الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الصحراء بين الهوية وتقرير المصير

كوسلا ابشن

2016 / 8 / 7
القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير


"الخيمة ليس لها باب وليست لها حدود... إنها السماء كلها ونحن رحل فيها على الأرض في الكون والزمان،إنها طبيعة العروبة في إسلامها ورسالتها المقدسة التي كان لها الأنبياء من الفضائات الصحراوية".
"لا يمكن تخيل الصحراء بدون إبلها ودراعتها وخيامها".
"اليوم الخيمة محاصرة من طرف المملكة المغربية في لغة إبادة الهوية الصحراوية بتحد حتى للخالق رغم عنوان إمارة المؤمنين... ".
"حضارة اشتركناها في الأندلس وقد ورثناها عن مرابطيتها في كل تجسيدها الجغرافي والجيو ديني...فمن الصحراء كان المذهب المالكي وتسمية المخزن وأقوى عملة دولية التي هي اليوم في متحف جزائري، ومن ثم يمكن الحديث عن وحدة مغاربية تحترم كيان كل مكوناته في تاريخها وجغرافيتها وهويتها ... ".
كاتب صحراوي.

الهوية:
انهيار المجتمع اللاطبقي وحلول علاقات اجتماعية جديدة, ادت الى تمازج واختلاط مختلف القبائل وتوحيدها ليس فقط على اساس علامات القرابة بل كذلك على قاعدة الجغرافية المحددة, هكذا سيرى النور ميلاد الشعب ( القوم).
هوية قوم - امة, تتشكل تاريخيا من خلال مميزات تميز تجمع بشري عن تجمع بشري آخر, مبنية عن عناصر الوحدة الجغرافية, الوحدة اقتصادية, وحدة اللغة, الثقافة المشتركة وبعض المميزات السيكولوجية الجمعية المعززة في بعض الملامح الثقافية.
الارض , الاثنية, اللغة, الثقافة, العلاقات الاجتماعية , العلاقات السوسيو-نفسية , هذه هي المكونات الاساسية المحدد للهوية رغم التحولات المجتمعية والتاْثير والتاْثر خلال عملية التصادم و الاندماج مع الآخر.
المجال الصحراوي والحياة الصحراوية ليس بالضرورة مرتبط بالتجمع العروبة - اسلام في وحدانيته, فالتاريخ القديم والحديث دون مكان و زمان وحياة التجمعات البشرية الصحراوية في شتى مجالاتها الجغرافية, فمثلا لتامازغا, صحراويها ( الاعراب) وللاحجاز والنجد, صحراويها (الاعراب) و لمنغوليا, صحراويها (الاعراب) و ..., وكل هؤلاء الاقوام يجمعهم نمط الحياة الصحراوية البدوية ( الخيمة والابل و... ), لكن هؤلاء الاقوام لا تجمعهم هوية مشتركة, اذا فالسمات الصحراوية لا تحدد هوية قوم, وبالتالي فالبحث عن عناصر مشتركة لايجاد مخرج لشرعنة العروبة في وطن تجمع صحراوي آخر ( صنهاجة الامازيغية), اطروحة صورية تجريدية مغلوطة تحاول تزييف حقائق واقعية محدودة في مكانها الضيق لاغلافها الصبغة العروبية, مكان وزمان العروبة-اسلام اللامحدود, وتصبح الخيمة والنخلة والابل, اعراب الحجاز والنجد هوية المجال الصحراوي الكوني ورسالة مقدسة لكل صحراويي (اعراب ) الاوطان المختلفة, هذه المغالطات المعرفية والتاريخية من انتجت فكرة ارادوية فردية او جماعية لخلق كيان عروبي مستقل متشبث بالموروث التراثي المتخيل العابر للزمكان.
للنظر في اطروحة الزمن المعاصر, تحتم الربط الجدلي بالزمن التاريخي, للتفنيد او الاقرار بالاطروحة المعاصرة ( جمهورية عربية صحراوية), " المحاصرة الى حد الابادة الهوياتية الصحراوية" حسب المنظر في الهوية و تقرير المصير الصحراويين.
الشريط الصحراوي (تينيري) من موريتانيا حتى ليبيا, جغرافية امازيغية في زمانها التاريخي والحضاري, والآثار الاركيولوجية تشهد على امازيغية الصحراء, تشهد عن حياة اجداد ايمازيغن في الجغرافية الثابتة (الصحراء) وفي الزمن الحضاري المتحويل.
القبائل الصنهاجية كما ذكر ابن خلدون, هم 70 قبيلة في الجغرافية الامازيغية, ومنها في المناطق الصحراوية ( منطقة الملثمين), كذالة و لمتونة ومسوقة وتريكة و زغاوة وناوكا و زكن و لخس و... , ومن بطون لمتونة نذكر: بنو ورتنطق و بنو زمال وبنو صولان وبنو ناسجة. هذه القبائل ملكت الصحراء وحكمتها من عهد ملكهم تيولوتان ( ابن ابي زرع).
قسم ابن خلدون قبائل صنهاجة الى ثلاثة طبقات, و وضع لمتونة في الطبقة الثانية, اي من طبقة الحكام, ولمتونة هي من أسست امبراطورية المرابطين الامازيغية, من نهر السينغال جنوبا الى الاندلس شمالا ومن الاطلسي غربا الى ليبيا شرقا.
الحضارة الصحراوية الصنهاجية الامازيغية الاسلامية, سبقت زمانيا وصول العدد القليل من اعراب اليمن ( بنو معقل) بأربعة قرون, كما اشار الى ذلك ابن خلدون.
استفادة الامارات الامازيغية من الجماعة الاعرابية الارتزاقية, في صراعاتها وحروبها الداخلية من دون التفكير في العواقب المستقبلية من تواجد قوة عسكرية متنامية اجنبية في بلادها, الفعل الآني لدى امراء الامارات, من برر عدم محاربتهم الشاملة للاعراب وطردهم النهائي من تامازغا ارض الامازيغ, يقول غبرييل كامبس" امراء القبائل الزيرية والحمادية وفي وقت لاحق الموحدين والمرينيين, لم يترددوا في استخدام هذه القوة العسكرية, وهي متاحة دائما", وعن التغاضي عن الوجود والفعل الاجراميين, يقول "من الخطأ الاعتقاد ان بين البربر والغزات العرب كان هناك مواجهة شاملة على شكل عرقي او قومي, فالقبائل المحتلة وجدت البلاد مفتوحة, تنهب وتخرب المدن وتنسحب بعيدا".
زرع هذه الاقلية القليلة ( اثبج, زغبة, رياح, قسرة), من بدو بني هلال وبني معقل ,من طرف عبد المؤمن الموحدي في المروك بعد سحقها في معركة سطيف, لهدف استخدامهم في قمع القبائل المتمردة على السلطة, من دون حساب للعواقب وخطورة هذا الترحيل, وبالفعل فهذه القبائل البدوية, لم تندمج في الحياة المدنية ولم تتخلى على نزعتها البدوية في السطو على ارزاق الاخرين والتخريب, مما دفع الموحدين لقتالهم وابادتهم وتشتيت عشائرهم, وعلى نهج في محاربة الفعل الوحشي للاعراب, سار امراء بني مرين.
يقول ابن خلدون في هذا الصدد " بأمر من السلطان ابا يوسف توجه ولي العهد الامير ابا يعقوب الى سوس لمقاتلة الاعراب الهلالية ومحو اثارهم وبانهزام الهلالية فروا وتفرقوا في قفاري الصحراء وتابعهم حتى الساقية الحمراء, وابيد اكثرهم في القفاري مسغبة وعطشا", وفي فترة لاحقة يقول ابن خلدون " سار السلطان ابي يعقوب لمحاربة هل الفتن والنهب في صحراء درعة من بني معقل واثخن فيهم واستكثر من رؤوسهم وعلقت بشرفات مراكس وسجلماسة وفاس".
بنو حسان كيفما كانت اصولهم (يمنية او قريشية), من دون معرفة عددهم, رغم انهم كانوا أقلية قليلة ( كما اشار الى ذلك ابن خلدون), فمبدأيا فهم اجانب في بلد امازيغي, فطبيعيا واخلاقيا لا يجوز للاجنبي اضفاء هويته القومية على جغرافية الاستطان و حتى وان استطاع الاجنبي في حربه الاحتلالية التغلب على المكون الشعبي المحلي ( وصول بنو حسان لصحراء درعة, في القرن 15 ).
الهوية الامازيغية للصحراء مثبتة في الثابت الجغرافي والعنصر البشري وفي التاريخ الزمني و الابداع الثقافي والحضاري المحلي والزمن المرابطي جزء من هذا المكون الثقافي والحضاري, قبل التحول الهوياتي لبعض الجماعات الدونية البربرية في الصحراء, ومنها جماعة زكن ولخس, هذا من جهة ومن جهة اخرى ان المكون الصحراوي كان دائما جزء من الكل المكاني (المروك) السياسي والتاريخي والثقافي والحضاري ( المرابطي والموحدي والمريني والوطاسي والسعدي والعلوي), فلم تكن الصحراء يوما منطقة مستقلة سياسيا وحضاريا.
القبائل الاعرابية, بني سليم وبني هلال وبني معقل ( ان حسبنا معقل جزء لا ينتمي للهلالية), فأكبر عدد محتمل لهذه القبائل, كما اشار بعض المؤرخين لم يتجاوز 250 الف عنصر, منهم 50 الف مقاتل, ويتحدث كامبس عن اجمال عددهم الذي " لم يصل أكثر من 100 ألف شخص من الدم العربي الذي دخل شمال أفريقيا في القرن الحادي عشر", وهذا العدد القليل (سواء كان 100 الف او 250 الف) من استوطن شمال افريقيا لا يمكن مقارنته حتى مع كثافة الشعب الامازيغي في تونس انذك وما بالك مقارنته مع النسبة العددية للامة الامازيغية في كافة بلاد ايمازيغن, شمال افريقيا, واكيد ان عدد الاعراب قد تقلص بعد ابادة نصفه او اقل او اكثر في حروبهم الاحتلالية العدوانية ضد ايمازيغن المدافعين عن بلادهم و أسرهم وأرزاقهم.
استنادا الى هذه الحقائق والمعطيات, كيف اصبحت شمال افريقيا عامة والصحراء خاصة بلاد عربية, او بلاد امازيغية بقناع عربي, يقول كامبس:"انها قصة غريبة وفعلا رائعة جدا ان يتم التحول العرقي- الاجتماعي للسكان البربر من عدة ملايين, من طرف عشرات الآلاف من البدو".
بالفعل قصة غريبة في هذه التحول الاثني - الاجتماعي, كيف استطاعت جماعة بدوية قليلة العدد و اجنبية على المكان ان تغير هوية ملايين من البشر في موطنها الاصلي, وهذا التحول غير الطبيعي وغير اخلاقي يتم بارادة جماعة اجنبية, و حسب المؤمنين هو تحدي لارادة الرب, خالق الامم المختلفة وخالق اللغات المختلفة.
لعبت الايديولوجية الاسلامية الدور الاساسي في تغيير الهوية الثقافية واللغوية لبعض الجماعات الصنهاجية البربرية الساذجة المنهزمة في حروبها ضد الغزات الحسانية وحلفائها وخصوصا في القرن 18 في فترة تأسيس بعض الامارات, يقول ابن خلدون " المغلوب يقلد الغالب ", الانهزام يولد الاحساس بدونية الذات المغلوبة وتفوق الذات الغالبة, الا ان التقليد في بعده السوسيو- نفساني, سيجبر المغلوب على التنازل عن الهوية القومية من اجل نيل اللقب "الشريف" والتقرب من السلالة النبوية وكسب العروبة واللغة المقدستين و الاستمتاع بمكانة اجتماعية عالية ومحترمة في المجتمع الجديد وضمان نعيم الجنة السماوية.
سهلت التعاليم المحمدية عملية استعاب الجماعة البدوية البربرية وتعريبها وانصهارها في المكون الاستعماري العروبي ( الاسلام في خدمة العروبة العرقية). قدسية الايديولوجية الاسلامية والايمان المطلق بالاهداف المثالية لدى السذج من بدو البربر, خلق لديهم فكرة التميز والتفوق والدونية.
ان شمال افريقيا عامة والصحراء خاصة, ارض امازيغية مغتصبة بصكوك الايديولوجية العرقية- الربانية, العرواسلامية.
من الهوية الزائفة الى تقرير مصير الشعب المخترع:
مفهوم حق تقرير الشعوب في المواثيق الدولية يشمل الشعوب القاطنة فوق اراضيها الطبيعية ويجمعها روابط مشتركة, وشكلت دولة مستقلة قبل احتلالها من طرف دولة استعمارية, ولم تكن جزء من دولة اخرى في روابط هوياتية وسيادية.
ان المعطيات الموضوعية العلمية بارزة في التراب الصحراوي من معطيات انتروبولوجية واثنوغرافية واركيولوجية , تأكد امازيغية الصحراء, وتأكد الارتباط الجغرافي والتاريخي والثقافي والحضاري واللغوي مع باقي اجزاء المروك ( المرابطين, نموذج ), وهذه المعطيات من جعلت محكمة العدل الدولية تصدر استشارة في يونيو 1975 , تعترف بان الصحراء لم تكن ارض بلا سيادة , بل كانت لها علاقات تاريخية وروابط ثقافية وحضارية بين المروك من جهة وموريتانيا من جهة ثانية , الاستنتاجات التي اودت الى توقيع اتفاقية مدريد.
لا وجود لاختلافات او مميزات ثقافية وتاريخية وحضارية تميز الصحراويين عن باقي ساكنة المناطق الماروكية الاخرى, ما يدعيه اصحاب دعاة الجمهورية العربية السادسة, ان الادعاء الاصول الحسانية (جماعة اعرابية استطانية ) لا يبرر المطالبة بالاستقلال, فان العديد من سكان المروك يدعون انهم من اصول بني هلال او بني معقل ( بنو حسان تنتمي لبنو معقل ), فما يميز الفرد الحساني الاعرابي عن باقي اعراب المنطقة , هل هو العرق اواللغة او الثقافة او... .
كل ذرائع البوليزاريو للمطالبة بالانفصال لا تنسجم مع المعطيات الموضوعية , لا كاقلية مضطهدة (فتح الهاء ) ولا كأمة ذو خصائص مميزة عن الجوار الجغرافي.
المواثيق والقوانين الدولية , منها مواثيق الامم المتحدة لحقوق الانسان لعام 1948 , و بيان تمكين شعوب المستعمرات من نيل استقلالها لسنة 1960, الداعمة لاحقية الشعوب في تقرير مصيرها, ميزت بين الشعوب صاحبة الشرعية التاريخية والقانونية في جغرافيتها وبين دعاة تقرير المصير من الاقليات الاستطانية الانفصالية.
مشكل الصحراء طرح على طاولة البحث في اروقة الامم المتحدة, بمبادرة الدولة الاستعمارية اسبانيا 1966 , المطالبة بتقرير مصير الصحراويين.
الموقف الاسباني الاستعماري من تقرير مصير الصحراويين اعتمد على تصور خلق كيان اصطناعي كرتوني يسيره المركز الاستعماري من مدريد وتتحكم الشركات الاسبانية في ثرواته الطبيعية الهائلة.
ما لم تستطيع الدولة الاستعمارية الاسبانية تحقيقه, فتح الباب على مصرعيه للسلطة العروبية الناصرية في الجزائر, المهووسة بمرض القيادة, والطامحة لقيادة المشروع العروبي في شمال افريقيا, لاثبات الذات القيادية من جهة ومن جهة اخرى البحث عن مصادر الثروة خارج حدودها وكذا البحث عن مواقع جيو- استراتيجية, دفعها لتبني فكرة خلق كيان عروبي جديد تبعي يضعف يلبي مطامحها واطماعها. وعلى الصعيد الافريقي, فأموال الشعب الجزائري ودبلوماسية السلطة النشيطة استطاعتا شراء ذمم بعض ( القادة ) الافارقة الجاهلين كل الجهل لمشكل الصحراء. وادى التأثير على قرارات منظمة الوحدة الافريقية بالاعتراف بالعضوية الكاملة للكيان الوهمي في المنظمة اثناء المؤتمر 20 المنعقد في اديس ابابا سنة 1984, وعلى الصعيد العالمي ادى صراع الاستقطابات الى انحياز بعض الدول لاطروحة الجزائر " الثورة" المحسوبة على الدول التقدمية " الداعمة" للقضايا العادلة للشعوب, ضد مطامح السلطة المروكية الرجعية, هذا الانحياز الايديولوجي والمصلحي, سيضعف موقف الامم المتحدة الصادر في 1975, وسيعمق من مشكل الصحراء واطالة امده.
اوهام الشعب الصحراوي واحقية تقرير المصير والانفصال, صناعة استعمارية, ترمي لانهاك شعوب المنطقة في حروبها وصراعاتها الهامشية وابعادها عن التفكير في قضاياها المصيرية التحررية, السوسيو- اقتصادية والسياسية والثقافية.
الشعوب المطالبة بتقرير مصيرها يحق لها ذلك في موطنها الاصلي وليس في جغرافية الاستطان, وبنو حسان كما يدعون انهم من اصول شريفة قريشية, فطبيعيا مطالبهم يمكن ان تلبى في موطنهم الاصلي, مكة موطن قريش والشرفاء الزينبيينو وليس في ساقية الحمراء موطن الملثمين ايمازيغن.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تنميرت
رسولُ تانيت للأمازيغ ( 2016 / 8 / 9 - 17:56 )
نشد على يديك ونفتخر بك وبما تقدم من مجهود

لي تعقيب وحيد على المقال حول أعداد الأعراب المرتزقة : المؤرخين المزورين حاولوا تضخيم أعداد هؤلاء لعلة نعلمها جميعا والحقيقة أن الأرقام المذكورة خيالية

تنميرت أخي

اخر الافلام

.. انفجارات أصفهان.. قلق وغموض وتساؤلات | المسائية


.. تركيا تحذر من خطر نشوب -نزاع دائم- وأردوغان يرفض تحميل المسؤ




.. ctإسرائيل لطهران .. لدينا القدرة على ضرب العمق الإيراني |#غر


.. المفاوضات بين حماس وإسرائيل بشأن تبادل المحتجزين أمام طريق م




.. خيبة أمل فلسطينية من الفيتو الأميركي على مشروع عضويتها | #مر