الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إمتناع يسلط الضوء على تنثر النص غير الوافي

جعفر كمال
شاعر وقاص وناقد

(تôôèô‏ ؤôéôم)

2016 / 8 / 4
الادب والفن


يقودني الاهتمام بالشخصية المبدعة باختلاف إلهامها، من مبدأ إبداع حرفية تفتح مغالق تكرس مبدأ اِسْتِقْراء الفكر التحولي في معيون خلابة الصورة الشعرية، بدعوى معرفة العلم الفني التطوري في مباهج الصوت. فقد نظرتُ مليّاً في اِسْتِسْقَاء الفنون المتقدمة بماضيها وحاضرها. المهتمة بتوليف البديع من كون حرفية المعاصرة المولدة، لذا لسنا نريد أن نَعَلي شاعرة على شاعرة أخرى إلاَّ بجواز ما تستقيم علية الأدوات الخلاقة المبانة في البنيات التصويرية بدواعي الملقحة العضوية في المضمون وجمالية الشكل، عبر الصوت المندفع من بواطن لغة الشاعرة التي تليق بالمباحث الكلامية بواسطة التلاحم المعنوي في مجمل أدواتها الإيقاعية، فتبنى الجمل وكأنها تتحرك لتؤدي وظيفة فنية تتماهى بعفويتها، على جهة إحاطة الشاعرية باعتناء يتخلل من فيه معان تساق مبانيها برؤيتها المتماسكة. وفي الوقت ذاته ستجدني لا انحاز بالاخوانية إلى شاعرة دون سواها، إنما الانحياز يعود إلى خصوصية الشاعرة بتفريقها لمراتب ما يليق بالمباحث الكلامية من عدمه، فتكون مقاصدها الإبداعية تختص بتميز مفعول بلاغات تعني برصف ووصف جماليات فطنة تشتمل على أسرار محاسن شعرية قادرة على التأثير والإيضاح بواسطة الصيغ الفنية وبعدها اللغوي.
وبعد بحث واسع الغاية لا ينفك مسعاهُ على جهة الاستقامة الملحة على حقيقتها، سلطتُ الضوء على الشاعرة التي تتحلى بالصفات الشعرية المتميزة، وتتمتع بالإرادة والكيان الأدبي المستقل. وما يتبع تلك الآثار المعهودة عن الشاعرة أو الشواعر الأخريات بقدرتهن على صناعة المحسنات البديعية، ومن أجل هذه الغاية تَبيّنْتُ صحيح الشعر من ضعيفه عند كل شاعرة، ولهذا سهل علينا الوصل كي نتتبع المحاصيل الإبداعية التي مثلت انقلاباً فنياً قابلاً للتتميم والإكمال، على مبدأ التحلي بالأمل وجب علينا تأمل موضوعات كل شاعرة من حيث نجاح تجربتها، على أن يكون تعاملنا ينشط ضمن مقدور يستفيض فينا مساحة تعلو عليها الحكمة ومصبات الحق، وهذه إحدى خصائص مميزات الاستدلال النوعي في حصادي المحدث، الذي تتبارى على صفحاته الشاعرات اللاتي اتقن الفصاحة اللفظية بواعز موقعها البلاغي، سواء أكان في التجنيس أو ملقحة الصورة الصوتية بعلم مبانيها، لتكون كل هذ المميزات متعلقةً بالتحول والمصاهرة الوجدانية التي تكشف وجهاً من رهصةٍ إبداعيةٍ تتجاوز المألوف، بدءا من استقلال اسلوبها مقابل النصوص الشعرية المعاصرة الأخرى. "فتلك إحدى المعجزات" كما عبر عن هذا صفي الدين الحلي. وأرى من الحكمة أن أطلع القارئ الكريم على السبب الذي دعاني للميل إلى التَفضِيل بقراءة شاعرة دون سواها، إنما هي المساحة الإلهامية والفكرية والثقافية، التي مَيَّزَتْ الفطرة الإبداعية عند:
أً -: الشاعرة الحقة.
عن:
ب -: "الشاعرة" المقلدة أو المؤلفة.
فقد وجدت في المواقع الالكترونية كماً هائلاً من الحقل " ب "، تتشابه فيه تقاطيع كتابية تتصف بالحشو غير المتجانس، وبالتالي فهو غير مفهوم، فلا ظاهرهُ يتعلق بالفصاحة اللفظية فيكون نافعا، ولا مفاتيحه تنتج مجسات فنية تبوح من دواخله اطلاق حركة مفاعيل المعاني، فقد قرأت كلاماً منهُنَّ يعبر عن "تسفيط" عقيم لم أجد فيه جملة واحدة تقنعني كمتلقي قبل أن أكون ناقداً، وهذا هو عقبى الافراط والحشر في التأليف المُسِفّ، دون واعز للحكم على جودة النصوص المستحقة لشروط النشر كما هو معمول في الصحافة الورقية، وقد عبر عن هذا الناقد المعروف يوسف سامي اليوسف بقوله: "الشعر تنثر". وهكذا يكون لرهبة الإبداع عند الشاعرة المختارة منحنيان مختلفان، أن يتشكل في النص الشعري وجهان مختلفان في الرفعة:
أحدهما منظور ظاهره التَصوّر.
والآخر باطني يلامس الإحْسَاس وينسجم في مزاج المتلقي.
من كونه ردّ فعلٍ تناسلي أظهَرَ علُو الهِمَّة بين الشاعر كفرد وبين الإخْصَاب والنمو الكيفي في مخيلة الشاعر، وبهذا يكون الفرد ذاتياً تأملياً إنشطارياً كخلية تتحول معنوياً من السكون إلى الانتشار النوعي، فلا غرو أن يصيب الإلهام الرهبة التي تحرك الأعماق الشاعرية، فيغدو النظم صدى يحاكي النفوس، وروحاً يتجلى فيها التساقي المشاعري، بين الشاعر، والقارئ، الذي يتطلع إلى سمو المعاني ورفعتها، من رواءِ الترتيب وجَزالتَهِ وبَهائه الذي يُشبَع النفسَ ويسقيها متعةَ شعور يتمناه.
عندما خاطبت الشعر النسوي العربي على اختلاف مشاربه، إنما ابتغيت أنْ أُمَكِنَ هذا الأدب المختلف، الجلوس على منبره التنويري، المستحبة فيه قواعد تنظيم لغة المناظرة وشرائطها. بعد أن أَجْلَسْتَ "الشاعرات" المتبضعات الشعر على حاشية غير مقروءة، نساء شذَّ الشعر من مخيالهن فأضعن فنونه وانصرفن إلى سهولة التقليد. ومن بيان هذا المبدأ سلطتُ الضوءَ على الشاعرات العربيات اللواتي تَبَوَّأَ شعرهن مواقع مهمة في حركة الآداب العالمية، فكان من الصح أن نخاطب الحقيقة من فم منطق الحق، الذي يجب أن تتمع به الشاعرات المحسنات للصيغ اللغوية والفنية، اللواتي تدفق الشعر من أعماقهن كينبوع نقي، لأنهن أتيّنَ بمجازية عالية الدقة.

إن "المدارس النقدية" المعاصرة لم توفق كلها في اِحْتساب الصَّوَابِ الذي يبين الفارق الجمالي بين اللازمة اللغوية وطرق التعبير من موضع الشعر إلى عدمه، أي أنَّ الخبرة الموضوعية والدقة والحياد بين النص والشاعرة غير موجود عند البعض. فلا نجد من بين هؤلاء من يسْتَمَدّ تَدْوّار تنوعه النقدي بحيادية الإيضاح والتقريب من حقيقة النص بالفحص والإتقان، بينما تجد الناقد المحايد الذي يحترم مفاهيمه وعقله وتجربته الخاصة بعلمه النقدي يكون الامر برأيه وفق حسابات دقيقة، يتعلق بالمهنية المبنية على الأفكار المولدة لأسلوبيته التفاعلية، التي تعتني بطرح قيمة ونوعية حدود المحاسن الإبداعية في قرارات التهذيب النوعي فيما اختص بعناية موارد علوم اللغة، وأبعادها الفنية والجمالية ورجاحة مواقفه النبيلة، وذلك يتحقق بلا شك حين يعاين في انزياحات الصوت الآتي من صميم الجملة الشعرية المثقفة التي تَبْحَثُ في الإدراك الكُلّيّ في مركبات الصورة المبتكرة التي يستقيم فيها العلم بمعانيه ومخارجه، عند الشاعرة، وبهذا يكون النقد قد حقق المبغى الحقيقي لبيان جمالية أصُولهِ النقية، بحكم كونها تسامت بالرفعة والمكانة المحايدة. ولكن نجد العكس عند بعض المتدارسين من النقاد التقليدين الذين أحبوا أن يتسموا بالنقاد، أو تخيلوا هم هكذا؟ ولكن تلك هي المدارس الهابطة حيث يحتشدون خلف أبوابها. فالنقد الذي نطلب أحكامه يجب أن يكون قد تعدى سقاء النظرية المحفوظة، تلك التي اعتمدت بنية العناصر التالية:
أوّلاً: كونها اِسْتَهْلَكْت طرائق بنيتها التقليدية.
ثانياً: التزمت بالصيغة الروتينية المعتادة.
والثالثة: حرصت على سياق أسلوبها المعقد والمبهم.
وعلى ضوء ما تقدم وجدت الكثير من النقودات وقد تَبَنَّتْ المديح، وأدب التغزل، مع أن النص الذي يمدحه هؤلاء خاو من معالجة وإبانة واستنباط الغرائز والمجاز وأبعاد دلالالته الحسيَّة، فيكون التحليل عندهم مشوهاً بالغازه، كريهاً بنواياه، ومحتقناً بطرحه، وقد أسماه الإمام الزيدي "محمد بن المطهر 729هجرية" ب "النص الجاف الخفيف، الذي لا ينفع ولا يعاد*" ولَمْ أرَ في هذا ما ينصف المهنية النقدية أخلاقياً، لأن النقد لا يخضع لقائل يقول: من أجل عينيك أو زنديك كتبت النقد.
أما الشاعرية المنطلقة من كونها ناجعة في أحكامها فإنها تكون الذات الشعرية التي تتقمص معطيات النشوء القيمي من واعز قيمة فوائد ورتّب أفانينه، وفي هذا تقدم "ديفيد هيوم" وأسماها ب "الأفكار النقية أو الانطباعات البريئة". هذا لأن الشاعرة الموهوبة لا يمكن أن نساويها مع شاعرة التقليد، خاصة وأن الشاعرة الحقيقية هي مبدعة بنصابها المعنوي، لأنها كونت نفسها ذاتياً على أحسن تكوين، حيث نجد نصوصها تكثر من حساسية الخلق التنويري على الأصل، وهذا ما ينقصه عند المقلدة. فالذي وصلنا أن بعض النقودات كانت ومازالت تساوي بين الشاعرات المبدعات والمقلدات على حد سواء، ولهذا فقد أدت هذه العوامل إلى تهتك ميزة ماهية النص المعنوي. خاصة بعد أن توالت النصوص مكرورة في تعابيرها ومفاهيمها وغاياتها الخالية من الانجاز الحقيقي للشاعرية. لذلك فالأنساق المفاهيمية النقدية الحديثة يجب أن تتبنى المعالجات المثبتة في أسلوبية النقد الفني، الذي يعمل على أن يكون مختلفاً عن سائر النقودات من كونها مصنَّفة في هذا العلم، فيكون التوجه معبراً عن حداثة تختص بالنقد المغاير بالتهذيب والترتيب. ألا وهو: جماليات علم الصوت المدور، المعبر عن مفاهيم جديدة اتخذت من المنحى التحديثي الكشف عن مهارة شاعرية الموهبة، وهو النهج الذي أرَدْتُ له أن يُبَرِزُ طرائق فاعلية الصوت في المركب الشعري، وتصنيفه حكماً يعالج إيقاعات مبغيات الصورة الحاكية للقارئ عن همومها ولواعجها، من تراتبية سقاء نفحة الحرف الصوتي المؤثر بتثوير المشاعر المولدة للعواطف الحسيَّة، التي توسع الإشراقات الإيقاعية في النص، المشاجي لمتعة العامل النفسي في ما يتبناه بديع الصورة، حين ترق من ولادة خصبة، فيكون النمو الوظيفي متطوراً في منجزه، من الجوانب العلمية المُحْدثَةِ، وطبيعة الاتجاه المفاهيمي الحيوي في النص المستقل، القائم على فلسفة فيض المعرفة التي تتسامى فيها بداهة الذات، التي تنطوي على مثنوية: تناقض التجلي، و الانكشاف على التجلي. وما يصاحب تلك الولادة المتواصلة في تشخيص حالات علم التشكيل الصوتي. أوْجِزُهُا في النقاط التالية:
الحكم الأول: تصنيف التفاعلات التشخيصية في الصوت الداخلي في الصورة الشعرية، واستجابتها لمفهوم العلاقة مع المَحاوِر الحسية، وتبيان خصوبة التَّدْوار مع متلاقحات السهولة الفنية عند الوسيط.
الحكم الثاني: معالجة السلوك المجتمعي العام للشاعرة، ومدى ارتباط النص بالمؤثرات الدينية أو العنصرية أو القبلية، أو تحرره من هذه الحالات، وانتمائه إلى التنوير التطوري للمجتمع الحضاري المُخَلّصْ الحقيقي للحريات.
الحكم الثالث: مكاشفة تأثير التربية العائلية على اتجاه ذات سلوك معقد، قد لا يشجع المبدع على تنظيم ماهية مفاهيمه الخاصة، وهذا يقود تلك الحالة إلى منشأ مضطرب، يخل في الرؤى التصورية، وتناسب مقدراها الصوتي.
ولهذا وجدتُ من الحكمة أن أزور بعض الدول العربية، وأبحث عن الشعر الحقيقي في مهده، وأقلب صفحات حماسة الناشر الورقي في اقنائه على مصانفة الصحيح الإبداعي في صفحته الثقافية. ومن بيان الحقيقة نشير إلى أن مرتبة المزايا عند الشاعرة المبتكرة ستحظي بوقوفي معها، مبتعدا قدر الإمكان عن جماعة التقليد الذين يشغلون المساحة الأكبر بخاصة المجال النسويإذ نجد اللاتي يدعيّن الشعر، وفي فارق بحثنا نشير إلى ما تدل عليه بنيتنا النقدية من حقائق ووقائع معيونة بجدارتها اللغوية والفنية. ومن أجل هذا نبتعد عن الأخوانيات والمجاملات والعلاقات العاطفية، فالشاعرة الحقيقية تواظب على تهذيب الذات الشاعرة، فتكون نبضة أزلية في الجملة الشعرية. ومن حقيقة هذا التمييز يخبرنا الآمدي عن الفروق في الصح من عدمه في قوله عن التناظر بين حالتين: " مهما يتشابهان ويتشاكلان وإن هذا نظير ذاك فلا يزاد الخطأ على الصحيح شيئاً*" ولذا فإن ما أصاب شاعرية المعاصرة من علل وأوهام هو كثرة التقليد والتعقيد وعرض الأجساد العارية التي تثير كبت الذكورة، حيث أن الكثير من المشرفين على الصفحات الثقافية وخاصة المواقع الالكترونية ينشرون النص على علاته، دون تدقيق أو تشذيب، بل على العكس من ذلك نجدهم يُخَطؤونَ المبدع المتكمن من لغته وفنيته، لأن المقيمين على تلك المواقع أكثرهم يمتاز بانعدام المهنية الأخلاقية والجدية المحايدة.
ومع هذا فأنا لا أبخس ولا أذم مقلدة بعينها تلك التي ليس لها في الشعر شيء، وبذات القدر من العزة اترفع عن ذكر اسماء ممن تسمين بالشاعرات والنص عندهن يندرج في حقل التقليد.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حفل تا?بين ا?شرف عبد الغفور في المركز القومي بالمسرح


.. في ذكرى رحيله الـ 20 ..الفنان محمود مرسي أحد العلامات البار




.. اعرف وصايا الفنانة بدرية طلبة لابنتها في ليلة زفافها


.. اجتماع «الصحافيين والتمثيليين» يوضح ضوابط تصوير الجنازات الع




.. الفيلم الوثائقي -طابا- - رحلة مصر لاستعادة الأرض