الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اليعقوبى : مواقع التواصل الاجتماعي بين حسن الخلق وقطع الأرحام

محمود جابر

2016 / 8 / 5
الصحة والسلامة الجسدية والنفسية


باتت مواقع التواصل الاجتماعي من الأهمية بمكان، وقد أصبحت أداة إعلامية، وتربوية، ودعوية، واخبارية، وإعلانية، وأخلاقية وو.. .
وكل أداة يستعملها الناس فى الخير والشر، وكل حسب وجدانه وأخلاقه وتربيته واستعداده السلوكي، والناس فى مواقع التواصل الاجتماعي شتى، وأخلاط متعددة وكثيرة.
لم يشغلنى سلوك الناس جميعا، بالقدر الذى يشغلني سلوك الذين من المفترض أنهم تربوا فى مدرسة القرآن والعترة الذين هم أسوة للمؤمنين، ولكن مع الأسف، والأسف الشديد. تجد من هؤلاء كذبا وتضليلا واستحلالا للحرام وسوء الأخلاق والتسقيط والتشيع وحدث ولا حرج – ولا حول ولا قوة إلا بالله .
هذا الأمر شغلنى كثيرا وقد هممت منذ وقت أن اكتب فى هذا الأمر عملا بقول الله تعالى (كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ۗ) آل عمران 110.
ولا أعرف لماذا تأخرت فى الأيام الماضية عن الكتابة فى هذا الموضوع إلى أن رأيت اليوم فتوى سماحة المرجع محمد اليعقوبى " دم ظله" التى تتحدث عن هذا الأمر، وأدركت أن الأمر كما يقول المصطفى صلى الله عليه وآله :" الأرواح جنود مجندة ما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف". وما جاء عن الصادق (عليه السلام): "إن الله آخى بين الأرواح في الأظلة قبل أن يخلق الأبدان بألفي عام".
اعتقد فيما اعتقد أن المرجعية التى عاشت بين الناس وتربت على يد المولى المقدس فى حياته وحملت المسئولية بعد استشهاده " رضوان الله عليه"، وتجشمت الصعاب فى السنين العجاف، ما كان لها أن تنجو من هذا إلا بعين الله ورعايته، وبركة صاحب الأمر " عجل الله فرجه الشريف"، واعتقد كما يعتقد كل الذين يؤمنون أن لنا وليا وناصرا وحافظا ودليلا وعينا، وأن هذه العين لا تخطئنا، وأن الولى والناصر يعرف قلوبنا ويحمل ما يهمنا ويؤلمنا وانه يرسل همنا إلى من اختارهم للتدخل فى الوقت المناسب والزمان المناسب، ليس لكرامة لنا عليه، ولكن لكرمه وشفقته علينا ونحن المذنبين . ولكن ولأننا نحمل هم الأحباب فقد أرسل ولينا من يستطيع أن يحمل عنا الهم ويبلغه إلى الناس ...

اعتقد أن فتوى سماحته جاءت فى هذا الإطار .

المرجعية والفتوى :

جاءت الفتوى يتصدرها قول الله تعالى (وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ) (الأنعام: 108) وعملاً بأدب بأمير المؤمنين الذي نهى أصحابه عن سبِّ أهل الشام مع أنهم باغون يحل قتلهم وقتالهم وقال"عليه السلام" : "اكره أن تكونوا سبابٍّين شتامين".
ومنذ أن وطئ الإنسان بقدميه تراب هذه الأرض وطئها وهو مزودٌ بالأخلاق الفاضلة وعارفٌ للأخلاق الفاسدة ومأمورٌ من قبل الله تعالى بالتحلي بكلّ الفضائل لكي يصل إلى غايته التي خلق من أجلها ألا وهي عبادة الله سبحانه وتعالى كما في قوله تعالى (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) سورة الذاريات 56.
فصارت مكارم الأخلاق من لوازم الحياة الصحيحة على الأرض ومن لوازم الأمم التي تنشد الرفعة والطهارة، فأخذت الشرائع السماوية كمال الإنسان غاية لها وبدأ الأنبياء عليهم السلام بالإرشاد والتربية والتزكية لهذه النفوس الجامحة التي تميل بطبعها للراحة والدعة، وتوالت الأنبياء عليهم السلام على قيادة البشرية إلى الكمال حتى وصلت إلى خاتمها وسيد رسلها محمد بن عبد الله صلى الله عليه وآله وسلم الذي صرح بكلمته الخالدة: "إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق". (ميزان الحكمة: ج1، ص804، ح1111).
وورد عن أمير المؤمنين عليه السلام:"حُسنُ الخُلقِ مِن أفضَلِ القِسَمِ وأحْسَنِ الشِيَمْ". (غرر الحكم: 4842. ميزان الحكمة: ج3، ص1073، ح5000).
واستكمل سماحته بقوله:"وأننا نأسف أن تتحول وسائل التواصل الاجتماعي إلى (وسائل تقاطع) وتهديم الأواصر الدينية والاجتماعية فهذا كله كفران بالنعمة وعصيان لمن تجب طاعته، أما شكر النعمة فيكون باتخاذ هذه الوسائل منابر للدعوة إلى الله تبارك وتعالى ونشر الأخلاق الفاضلة وتعاليم أهل البيت (عليهم السلام) وإرشاد الناس لما فيه الخير والصلاح ورد الشبهات التي تستهدف القران والإسلام وقادته العظام وتمزّق شمل الأمة".
إن الخلق الفاضلة يجب أن تكون حالة تبعث على حسن معاشرة الناس، ومجاملتهم بالبشاشة، وطيب القول، ولطف المداراة، كما عرّفه الإمام الصادق عليه السلام حينما سُئل عن حدّه فقال:"تلين جناحك، وتطيب كلامك، وتلقى أخاك ببشر حسن".
من الأماني والآمال التي يطمح إليها كل عاقل حصيف، ويسعى جاهداً في كسبها وتحقيقها، أن يكون ذا شخصية جذّابة، ومكانة مرموقة، محبباً لدى الناس، عزيزاً عليهم.
وإنها لأمنية غالية، وهدف سامي، لا يناله إلا ذوو الفضائل والخصائص التي تؤهلهم كفاءاتهم لبلوغها، ونيل أهدافها، كالعلم والأريحية والشجاعة ونحوها من الخلال الكريمة.
بيد أن جميع تلك القيم والفضائل، لا تكون مدعاة للإعجاب والإكبار، وسمو المنزلة، ورفعة الشأن، إلا إذا اقترنت بحسن الخلق، وازدانت بجماله الزاهر، ونوره الوضّاء. فإذا ما تجردت منه فقدت قيمها الأصيلة، وغدت صوراً شوهاء تثير السأم والتذمر.
وأقول على الذين يتبعون الحق والمنهج الرسالى الشريف ومنهج آل البيت عليهم السلام ان يمتثلوا لنصح المرجع وهو يقول :" ان النصرة الحقيقة للمرجعية وإقناع الناس بها تكون بإيصال رؤاها وأفكارها وتوجهاتها الرشيدة إلى الناس"فان الناس لو سمعوا محاسن كلامنا لاتبعونا" وان يكون كل من اتباعه مرآة عاكسة لأخلاق المرجع وحبّه للناس ورحمته بهم وشفقته عليهم وخدمتهم ومداراتهم والاهتمام بهم والتواضع لهم والسعي لقضاء حوائجهم وإكرامهم وإدخال السرور عليهم وعدم الاحتجاب عنهم وأمثال ذلك من الأخلاق الفاضلة.
ولا يرضى المرجع لأتباعه بأن يهبطوا إلى مستوى الآخرين وإنما يردّون على افتراءاتهم وكذبهم بالأدلة الدامغة والحقائق الموثقة بعيداً عن الشتم والسب.
إن نهي الأئمة (عليهم السلام) عن أسلوب السب والشتم يرجع – في بعض وجوهه- إلى أنهم (عليهم السلام) يعلمون أن هذا السلوك نابع من تعصب وإطاعة لهوى النفس الأمارة بالسوء الميّالة إلى التشفي من الخصوم وان أُلبس ثوب النصرة للمرجعية حتى خفي على صاحبه، وهو في الحقيقة يضّر بسمة المرجعية ويعرقل مشروعها الإنساني.
ولاهتمامي الشديد برفض هذا المنهج وضرورة إصلاحه تراني أعيد واكرّر التذكير بموقفي منه بأنواع الأساليب من البيان".

المرجعية تنبه وتحذر وتشدد على البعد عن سوء الخلق لما له من آثار سيئة، ونتائج خطيرة، في تشويه المتصف به، وحط كرامته، ما يجعله عرضة للمقت والازدراء، وهدفاً للنقد والذم.
وربما تفاقمت أعراضه ومضاعفاته، فيكون حينذاك سبباً لمختلف المآسي والأزمات الجسمية والنفسية المادية والروحية.
وحسبك في خسة هذا الخلق وسوء آثاره، أن اللّه تعالى خاطب سيد رسله، وخاتم أنبيائه، وهو المثل الأعلى في جميع الفضائل والمكرمات قائلاً( ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك).
من أجل ذلك فقد تساند العقل والنقل على ذمه والتحذير منه، وإليك طرفاً من ذلك:
قال النبي صلى اللّه عليه وآله:"عليكم بحسن الخلق، فانّ حسن الخلق في الجنة لامحالة، وإياكم وسوء الخلق، فان سوء الخلق في النار لا محالة". (عيون أخبار الرضا)
وقال الصادق عليه السلام: «إن شئت أن تُكرم فلن، وأن شئت أن تهان فاخشن" (تحف العقول ).
وقال النبي صلى اللّه عليه وآله: «أبى اللّه لصاحب الخلق السيئ بالتوبة، قيل: فكيف ذلك يا رسول اللّه؟ قال: لأنه إذا تاب من ذنب وقع في ذنب أعظم منه»(الكافى).
وقال الصادق عليه السلام: «إنّ سوء الخلق ليفسد العمل كما يُفسد الخل العسل»(الكافى).
وقال عليه السلام: «من ساء خلقه عذّب نفسه»(الكافى).

فى الختام نقول على الذين يطمحون لنصرة الحق ان يكونوا كما كان أمير المؤمنين لرسول الله وهو يصور أخلاقه صلّى اللّه عليه وآله: «كان أجود الناس كفاً، وأجرأ الناس صدراً، وأصدق الناس لهجة، وأوفاهم ذمة، وألينهم عريكة، وأكرمهم عشرة. من رآه بديهة هابه. ومن خالطه فعرفه أحبّه، لم أرَ مثله قبله ولا بعده».








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نداءات لتدخل دولي لحماية الفلسطينيين بالسجون الإسرائيلية | #


.. غارات إسرائيلية استهدفت بلدة إيعات في البقاع شرقي لبنان




.. عقوبات أوروبية منتظرة على إيران بعد الهجوم على إسرائيل.. وال


.. شاهد| لحظة الإفراج عن أسرى فلسطينيين من سجون الاحتلال الإسرا




.. مسؤول أمريكي: الإسرائيليون يبحثون جميع الخيارات بما فيها الر