الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


احزان مرحة

محمد خضير سلطان

2005 / 12 / 19
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


ربما لن يكون من الصعب ان نضفي على الحزن العراقي العتيق مرحا في الطبيعة والتاريخ، أي مرح الطبيعة في لعبة التاريخ، في ما يراه على سبيل المثال برغسون في كتابه (الضحك) من ان عوق الطبيعة- اذا جاز لنا ان نسميه عوقاً- يثير التهكم عند التاريخ أو في سائر الكائنات مما يضفي عليه مرحاً حسب كتابه (العلم المرح.(
لقد تخطى الانسان العراقي الضحك والبكاء والغناء وايضا الشقاء حتى يتعلم السخرية، انه يسخر من العالم بمرارة الطبيعة والتاريخ.
يدرك السومري القديم بان العلم المعاصر هو تنويع على اكبر انجازين سومريين في العالم هما التدجين والكتابة غير ان الانسان المعاصر لم يستطع بكل ما أوتي من قدرات تقنية عملاقة ان يدرأ خطر الفيضانات التي كانت تهدد بلاد الرافدين.
لم يستطع العالم ان يدراًُ الأخطار عن العراق القديم الحديث.
وكانت سومر أول من اكتشف الغناء والاستبداد وعوق الطبيعة في لعبة التاريخ أذن لا غرابة ان يتكاتف صفير القصب السومري الحزين في الندب الكربلائي العميق وتتضايف طرز المعابد القديمة بفناءات المساجد الحديثة وتتصل أغاني الريف الجنوبي الملتاعة بموجة النواح القادمة من القرون الوسيطة.
لا غرابة ان الفضاءات الاكدية القديمة بالتواطؤ مع الزمان قد جلبت رياح السهل الرسوبي العظيم منذ الأزل وأطلقت الصفير الحزين في اكمات القصب السومرية.
إن( الذات العراقية الجريحة ) انبثقت عبر ثقوب القصب المترعة بريح السهل متلازمة مع الوعي الخائف المستريب في العالم البدئي فلم يزل العالم مجهولا ويثير الخوف والغموض ويبعث على تشكل الرؤية السومرية ومع ذلك يمرح الشاعر السومري حين يقول بمقطع في قصيدة (في سالف الدهور والعصور) ترى أية عصور سبقت سومر وكنا ولما نزل لا نرى سوى سومر من اجل ان ندرك كيف بدأ العالم لكن الشاعر السومري يكتشف طفرة إحيائية قديمة ويضيف: كانت الحملان تمرح مع الذئب وكان خطأ الطبيعة الغامض معدوما ويبحث عن تعادلية في الرؤية بين عوق الطبيعة ولعبة التاريخ.
كان صفير الريح في القصب يشتد بالفرح وسرعان ما تهب المياه الكاسحة وتحوله الى نغمات حزينة وشجية تنطلق من انحاء سومر والكوفة ونينوى وواسط وتظل المواجهة المباشرة بين اندثار ممالك كبرى في الطين الرافديني وتدفق الصفير الحزين.
لاغرابة بأن الحزن العراقي يعيد تشكيل العالم على نحو ما.
لقد تحول مجرى افكار خبراء العصر الحديث على ضوء اكتشاف المدن العراقية المطمورة في الطين الرافديني حيث اجرت الماركسية تعديلا في الرؤية نحو النمط الآسيوي للانتاج على ضوء علم الآثار ,
واستعاد علماء "الانثروبولوجيا والاثنولوجيا" واللغة خارطة علومهم وفق اكتشاف الاقوام القديمة التي سكنت العراق القديم وأصولها الانسانية السامية والارامية والاكدية.
وعلى هذا النحو فأن الحزن السومري العراقي يعمل على تقويض الفرح العالمي بالاكتشافات الحديثة ومازالت هناك افتراضات حول العلم والسخرية تؤكد، بان سومر تعيد تشكيل العالم على نحوما.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. قبل عمليتها البرية المحتملة في رفح: إسرائيل تحشد وحدتين إضاف


.. -بيتزا المنسف- تثير سجالا بين الأردنيين




.. أحدها ملطخ بدماء.. خيول عسكرية تعدو طليقة بدون فرسان في وسط


.. سفينة التجسس بهشاد كلمة السر لهجمات الحوثيين في البحر الأحمر




.. صراع شامل بين إسرائيل وحزب الله على الأبواب.. من يملك مفاتيح