الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ثم ماذا بعد مؤتمر الرفاق السادس؟.

تيسير حسن ادريس

2016 / 8 / 10
مواضيع وابحاث سياسية



المبتدأ:
(الشيوعيون تحولوا إلى بيروقراطيين، فإذا كان من شيء سيقضى علينا فهو هذا) ف.إ لينين.

والخبر:
(1)
لقد حرك انعقاد المؤتمر السادس للحزب الشيوعي السوداني المياه الراكدة وفتح طاقة أمل لحلحلت ما تبقى من قضايا لا تزال عالقة بعد أن ضخ الحزب في شرايين قيادته المزيد من الدماء الشابة التي تستطيع بلا شك إن أخلصت العزم كسر نمط النضال الموسمي والعودة به لسابق عهده نشطا وفاعلا في الشارع ووسط الجماهير. هناك الكثير من القضايا والمهام العامة والداخلية التي تنتظر الحسم وعلى رأس المهام الداخلية تنتصب حالة (الضياع التنظيمي) التي دفعت ببعض عضوية الحزب المبتعدة للانتقال لساحات الفعل الافتراضي حتى غدت الأسافير مرتعا خصبا لمناقشة قضايا الحزب الداخلية وتطور الأمر في اتجاه أكثر انفلاتا لتغدو الحوائط الإسفيرية بألف أذن وألف لسان وتتحول لمنصات رجم تقذف بحممها القيادة وكل من ينادي بالتزام الانضباط ليبتذل الصراع ويتشخصن تصفية لحسابات ليس لجماهير الحزب الشيوعي ولا الشعب السوداني ناقة فيها ولا جمل.

(2)
لقد استقطبت الميادين الافتراضية بالإضافة للمبتعدين عن الحزب العديد من الكوادر الفاعلة ويبدو أن حالة (الضياع التنظيمي) وانتشارها مؤخرا كظاهرة دخيلة على نهج الشيوعيين السودانيين لها علاقة بغياب الحزب عن الشارع وضعف نشاطه وسط الجماهير كما تمثل في وجه من وجوهها أيضا حالة من حالات رفض سياسة ردود الأفعال التي انتهجها الحزب في نضاله اليومي ضد السلطة الحاكمة ومن المؤكد أيضا أن للظاهرة علاقة وطيدة بملف العضوية المبتعدة أو المبعدة عن الحزب وهو ملف مهم يجب أن يكون المؤتمر السادس قد نقاش مدى التقدم الذي حدث في اتجاه حسمه تنفيذا لتوصية المؤتمر الخامس الذي شدد على ضرورة معالجة الحالات المعلقة ومناقشة كل من ابتعد وتسهيل سبل العودة أمام من أراد، فمن المهم أن تعطى هذه التوصية المهمة المزيد من الجهد ويعدُّ أمر تنفيذها أولوية قصوى.

(3)
مصلحة الحزب تقتضي ضرورة أن تظل جميع المنافذ والقنوات التنظيمية مشرعة أمام كل من ابتعد أو أبعد ما لم يتخذ له خيارا سياسيا آخر بما فيهم الكوادر التي صادق المؤتمر مؤخرا على قرار فصلها ولكي يستعيد الحزب نشاطه ودوره الطليعي يجب أن يظل واجب لمّ شمل من هم خارج التنظيم حاضرا في أجندة عمل القيادة الجديدة وأن يظل هذا التكليف مستمرا وقائما حرصا على تاريخ الحزب ومناضليه وفي هذا الشأن قد يكون من العملي تكوين لجنة (اتصال ومتابعة) تؤكل أعباؤها لحكماء الحزب وقبل هذا وذاك ولكي يتثنى لهذه المساعي الحميدة النجاح لا بدّ أن تمهد قيادة الحزب الطريق وتسهم في خلق مناخ معافى بتبني مبادرة واضحة جوهرها الدعوة لجمع الشمل كواجب على كل شيوعي تتضمن أولا الدعوة لإيقاف التراشق والنقاشات التي تدور في الأسافير خاصة تلك التي تخرج عن أدب وقيم النهج الرفاقي، وثانيا دعوة كل شيوعي خرج لأي سبب كان (تعب /احباط/ موقف سياسي في حينه أو قضية تنظيمية في حينها أو لخطأ من الهيئات الحزبية) للعودة فهؤلاء جميعا واجبهم وليس حقهم العودة ونقاش حالاتهم داخل الأطر التنظيمية.

(4)
إن صدور نداء من المكتب السياسي في ذكرى ميلاد الحزب الشيوعي السبعين والذي يوافق السادس عشر من هذا الشهر (أغسطس) يحث فيه كل من ابتعد من الشيوعين العودة مؤكدا على حق كل من ابتعد في هذه العودة لا شك سيكون له مردود طيب يسهم في إزالة الاحتقان وتطيب الجراح ثم إن النداء يعدُّ بداية جيدة لاستكمال وموصلة تنفيذ توصية المؤتمر الخامس. إن استعادة المبتعدين والمبعدين لمواقعهم داخل الهيئات الحزبية سيدعم ويدفع نشاط الحزب ويساعد على عودته للشارع أكثر قوة ومنعة مما يعزز قدرة طلائعه على مجابهة المخاطر المحيطة بالبلاد خاصة والحزب الشيوعي وبحكم تكوينه العابر للإثنيات مهيأ أكثر من غيره لأداء هذا الدور الوطني فهو يمتد داخل كافة أطياف النسيج الاجتماعي مما يجعل من أمر وجوده فاعلا على الساحة السياسية السودانية ضرورة تاريخية.

(5)
التكوين العضوي والطبيعة الفكرية للحزب الشيوعي تجعله على رأس القوى السياسية المعنية بتحرير الدولة من قبضة النظام الحالي كما أنه جزء أصيل من التشكيلات الاجتماعية المعنية مباشرة بالتصدي لمخطط التشظي والتفتيت الجاري تنفيذه في المنطقة على يد قوى الإمبريالية وهو مخطط خبيث وضعت صيغ ومشاريع عدة لتنفيذه منها الإقليمي كمشروع "الشرق الأوسط الكبير" القائم على سياسة (الفوضى الخلاقة) وهدفه تقسيم المقسم وتفتيت المفتت ومنها المحلي الذي يتكامل مع الدولي كحوار "الوثبة الرئاسي" الذي وصل أمر تنفيذه اليوم لمحطة (ماشاكوس) الثانية في انتظار إنجاز اتفاقية على قرار اتفاقية (نيفاشا) تهيئ لانفصال أجزاء أخرى من التراب السوداني على يد نفس اللاعبين ونفس الوسيط فكل الطرق يجب أن تفضي لإعادة ترتيب الخارطة الإقليمية أي إعادة إنتاج (سايس – بيكو) القرن الحالي وفق شروط النظام العالمي الجديد ويكفي أن ننظر فقط كشيوعيين ووطنيين سودانيين من هذه الزاوية وفي هذه اللحظة التاريخية الفارقة لنكون أكثر قناعة بضرورة استعادة الحزب لعافيته لأن في تعافيه تعزيزا لفرص جميع القوى الاجتماعية صاحبة المصلحة في مواجهة هذه المخاطر المحدقة بالوطن.

(6)
الأمل في عودة الكثير من المبتعدين عن الحزب الشيوعي كبير ويعزز هذه الآمال واقع أن معظم من ابتعد لم يتخلص أبدا من قناعاته ولم يهجر مضاربها حيث نراهم يشاركون بشكل تلقائي وعفوي في كافة مناشط الحزب الجماهيرية وهم أكثر غيرة وحرصا على سلامته وهذا ما يجب أن يكون دافعا قويا لانفتاح القيادة عليهم ونقاشهم في أسباب ابتعادهم والعمل الجاد من أجل توفير شروط تجاوز أسباب هذا الابتعاد وهي مهمة كبيرة قد تتجاوز قدرات القيادة وحدها لترمي بثقل التكليف على كاهل كل عضو ملتزم حريص على مصلحة الحزب والوطن. إن على الجميع السعي لمعالجة هذا الملف وهو مقتنع بأن استمرار نزيف العضوية المؤهلة ليس في مصلحة أحد لأنه يقود لضمور قاعدة الحزب وحينها لن يكون هناك أي قيمة لأي موقع قيادي يصطرع عليه.

(7)
لقد آن أوان النظر جيدا والتنقيب وسط القواعد بحثا عن الكوادر الشابة الصلبة ذات القدرات والمهارات القيادية والتي من المهم أن يكون متوسط أعمارها ما بين الـ (20 و 25 عاما) ليتم تأهيلها وإعدادها إعدادا خاصا بما يتوافق وعظم التحديات التي تواجه الحزب الشيوعي السوداني والحزب قادر على إنجاز هذا المهمة بما تراكم لديه من خبرات طوال سبعين عاما وهو خبير بشعاب الكيفية إذا ما خلصت نوايا القيادة ونأت بنفسها عن سياسة التكويش ومحاولة الحفاظ المناصب لأطول فترة ممكنة فمصلحة الحزب يجب أن تعلو دوما فوق مصالح وطموحات الأفراد خاصة حينما لا تسند تلك الطموحات قدرات حقيقية.

(8)
وإذا ما تأملنا اليوم القيادة التي أفرزها المؤتمر السادس نجد هناك تغيير كبير في طاقم القيادة بلغت نسبته (60%) وهذا شيء جيد وخطوة مهمة في المسار الصحيح ولكن من جهة أخرى إذا ما أمعنا النظر في (متوسط) أعمار أعضاء اللجنة المركزية التي تم انتخابها نجد أنه يتجاوز الـ(60) عاما وهذا مؤشر غير مطمئن يجب العمل الجاد على تعديله بتقليص متوسط الأعمار في الدورات القادمة. إن على الجميع أن يتذكر أن اختيار الكادر ذي المقدرات والكفاءة الجيدة وتأهيله هو الطريق الصحيح لضمان استمرار القيادات الرشيدة المؤتمنة على الحزب ومصالحه وعلينا ألا ننسى أن متوسط أعمار القادة المؤسسين لم تكن تتجاوز الـ(30) عاما عند استلام زمام المسؤوليات الحزبية التي قاموا بأدائها على أكمل وجه ففي سن الـ (24) عاما اختيار الشهيد عبد الخالق محجوب سكرتيرا عاما لنفس هذا الحزب.

(9)
الوفاء لمسيرة الحزب الشيوعي المعبدة بالتضحيات يتطلب من كل شيوعي مخلص داخل الحزب أو على رصيفه تحمل المسؤولية التاريخية والعمل على عودة الحزب لساحة الفعل السياسي قويا وموحدا والسعي ما وسع الجهد لاستكمال وحدة الفكر والإرادة فالعمل على استنهاض قدرات الحزب الكامنة واجب مقدس وضرورة تساعد على تجاوزه لكافة العقبات التي تعوق مسيرة تنفيذ لبرامجه والقيام بمهام التصدي لمخططات الشر المحلية والدولية التي تحيق بالوطن وأهله والقيام بهذا الدور واجب كل شيوعي أيا كان موقعه داخل التنظيم أو خارجه هو معنيا بأدائه دون ادعاء بأنه وحده الأجدر بالحفاظ على الحزب ومصالحه فالتاريخ والأحداث التي مر بها الحزب قد أثبتت أن جماهير الحزب يد بيد مع كادره هي من حافظت على وجوده وحمته طوال مسيرته العامرة بالتضحيات لذا فليس هناك شيوعي حقيقي معنيا بمعارك طواحين الهواء المفتعلة التي لا تقدم شيئا مفيدا للحزب ولا لقضايا الجماهير التي يمثلها بل تفاقم دون وعي حالة الاحتقان وتسهم في تكريس الضعف وضمور النشاط لتكون المحصلة في نهاية الأمر ضعف عام لتيار اليسار السوداني.

** الديمقراطية قادمة وراشدة لا محال ولو كره المنافقون.
تيسير حسن إدريس 11/08/2016م








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. التصعيد بين إيران وإسرائيل .. ما هي الارتدادات في غزة؟ |#غرف


.. وزراء خارجية دول مجموعة الـ7 يدعون إلى خفض التصعيد في الشرق




.. كاميرا مراقبة توثق لحظة استشهاد طفل برصاص الاحتلال في طولكرم


.. شهداء بينهم قائد بسرايا القدس إثر اقتحام قوات الاحتلال شرق ط




.. دكتور أردني يبكي خلال حديثه عن واقع المصابين في قطاع غزة