الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


السياسة الخارجية التركية تجاه المنطقة العربية(1923-2016)

محمد خضر خزعلي

2016 / 8 / 12
مواضيع وابحاث سياسية


بالنظر الى الاتجاه العام للمواقف التركية منذ قيام الجمهورية عام 1923 تجاه القضايا العربية عموما والفلسطينية خصوصا يجد بأنها مواقف سلبية ومعادية الى حد ما بشكل اكبر مما هي مواقف مساندة، بينما مع اسرائيل نجد العكس الى حد لا بأس به.
بعد نهاية العثمانية سارت الجمهورية التركية كما يعرف الجميع باتجاه الغرب وادارة الظهر للمنطقة العربية على مستوى السياسة الخارجية كما اسس لها اتاتورك في جوانبها الثلاثة، حيث اصبحت العلاقات مع الولايات المتحدة محور العلاقات السياسية، والعلاقات مع الناتو محور العلاقات العسكرية، وتعظيم حجم المصالح المشتركة مع اوروبا محور العلاقات الاقتصادية، وبالنظر الى اهم محطات الاتجاه العام للمواقف التركية تجاه الدول العربية نجد:
1-اقتطاع وضم لواء الاسكندرون عام 1939، بالتنسيق مع فرنسا، هذا فضلا عن كون تركيا احد اهم القوى المعادية للعرب والقومية العربية منذ عام 1908، وانتهاج سياسة التتريك، ثم قيام اتاتورك بهندسة الانقلاب اللغوي عام 1928.
2-اعترافها باسرائيل عام 1949 وهي دولة ذات اغلبية مسلمة.
3-الامتعاض ورفض مشروع الوحدة السورية المصرية 1958.
4- التحالف مع الغرب، حلف بغداد عام 1955، وقبله دخول الناتو كما اشرنا عام 1952.
5-تنامي التعاون العسكري والسياسي التركي الاسرائيلي بما واثر سلبيا على المقاومة عن طريق سوريا، فخلال السبعينيات والثمانينيات تطورت العلاقات التركية بشكل كبير، مما ادى الى شعور سوريا بأنها بين فكي الكماشة، وبالتالي تأثرت بشكل ما فعالية المقاومة في فلسطين.
6-بناء سدود متعددة على دجلة والفرات للتأثير على الامن المائي العربي في كل من العراق، وسوريا، وحرمانها من حوالي 60% من حصصها في مياه النهرين، ضمن مشروع الغاب 1986 الذي يتألف من 22 سد.
7- التهديد باجتياح سوريا عسكريا عام 1998، وتأزم العلاقات التركية الليبية خصوصا والعربية عموما، وغمر الفرح صدور الاسرائيلين.
ماذا يتضح مما سبق:
يتضح بأن خيارات الدولة التركية ذات توجهات غربية لا شرقية، حتى اصبحت تلك الخيارات بمثابة مسلمات للجمهورية التركية في سياساتها الخارجية.
لكن وبعد عام 2002، ووصول حزب العدالة والتنمية، حاول اردوغان وما زال يحاول تطوير السياسة الخارجية التركية، بما ويحول تركيا من لاهثة خلف الغرب، الى دولة اكثر تحررا واكبر مكانة.
تنبع عملية تحويل تركيا من دولة لاهثة الى دولة صاحبة مكانة في رؤى العدالة والتنمية من ثلاثة سياسات، توفق بين تحولات النظام الدولي، ولا تلغي خيارات الدولة التركية التي ترسخت عبر عقود، وهي السياسات التي نظر لها داوود اوغلو:
1-اعادة بناء الدور: حيث يعتقد داوود اوغلو بأن اللهاث تركيا بخياراتها التقليدية خلف الغرب لا يغري الغرب بتركيا اصلا، وعليه فإن اعادة صياغة الدور التركي لتعظيمه في ثلاثة مناطق شرقية، تكون المفتاح لمكانة تركيا في المناطق الغربية(اوروبا)، بمعنى ان قيام تركيا بأدوار مهمة في القوقاز، البلقان، الشرق الاوسط، يجعل من وزنها في المنظومة الغربية اكبر.
2-سياسة صفر مشاكل: وهي السياسة الرامية لانهاء الخلافات مع دول الجوار واحلال علاقات مصلحية مكان العلاقات العدائية.
3-التحول من الترهيب الى الترغيب سياسيا، اقتصاديا، عسكريا، وثقافيا، مع كافة دول الجوار.
حيث ومن خلال تظافر هذه السياسات مجتمعة ستضمن تركيا تصاعدا في مكانتها الدولية في الاقاليم التي تنتمي اليها، وستعظم من مكانتها في المنظومة الغربية تدريجيا، بما ويجعلها ذات ارادة مستقلة غير تابعة للاملاء الامريكي.
انعكاس رؤى العدالة والتنمية على الدول العربية:
لو حاولنا تتبع اهم المواقف التركية من القضايا العربية بعد وصول العدالة والتنمية للحكم بعد عام 2002 لوجدنا:
اولا: سياسيا:
1-عملت تركيا على زيادة نسب التدفق في مياه دجلة والفرات بعد قيام العراق بطلب ذلك في عام 2009، تقدر النسبة بــ 500 متر مكعب في الثانية، بينما قامت ايران التي ينبع 25% من مياه دجلة من مرتفاعاتها بقطع 28 رافدا تزود المياه بالنهر لخنق العراق واحراج تركيا، اما نهر الفرات فقد زادت نسبة تدفقه عن 130 متر مكعب بالثانية لتغذية الاحتياجات السورية العراقية، لتحاول تركيا بهذا ان تنهي تخوفات العراق وسوريا حول حصص المياه، وبالتالي تخوفها من قضية الامن المائي.
2-تطورت العلاقات التركية مع كثير من الدول العربية سياسيا، وخاصة مع سوريا، من خلال توسطها بين سوريا والغرب لحل كثير من القضايا العالقة مع واشنطن.
3-استقبال حماس عام 2006 بعد فوزها في الانتخابات التشريعية، ومناداتها لاسرائيل بضرورة اشراك حماس بعملية السلام.
4-تصريحات اردوغان التي تكرر ربط تطور العلاقات التركية الاسرائيلية بمدى احراز تقدم عملية السلام بين الفلسطينين والاسرائيلين.
5-اثارة الضجات الاعلامية التي من شأنها ان تدفع عملية تراجع شعبية اسرائيل عالميا لصالح تصاعد شعبية الفلسطينين، من خلال اهانته لرئيس اسرائيل عام 2010 في منتدى دافوس، وتوظيف تركيا لحادثة مرمرة...الخ.
6-استضافت تركيا مقرات سياسية لحماس.
7-تدهور العلاقات السياسية بين تركيا واسرائيل لدرجة كبيرة، لم يسبق لها مثيل، بل لدرجة تدهور لم تحصل بين اي دولة عربية واسرائيل.
ثانيا: اقتصاديا:
1-قامت تركيا بتقديم كثير من المساعدات لغزة والفلسطينين، سواء على صعيد المنح الدراسية، المساعدات الانسانية والغذائية والطبية، واخرها ما حدث قبل ايام عندما رست سفينة لتوليد الكهرباء في قطاع غزة، فضلا عن المساعدات الاخرى.
2-محاولة تركيا تطوير العلاقات الاقتصادية مع كافة دول العربية واسرائيل، وهو ليس عيبا عليها، فإن تضاعف حجم العلاقات التركية مع اسرائيل ضعفا او ثلاثة، فإن حجم علاقاتها مع الدول العربية تضاعف عدة مرات، كما يظهر من الجدول المرفق.
الان سيأتي من يقول لنا بأن كل ما سبق كلام فارغ، لذلك لابد من بعض التعليقات:
اولا: تركيا بين خيارات الدولة وخيارات الحزب:
وضحنا في البداية ان الاتجاه العام للسياسة الخارجية التركية منذ قيام الجمهورية قد تبنت خيارات اقرب للغرب منها للمنطقة، ولم تشهد السياسة التركية تحولا هاما لسياساتها الخارجية في اتجاهها العام الا بعد عام 2002، وهو ما يعني منطقيا، ان اي حزب لا يستطيع ان بفرض خياراته الناجمة عن رؤاه العامة بفترة او فترتين انتخابيتين، الا ان ما نراه هو ان حكومة العدالة والتنمية تحاول ان تجعل من خياراتها الحزبية خيارات دولة، وهو ما اتضح اقتصاديا وسياسيا في المتن اعلاه، وفيما يخص القضية الفلسطينية، لم نرى موقفا لتركيا عبر السنوات السابقة، مثل ما هي مواقفها حاليا.
ثانيا: تركيا والحرب:
ما سبق قد لا يتضح الا اذا سألنا السؤال التالي: هل تركيا في حالة حرب مع اسرائيل؟
الاجابة بالنفي، بينما نحن العرب يفترض اننا في حالة حرب مع اسرائيل، وهنا كيف نحمل اردوغان وزر الحرب مع اسرائيل في حين نحن العرب نتسابق للصلح معها؟ ان كان علينا ان نحمله وزر الحرب فقط لانه مسلم فيجب علينا ان نحمل ذلك للرئيس الماليزي والباكستاني...الخ. وعليه تصبح مواقفه السابقة، حكومة وحزبا ورئيسا، مواقف متفضلة علينا كعرب، لانه قام بما لم نقم به ونحن في حالة حرب(هكذا يفترض) مع اسرائيل، وتركيا ليست في حالة حرب، حتى لو قمنا نحن العرب بما قام به تعتبر انتكاسة لنا، فقط لأننا في حالة حرب مع اسرائيل، بمعنى، ان مواقف العدالة والتنمية تعتبر تصعيدا، فقط لان تركيا ليست في حالة حرب مع اسرائيل، بينما لو قمنا نحن العرب بنفس مواقف اردوغان والعدالة والتنمية، فإنها تعتبر انتكاسة، لاننا في حالة حرب معها، فما بالك بالتصالح معها؟
ثم ان التساؤل حول اسلامية اردوغان واستمرار اعتراف تركيا باسرائيل واستمرار العلاقات الاقتصادية معها هو قول يحول السياسي من لاعب شطرنج الى لاعب ملاكمة، والدول لا تلعب الملاكمة، بل تلعب الشطرنج.
السياقات السابقة تدلنا على ماذا تريد تركيا، لكنها بالمقابل تدلنا على اننا لا نعرف ماذا نريد... فما الذي نريده نحن العرب؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الإنفاق العسكري العالمي يصل لأعلى مستوياته! | الأخبار


.. لاكروا: هكذا عززت الأنظمة العسكرية رقابتها على المعلومة في م




.. ألفارو غونزاليس يعبر عن انبهاره بالأمان بعد استعادته لمحفظته


.. إجراءات إسرائيلية استعدادا لاجتياح رفح رغم التحذيرات




.. توسيع العقوبات الأوروبية على إيران