الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
سماع الرأي الآخر لايعني بالضرورة إحترامه.
صباح راهي العبود
2016 / 7 / 21التحزب والتنظيم , الحوار , التفاعل و اقرار السياسات في الاحزاب والمنظمات اليسارية والديمقراطية
الحوار والنقاش, والجدل, هي مفاهيم تشير الى عملية تبادل الرأي بين فردين من الأفراد أو فريقين من الناس في مجالسهم أو من خلال وسائل التواصل الإجتماعي مع الإختلاف في إسلوب الممارسة أو الطرح. وهذه الفعاليات يراد بها تعزيز الثقافات وتوسيع مساحة المعرفة ونشرها وتعميق التفكير. ففي الحواروالنقاش (الذي يعني لغوياً المحاسبة والإستقصاء يراد منه الوصول الى نتيجة إيجابية ) يغلب الهدود والإبتعاد عن الخصومة والسادية والتعصب,إذ هما ضربان من ضروب الأدب الراقي رفيع المستوى. ويكون مردودهما بالتالي لمصلحة أحد الأطراف . أما الجد ل فهو أخذ ورد في حديث يجري ما بين طرفين يسوده عادة العناد والتمسك بالرأي والتعصب له ,ويتخذ أسلوب الحدة والغضب والهجوم من طرف على الآخرلا لأجل الوصول الى الحقيقة وإظهارها , بل للبحث عن الذات وتأكيدها.
يفترض على المتحاورين إنهاء حديثهما بإقناع أحدهما الآخر ,فإن تحقق هذا الأمرفذلك خير,وإلا فالحوار لا يخلو من فائدة لما يتمخض عنه من نتائج إيجابية للطرفين ,إذ يتسنى لكل منهما الإطلاع على ثقافة الطرف الآخر. وعلى كل منهما إحترام رأي الآخرفيما إذا كان النقاش والحوار يجري على وفق الذوق والأصول المتبعة ,وعدم ممارسة الكذب والإحتيال واللف والدوران وبعيداً عن الدجل .ويجب أن يقرن الحواربالمعطيات والوثائق والأرقام والأحداث الموثقة مما يزيد ثقة المقابل ويجعله يعيد النظر من جديد, ويكون دافعاً له للحفاظ عليها وإغنائها لاسيما إذا إقترن ذلك بما يثبت تلك القناعات ,وهذا لا يمنعه من التراجع وتصحيح المسارات فيما إذا شعر بخطأ في أفكاره لاسيما إذا أدرك أن معلوماته وأفكاره قد بنيت على أساس خاطئ أو بعيد عن الحقيقة .عند ذاك يتقبل رأي المقابل ويحترمه دون عناد ولا إصرار على الخطا. وقد يعيد كلا المتناقشين أو المتحاورين النظرفي آرائهما ,ومراجعة وترتيب ما يحملونه من مفاهيم وثقافات.
قد يسير النقاش في مساره الإيجابي ,لكنه ما يلبث أن يتحول أحياناً الى جدل إذ تختفي النيات الإيجابية الى سوء فهم بعد أن يحس أحد المتناقشين بالإندحار أمام حقائق يذكرها المقابل فيحس معها بأنه قد أنتقص من رأيه أو أنتهكت كرامته وأستسخف رأيه , فيثور ويبدأ بالدفاع عن ذاته حتى وإن كان على خطأ ,فيأخذ بالزعيق والصراخ والمقاطعة بهدف إيقاف المقابل ومنعه من إكمال رأيه وتوضيح فكرته. وبهذا سيتحول النقاش الى جدل فارغ لا تؤتى منه ثمار ولا يمكن الوصول من خلاله الى نتيجة إيجابية. وهنا يتضح جلياً الفرق بين النقاش والجدل.
يصف الفيلسوف الإنكليزي (برتراند رسل) العناد على أنه نقص الذكاء , لأن العنيد متأكد جداً من صحة رأيه حتى وإن كان خاطئاً. في حين أن الأذكياء يفترضون الشك دائماً في صحة ما يبدون من آراء وما يتخذونه من مواقف ,وهم مستعدون لمراجعة رأيهم بعد كل نقاش وحوار ,ومحاولة تعديلها إذا ثبت أن ثمة خطأ في ذلك ,فهم أقدر من غيرهم على فهم الآخرين.
ولا بد لنا من الإشارة الى أن كل البنى العلمية وأنظمتها وقوانينها يعاد النظر بها من جديد فيما إذا ظهر مستقبلاً أنها بنيت على خطأ أو نظرية ثبت خطأها .كالنظريات التي وصفت البناء الذري بدءاً,أو التي تحدثت عن ماهية الضوء في القرن السابع عشر ,وكذلك ما قيل في السابق من نظريات في الكون ,وحركة التاريخ وفي معالجة الأمراض ,والنظم التربوية والدراسات السايكولوجية وغير ذلك. وهذا ما يجب أن يسلكه كل إنسان بعد أن يدرك أنه قد وقع في خطأ في التفكير دون حرج وسيكون تداركه لهذا الخطأ نوع من الحكمة بعيداً عن العناد الذي يخفض قيمته العلمية وحتى الإجتماعية.
والنقاشات بصورة عامة يدور بعضها حول مبادئ ومفاهيم إكتسبها المرء من بيئته الأولى (عائلة, مجتمع,... ) سواء أكانت ملتزمة أم متحررة ,قبلية أم مدنية دون مراجعة واعية من قبله إذ إكتسبها منذ الصغرمن خلال تراكمات كمية لتلك المفاهيم والثقافات والتي آلت الى ترسخها في تفكير حاملها من دون أن يؤخذ رأيه فيها , وقد تبقى هذه المعارف والممارسات مدى الحياة ,لكن البعض يعيد النظر فيها عندما يمتلك زمام أمره من خلال القراءات والإحتكاك بالحضارة بكامل حريته دون ضغط أو توجيه ,فينهل من مناهل العلم والمعرفة التقدمية الناضجة وبالأخص التجريبي منها فيبدأ بتشذيب أفكاره من خلال تلكم الدراسات مضاف إليها تراكم ثقافي يكتسبه من المدرسة والجامعة .ومن كل ذلك تتولد قناعات جديدة تمكنه من عبور كثير من الخطوط الحمراء التي قيدته سابقاً سواء أكانت على الصعيد الديني أم السياسي أم الإجتماعي وغيره. ولتوضيح ذلك نفترض أنه وقع أسيراً لتقديس شخصية سياسية نتيجة لتأثره بالإعلام المبرمج والمفبرك الذي يشوه الحقائق ,ثم يدرك في النهاية وبعد صحوة بأن هذا الشخص الذي يعبده ما هو إلا مجرم قاتل جر شعبه وربما شعوب أخرى الى دمار قاتل.وقد يدرك المرء متأخراً خطأ سائداً في المجتمع فيخرج من رأي الجماعة وهو أمر غير مسموح به مما يوقعه في حرج شديد ويعرضه لعقاب قاس, أو لإزدراء إجتماعي موجع. أو تتولد أحياناً لدى المرء قناعات حول موضوع معين من خلال معلومات خاطئة مبنية على الكذب ومعززة بوثائق غير حقيقية وشهود زور , فإن تلك القناعات ستزول بعد أن يتضح له زيفها وبطلانها بعد الإطلاع على الحقيقة من خلال مرجعيات موثوقة وإحصائيات وأرقام لاتقبل الجدل وحينذاك سيكون التنازل عن الرأي الخطأ ممارسة إنسانية وثقافية ذات دلائل رائعة تؤشر على رقي فاعلها.
إننا وفي أثناء النقاش المباشر وجهاً لوجه علينا سماع الرأي الآخر ,ولنا الخيار في أن نرد عليه أو نهمله أو حتى نحتقره, فليس بالضرورة أن نكون مؤمنين بكل ما يقال من آراء ,وعلينا التمييز مابين سماع الرأي الآخر أو سماعه وإحترامه. فسماع الرأي الآخرهو ظاهرة حضارية تدل على الرقي , لكنك قد تضطر الى الإستماع من خلال مواقع التواصل الإجتماعي مثلاً الى من يحدثك عن بعض المعجزات الموهومة ويحاول أن يقنعك بأن لعق حجارة صغيرة (حصوة) معينة كفيل بجعلك تتحدث وعلى الفور بسبعين لغة مختلفة ( ولا أدري لماذا هذه السبعين ) وينسب إدعاءه كذباً الى أحد الأتقياء من الأئمة الصالحين .أو يريدك أن تصدق بأن مسحة من بصاق أحد الدجالين خير دواء لشفاء مرض مستعص.أو إن أحدهم يحدثك بثقة تامة عن عدم دوران الأرض حول نفسها ولا حتى حول الشمس على الرغم مما توضح من خلال الأقمار الصناعية والسفن الكونية . وعليك مع كل هذا إحترام الرأي الآخر !!!. وهكذا أكون قد أوضحت فكرة أني أحترم مبدأ سماع الرأي الآخرلكني غير ملزم بإحترامه.فأنا غير مستعد لإحترام رأي يصدر عن قتلة مجرمين يحملون مبادئ يفرضونها قسراً على البشرعن طريق الإرهاب أو القتل كالذي يحصل في دول يسيطرعليها دكتاتور يرهب شعبه ,أو عصابات ومجاميع إرهابية تذبح الناس إن رفضوا معتقداتهم البالية.
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. Read the Socialist issue 1268
.. Socialism the podcast episode 130 The fight for worker’s pol
.. المحكمة الابتدائية في تونس تقضي بإعدام 4 أشخاص أدينوا باغتيا
.. حكم بإعدام 4 مدنيين والمؤبد لشخصين بقضية اغتيال شكري بلعيد ف
.. شاهد: غرافيتي جريء يصوّر زعيم المعارضة الروسي أليكسي نافالني