الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مجزرة قاعة الخلد.. ملامح احتلت وجه وطن بأكمله!

باسم المرعبي

2016 / 7 / 23
مواضيع وابحاث سياسية


اليوم هو 22 تموز أي ذكرى ما عُرفَ بـ مؤامرة القيادة أو "مجزرة قاعة الخلد"، الوليمة الدموية التي دشّن بها صدّام رسمياً، حقبة انفراده بالعراق، بعد تنفيذه انقلابه على أحمد حسن البكر في تموز 1979. في تلك الأيام التي لم يكن يرشح شيء من كواليس الحكم ودهاليزه، سوى ما يُستشف من سير الأحداث العام أو يتسرب بقصد أو دونه، أخبرني صديق وكنا بصدد تداول خبر استلام صدام الحكم، أن البكر قد سيق الى مبنى الإذاعة والتلفزيون في الصالحية، لقراءة بيان تنازله، والبنادق في ظهره، وكان الأمر كذلك، مجازاً أو واقعاً. فكل شيء يتعلق بصدام وسيرته يؤكد هذا، والحديث هنا عن وقائع لا تكهنات. وما الاجتماع الذي تم في منزل خير الله طلفاح، خال صدام، في 16 تموز 1979، إلّا بعض ملمح لهذه السيرة، وهو يلخص ويقول الكثير، فقد دُعي البكر لمناقشة قضية هامة وكان معه ابنه هيثم وبالطرف المقابل كان هناك صدام وخاله وابن خاله أي عدنان خير الله، حين أُخبر البكر ان عليه أن يتنازل عن جميع مناصبه ومسؤولياته لصدام، رفض بادىء الأمر واحتدم النقاش فأطلق هيثم من مسدسه طلقة أصابت يد عدنان. أُفهم البكر في الأخير أن ليس أمامه سوى التنحّي، فقد جُرّد من كل أنصاره، في كل مرافق الدولة، وليس هناك من يسانده. رضخ البكر للأمر الواقع وقرأ بنفسه، في مساء اليوم ذاته، بيان إقالته ـ استقالته الذي كان قد أُعدّ له مسبقاً. وليس سراً القول أن نفوذ صدام الفعلي قد بدأ قبل ذلك بسنوات، فقد كان يهيّء بهدوء وبعقلية التآمر وبما تعنيه من تصفيات وجرائم، لهذه اللحظة الفارقة في تاريخ العراق والمنطقة، بل حتى العالم، وهو ما أثبتته سياساته الكارثية التي تجاوزت مدياتها وآثارها المنطقة. لقد كان مقرراً منذ الأيام الأولى لانقلاب 17 توز 1968 أن يتولى صالح مهدي عماش منصب نائب رئيس مجلس قيادة الثورة، غير أن مناقشة الموضوع كانت تُرجأ دائماً، حتى أُوفد عماش لتفقّد القطعات العسكرية العراقية في الأردن، وحين عاد وجد أن صداما قد عُيّن نائباً للرئيس في اجتماع عقدته القيادة في غيابه، أواخر عام 1968! ومن المهم هنا ذكر شهادة الرئيس المصري جمال عبد الناصر بحق صدام، حين قال لوزيرالتخطيط العراقي جواد هاشم، عند لقائه به، أثناء زيارته مصر صيف عام 1969، وهو يستفسر عن مسألة اختياره نائباً: الواد صدام احنا عارفينو، ده طايش وبلطجي! مثلما يذكر ذلك هاشم، في كتابه "مذكرات وزيرعراقي مع البكر وصدام". وعودة الى ذكرى المؤامرة المزعومة، ففي تلفيقها ضد أعضاء قياديين في الدولة وحزب البعث يكون صدام قد ضرب أكثر من عصفور بكذبة واحدة، فقد كان في التخلص من محمد عايش ومحمد محجوب وعدنان الحمداني وغانم عبد الجليل نسفاً لمشروع الوحدة مع سوريا والتي اضطلع بمفاوضاتها ثلاثة من المذكورين، وقد كانوا يشكلون مع آخرين مصدر قلق لصدام من ناحية الولاء، وهم يحسبون على جناح البكر، حتى بلغ عدد المحكومين بتهمة التآمر ثمانية وستين شخصاً، حُكم منهم بالاعدام اثنين وعشرين وبالسجن ثلاثة وثلاثين وبالبراءة ثلاثة عشر، وفقاً لقرارات المحكمة الخاصة المشكّلة لهذا الغرض برئاسة نعيم حداد! في شهادته المكتوبة عن هذه القضية يذكر إحسان وفيق السامرائي المحكوم بالسجن لذات التهمة ان من مجموع الثلاثة وثلاثين سجيناً قد قُتل تحت التعذيب أربعة عشر، ذاكراً ذلك بالأسماء، منهم مرتضى سعيد عبد الباقي وشقيقه كردي، بعد أن أُذيقوا شتى صنوف التعذيب والتنكيل، مثل اجبار مرتضى (الذي تقلد مناصب عدة، منها وزير خارجية) على الزحف عارياً وأن يلتقط بفمه النعال أو يأمرونه بأن يقاتل أخاه كردي تحت وابل الضرب بالصوندات المحشوة بأسياخ الحديد والسباب بشتائم يختارها لهم جلادّوهم!! وقد قُتل كردي بعد شقيقه بطريقة مأساوية تحت الضرب. أن ما حدث في 22 تموز هو ملمح فظ، مريض، دموي، انتقامي من ملامح صدام وقد حُدّد منذ تلك اللحظات مآل العراق ومصائره، حتى لكأن تلك الملامح أخذت تزحف على وجه وطن بأكمله!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. قميص -بركان- .. جدل بين المغاربة والجزائريين


.. مراد منتظمي يقدم الفن العربي الحديث في أهم متاحف باريس • فرا




.. وزير الخارجية الأردني: يجب منع الجيش الإسرائيلي من شن هجوم ع


.. أ ف ب: إيران تقلص وجودها العسكري في سوريا بعد الضربات الإسرا




.. توقعات بأن يدفع بلينكن خلال زيارته للرياض بمسار التطبيع السع