الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الإنقلاب والاعدام

خالد سالم
أستاذ جامعي

(Khaled Salem)

2016 / 7 / 22
مواضيع وابحاث سياسية


"لكنها تدور..."
الإنقلاب والاعدام
ترصد الحكم والأمثال الشعبية خبرة وتجارب وفلسفة الشعوب في الحياة على مر العصور وتخزنها. ومن أمثال الشعب المصري الثاقبة "ياما في الحبس مظاليم"، وهو المثل الذي أعادته إلى الساحة تداعيات المحاولة الإنقلابية الفاشلة في تركيا يوم الجمعة الماضي، جراء تواتر الإجراءات الانتقامية التي تتفتق عنها قريحة أنقرة ضد كل من شارك في المحاولة الإنقلابية أو ساندها، فشلمت آلافًا من الجيش وقطاعات مدنية عريضة، في محاولاتها لتطهير طالت آلافًا من الشرطة والقضاء والجيش والجامعات، في محاولة منها لتعزيز الاستقرار والحيلولة دون الإضرار باقتصاد البلاد.
بيد أن أشد هذه الإجراءات قسوة، إذا قُدر لأنقرة مواصلة مساعي إستردادها، ستكون إعادة العمل بعقوبة الإعدام في تركيا بعد أن كانت تتباهى بأنها من أولى الدول الإسلامية التي ألغتها منذ مطلع القرن الحادي والعشرين.
صحيح أن كل الاجراءات فرضتها أنقرة ، وتستعد لفرضها، مستلهمة من المادة 120 من الدستور التركي التي تنص على حق الدولة في فرض حالة الطوارئ، بتوصية من مجلس الأمن الوطني، وتتضمن فرض قيود صارمة على الحقوق الدستورية كحرية التنقل وعقد الإجتماعات وحرية التعبير. كما تسمح للحكومة بفرض حظر التجوال والقيام بعمليات تفتيش دون الحصول مسبقًا على تصريح قضائي وإجبار الأفراد على الحصول على إذن خاص قبل الإنتقال بين عدة نقاط في الدولة.
كل هذه أمور تحدث في بعض الدول ذات الديمقراطية اليافعة، وتلك التي تسيطر عليها نظرية المؤامرة والغيبيات. كل هذا يُنفذ بموجب مواد الدستور وتدابيرها القانونية. وبعد زوال الأسباب تعود الأمور إلى ما كانت عليه من حياة طبيعية للمواطنين والدولة. لكن الحديث عن إمكان استرداد حكم الإعدام من رفاته يُعد أقسى ما يمكن أن يحدث في بلد قطع شوطًا على طريق الحياة المدنية والحريات والديمقراطية.
سنحت لي الظروف، منذ فترة، الإطلاع على وثائق المؤتمر الخامس لمكافحة عقوبة الإعداد في العالم. وهالني تمسك الدول العربية بها والدفاع عن عملها بها من منطلق إسلامي. وهذا يذكرنا بمن يفرض على زوجه وبناته إرتداء الحجاب أو النقاب بينما هو يرتكب ألوانًا من الموبقات والرذائل تحت جنح الضباب. وتمثل الدول العربية التي لا تزال تطبق عقوبة الإعدام ما يقرب من النصف، إذا ما أخذنا في الخسبان أن العدد الإحمالي لهذا النوع من الدول لا يتعدى الخمسين، بينما عدد عددنا 22 طائفة أندلسية متناحرة مع بعضها وشعوبها.
وتقر هذه الوثائق بأن أكثر من سبعين في المائة من دول العالم ألغت عقوبة الإعدام، ولا تزال تحتل الدول العربية والإسلامية صدارة الدول التي تطبقها، وفي أحسن الأحوال فإن بعضها أوقف العمل بعقوبة الإعدام مثل الجزائر والمغرب وموريتانيا وتونس. هذا بينما تتصدر السعودية وإيران والعراق قائمة الدول التي نفذت أحكام إعدام خلال عام 2014، إذ مثلت الإعدامات فيها نسبة تزيد على سبعين في المائة من إجمالي حالات الإعدام في العالم.
مؤكد أن البعض سينظر إلى مطالب المؤسسات الدولية ومنظمات حقوق الإنسان بالغاء عقوبة الإعدام، في الدول العربية والإسلامية، على أنها ضرب من ضروب الهرطقة والكفر بكتابها المقدس، إذ يخالف شرع الله! لكن الرد، على الذين يتذرعون بالإسلام، يمكن أن يكون بسؤال: هل كل قوانينا قائمة على الشريعة الإسلامية؟ أليس بينها قوانين وتدابير وضعية قد تفوق الإسلامية؟
وتشير الوثائق إلى أن إلغاء عقوبة الإعدام قرار سياسي، لاشعبي ولا شعبوي، والاعدام مسألة أخلاقية تتعلق بالكرامة، بحق الإنسان في الحياة، فالكرامة، كرامة الفرد، هي أول مادة في إعلان الأمم المتحدة لحقوق الإنسان: "ولد جميع الناس أحراراً متساوين في الكرامة والحقوق".








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عودة جزئية للعمل بمستشفى الأمل في غزة بعد اقتحامه وإتلاف محت


.. دول أوروبية تدرس شراء أسلحة من أسواق خارجية لدعم أوكرانيا




.. البنتاغون: لن نتردد في الدفاع عن إسرائيل وسنعمل على حماية قو


.. شهداء بينهم أطفال بقصف إسرائيلي استهدف نازحين شرق مدينة رفح




.. عقوبة على العقوبات.. إجراءات بجعبة أوروبا تنتظر إيران بعد ال