الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حكايا جدو أبو حيدر -13-

كمال عبود

2016 / 8 / 20
الادب والفن


كلب وأسد
*****
على طرفٍ غير بعيد من الغابةِ ، تقع قرية سكانُها فلاحون ، بيوت القريةِ متراصّةٌ وأزقتها ضيّقة ، في ليالي الشتاء الباردة الطويلة ، وأيام الصقيع القارس ، تنحصر الأُسرُ في البيوت ... لا شئ في الخارج ، حتى دخان المواقد الخشبية لاتُرى في عتمات الليالي الحالكات ... وحدها كلاب القرية كانت تتجوّلُ على الأطراف.

خرج أسدٌ من الغابة مُتجهاً إلى القريةِ في ليلةٍ صقيعيةٍ قاسية ، رأتهُ كلاب ُ القريةِ فهربت من أمامهِ ... لم تنبح ... كأنما أصابها الخرسُ ، ولم يُسمع لها حركة ، كَأَنَّ القرية من دون كلاب.

دخل الأسدُ القريةٰ باحثاً عن فريسة ، مشى في أزقتها الخالية ، كان ثمة كلباً لم يستطع الاختباء ، بل وقف فوق سطحٍ عالٍ وحين رأى الأسد صار ينبح وينبح ويعلو نباحهُ ، والأسدُ في الزقاق ينظرُ إليهِ ، ولا يستطع فعل شئ...
قال الأسد قبل أن يخرج من القرية : أعرفُ أنَّك لا تقارعُ أسداً بل الموقع الذي أنتَ فيه هو من يجعلكَ تنبحْ.

قال جاري مُعلقاً على الحكاية : ليست الشجاعة ، بل الموقع هو من يجعل البعض ينبح سواءً كان جوّا البلد أو برّا ، عند الخليج أو عند المحيط.


الخيّاط ماهر
*****
تعلّم ماهر الخياطة ، تعلّمها بسرعة ، أتقنها ، من يُحِب المهنةَ يُبدِعُ فيها ، أثنى عَلَيْهِ المعلّم : أنا فخورٌ بك ، أنت ممتاز ، استلمْ الورشة منذ الآن ، أنت المسؤول عن الجميع في غيابي...

مرّت أشهر وإدارةُ ماهر للورشةِ ممتازة ، وفي إحد الأيامِ قدمتْ فتاةٌ تتراقصُ في مشيتها ، دخلت الورشةَ وقالت ل ماهر بأسفٍ :
هذا البنطال بحاجةٍ لتعديله على مقاسي.
قال ماهر : تكرمي يا أختي ، ارجعي مساءً...

أصلح ماهر البنطال ، عدّلَ مقاسهُ كما طلبت صاحبتهُ ، وفي المساء سلّمها وأخذ الأجرة...

في اليوم التالي ، جاءت الفتاةُ مُكفهرّةَ الوجهِ ، غاضبةً ...
قالت للمعلم : لقد نزعتم البنطال ، إِنَّهُ جديد ، شو هاالخياط الجاهل ، أنا أعرفك معلّم خياطة مشهور ...

قال المعلّم يُهدئ من روعها : إهدائ .. روقي .. أنا سأصلحُهُ بيديَّ ، تفضلي نأخذ القياس من جديد...

غادرت الفتاة ، نظر ماهر الى المعلّمِ متوقعاً توبيخا وربما ازدراءً وسخريةً لكنَّ المعلم نظر مُبتسماً إلى ماهر قائلاً : احتفظ بالبنطال حتى المساء
عادت الصبيّةُ مساءً ...
بادرها المعلّم : أهلاً وسهلاً ، تفضلي ، ادخلي وجرّبيه ...

خرجت الصبيّة من غرفةِ التجريب مشرقةَ الوجه ، بشوشة ، ابتسامتها عريضة وعيناها فرحتان ، قالت للمعلّم : اي هكذا يفعل المعلم المشهور ،
ما متل الناس الحمير اللي ما لهم علاقه بالمهنة...
ودفعت الأجرة مضاعفةً وخرجت مسرورة...

كانت نظرات ماهر حيرى ، توّجه بالكلام إلى المعلّم : يا..
قاطع المعلّم ماهراً : كنتُ واثقاً من عملك ولهذا كما رأيت ، لم المس البنطال ولم أعدّلْ بهِ شيئاً ، وأخذتُ الأجر مضاعفاً ، وأنت من صار ...
قال ماهر : أنا الفعلُ لديّ وأنا الحمار ..؟

قال ماهر الذي ترك الخياطة: يا عمّي ، الخارج عم يلعب بسوريا مثل معلّمي بالخياطه بدون ما يشتغل أو يخسر شي آلو الصيت والثروة ، وفيه عنا مين بيقول عنه: أحلى معلّم ..؟
قال جدو أبو حيدر : وللحكايةِ اسقاطاتٌ أخرى...

*****
اللاذقية، القنجرة، 2016








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الفنان الجزائري محمد بورويسة يعرض أعماله في قصر طوكيو بباريس


.. الاخوة الغيلان في ضيافة برنامج كافيه شو بمناسبة جولتهم الفني




.. مهندس معماري واستاذ مادة الفيزياء يحترف الغناء


.. صباح العربية | منها اللغة العربية.. تعرف على أصعب اللغات في




.. كل يوم - لقاء في الفن والثقافة والمجتمع مع الكاتب والمنتج د/