الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحظ

الهادي قادم

2016 / 7 / 14
الادب والفن


هكذا هو منذ أن بزغ في كابوس الوجود، ان استيقظ باكرا وجد العصافير قد سبقته في الزقزقة وجمع الحبوب، وان خرج عصرا لكي يتمشى على الجسر صعد الغبار جبين السماء، فيعود الى البيت كمن لفظ من جوف الحوت، وان رن هاتفه ليلا يبشر بالحبيب امتلئ المكان ضجيجا ، يغلق الهاتف يسكن الضجيج يعود السكون، وان نوى السفر بعيدا خلال اليوم ، هطل المطر، رن البريد، يقرأ الرسالة، سيدي نأسف الطقس ردئ اليوم ، لقد تأجلت رحلتنا الى يوم غدا، سنوفيك لاحقا بكل جديد، حاول الانتحار مرارا ومرارا ، مرة تذق سم الفأر فجدوه رديئا كالنبيذ المستورد تماما لا يصرع الجسد، بل شبقا في معاشرة الوهم ، ومرة ضبطته أمه يلف الحبل كربطة العنق باناقة جحش خارج في مهمة رسمية الى الوادي ساعة الغروب، وان قام الليل متأملا هلام الحياة شطره نهيق الهلال الى نصفين، لتعيده أكثر كآبة في الوجود، وعندما يسأل عن توتر علاقته مع الحظ يقول :

الحظ لا أسود و لا أبيض ،، لا أحمر هو ولا أخضر ،، الحظ منبوذ قوس قزح ،، ناشزا ومتسقا على لوحة الطبيعة ،، أسفله عاليه ،، تجده في كل شيء ،، هو القابض على ريشة الانسان ،، يرسمه كما اقتضى حال الانسان ،، الحظ هو رمز الحائرين ،، الخائفين المنتظرين عطفه ،، و عطفه البعيد بعد الحقيقة عن المكان ،، الحظ خليل الغائب عقلا ،، يحاوره فيركض مبتعدا ،، يجاريه على خطى الالهة ،، يكلل طريقه بالأزاهير المشوكة ،، صباح و مساء و قيلولة النهار اذا لزم الأمر ،، يطئها حافي الأمل ،، يتمتم حامض الكلام ،، في حلم خاطف ولد ساعة الهذيان ،، هكذا الحظ ،، لفظة قد نطقت فجأة كما أنا في الوجود .

يقول العقل:
الحظ أكذوبة الحالمين النائمين ،، على خطى الايمان ،، تغيم على مقربة أجفانهم ،، تكاد تمطر فتتبعثر سرابا ،، من تحجر الدمع في زرقة السماء ،، ليتلاشى رويدا رويدا ،، في سقف قطاطيهم المشرورة على شملة الزمان .

يقول القلب:
الحظ ضربة الذرات طبل الخلود ،، وانكشاف القمر في الليالي المظلمة من دخان الحروب ،، الحظ مناجاة الموت للحياة ،، و مناجاة الحياة للموت .

فيقول الحظ :
أنا الحظ أمنية العابد ،، و حيلة المعبود ،، الغائب فعلا ،، الحاضر اسما ،، كذات المعدم في الوجود ،، أنا الحظ كلام الله ،، في أصحاب اليمين و أصحاب الشمال ،، و حبيب أهل الجنة وربيب أهل النار .

يقول العقل :
دعك عني يا حظ وابتعد ،، دعني اتامل حالي وحيدا ،، بنفض غبار السنين ،، على مهل أنفضه ،، على مهل الليل في قرية الفلاحين ،، كسجارة قلقة بين أنامل أنثى ،، غارقة في ثمالة الحنين ،، تفتش عن حبيبا تاه وسط النجوم ،، قل شيئا وأبعده عني أيها القلب .

يقول القلب :
الحظ شيخ المسحوقين الواقعيين ،، المعذبون في دوامة دياليكتيك الوجود ،، المتمددون كطريق الابقار بين الكلاء والعيد .

فيقول الحظ :
أنا الرب ،، أنا الشر ،، أنا العابد حفيد المعبود ،، أنا تنهيدة العاشق بعد خذف الهيام في روح المحبوب ،، أنا الحظ مع الغالب والمغلوب ،، سيئا في المحنة ،، بقضاء الله وقدره ،، المبرر لفعل الجلاد والمجلود ،، حسنا أنا في النعمة ،، فلكل مجتهد نصيب ،، أنا الحظ ،، أنا القاتل والمقتول ،،  أنا السلام والحرب ،، أنا الليل والنهار ،، أنا الحظ ،، في السعادة و الشقاء ،، في الانتكاسة والاقدام .

و لكن الحق أقول ،، أنا وجهك في الحالتين ،، بنتك وابنك منذ ألاف السنين ،، ولا أعلم من أين أتيت بي؟ ،، من أنا هل حقا أنا حظا؟ ،، الوداع أم اللقاء؟ ،، اليأس أم الأمل؟ ،، النجاح أم الفشل؟ ،، والحق أقول وأقول ،، لقد سئمت هذا الدور ،، أريد أن أتحرر من السيئ والحسن ،، من التناقض والتضاد ،، من كروت اليانصيب ،، من طاولات الميسورين ،، من أحلام المعدمين ،، أريد أن أخرج من لغة الغاويين .
يضبط ساعة الحائط ويمضي باحثا عن ما يريد، ويقول في سره لا شيء يدعى حظ، أنا الحظ .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فنانو مصر يودعون صلاح السعدنى .. وانهيار ابنه


.. تعددت الروايات وتضاربت المعلومات وبقيت أصفهان في الواجهة فما




.. فنان بولندي يعيد تصميم إعلانات لشركات تدعم إسرائيل لنصرة غزة


.. أكشن ولا كوميدي والست النكدية ولا اللي دمها تقيل؟.. ردود غير




.. الفنان الراحل صلاح السعدنى.. تاريخ طويل من الإبداع