي معلومة أو وقائع ولا حتى لاستنتاجات وتحاليل إنما هو نتاج لأقاويل وكلام عابر يردد في الشارع. ولكن لطالما كانت الاحاديث العابرة والكلام المرسل هي التي تسرب الحقائق، والحقائق الخطيرة بعض الاحيان.
وبغض النظر عما اذا كان هذا الكلام صحيحا ام لا، ومع الاقرار بان هذا ليس هو كل اسباب تسرب العجلات المفخخة ولا هو بالسبب الرئيسي حتى، لان لهذا التسرب ادوات ومسارب أخرى تبدأ قبل وصول المفخخات الى أماكنها عابرة السيطرات، فكما نعرف أن لمنظمات الإرهاب عاملون ومساندون منتشرون في مؤسسات الدولة وأجهزتها الأمنية وبرلمانها، هذا بالاضافة إلى البعد السياسي والامني الاوسع المتمثل بالدعم الاقليمي والدولي للإرهاب سواء المثبت منه بالأدلة أو بحسب التوقعات، مع كل هذا يطرح سؤال منطقي:
مالذي يمنع هؤلاء الجنود، بافتراض أن هذه الأقاويل صحيحة، وأن أسباب هذا السلوك ليس تقصيرا عاديا في العمل، من منع عجلات الإرهابيين من المرور؟

بظني أن السبب الأكبر لهذا السلوك ومايشبهه يعود لطبيعة وأساليب العدو " داعش وتوابعها" التي تواجهها الدولة ومؤسساتها ومن وراءهما المجتمع العراقي. فاسلوب القسوة المفرطة والعنف المنفلت والقتل الجماعي العشوائي الذي يتبعه الإرهابيون، لاسيما إذا مورس كاستراتيجية هدفها الترويع والقتل، وهو ما تمارسه داعش، وليس بدافع اليأس والعجز، كالذي مارسه، مثلا، بعض الفلسطينيين ضد المحتل الاسرائلي، هي التي تخلق جدارا سميكا من الرعب يعوق مواجهة الارهاب وتعطيله. مما يعني في النهاية أن هذا العدو له قدرات وتركيبة نوعية، تقنية وتعبوية، مختلفة عن أي عدو تقليدي يمكن أن تواجهه أجهزة أمنية في أي دولة. وأهم وأخطر ما في هذه الطبيعة هو عقائدية وطوباوية الارهابيين التي تدفعهم للأعمال الانتحارية وإلى أعمال القتل العشوائي والجماعي، وهي، كما اثببت الوقائع، وعلينا الاعتراف بذلك، وسيلة مدمرة لايمكن مواجهتها بسهولة. (أُذّكر هنا بان هذا الأسلوب " التفجيرات في اماكن عامة والقتل الجماعي العشوائي" اتبع في حرب التحرير الجزائرية ضد المستوطنين الفرنسيين، وكان له تاثيرا فعالا على نتائج الكفاح السياسي هناك، مع الفارق النوعي الكبير، طبعا، في دوافعه وظروفه).

ويبدو من البديهي القول أن نجاح الارهاب المتواصل لايعود فقط لقدراته الذاتية وإنما لضعف اجهزة الدولة وعجزها في مواجهته، وهذا العجز يعكس فشلا أمنيا واضحا، والفشل الأمني، إذا ماتكرر واستمكن وصار ظاهرة يومية، كما هو حال العاصمة بغداد الآن، يدلل بدوره على فشل سياسي. ذلك لأن الفشل الامني الذي يعاني منه العراق الآن ليس فشلا كميا محدودا يتمثل في خرق أمني هنا أو هناك، فمثل هذا الخرق حدث في أكثر البلدان تحصنا وضبطا أمنيا" فرنسا وبلجيكا وتركيا" لكنه في واقعنا العراقي ناتج عن فشل بنيوي يكمن في تركيبة النظام السياسي وبطرائق الحكم وبادواته وليس بكفاءة قاصرة هنا وجدارة مفتقدة هناك، فالمشكلة أبعد من أن تُحصر في أفراد أو جهاز بعينه.

من كل هذا يمكننا استخلاص ان مواجهة هذا العدو تتطلب وسائل وقدرات حديثة ونوعية تناسب الخطر وطبيعة العدو، وهو ما يبدو أن الدولة العراقية مفتقدة له لأسباب تتعلق، كما سبق ذكره، بتركيبتها وبطبيعة وقدرات القوى السياسية التي تدير اليلد التي يمزقها صراع المصالح والاجندة السياسية والحزبية والدوافع الطائفية والدينية وغيرها.

والسؤال الاساسي الان هو :

ماهو العلاج لهذا الوضع؟ كيف يكون التغيير وبأي الأدوات والوسائل؟ وهل تجدي مظاهرات سلمية بمطالب محدودة، كتلك التي يقوم بها شباب التحرير، في معالجة هذا الواقع؟

أظن أن طموح الإجابة عن مثل هذه التساؤلات يتطلب وقفة مستقلة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أصفهان... موطن المنشآت النووية الإيرانية | الأخبار


.. الرئيس الإيراني يعتبر عملية الوعد الصادق ضد إسرائيل مصدر فخر




.. بعد سقوط آخر الخطوط الحمراءالأميركية .. ما حدود ومستقبل المو


.. هل انتهت الجولة الأولى من الضربات المباشرة بين إسرائيل وإيرا




.. قراءة عسكرية.. ما الاستراتيجية التي يحاول جيش الاحتلال أن يت