الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أحلام -هنري كيسنجر- والاختبار التركي... التخطيط للحرب العالمية الثالثة، لن يبدأ من أنقرة..

عصام بن الشيخ
كاتب وباحث سياسي. ناشط حقوقي حر

(Issam Bencheikh)

2016 / 7 / 16
الارهاب, الحرب والسلام




"إن أفضل ما يمكن أن يقوم به رجل دولة،
هو الاستماع بعناية إلى خطى الله عبر التاريخ"
هنري كيسنجر.

حن يتحدّث عجوز متمرّس في العمل السياسيّ، حاصل على جائزة نوبل للسلام؟؟، في بلد يسطر عليه الصهاينة عبر أقوى اللوبيات العالمية على الإطلاق، عن "الحرب العالمية الثالثة"، فلا يمكنك تجاهل تصريحاته، متهما إياه بالهذيان أو المعاناة من خرف الزهايمر، فكلّ كلمة قيلت في حواره الصحفيّ الأخير، تدلّ على طموح القوة الأمريكية العظمى في حسم محاولات تشتيت قوة الهيمنة الأمريكية، من قبل كل القوى المناوئة للإرادة الأمريكية المسيطرة، فكانت بداية "حلمه الفاشل" من تركيا، لكنّ المحاولات القادمة لن تتوقف.
في مؤتمر وزيري الخارجية الأمريكي والروسي كيري ولافروف، الذي عقد البارحة بالتزامن مع الحدث الانقلابيّ، صرّح الرجلان من موسكو، أنهما يأملان في انتهاء الانقلاب في نفس وقت انشغلاهما بـ: "المأدبة السورية"، فسوريا وتركيا وأفغانستان واليمن .. ملفات توافقية روسية أمريكية، ما دامت النقاط الخلافية كالغاز أو قضية أوكرانيا أو العلاقة بتلّ أبيب، لا تعكّر صفو الرجلين.
كلّ الدلالات أكدت في ملامح لافروف وكيري أنّهما كانا على علم مسبق بما سيحدث في أنقرة، وأنّ جنود فتح الله كولن سيفسدون عطلة رجب طيّب أردوغان وسيقطعونها عنوة، وراح المسكين أردوغان (الذي فاز بـ 12 انتخابات سبقت هذا الانقلاب)، يخاطب الجماهير عبر السكايبي بعد منع وسائل التواصل الاجتماعي تويتر وفاسبوك ويوتيوب. وبعد فشل الانقلاب، اكتفى كيري بمطالبة أردوغان بتقديم أدلة على تورّط كولن في الانقلاب، وسط نفي الأخير ومناصريه أيّ دور لهما فيما حدث.
أكبر دلالات معرفة واشنطن وموسكو بما سيحدث في أنقرة، هي دعوة باريس - المتصابية - مواطنيها إلى الحيطة والحذر عند إغلاق سفارتها بتركيا، لكنّ الأقدار شاءت أن تضرب داعش عبر تونسيّ مختلّ قلب نيس وتقتل 84 سائحا، فاضطرّ الرئيس الفرنسيّ فرونسوا هولاند ورئيس حكومته ايمانويل فالس إلى إدارة وجههما قبلة نيس المكلومة، وإعلان الحداد ثلاثة أيام في باريس، ليلة قبل انقلاب تركيا، هذا الفلم المرتقب، العرض الأول الذي غاب فيه هولاند وفالس بتقدير قادر.
بالعودة إلى إقحام كيسنجر في القضية، فقد صرّح هنري كيسنجر وزير الخارجية الأمريكيّ الأسبق، أنّه يتمنى أن يشاهد حلمه يتحقّق في غزو تلّ أبيب لنصف منطقة الشرق الأوسط عند اندلاع الحرب العالمية الثالثة، واحتلال الأمريكيين - من خلال حلف الناتو والقوات الإسرائيلية- لعدة دول عربية في المنطقة وصولا إلى روسيا وإيران وتركيا، لتكريس الهيمنة الأمريكية على العالم، من خلال هذا الدور الصهيونيّ المرتقب، للإعلان عن "عالم أحاديّ القطبية"، تؤكّد فيه واشنطن وقفها لسياسة إيهام كلّ من الصين وروسيا بأنهما قوتان مرشحتان لمنافسة الهيمنة الأمريكية المطلقة على العالم، وتقوم فيه تلّ أبيب بالعدوان على عدّة أقاليم في جميع دول المنطقة تحت الغطاء الأمريكي، وبعد الإعلان عن حلّ هيئة الأمم المتحدة، لمحاكاة تجربة فشل عصبة الأمم، والتفكير في منظمة دولية بديلة. ويمكن تلخيص هذا السيناريو في انتقال واشنطن من المرحلة الإستئسادية إلى المرحلة الديناصورية بدعم الضباع (بالمنطق التطوّريّ الداروينيّ).
تحدث كيسنجر بلغة تهديدية غير مباشرة تغيب فيها العقلانية، عن إسقاط أنظمة كلّ دول المنطقة المرتبطة بتمويل الإرهاب تجاه إسرائيل، وعن حرب عالمية يتحالف فيها الغرب مجتمعا، لدعم الذراع الصهيونية في عملية التوسّع الجغرافيّ لانتهاك سيادة أقاليم هذه الدول وسلطاتها، باسم المشروع الأمريكيّ للهيمنة على العالم. ويتقاطع السيناريو الذي يروج له كيسنجر، مع تصورات صاموئيل هنتغتون وفرانسيس فوكوياما حول صراع الحضارات ونهاية التاريخ، في محاولة الوصول إلى خطط المؤرخ الانجليزي برنارد لويس والصهيونيّ الفرنسي هنري ليفي، في تقسيم دول المنطقة وتجزئتها، وضمّها للسيادة الأمريكية على "قلب العالم".
اختلق كيسنجر ردعا سيكولوجيا يحاكي الأجواء التي سادت عقب انهيار الاتحاد السوفياتي السابق، حيث تحدث هنتغتون وفوكوياما، زبيغينيو بريجنسكي وجوزف ناي، عن السيطرة الأمريكية المطلقة على العالم، فمن الواضح أنّ السيناريو الذي رسمه كيسنجر يتراكب مع خطط برنارد لويس وتحركات هنري ليفي وغيرهما. إنّه الطموح الصهيونيّ في غزو دول منطقة الشرق الأوسط، فحتى السعودية والمغرب والمملكة الأردنية وغيرها من الأنظمة الأميرية والملكية العربية وفي الخليج، هرولت للموازنة بالتحاور مع موسكو حول هذه الاحتمالات المجنونة لحرب العالم المقبلة، غير أنّ موسكو وبوتن تحديدا لا يملك الوقت لإنقاذ أحد، فحين يتعلق الأمر بقيادة تلّ أبيب لواشنطن، يصبح الهلع سيّد الموقف.
جاء في الحوار الذي قام به كسنجر مع جريدة "دايلي سكايب" الأمريكية، من شقته الفخمة بمنهاتن ما يلي:
"هذه الحرب التي ستكون شديدة القسوة بحيث لا يخرج منها سوى منتصر واحد هو الولايات المتحدة، إدراك الاتحاد الأوروبي لحقيقة المواجهة العسكرية المحتومة بين أمريكا وكل من روسيا والصين المتباهيتين بقوتهما، دفعه للمسارعة بالتوحُّد في كيان واحد متماسك قوي، ... ، بقي حجر واحد علينا إسقاطه من أجل إحداث التوازن، وهو المتمثل في إيران، فالسيطرة على البترول هي الطريق للسيطرة على الدول، أما السيطرة على الغذاء فهي السبيل للسيطرة على الشعوب".
"الولايات المتحدة ستقوم بإطفاء الصين وروسيا، والمسمار الأخير في النعش سوف يكون إيران، التي تشكل، بطبيعة الحال، الهدف الرئيس لإسرائيل".
"جراس حرب عالمية ثالثة قد بدت تدق في الأفق وطرفاها هم الولايات المتحدة من جهة والصين وروسيا وإيران من جهة أخرى.. واشنطن تركت الصين تعزّز من قدراتها العسكرية وتركت روسيا تتعافَى من الإرث السوفيتي السابق، مما أعاد الهيبة لهاتين القوتين، لكن هذه الهيبة هي التي ستكون السبب في سرعة زوال كل منهما ومعهما إيران التي يعتبر سقوطها هدفًا له الأولوية عند إسرائيل".
وقال كيسنجر:
"كلاً من الدبّ الروسي والتنين الصيني لن يقفَا موقف المتفرج ونحن نمهد الطريق لقوتنا، خصوصًا بعد أن تشن إسرائيل حربًا جديدة بكل ما أوتيت من قوة لقتل أكبر قدر من العرب. وهنا سيستيقظ الدب الروسي والتنين الصيني، وقتها سيكون نصف الشرق الأوسط على الأقل قد أصبح إسرائيليًا، وستصبح المهمة ملقاة على عاتق جنودنا، وأقصد هنا الأمريكيين والغربيين بصفة عامة، المدربين جيدًا والمستعدين في أيّ وقت لدخول حرب عالمية ثالثة يواجهون فيها الروس والصينيين".
ويتحدث كيسنجر الامبرياليّ قائلا:
"يمكنك إعداد نفسك للحرب بالانتقال إلى الريف وبناء مزرعة. لكنك يجب أن تأخذ معك أسلحتك، لأن جحافل الجائعين ستتجول هناك. وكذلك، وعلى الرغم من أنها ستكون للنخبة ملاذاتهم الآمنة وملاجئهم المتخصصة، فإنه يجب عليك أن تكون حذراً أثناء الحرب مثل المدنيين العاديين، لأنه مازال من الممكن الوصول إلى الملاجئ... إذا سارت الأمور بشكل جيد، أن نصف الشرق الأوسط ستصبح منطقة إسرائيلية. لقد تم تدريب شبابنا بشكل جيد على مدى العقد الماضي أو نحو ذلك على ألعاب القتال الإلكترونية، وكان من المثير أن نرى لعبة «نداء الواجب الحربية ــ النسخة الثالثة»، والتي تعكس بالضبط ما هو آتٍ في المستقبل القريب في برمجتها التنبؤية... إن شبابنا، في الولايات المتحدة والغرب، مستعدون لأنه تمت برمجتهم ليكونوا جنوداً جيدين.وعندما يصدر الأمر إليهم بالخروج إلى الشوارع ومحاربة أولئك الصينيين والروس المجانين، فإنهم سيطيعون الأوامر. من الرماد سنقوم ببناء مجتمع جديد، وسوف تكون هناك قوة عظمى واحدة فقط باقية، وسوف تكون هذه القوة هي الحكومة العالمية. لا تنسوا، إن لدى الولايات المتحدة أفضل الأسلحة، ولدينا أشياء لا توجد لدى أية دولة أخرى، وسوف نقدم هذه الأسلحة إلى العالم عندما يحين الوقت المناسب".
وقال كيسنجر أيضا:
"قيل لنا إن الجيش يجب أن يستولي على سبع دول في الشرق الأوسط بسبب مواردها، وهو على وشك إنجاز مهمته. ونحن نعلم جميعاً ما أعتقد به إزاء الجيش، لكن عليّ القول إنه أطاع أوامره بشكل مفرط هذه المرة. لم يتبق سوى مجرد ذلك الحجر الأخير، أي إيران، التي سوف تعدل كفة الميزان. إلى متى يمكن للصين وروسيا أن تقفا ساكنتين وتراقبا أميركا وهي تقوم بالتنظيف؟ سوف يستيقظ الدب الروسي والمنجل الصيني من سباتهما، وهذا هو الوقت الذي سيتعين فيه على إسرائيل أن تقاتل بكل ما أوتيت من قوة وأسلحة لقتل أكبر عدد ممكن من العرب".
يرتقب أن تنتهي الحرب العالمية الثالثة التي يحلم بها كيسنجر، إلى العديد من النتائج الوخيمة بسبب استخدام الفوضى الخلاّقة والقوة العسكرية المفرطة، لبناء أوضاع جديدة في العالم انطلاقا من منطقة الشرق الأوسط، هذه بعض ملامحها:
ــ استخدام واشنطن لأسلحة الدمار الشامل من خلال استغلال كامل، للتهور الصهيوني لحكومة تلّ أبيب، الراغبة في تجريب كلّ ما تمتلكه من ترسانة نووية تجاه كلّ من روسيا وإيران، بعد احتلال غالبية الدول العربية بالطبع.
ــ تفكيك السلطة في تركيا وإيران وروسيا، مع إدراك ما سيحلّ من دمار شامل يحاكي قنبلتي هروشيما وناغازاكي، والقضاء على الأنظمة السياسية لكلّ الدول المارقة في آن واحد (كوريا الشمالية، كوبا، فنزويلا، إيران، .. وغيرها).
ــ حسم النصر، وتوقيع هزيمة مؤكّدة لكلّ من تحدّى الإرادة الأمريكية في المنطقة، تحت مسمى "محور الممانعة والمقاومة"، ووقف هذا الهذيان العربي لشيعة منطقة الشرق الأوسط، في ظلّ التحكّم الكليّ في السنّة الوهابية بالطبع.
سئل هنري كيسنجر السؤال التالي:
لقد كنت أنت نفسك لاجئا. هربت من ألمانيا لنيويورك في عام 1938 وأنت في الخامسة عشر من عمرك. هل تنتابك الذكريات عندما ترى مشاهد المهاجرين على شاشة التلفزيون؟،
أجاب كيسنجر:
"كنا لاجئين في تدفق أصغر من ذلك بكثير، عندما كانت قضية اللاجئين لا تزال قضية فردية. ما نراه الآن هو أن شعوبًا بأكملها تتحرك".
السؤال الذي يجو في خاطري مركب من جزأين وموضوعين هما:
ــ أين هي أفكار ألكسندر يوغن حول الأوراسيا الروسية والإيرانية، وكيف تنقص يوغن معلومات تحليلية مثل هذه المعلوومات الخطيرة التي أوردها كيسنجر؟.
ــ هل حضّر الانجليز أنفسهم لهذا السيناريو بالخروج من الاتحاد الأوروبيّ وتعزيز توجهها للبريكسيت؟.
أما العرب، وتحديدا حكام المملكة العربية السعودية، فيبهروننا حقيقة بتأكدّهم من أنّ الله سيحمي عروشهم، فوليّ وليّ العهد، الأمير محمد بن سلمان قدّم مشروع (السعودية 2030) ورأيناه يصول مزهوا في نيويورك بعد نجاح فكرته لدحر الحوثيين في اليمن بـ: "عاصفة الحزم" بواسطة الأسلحة الأمريكية، فلم تعد العلاقات الخليجية الإسرائيلية ممكنة الإخفاء أكثر، فقطر والإمارات والسعودية تتحاور سرّا مع الكيان الصهيونيّ، كما أنّ الأمير الشاب محمد بن سلمان نصره الله، اتفق مع مؤسّس فايسبوك على تخصيص برمجيات مجنونة في سيناريو كيسنجر أو غيره، عن طريق البترودولار.
"ولنا نحن الفقراء "الجنّة" يا جمال،
صدقت يا عبد الناصر، والله صدقت".








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - بسمارك وليس كيسنجر
عبد الحسين سلمان ( 2016 / 7 / 16 - 20:41 )
عزيزي عصام
تحية
المقدمة التي تقول:

-إن أفضل ما يمكن أن يقوم به رجل دولة، هو الاستماع بعناية إلى خطى الله عبر التاريخ-...

لا تعود الى هنري كيسنجر , بل قالها المستشار الألماني بسمارك.
وقد ذكر ذلك العجوز الحقير كيسنجر في 29-04- 1996

https://www.k-state.edu/media/newsreleases/landonlect/kissingertext496.html


2 - question
toni ( 2016 / 7 / 17 - 14:41 )
عزيزي استاذ عصام٠-;-٠-;-
رجاء توضيح - اين و متى صرح كيسنجر بهذهالاقوال٠-;-؟-
شكرا لمجهودكم.

اخر الافلام

.. أهلا بكم في أسعد -أتعس دولة في العالم-!| الأخبار


.. الهند في عهد مودي.. قوة يستهان بها؟ | بتوقيت برلين




.. الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين تزداد في الجامعات الأمريكية..


.. فرنسا.. إعاقات لا تراها العين • فرانس 24 / FRANCE 24




.. أميركا تستفز روسيا بإرسال صورايخ سراً إلى أوكراينا.. فكيف ير