الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اضطهاد الأقباط جريمة الدولة

الاشتراكيون الثوريون

2016 / 7 / 25
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان



كان من الطبيعي أن تتزايد الهجمات الطائفية ضد الأقباط، في الآونة الأخيرة، برعاية كاملة من أجهزة الدولة. فلم يحاسب النظام العسكري أحد بعد واقعة تعرية سيدة المنيا القبطية المسنة في مايو الماضي، والتي كانت تستوجب إقالة حكومة أو وزير الداخلية أو حتى مدير الأمن، ولكن كافة المسئولين في المحافظة بقوا في مقاعدهم. ليس ذلك فحسب، لقد فقد تم وضع الأنبا مكاريوس، أسقف عام المنيا وأبو قرقاص، في خانة عدو الدولة، بعدما رفض لفترة طويلة عقد الجلسات العرفية لتسوية كارثة التعرية الهمجية.

شملت الأحداث الفيوم وبني سويف وأسوان، وبالطبع المنيا (التي شهدت بمفردها 4 هجمات طائفية خلال الشهر الجاري) من عقاب جماعي، إلى تهجير، إلى منع من ممارسة العبادات، إلى اعتداءات على دور العبادة والممتلكات والأشخاص، إلى التعرية والقتل.

بدأ الأقباط من ناحيتهم يرفعون أصواتهم بالاحتجاج، وينظمون تظاهرات غاضبة إثر الأحداث، ويوجهون سهام النقد إلى الحكومة وأجهزة الأمن، وبل وتجرأ بعضهم وشن هجومًا على السيسي، مهددين بالوقوف ضده في الانتخابات الرئاسية المقبلة، وهو ما يرفضه رأس الكنيسة تواضروس حليف الديكتاتور، والذي دعا الأقباط في كل مرة إلى التزام الهدوء والنظام.

يبدو أن المواطنة التي وعد بها السيسي الأقباط وقوى سياسية عديدة تحالفت معه في 30 يونيو 2013، باتت في “خبر كان” تحت حكم العسكر، وانقشعت الأوهام عن أكذوبة الدولة المدنية الحديثة.

فالدولة تتعامل مع الأقباط، بعد أن تحالفت معهم للتخلص من حكم الإخوان الذين لم يستطيعوا بخطابهم الرجعي والطائفي أن يكسبوا فقراء الأقباط إلى صفهم، بالدعم الظاهري والإعلامي من قبيل زيارات السيسي وكبار المسئولين للكنيسة، إلخ. ولكن واقع الاضطهاد ضد الاقباط عامةً، والفقراء منهم خاصةً، استمر وتزايد، بالأخص مع تحالف الدولة مع السلفيين.

الجرائم التى ارتُكِبَت، ووتيرتها غير المسبوقة، ليس لها سوى معنى واحد؛ وهو أن الدولة بكافة أجهزتها التنفيذية والتشريعية تقول للأقباط، الذين بدأوا يتململون ويغضبون، أننا نستطيع أن نترككم فريسة للإسلاميين ولقطاعات من الشعب هيمنت عليها الأفكار الرجعية، وبالتالي لابد أن يستمر دعمكم للنظام الحاكم، حتى ولو تملص من كل وعوده لكم من إصدار قانون بناء الكنائس وتنقية المناهج التعليمية وقانون التمييز الديني.

ومن جهة أخرى، يمنح النظام السلفيين المتحالف معهم تربة خصبة لبث أفكارهم الرجعية من نوعية أنه “لا يجوز بناء الكنائس في بلاد الإسلام، ودينهم دين باطل، وليسوا شركاء في الوطن، وأن النصارى يتحايلون ببناء مصانع أو بيوت ثم يحولوها إلى كنائس، ولابد من التصدي لمخططات تُحاك ضد بلاد الإسلام”، وغيرها من الخرافات.

سيستمر اضطهاد الأقباط إذن وفقًا للمعادلة السابقة، ولن تمر مطالبهم المشروعة، بتفعيل القانون وإلغاء المجالس العرفية والتمييز الديني وإصدار قانون لبناء الكنائس، دون ضغوط حقيقية.

وفي الحقيقة هذه ليست مهمة الأقباط بمفردهم، بل مهمة كل القوى المدنية واليسارية بالأخص، فالنضال ضد التمييز والعنف ضرورة ملحة وبدونها لا يستقيم النضال من أجل الديمقراطية والاشتراكية.

ولا حل لهذه المعضلة إلا بأن يرى القبطي العادي بعينيه حركة سياسية قوية تعادي حكم العسكر وتناضل بإخلاص من أجل تحرره من الاضطهاد. ساعتها سيجد القبطي العادي حلًا لإشكالية اضطراره للسير وراء يمين قبطي وكنيسة قبطية ذوي مصالح مع النظام الحالي يدعونه لقبول الاضطهاد الحالي وتبريره هو وحكم العسكر.

ويومها فقط سيميل القبطي العادي إلى الانتماء إلى حركة سياسية شعبية جذرية بحق، تتجاوز الانقسامات الطائفية لتشمل كل المقهورين.

ومما لا شك فيه أن هذه الحركة المناهضة بوضوح للاضطهاد الطائفي هي مهمة القوى الثورية التي تربط بوضوح بين التحرر من الاستغلال وغلاء الأسعار وبين مواجهة كافة أشكال الاضطهاد، وفي مقدمتها اضطهاد الأقباط، وبين التخلص من التبعية لأمريكا وإسرائيل والسعودية.

يدين الاشتراكيون الثوريون هذه الجرائم الطائفية البشعة التي يتحملها النظام العسكري، ويؤكدون مساندتهم لجماهير الأقباط في نضالهم لنيل حقوقهم العادلة ضد اضطهاد الدولة وكذلك ضد الأفكار الرجعية التي ترفعها قطاعات واسعة من الإسلاميين، وتجعل من الأقباط مواطنين من الدرجة الثانية في خدمة صريحة للرأسماليين والأجهزة الحاكمة التي تريد تقسيم الجماهير دينيًا وجنسيًا وعرقيًا ليستمر نظام النهب والاستبداد الحاكم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -بيتزا المنسف-.. صيحة أردنية جديدة


.. تفاصيل حزمة المساعدات العسكرية الأميركية لإسرائيل وأوكرانيا




.. سيلين ديون عن مرضها -لم أنتصر عليه بعد


.. معلومات عن الأسلحة التي ستقدمها واشنطن لكييف




.. غزة- إسرائيل: هل بات اجتياح رفح قريباً؟ • فرانس 24 / FRANCE