الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


دور صناديق الاستثمار في تفعيل الاستثمار الإسلامي

إخلاص باقر النجار
(Ikhlas Baqir Hashem Al-Najjar)

2016 / 7 / 27
الادارة و الاقتصاد


دور صناديق الاستثمار في تفعيل الاستثمار الإسلامي
.اخلاص باقر النجار
العراق / جامعة البصرة / كلية الادارة والاقتصاد
قسم العلوم المالية والمصرفية
إن غاية الاستثمار تتمثل في تحقيق الربح ، فالاستثمار أصلاً ليس هو الربح وإنما هو وسيلة لتحقيق الربح ، وليس لهذا المصطلح إلا مدلول واحد هو أن يستغل المال بقصد نمائه وتحقيق ربح لصاحبه وذلك بحسب القواعد الكلية للشريعة الإسلامية ، التي نصت على المسلم أن يعمل على تنمية المال ، فكل وجوه الاستثمار مباحة ما لم يرد فيه نص يحرمه ، ويمثل الإلزام بأن يغطي الاستثمار الأنشطة الاقتصادية والاجتماعية الضرورية للمجتمع لتحقيق التنمية كأحد ضوابط المنهج الإسلامي ، ولن ترتبط بمعيار الربح فقط بمعناه المادي في الاقتصاد ، لكن من وجهة النظر الإسلامية ، يكون الاستثمار أعلى ربحية حين يوجه إلى النشاط الاقتصادي الأكثر ضرورة ، وقد حث الإسلام على تنمية الأموال واستثمارها على وفق أحكام وقواعد الإقتصاد الإسلامي وتمشيا مع نظرة الإسلام للمال فإنه يتدخل في أسلوب تنميته واستثماره ، فلا يدع الحرية مطلقة لصاحب المال ، وانما يقييده بمبدأ الحرية الاقتصادية المقيده ، لأن مصلحة الجماعة فوق مصلحة الفرد ، وعلى الرغم من تناول العديد من الكتابات لضوابط ومعايير الاستثمار الإسلامي ، إلا أن معظمها ركزت على الإطار الفكري فقط ، في حين لا تزال هناك حاجة ماسة إلى بيان مدى قابلية هذه الضوابط والمعايير للتطبيق العملي عند اتخاذ القرارات الاستثمارية في مختلف المؤسسات ، وقد قدم النظام الاقتصادي الإسلامي القواعد لكل أنواع العلاقات والمعاملات الاقتصادية في مجال الملكية والحرية والعدل والضمان الاجتماعي، وتدخل الدولة ، وتوازن المصالح الفردية والجماعية، وبين الحلال والحرام في المعاملات اليومية في البيع والشراء والإنفاق والقرض والاكتناز والعمل والتمويل والاستثمار والإنتاج وغيرها مما تزخر به كتب الفقه ، ولذلك فإن توجيه التمويل نحو المشاريع الاستثمارية المختلفة هو من الأهمية بمكان لكل نظام اقتصادي إلا أن أهميته أكبر في النظام الاقتصادي الإسلامي .
والإستثمار لغة مأخوذ من الثمر , وأثمر الفرد أي كثّر ماله فينتج من هذا أن الإستثمار إستفعال من الثمر، أما الإستثمار في الفقه الإسلامي فقد ورد بصيغة التثمير ، أما الإستثمار في الإقتصاد الإسلامي المعاصر عرف بأنه تنمية الأموال بتوظيفها في مجالات النشاط المختلفة طبقاً لصيغ وضوابط الاستثمار الإسلامي , بهدف تحقيق مقاصد الشريعة الإسلامية ، هذا وأن الاستثمار في المصارف الإسلامية يعني توظيف المصرف لجزء من أمواله الخاصه أو الأموال المودعة لديه , في شراء الأوراق المالية , والتي تكون غالباً على شكل سندات توخيا" للربح , وحفاظاً على درجة السيوله التي تتمع بها تلك الأوراق المالية ، وتتفق جميع الأنظمة الاقتصادية على إن استثمار الموارد المالية ووجوب تنميتها من أجل الإستفاده منها في خلق المنفعة أو زيادتها،ولكنها لم تتفق على طريقة استثمارية معينة في تحقيق ذلك الاستثمار,إذ تختلف الأهداف والدوافع لتوظيف تلك الموارد وطريقة استغلالها الممكنة تبعاً لإختلاف قواعد وقوانين ذلك النظام الاقتصادي.
في الفكر الاقتصادي الإسلامي يقال أن رأس المال نوعان : أولهما : رأس المال المنتج الذي يستخدم في إنتاج ثروة جديدة وثانيهما : رأس المال العامل الذي يجلب لصاحبه دخلاً من غير أن يستخدم في الإنتاج والمقصود به رأس المال الخدمي ، وبالتالي فالأول يشمل رأس مال يتحول إلى استثمار فيما بعد ، ويعرفه تضحية بمبالغ حالية للحصول على قيم مستقبلية ، وتهدف عملية توظيف الأموال في الإقتصاد الإسلامي الى الرقي بالإنسان ، وتحقيق الرفاه الإقتصادي والاجتماعي , إذ يقول الله تعالى : {{ الذين يبخلون ويأمرون الناس بالبخل ويكتمون ما أتاهم الله من فضله واعتدنا للكافرين عذاباً مهينا (31) }} سورة النساء ، وفي ذلك تأكيد على الإستثمار ونبذ البخل والإكتناز ، ويحفل القرآن الكريم بالآيات التي ذكر فيها كلمة ثمر والتي يختلف مدلولها بحسب وضعها في الآية والمناسبة التي نزلت بشأنها ، ومنها قول الله تعالى : {{ أنظروا الى ثمرهِ إذا أثمر وينعهِ أن ذلكم لآياتٍ لقوم يؤمنون (99) }} سورة الأنعام ، وقول الله تعالى : {{ وهو الذي انشأ جناتٍ معروشت وغير معروشت والنخلُ والزرعُ مُختلفاً أكلهُ والزيتون والرمان متشابهاً وغير متشابه كلوا من ثمره إذا أثمر وأتواحَقه يَوم حصادهِ ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين (141) }} سورة الأنعام .
وتتمثل أهم دوافع الاستثمار الإسلامي في التأكيد على مبدأ الإستخلاف : يعني إعمار الأرض للحياة , وإستقرار الإنسان فيها واستخلافه في ملكها , وتمكين البشر في الأرض وما فيها من خيرات وموارد ، قال الله تعالى : {{ وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك قال إني اعلم ما لا تعلمون وعلـّم ادم الأسماء كلها ثم عرضهم على الملائكة فقال أنبئوني بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين قالوا سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا انك أنت العليم الحكيم (30- 32 }} سورة البقرة ، وقول الله تعالى : {{ وهو الذي جعلكم خلائف الأرض (165) }} سورة الأنعام ، وقول الله تعالى : {{ وأنفقوا مما جعلكم مستخلفين فيه (7) }} سورة الحديد ، ودافع الإنماء : أن ما يحرك المستثمر في الإقتصاد الإسلامي هو إنماء الأرض وإعمارها إستجابة لقول الله تعالى : {{ هو أنشأكم من الأرض وأستعمركم فيها (61) }} سورة هود ، والإعمار يتم عن طريق النشاط الإقتصادي من زراعة وصناعة وتشيد وغيرها ، ودافع الربح وتداول الثروة من خلال إستثمار موارد تلك المجتمعات إلى إشتراك أكبر عدد ممكن من أفرادها في ما يحققه إلاستثمار من تحسين مستوى الحياة وإشباع الحاجات الإنسانية ومن ثم تحقيق الإستقرار النفسي والإقتصادي ، قال الله تعالى : {{ كي لايكون دولة بين الأغنياء منكم (7) }} ، سورة الحشر ، ان تداول الثروة من خلال الحث على دفع الزكاة والصدقات وتوجيه المدخرات نحو المشاريع الاستثمارية التي تحقق مقاصد الشريعة الإسلامية ، ودافع العبادة كل عمل يحبه الله ويرتضيه يدخل في العبادة ، قال الله تعالى : {{ يأيها الذين آمنوا إذا نؤدي للصلوة من يوم الجمعة فأسعوا الى ذكر الله وذرواْ البيع ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون فإذا قضيت الصلوة فأنتشروا في الأرض وأبتغوا من فضل الله واذكروا الله كثيراً لعلكم تفلحون (10) }} سورة الجمعة .
وتعد صناديق الاستثمار مؤسسة مالية تتميز بالسيولة يتم عن طريقها تجميع مدخرات الأفراد في صندوق تديره شركة ذات خبرة استثمارية ، لقاء عمولة معينة توفر للأفراد الذين لا يمتلكون القدرة والخبرة على إدارة استثماراتهم بصورة مباشرة الفرصة للمشاركة في الأسواق العالمية والمحلية ، ولتكوين محافظ استثمارية متنوعة ، وتحقيق عوائد أعلى مما لو قام المستثمر بمفرده ، كما أن تجميع الأموال القابلة للاستثمار ، ضمن صندوق واحد يقلص العبء الإداري على المستثمرين فضلا" عن أن المخاطر التي يتعرض لها المستثمر في الصندوق ، تعدّ اقل من تلك التي قد تواجه من يستثمر أمواله في السوق مباشرة حيث أن ضخامة عدد الأسهم والسندات التي تحتفظ بها الصناديق ، تخفف من الآثار التي قد يخلفها تراجع أي من هذه الأدوات على الأداء الكلي للمحفظة الاستثمارية ، وتعدّ صناديق الاستثمار من الأساليب الحديثة للاستثمار الإسلامي والتي تقوم فكرتها على عقد المضاربة ، ويكون للمشارك في صندوق الاستثمار الخيار أما الحصول على الدخل المتحقق من استثماره بصورة منتظمة ، بواقع مرة أو مرتين في العام أو إعادة تدوير هذا الدخل واستثماره في الصندوق ، وعادة ما يكون سعر الوحدة في صناديق الاستثمار غير المدرّة للدخل أعلى ، لان العائد على الاستثمار يستخدم في شراء وحدات إضافية ، وهذا النوع من صناديق الاستثمار يلائم المستثمرين الذين لا يحتاجون إلى الدخل المتحقق للنمو في رأسمالية المستثمر من خلال زيادة سعر الوحدة .
وهناك دوراً حيوياً لصناديق الاستثمار فهي تعمل على توازن السوق ، نظراً لان هناك اختلافاً كبيراً بين فكر إدارة الصناديق وخبراتهم ونوعية استثماراتهم ، وفكر وخبرة ونوعية إستثمار الكثير من الأفراد ، لذلك لابد من العمل على سرعة إنشاء وتكوين صناديق استثمارية جديدة لان السوق في اشد الحاجة إليها ، إلا انه لوحظ في المدة الأخيرة قيام المضاربين بالتعامل على وثائق الصناديق من خلال عمليات بيع وشراء سريعة بحيث يتم شراء الوثيقة وبيعها في اليوم التالي ، مما دفع القائمون على إدارة صناديق الاستثمار إلى تخصيص يوم واحد في الإسبوع لعمليات الاسترداد لمنع تسلل المضاربات إلى الصناديق ، لافتاً إلى انه بمراجعة بيانات صناديق الاستثمار التي تعتمد على الأسس والقواعد الفنية في عملها نلحظ أن نتائج أعمالها متميزة حتى أنها في مدة هبوط الأسعار تحقق هامش من الربح نتيجة تنويع محفظتها الاستثمارية والإعتماد على الأسهم للشركات ذات الأداء الجيد ، لأن المستثمر سيمتلك بهذه المبالغ البسيطة محفظة جديدة من الأوراق المالية التي تتكون منها محفظة الصندوق على إعتبار أن سعر الوثيقة عبارة عن حصيلة أسعار الأوراق التي تتكون منها المحفظة ، مقسوماً على أعداد الوثائق الصادرة لأنه يعدّ شريكاً أو مالكاً لباقة من الأسهم وليس لورقة واحدة ، فيما تتركز تعاملاته في ورقة واحدة في حالة استثماره بنفسه بشكل مباشر في السوق .
وان صناديق الاستثمار أسلوب حديث لتفعيل الاستثمار الإسلامي ، حيث إن المصارف الإسلامية تنظر إلى الاستثمار على انه تنمية المجتمع ، وعلى هذا الأساس تتعدد أهداف هذه المصارف وتضع في اعتبارها عند التخطيط للاستثمار جودة الخدمة وأهداف التكافل الاجتماعي والالتزام بقواعد الشريعة الإسلامية ، عندها تتغير النظرة إلى مفهوم تعظيم الربح ، حيث يصبح هذا الهدف مشتق من عدة أهداف ومن بينها مصلحة العملاء والمساهمين ، وعند التوسع في المفهوم نجد أن إدارة المصرف الإسلامي هي إدارة أمناء استثمار ، لتحقيق مصالح مجموعة متعددة تشمل العاملين في المصرف كما تشمل الفقراء والمساكين والحكومة والمصرف المركزي والمراسلين ، لأن المصرف هنا يهدف إلى تعظيم الثروة وليس تعظيم الربح ، كما هو حال المصرف التجاري وهو لا يتجاهل مسؤولياته الاستثمارية التنموية على حساب المنظور المادي .
وعليه فصناديق الاستثمار من الأساليب الحديثة للاستثمار الإسلامي لان فكرتها تستند على عقد المضاربة الفقهي حيث يتم تجميع أموال المستثمرين في أوعية أو صناديق ثم طرحها للاستثمار كأسهم تمثل مجموعها محفظة الصندوق ثم توظيفها وتنميتها في تمويل المشاريع الاقتصادية بحسب طبيعة كل صندوق ، وما يتحقق من أرباح تكون مشاعة بين الشركة والمساهمين بحسب النسبة المتفق عليها في عقد الاكتتاب ، ولكل صندوق من هذه الصناديق خصائصه التي تميزه من حيث الحد الأدنى للاشتراك ومدة الاستثمار وتوزيع الأرباح المتوقعة ومجال الاستثمار وأسلوب التمويل .










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. زيادة حد السحب من البنوك لـ250 ألف جنيه و30 ألفا من ATM يومي


.. كلمة أخيرة - لميس الحديدي: عملنا الإصلاح الاقتصادي النقدي عا




.. البنك المركزي رفع حدود السحب اليومي إلى 250 ألف جنيه، وإزاي


.. وصل لـ 250 ألف .. قرار هام من البنك المركزي بخصوص حدود السح




.. زيادة حد السحب النقدى اليومى من فروع البنوك إلى 250 ألف جنيه