الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


دراما رمضان 2016 وسياق متحي للثورات

احمد الباسوسي

2016 / 7 / 10
الادب والفن


دراما هذا رمضان بائسة، غريبة، مهينة للشهر المقدس، ولعقول ملايين المشاهدين الذين يتابعونها في المساء. وعلى الرغم من تحديات التعميم واستحالة المتابعة لمجمل الانتاج الدرامي الرمضاني هذا العام فإن متابعة عينة من هذه الأعمال الدرامية بصورة متقطعة وليست متواصلة بسبب فيضان الاعلانات التجارية المتكررة المملة والكفيلة باخراجك من حال المتابعة والدهشة لتدخل في حالة من الملل والقرف والانصراف بعد ان تفشل محاولاتك في اصطياد محطة واحدة بواسطة الريموت كونترول خالية من الاعلانات التجارية المكررة والمستفزة. وسوف تكتشف في نهاية المطاف انهم يصطادونك عن طريق اغراءك بمشهد أو مشهدين لنجوم ربما تحبهم من أجل اغراقك في فيض هائل من الاعلانات المستفزة التي تدعو الفقراء لترشيد الاستهلاك تارة، والى التبرع بكثافة للمؤسسات العلاجية والاجتماعية تارة اخرى، ثم ينهمر عليك سيل الاعلانات الدعائية عن السلع الاستهلاكية، والكمبوندات، والشاليهات على السواحل التي تخص تلك الطبقة المخملية من المصريين الذين يعيشون في السحاب بعيدا عن أعين ملايين الفقراء الذين يجوسون في شوارع المحروسة، ويصومون رمضان في أجواء من الغلاء المعيشي المستعر، وطقس شديد الحرارة والرطوبة الخانقة، وساعات النهار الطويلة، ويحلمون بالاستلقاء في المساء أمام التلفاز وقد ابتلت عروقهم بالماء. وهنا يظهر دور صُنٌاع الدراما من جانب، وأصحاب رؤس الأموال الضخمة، وتجار وسماسرة سوق العقارات الفاخرة والمنتجعات السياحية الخيالية من جانب آخر في قدرتهم الفائقة على الاستيلاء على عقول هؤلاء الفقراء من خلال تخديرهم، وحشو هذه العقول بالأوهام والأحلام المستحيلة في سياق واقع اجتماعي/انساني مهترئ وبالغ السوء. ومع ذلك تتواتر من دون ضابط أو حاكم هذه الصور الخيالية المستحيلة المقحمة على العقل العاجز عن التصور والإدراك من خلال جهاز التلفزيون الذي يأتنس به ملايين الفقراء في القرى والنجوع والمناطق الشعبية المأهولة بالبشر على اختلاف تفاصيلهم، وتكتشف وانت مستلقي على ظهرك بعد ان تطالع كل هذا الزخم من الكومبوندات والفيلات الفاخرة والمنتجعات الساحلية المعروضة للبيع بملايين الجنيهات بعد هدوء ثورتي العطش والجوع داخلك إن شيئا ما لم يتغير في الواقع المصري بعد ثورتين والآف الشهداء الذين قضوا من أجل حدوث هذا التغيير المستحيل. فالمشهدين الإعلاني/الدعائي، والواقعي/الاجتماعي قبل ثورة 25 يناير 2011 يتصاعد ويتطور ويتوحش أيضا. لم يعد هناك سقف للفساد الذي ازكمت رائحته الكرة الأرضية، ولا أمل في إمكانية ارجاع ميزان العدالة الاجتماعية عن هذا الإختلال الجسيم، وما يزال فكر الحكام مصوب بقوة تجاه اجتذاب المزيد من حضرات السادة المستثمرين "الخواجات" من الخارج أو خواجات الداخل عن طريق تعبيد الطرق، ودعم شبكات الكهرباء، ومشروعات الطاقة وانشاء عاصمة ادارية جديدة تليق بسيادتهم، وحفر قناة جديدة واقامة المزيد من المشروعات الاستثمارية الضخمة على ضفافها. نفس السياسة والنظرة التي اسقطت بناء الانسان المصري تعليميا وصحيا من الحسبان، وأسقطت كذلك من الحسبان اصلاح ذلك الخلل الجسيم في ميزان العدالة الاجتماعية والذي يخرج لسانه للملايين مع كل اعلان تجاري يظهر على شاشة التلفزيون كأنه يتحدى ازماتهم وفقرهم وظروفهم المعيشية السيئة أيضا. ومن خلال هذا السياق المتحدي للثورات والتغيير، والمحشو بالخلط والغموض والارتباك خاطبت الاعمال الدرامية ملايين المشاهدين الفقراء. ومطالعتنا المبدئية تذهب بنا الى امكانية طرح عدة محاور لعلها تكون هادية لما ذكرناه سالفا.
اولا: ما يزال موضوع فساد الضمير والوعي والأخلاق اضافة الى الفساد المادي يمثل العمود الفقري لدى كتاب الدراما المصرية، والجديد في هذا العام انضمام فئات جديدة من الفاسدين مثل فئة الأطباء، فقد تم شراء الاطباء بالمال من أجل افشال المريض في استعادة ذاكرته أو تغييبه وفقدانه القدرة على الاتصال بالواقع وتوظيف ذلك في السياق الدرامي كما في مسلسلي سقوط حر، ومسلسل فوق مستوى الشبهات، وكذلك تورط طبيب في أحد السجون في تقطيع أوصال الموتى وبيع هذه الأعضاء بمشاركة مدير السجن والممرضة في مسلسل هي ودافنشي، ناهيك عن ذلك الطبيب الشاب الذي قرر أن يبيع أي شيئ وكل شيئ حتى حبيبته من أجل الحصول على منصب رفيع في أحد مستشفيات رجل أعمال فاسد ونافذ لدى السلطة في نفس المسلسل أيضا.
وعلى الرغم من تقليدية التيمات التي إعتمد عليها صناع الدراما في تلك المسلسلات والمحاولات المستميته في خلق وقائع درامية جديدة من خلال ابتكار اساليب وتقنيات غير تقليدية (تداخل الخيالات بالوقائع كما في مسلسل هي ودافنشي / الافراط في استخدام تقنية الفلاش باك أو الذهاب الى زمن سابق كما في مسلسلي هي ودافنشي وسقوط حر / التداخل المتواتر للازمنة السابقة في الازمنة الحالية كما في مسلسلات "هي ودافنشي" و"سقوط حر" و"فوق مستوى الشبهات" ..الخ ) فان تلك الأعمال ربما تكون فشلت في ادراك الرسالة المنوط ابلاغها للمشاهد في هذا الشهر المقدس المفترض حصاره داخل قيم الخير والحق والعدل، حيث إن محصلة ما تم رصده على الشاشة من مشاهد لم يخرج عن المألوف الذي اعتدنا عليه من خيانة، وفساد ضمائر، وانتقام، وانتهازية، ومرضى نفسيين يتم استغلالهم، ومجرمين وبلطجية، ثم حبكة بوليسية يتطلب لحلها حبس أنفاس الناس طوال الشهر المقدس حتى يقوم أبطال العمل بفكها نيابة عن ضابط الشرطة قصير النظر، أو المتقاعس ويستسهل الحلول التقليدية المباشرة. المهم إن الكثير من تلك المشاهد بدت زائدة عن الحد الدرامي غير المفيد والذي عمل على ترهل العمل من اجل تغطية كافة ليالي شهر رمضان الثلاثين، الأمر الذي انعكس على مدى جاذبية هذه الاعمال بالنسبة للجماهير وشعورها بالامتعاض نتيجة الملل والحنق على رجال الشرطة الذين بدو وكأنهم لايهتمون بجريمة قتل لطبيب مشهور في أحد الكومبندات السبع نجوم الفاخرة في احد الأحياء الراقية في القاهرة.
ثانيا: المرض النفسي كان حاضرا بقوة في العديد من تلك الأعمال الدرامية ولا ندري هل كان ذلك على سبيل المصادفة، أم إن سياق الزمن الحالي وما يتضمنه من ضغوط حياتيه قاهرة، وأزمات اجتماعية واقتصادية حاضرة في كل بيت تقريبا من بيوت المصريين ملهم لعقول صناع الدراما بفكرة الهزيمة والانهيار في صورة المرض النفسي؟ ومن ثم اكتشفنا تواترا وحضورا للمرض النفسي بقوة في تلك الاعمال الدرامية، وظهر المرضى النفسيين في مساحة زمنية كبيرة في مسلسل " سقوط حر" للفنانة نيلي كريم التي قدمت العام الماضي شخصية إمراءة مدمنة في المسلسل التلفزيوني " تحت السيطرة " وحقق نجاحا لابأس به بسبب نفاذه الى عمق الخبرة الأصيلة لدى المدمنين وتعرضه بحيادية وواقعية لحياة المريض المدمن ومعاناته مع نفسه والآخرين، وكذلك فكرة العلاج والخلاص من الادمان. لكن في مسلسل سقوط حر لم يتحقق ذلك الأمر، حيث لاحظنا جرعة زائدة من التمثيل أو تقليد الأعراض الخاصة بالمرض النفسي حاضرة بقوة في أداء النجمة نيلي كريم وزملائها المرضى النفسيين داخل مستشفى الامراض النفسية، وبدا الأداء التمثيلي بعيدا تماما عن الواقع وغير مقنع حتى فيما يتعلق بهؤلاء الأشخاص الذين يعانون من اضطرابات خاصة بعدم التكيف (الفتاة المسيحية التي تريد الطلاق من زوجها، الفتاة التي يرفض أهلها زواجها ممن تحب فحاولت الانتحار). فالمرضى الذين عايناهم سواء في المستشفى الحكومي أو المنتجع الاستشفائي النفسي الفاخر كانوا أشبه بهؤلاء المرضى النفسيين الذي نطالعهم في افلام اسماعيل ياسين القديمة لكن على الطرف الآخر، نماذج متطرفة فيما يتعلق باظهار الأعراض بغرض السخرية والإضحاك، وأما المرضى النفسيون في مسلسل سقوط حر فكانوا غاية في السواء، تواصل انساني سوي، تعاون، تعاطف، ومشاعر حب عميقة تجمع بين بعض الابطال لدرجة ان المشاهد يتعجب ويتساءل عن سبب وجود مثل هذه النماذج داخل المصحة النفسية. والحقيقة إن ما يحدث داخل هذه المصحات شيء مختلف تماما حتى لو كانت منتجعات ذات السبع نجوم التي شاهدنا إحداها في المسلسل، فالمرضى عادة يكونون مساكين، انعزاليين معظم الوقت، التواصل مفقتقد بينهم الى حد كبير، يعانون بقوة من الآثار السلبية لتأثيرات الدواء النفسي قوي المفعول ويلاحظ ذلك في على شفاههم التي تبدو جافة، وشحوب الوجه، وتشنج العضلات الذي يظهر جليا على حركة المريض في المشي واتزان جسده، صحيح ان المرضى يتعاطون ادوية تزيل كثيرا من هذه الأعراض، ومع ذلك يظل تأثيرها واضحا رغم ذلك من خلال المظهر، وملامح وجهه وحتى هندمة المريض وذلك مالم يتم رصده أثناء الاداء التمثيلي، حيث إهتم الممثلين بتمثيل الأعراض والمبالغة في اظهار قدراتهم التمثيلية خاصة أثناء النوبات الذهانية أو الاكتئابية، ومن المعروف إن غالبية المرضى المحتجزين داخل أسوار المسشفيات النفسية العامة والخاصة يعانون إما من أعراض ذهانية حادة أو أمراض ذهانية مزمنة، الأمر الذي يستوجب وضعهم على برتوكولات دوائية معروفة ويتم مراجعتها بصورة دورية في المرورات الاسبوعية للمرضى مجتمعين أو متابعات الطبيب الخاص بعد ظهور تأثيراتها على المريض سلبا أو ايجابا ويتم التعامل وتغيير الدواء نوعا وكما وفق نوعية التأثير الدوائي على المريض. وهذا الأمر يطرح تساؤلات بخصوص ذلك الطبيب الذي قرر بجرأة فاسد عديم الضمير استمرار نوعية وجرعات الدواء للمريضة في مسلسل سقوط حر رغم تدهور حالتها تماما الى الحد الأقصى، رغم وجود أطباء اقدم في المستشفى يمكنهم مراجعته ومحاسبته. لكن جاء التوظيف الدرامي للاحداث على حساب الصدق الفني للعمل. وكان الإستخفاف بالعقول أهم لدى صناع الدراما على حساب تقديم عمل يحترم عقليات المشاهدين على اختلاف ثقافاتهم.
ثالثا: مسلسل فوق مستوى الشبهات للفنانة يسرا لعب على نفس تيمة المرض النفسي والأطباء النفسيين، لكنه طرح قضية مثيرة للجدل لم يلتفت اليها أحد تتعلق بسرية المعلومات التي يقولها المريض لطبيبه في جلسات العلاج النفسي، الطبيب هنا لم يهتك السرية المفروضة عليه بفعل اخلاقيات المهنة والقسم الذي أخذه على نفسه قبل ممارسته لمهنته المقدسة، لكنه هتكها بطريقة أخرى حينما إعتاد تسجيل جلساته مع مرضاه على سيديهات والاحتفاظ بهذه السيديهات في ارشيف خاص به، حيث أصبحت أسرار مرضاه خارج رأسه، موثقة داخل سيديهات داخل مكتبه. وتأتي إحدى سيدات المجتمع الراقي ودكتورة التنمية البشرية لتطالبه بتسليم السي دي الخاص باختها المريضة النفسية التي كان يعالجها في السابق وترقد الآن في احدى المصحات الخاصة، حيث أن هذا السي دي يتضمن معلومات عنها تعرض مستقبلها السياسي للخطر خاصة وانها مقبلة على الترشح لمجلس الشعب، ويرفض الطبيب الاستجابة لطلبها قبل ان يعالجها، فتضطر الى قتله من أجل الحصول على السي دي الخاص باختها، وبالفعل تستولي على ارشيف السيديهات لدى الطبيب، ولم تجد السي دي الخاص باختها ضمن هذا الارشيف المسروق. وفي منزلها تتسمع لهذا الارشيف وتتعرف على اسرار صديقاتها وجيرانها في الكمبوند ممن كن يترددن على هذا الطبيب، وتحاول وفق طبيعتها العدوانية استغلال المعلومات أو الأسرار من أجل تحقيق منافع خاصة بها. وتتابع الاحداث الدرامية التي انبنت في الغالب على هذه الأسرار، ويتطور التصاعد الدرامي للاحداث. لكن تظل قضية تسجيل الجلسات النفسية في العيادات النفسية تطرح نفسها بقوة في عالم تطورت فيه وسائل الاتصال بدرجة مذهلة، وأصبح الانسان شفافا بدرجة كبيرة، وذابت الكثير من خصوصياته التي كان يتمتع بها في السابق، فكميرات المراقبة مزروعة في كل مكان، والموبايلات موجوده في كل يد تستطيع تصوير أي شيء بسهولة. اصبح الانسان تقريبا بلا خصوصية ولا اسرار. والمريض النفسي الباحث عن حل لأوجاعه لايحتمل المزيد من هتك ستائر خصوصيته واسراره. وهذا الحادث الذي حدث للطبيب الذي يسجل جلسات المرضى يدق جرس انذار قوي بضرورة التوقف عن هذه الطرق التقليدية العقيمة، ولتظل اسرار المريض داخل رأس الطبيب فقط، ولا يجب أن تكون موثقة خارج رأسه بهذه الطريقة القديمة. لأنها عندما تكون داخل رأسه سوف تتمتع بالحماية الكافية من وازع ضميره وشرف حفاظه على اخلاقيات مهنته، لكن حينما تكون موثقة خارج رأسه فلا حماية ولا سلطان لأحد عليها. المسلسل عرض قضيته بطريقة مقبولة لولا دواعي التطويل والمط في الكثير من المشاهد، مرضى الطبيب النفسي من ملاك الشقق والفيلات في كمبوند سبعة نجوم من الطبيعي أن يكونوا من هذه الطبقة المخميلة التي تعيش في السحاب بعيدة عن عوام المصريين، وبالتالي تتمحور مشاكهم حول عقد الذنب من جراء الخيانة الزوجية، او الملل وصعوبة الاستمتاع بحياة زوجية على الرغم من حياة الرفاهية. وقدم لنا المسلسل نماذج فريدة عبارة عن نسوة لامعات من اصحاب تلك الطبقة المخملية، وسيدة مسيطرة مضطربة تحمل شهادة دكتوراة في التنمية البشرية ذاع صيتها في فضاء الانترنيت والعالم الافتراضي لكنها لاترتاح ولا تستطيع أن تهدأ بأي حال.
رابعا: ربما كان مسلسل ونوس للفنانين يحيى الفخراني ونبيل حلفاوي المستوحي من رائعة الشاعر الألماني الكبير جوته مسرحية "فاوست" الشعرية المنشورة عام 1808 أقرب تلك الأعمال الى روح الشهر المقدس لدى المسلمين فيما تحمله من صراع بين الخير والشر وتلك القيم التي تحرض الانسان على الخير والصلاح والتعلم. وشاهدنا طوال حلقات المسلسل الثلاثين مطاردات بين ونوس (يحيى الفخراني) أو الشيطان مفيستوفليس عند جوته، وياقوت (نبيل الحلفاوي) فاوست في المسرحية الأصلية من أجل دفع ياقوت الى التوقيع على عقد لبيع روحه لونوس. وكان ياقوت في مطلع شبابه قد هرب من اسرته وترك زوجة شابة وابناء صغار من أجل أن يعيش حياة ماجنة، متحررا من كافة القيود الاجتماعية والاخلاقية والدينية، وفي سبيل ذلك ارتكب كافة الموبقات التي يمكن ان يفعلها بشر مثل القتل والسرقة والزنى وخيانة الأمانة ...الخ لكنه في نهاية العمر قرر القاء كل ذلك خلف ظهره، والتوبة عن كافة المعاصي والآثام. انزوى تحت احد كباري مدينة القاهرة يغسل السيارات وينام في الشوارع. لكن يظهر ونوس او الشيطان ويطارده حتى يعدل عن الطريق الذي اختاره، وتستمر المطاردة ويستمر ضغط الشيطان على ياقوت من خلال تفكيك اسرته والعبث بها، ورسم طريق الضياع لكل فرد من هذه الأسرة بما فيهم زوجة ياقوت السيدة الصابرة المكافحة والتي صمدت كل تلك السنوات من أجل تربية الاولاد وجعلهم شبابا صالحين. وفي اللحظة التي يكاد ينهار فيها ياقوت ويوقع على عقد بيع روحه للشيطان من أجل انقاذ عائلته، تتدخل السماء ودعاء الفقراء الصالحين وابتهالاتهم يالطيف يالطيف، ويرفض ياقوت التوقيع ويهرع الى اسرته ويموت هناك أمام باب الشقة في مشهد تراجيدي مميز للغاية يظهر فيه تماسك الاسرة ونجاتها من الانهيار. والكاتب عبد الرحيم كمال مدهش ومتفرد، صنع من مسرحة جوته ملحمة مصرية تتسق مع الغلاف الثقافي المميز لدى المصريين والمفعم بالتجليات الصوفية والإيمان العميق بالقضاء والقدر. فاوست جوته وقع على عقد بيع روحه للشيطان طواعية من اجل حياة المتعة والنزق في اخريات حياته، لكن فاوست المصري باع روحه في باكورة شبابه ثم قرر التوبة في أخريات شبابه، ثم قاوم بشدة مسألة الرجوع للشيطان وحماية عائلته من غاراته عليهم. المسلسل كما ذكرنا مفعم بالمعاني الفلسفية/الصوفية التي انبنى عليها الأساس الدرامي كله. لكن تظل هناك هنات تتعلق بتلك المشاهد المطولة للعاهرات في الكبارية والتي ربما لاتكون متناسبة مع روحانيات الشهر المقدس وكان يجب اختصارها بقدر الإمكان.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - دراما الواقع ام واقع الدراما
نجلاء سليمان ( 2016 / 7 / 10 - 18:41 )
حقا كانت الدراما هذا العام مستفزة ومليئة بالمتناقضات فمن خارج الاطار وخارج الواقع ترى جميع من تمثلهم الدراما مترفين ومتقلبين فى النعم والرغد والمستوى المعيشى المرتفع وايضا تتمتع شخصياته بمجموعة من الاورام النفسية الغير مسبوقة ومن يراها داخل الاطار يرى ان الحياة التى تصورها هى كذب وافترائات فمعظم من شاهد اصابته الدهشة من هؤلاء ومن يمثلون فى المجتمع المصرى المكافح ضد الفقر بعد مرحلة من التردى السياسى والاجتماعى والثقافى والتعليمى ايضا ...وقد عهدنا الدرما تعبر عن الواقع الذى يعيشه الغالبية العظمى من المجتمع وتمثله الطبقة المتوسطة التى عانت وتعانى من شظف العيش وقلة الموارد وامكانيات الترقى وقد تقدم حلولا لبعض المشكلات او رؤية جديدة تشعل طاقة نور فى نفوس البشر وعلى العكس تمامافجاءت الدراما هذا العام مخيبة للامال ومحرضة على الثورات ومقلبة فى نفوس هذه الطبقة الحقد والغل والشعور بالدونية ....حقا كتبت وصدقا ابدعت د احمد الباسوسى

اخر الافلام

.. إعلام إيراني يناقض الرواية العراقية حيال -قاعدة كالسو- وهجما


.. شبّه جمهورها ومحبيها بمتعاطي مخدر الحشيش..علي العميم يحلل أس




.. نبؤته تحققت!! .. ملك التوقعات يثير الجدل ومفاجأة جديدة عن فن


.. كل الزوايا - الكاتب الصحفي د. محمد الباز يتحدث عن كواليس اجت




.. المخرج الاردني أمجد الرشيد من مهرجان مالمو فيلم إن شاء الله