الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سهرة مع توجعات نساء الارض

حيدر الحيدر

2016 / 8 / 5
الادب والفن


سهرة مع توجعات نساء الارض
حيدر الحيدر
ـــــــــــــــــــــــــــــ

بعد منتصف الليل حيث تنشط الذاكرة ولا تسمح للقمر المخزون بضوء الشمس من النعاس
والارتماء في احضان نجيمات ناعسة شفافة ، تستنهضني مفردات لم يكن لها نصيب في صخب النهار وظهيرة الضوضاء وعصريات الضجر والهموم .
هذه المرّة كنت في جولة مع ايقاعات الشاعرالهوليري جاسم غريب ومجموعته الشعرية
( توجعات نساء الارض ) فقلت لها وعنها .
وذاك جاسم يكتب كل حرف ٍ جميل بتأني ليحجز له مكانه المرموق في سطور مليئة بالحس المرهف ، ففي قصيدة ( توجعات ) يقول:
( احتاج الى زمن آخر
وانا لا انام على سرير
يسرد شقائي الا بعد ولادتي من جديد ... )
فهو يحاول هنا ان يقتلع ولادته الاولى من الجذور بحثاً عن ولادة مستقبلية تكون فيها الحياة اجمل وازهى في مقارنة تلميحية بين ولادتين ..
ترى لمَ يحاول الشاعر البحث عن تلك الولادة ؟
يكون الجواب في قصيدة ( يوم ميلادي ) اذ يقول :
( احببت غرق تاريخي
ويوم ميلادي بعد ان اكتشفت فمي
ينفث سماً
ويصلب يسوع الرفض بعماه
ومارداً يتكوّر في رحم جنية
ليقضم اطرافاً..
اذاً فمي في معضلة
لا يجيد لغة الحب
في ساعة الجد ..)
فالشاعر هنا لا يتحدث عن فمه انما يلمح للزمن المنكوب ببلواه ،
رغم انه يصر على انه يتكلم عن فمه
( الجفاف الآن هو .. انا اتكلم عن فمي ) بحذف الـ ( لا ...! )
أما في قصيدة ( الجبلي ) يقول :
( هذا الجبلي
يسكن الفأس
حنايا اصابعه مرتعشاً
والعدو المتربص به
سرعان ما يفر
من هواجس رعبه
ومن فرط الوجل ... )
انه يقتلع من خشونة حياة هذا الجبلي واصراره على المقاومة ، ابياتاً تؤكد على رفض المذلّة والهوان ، فهو يعصر الفاس بين أصابعه ليجبر عدوه على الاعتراف بالهزيمة وجلاً
وفي قصيدة ( الصرخة ) يخاطب الشاعر ( شيركو بي كه س )
ويذكره بالجبلي صاحب الفأس فيقول :
( اسمعك في انيني
اسمع صوتك الجبلي
يخترق كل القمم
يصرخ بعنف ٍ
في وجه القدر )
أما في قصيدة ( النخل ) فهو يصف ساعة ولادة المستقبل الذي يحلم به بحلاوة التمر ومذاق الحليب ونشوة المطر فيقول :
( ساعة المخاض والفطور
حليب السماء المطر...
المطر ... المطر ... )
وهكذا يستمر الهوليري جاسم في مجموعته هذه ،يسبك ابياتاً تحيطها الافراح تارةً وتحبسها المأساة مختومة بالشمع تارةً اخرى ، فهو يحاول ان يربط بين احداث وأحلام وتمنيات مزدوجة في التقارب ،بلغة ٍ تتوسط الأرض والسماء ، وكلمات تقفز كارنب ٍ طائر او حمامة بريش طاووس ملائكي ،
بحثاً عن غيمة راقصة بغنج حالم ، ترافقها عصافيراغنيات ٍ فيروزية هادئة تغازل بعضها في في همس ٍ شبه مجنون متوازن مع نسائم كل فجر ٍ جميل ، تشدّها لغة تميل الى الوان الربيع وتتمايل مع همساتها العاشقة ...
فما أروع الطواف بمناسك شاعرية حول مجموعته التي تضم ( في ظل الريح/ شهريار ومارس / آنستي / مقص الحرب / توجعات / الليل / عد قبل اي وقت /مطاردة مخبر/ قصيدة النخل / يوم ميلادي / لجبلي / الحبل الخاتم / على الجدران من الدخان / الوردة / تجارب نيوتن / دخان يوم الثلاثاء دم / عصف الريح / أنا نافذة / رأس أحلامي / ايها الجبل / عاشقة أنا / غبار الجوع / شتاء الصمت / تتمنى الحجارة / كان التاريخ في الجبل / أنا / سيدتنا الديمقراطية / أغنية الراحلين / عبثاً عصا الريح / الصرخة / الباب / انت يا هذا / كيف أمسي / حسن سليفاني في المدينة / وجعي / في آخر الفصول / الظلمة )
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المغربية نسرين الراضي:مهرجان مالمو إضافة للسينما العربية وفخ


.. بلدية باريس تطلق اسم أيقونة الأغنية الأمازيغية الفنان الجزائ




.. كيف أصبحت المأكولات الأرمنيّة جزءًا من ثقافة المطبخ اللبناني


.. بعد فيديو البصق.. شمس الكويتية ممنوعة من الغناء في العراق




.. صباح العربية | بصوته الرائع.. الفنان الفلسطيني معن رباع يبدع