الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
اليوم والزمن الاخر
رياض محمد سعيد
(Riyadh M. S.)
2016 / 7 / 29
كتابات ساخرة
اليوم والزمن الاخر
ككل صباح من صباحات بغداد الصيفية الحارة جلس محمد على كرسيه ليتناول الفطور مع زوجته وابناءه الثلاثة ، ابنته الكبرى امل وابنيه علي وعمر . تعود ككل يوم ان يتناول الافطار في الباحة الخلفية للمنزل ليراقب الازهار التي زرعها في الحديقة وهو جالس وسط سيقان العنب المعلقة على جدران سقيفة الخشب التي بذل جهدا كبيرا لتكون في اجمل صورة وليمتع بها بصره كل صباح عند الافطار لتبعث على التفائل والامل . خرج من منزله مودعا من عائلته بعد ان قبل يد والدته طالبا منها الرضا لينال رضا الله . كان ينتضره في الخارج جاره وصديقه الذي تعود ان يلاقيه كل يوم ليسيرا معا الى عملهما . كان صباحا قاسيا بحرارته ينبيء بنهار حار من ايام تموز ذات الحر القائظ .
في العمل زاره صديق قديم عرض عليه امرا اثار الحيرة في نفسه ، طلب منه المساعدة في عمل يجني منه كليهما مالا كثيرا وكل ما هو مطلوب منه ان يوقع على وثيقة صلاحية بضاعة وردت الى المخازن رغم انها على وشك التلف ، نظر محمد في صمت الى حقيبة صغيرة فيها من المال ما يغير حياته الى الابد ... مال يمنحه القدرة على اصلاح وتعمير المنزل ويساعده على شراء سيارة وشراء كل احتياجات زوجته وابناءه وعلاج والدته وتغيير حياته الى ما كان يحلم به . لكنه توقف لحظة التفكير بوالدته ماذا سيقول لها ولزوجته واولاده من اين هذا المال وكيف حصل عليه .. ولو اراد ان يبعده عن الانظار فاين سيخفيه .. تذكر وصايا زوجته ودعاء امه وابتسامة اولاده وتفاءلهم بفخر بوالدهم .. كيف سيواجههم وهل يستطيع الكذب واختلاق رواية تساعده على تمرير فعلته ؟ دارت في فكره هذه التساؤلات في لحظات صعق في اخرها وهو يحدق في عيون صاحبه المفسد وهو يتذكر وصايا والده وتعاليم دينه واخلاق عشيرته ، مرت عليه تلك اللحظات القصيرة ثقيلة في صور القسوة التي سيتحملها نتيجة عصيان ربه و تعاليم دينه فهل سينسى مخافة الله ؟
تلك كانت لحظات لم يتردد بعدها من رد يد صاحبه ويشيح بوجهه عنه متجاهلا وجوده وما قاله وعاد ليمضي في عمله دون ان يرد الا بكلمة (لا اله الا الله) ... فهم صاحبه الرد واعاد الحقيبة الصغيرة الى مكانها واعتذر ليخرج مهرولا يتصببه العرق والخجل من فعلته. احس محمد بالارتياح والرضا وحمد الله وشكره حين وقعت عيناه على لوحة تقويم ميلادي معلقة على الجدار كتب عليها كلمة الله اكبر وتحتها تاريخ اليوم 24 تموز 1999 .
في زمن اخر:
خرج محمد من منزله قبل تناول الافطار ليلحق بالباص كعادته كل يوم بعد ان اتعب جاره وصديقه من مناداته والطرق على الباب ، خرج قبل ان يرد على زوجته وهي تحاول ان تذكره بجلب الدواء لوالدته عند عودته من العمل ،، ركب الباص وهو يحاول ان يختلس النظر من زجاج السيارة بالابتسام الى ابنته و ابنيه وهما يهمان بالخروج الى باص المدرسة. لكن باص العمل كان اسرع فقد سار وتعذر عليه النظر اليهم فوقع بصره على واجهة منزله العالي بالوانه الجميلة وديكوراته الثمينة والنباتات المتدلية عن سقيفة السيارة الجميلة التي يخشى ان تتعرض للشمس فيتغير لونها فكانت النباتات تمنع ضوء الشمس وحرارتها من الوصول الى السياؤة من خلال الضلال لتحميها .
في العمل زاره صديق قديم عرض عليه امرا اثار في نفسه الفرح والسعادة حين طلب منه المساعدة في عمل يجني منه كليهما مالا كثيرا ، مد له حقيبة صغيرة مليئة بالمال مقابل عمل يقع ضمن مهامه وصلاحيته ، كان كل ما هو مطلوب منه ان يوقع على وثيقة صلاحية بضاعة فاسدة وردت الى المخازن رغم انها تالفة وعليه ان يرضي مقابل هذا المال الموظفين المعنيين لتجاوز الفحص وقبول البضاعة ثم يرتيب الامر بشكل قانوني على انها تلفت نتيجة سوء ضروف الخزن في الشركة ، نظر الى صاحبه بابتسامة الظافر المنتصر والى الحقيبة الصغيرة وسأل صاحبه كم في الحقيبة ؟ فذكر له صاحبه قيمة المبلغ .. فرد عليه الحقيبة وقال له لا تكفي .. فضاعف له صاحبه المبلغ مرة واثنين حتى وافق وسحب الحقيبة بخلسة ووضعها في الدرج وقد تملكه الفرح والانتصار ، ومر على فكره شريط من الاحلام و الامنيات التي سيتمكن من تحقيققها ... سيشتري بيت افخم وسيارة احدث وسيهدي زوجته مصوغات ويلبي كل احتياجاتها في السفر للخارج وشراء كل ما تحتاجه هي واولاده وسيمنح والدته احتياجها من الدواء والعلاج في الخارج ... دارت في فكره هذه الصور والتخيلات في لحظات صحى في اخرها وهو يحدق في عيون صاحبه جالب الحظ والمال والرفاه ،، ووقع على الوثيقة واعطاها لصاحبه فشكره هذا بدوره وغادر مسرعا وهو يبتسم لينجز العمل الذي بدأ به ويسلم البضاعة الى المخازن . رجع صاحبنا بكرسيه الى الوراء وامتد بجسده واغمض عينيه وهو يشعر بالزهو والسعادة على ما انجزه وتسابقت الصور في مخيلته كيف سيبلغ عائلته بهذا الخبر السعيد والشوق لرؤية الفرح في وجوههم ولسماع التهليل والفرح الذي سيتعالى في البيت من زوجته واولاده وبدأ يخطط لطريقة استثمار هذا المبلغ . عاد الى الدرج ليمتع نظره بالمال ويشعر بالراحة والاطمئنان .. ثم اغلق الدرج وحمد الله وشكره على رزقه ونعمه حين وقعت عيناه على لوحة تقويم ميلادي معلقة على الجدار كتب عليها كلمة الله اكبر وتحتها تاريخ اليوم 24 تموز 2016 .
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. حديث السوشال | الفنانة -نجوى كرم- تثير الجدل برؤيتها المسيح
.. هذا ما قالته الممثلة مي سحاب عن سبب عدم لعبها أدواراً رئيسية
.. -مساء العربية- يفتح صندوق أسرار النجم سعيد العويران.. وقصة ح
.. بيع -الباب الطافي- الذي حدد نهاية فيلم تيتانيك بسعر خيالي
.. الفنان #محمد_عطية ضيف #قبل_وبعد Podcast مع الاعلامي دومينيك