الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كيف يتصيّدُنا الُمحتسبون؟

فاطمة ناعوت

2016 / 8 / 22
بوابة التمدن


حلَّ بالأمس 20 أغسطس عيد ميلاد المفكر الإسلامي د. فرج فودة رحمه الله، دون أن يتذكره أحدٌ ممن دفع عمرَه من أجل حماية حقوقهم التي استلبها تجارُ الدين، ولا أوقد من أجله شمعةً أحدٌ ممن نذر حياته من أجل أن يُعيد ثوبَ الإسلام ناصعًا في أذهانهم، بعد تنقيته مما ألصقه به مشوهو الدين الارتزاقيون. عقدان ونصف العقد منذ غُدِرَ وغادرنا، وما قرّرت حكوماتُ مصر المتعاقبات أن تضع اسمَه النيّر على ميدان أو شارع أو مدرسة أو حتى مدرج في جامعة! حلَّ يوم ميلاده ومازال حصاد المثقفين في مصر مستمرًا في دأب حثيث، كأنما خطةٌ ممنهجة من أجل تفريع مصر من نخبتها الفكرية، التي إن سقطت، سقط قلبُ مصر وروحها. تزامن عيد ميلاد شهيد الكلمة مع رفع النائب العام بلاغًا ضد المفكر الإسلامي د. سيد القمني إلى نيابة أمن الدولة العليا بتهمة ازدراء الإسلام، وهو الذي أمضى عمرَه المديد في تنقية الدين من الدموية التي نسبها التكفيريون للإسلام فكانوا بئس دُعاة له، وغدوا هم الُمنظَّرين الرسميين لما تفعله داعش عمليًّا من نحر وتمزيق أوطان. فكانت إدانة القمني قضائيًّا في نفس يوم ميلاد صديقه وحامل مشعله، بمثابة مصادفة مُرّة تجعل الإخوان والوهابيين يضحكون ملء أشداقهم الظامئة للدماء أبدًا.
ولن يتوقف سيلُ الاغتيال الأدبي والمعنوي والأمني لمثقفي مصر، مادمنا لم نستطع بعد تكوين جبهة صلبة من المستنيرين في وجه الظلاميين، ويظل أسدُ التكفير والترويع وتشويه الدين ينهشنا فرادى مع كل نهار جديد. المثقفون في مصر، بكل أسف، مشتتون وغير متفقين على التكتّل جبهةً واحدة. لا أعني الاتفاق على رأي واحد، فذاك مرضٌ وفقرٌ، والاختلاف ثراء، إنما أعني الاتفاق على مبدأ التنوير ومحاربة الظلام يدًا واحدة، وليس كلما سقط منّا أحدٌ بكيناه يومين، ثم يُنسى ويمضي إلى حيث يمضي المنسيون. المثقفون في بلادي، يتناحرون على صغائر، مشغولون بنزيف يومهم وأزمات بلادهم، فلا يجدون العزيمة لمناهضة الظلاميين، فتستأسد علينا الخفافيش قناصة الأفكار ويتصيدوننا طريدةً طريدة. وكلٌّ أتٍ دورُه.
ونحن صغارٌ، علمونا أن في الاتحاد قوّة وفي التشرذُم ضعفًا وانكسارًا. قالوا لنا: "تأبى الرماحُ إذا اجتمعنَ تكَسُّرا/ وإذا افترقن تكسّرتْ آحادا". وحكوا لنا قصة: "الثيرانُ الثلاثة"، الشهيرة، التي انتهت على لسان الثور الأبيض قائلا وهو يحتضر: “أُكلِتُ يوم أُكِل الثور الأسود.”
أيها المثقفون، في مصرَ وفي أرجاء العالم العربي السعيد، أُكِلنا جميعًا يومَ أُكِل “طه حسين” و"فرج فوده" و"نجيب محفوظ" و"نصر حامد أبو زيد". بل منذُ أُكِل ابن رشد، والسهروردي والحلاج وابن عربي.
سيتصيدوننا واحدًا إثر واحد طالما لا نكوّن جبهة تنوير صلبة لا يقوون عليها. سيلقون بشباكهم السوداء علينا، فنسقطُ واحدًا واحدًا لأن بيننا الخائفَ والمرتعبَ والمذعورَ والمُزايدَ والمراهق والمُسطّح والطامعَ والأنانيَّ. سنقعُ جميعُنا فردًا فردًا مادام المثقفون مُشتتين متناحرين وفرقاءَ. 
ليس أمامنا إلا تكوينُ جبهة تنوير صلبة لكي نقشِّر أكوام الصدأ عن العقول ونزيح طبقات الظلام الكثيفة عن الأدمغة.
ظلّت أوروبا القروسطية تعاني من سيطرة البابا حتى القرن الخامس عشر، حتى جاءها مارتن لوثر فأنقذها من سطوة ظُلم الكنيسة وظلامها. لكن مصر المسكينة تكافح الآن سطوةَ عشرات الباباوات المتأسلمين، وليس من "مارتن لوثر" واحد يحرّرها! لَكَم نحتاجُ الآن إلى مارتن لوثر مصري، يهدم الأوثان ويكشف تجّار الدين، ليُعلي الجوهر. يبحثُ عن "بذرة الجَوزة، ولُباب حبّة القمح، ونُخاع العظام". لَكَم نحتاجُ إلى "ابن رشد" جديد يكشف عوار عقولهم!
“ملعون في دين الرحمن/ مَن يسجن شعبًا/ مَن يخنق فكرًا/ مَن يرفع سوطًا/ مَن يُسكت رأيًا/ مَن يبني سجنًا/ مَن يرفع رايات الطغيان/ ملعون في كل الأديان/ مَن يُهدر حقَّ الإنسان/ حتى لو صلّى أو زكّى وعاش العُمرَ مع القرآن”. صدق جمال الدين الأفغاني








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - كل من ذكرتهم حاسبهم الشعب وليس المحتسبون
عبد الله اغونان ( 2016 / 8 / 22 - 11:24 )

فرح فودة الذي فشل في اقناع حزبه بالترشح في الانتخابت بدل اخواني له شعبية

سيد القمني الذي تكفي مقالاته هنا وأشرطة للحكم عليه

طه حسين الأزهري الذي تبنى فكر المستشرقين وكتب عن مستقبل مصر كتابا , قارنوه بالواقع

الان واحكموا بأنفسكم

نجيب محفوظ الذي كتب روايات منها , حكايات أولاد حارتنا -- ورمز فيها لله وادم والشيطان

والأنبياء بأسماء وصفات لاتليق بهم فيها قدح وتنقيص

نصر حامد أبو زيد الذي يفسر القران على هواه ويلغي الوحي

ابن رشد الذي زعم نقلا عن أرسطو أن العقل البشري والبرهان أكثر من الوحي وأنكر نعيم

الجنة لمادي وعذاب النار وأنكر البعث بالأجساد

أما السهروردي والحلاج وابن عربي فهذه كتبهم فيها اعتقاداتهم وهذه أشعارهم حتى في

ادعاء الألوهية وانكار النبوة

حااااااااااااااااااااااااااااااااااااااسبوا أنفسكم قبل أن تحاااااااااااااااااااااااااااسبوووووووا


2 - هو راح فين
هانى شاكر ( 2016 / 8 / 22 - 20:52 )


هو راح فين
_______

(( لم نستطع بعد تكوين جبهة صلبة من المستنيرين في وجه الظلاميين ))

(( كأنما خطةٌ ممنهجة من أجل تفريع مصر من نخبتها الفكرية ))

(( رفع النائب العام بلاغًا ضد المفكر الإسلامي د. سيد القمني إلى نيابة أمن الدولة العليا بتهمة ازدراء الإسلام ))

اللا ؟ أُمال فين المحروس (( بتاع صوت البارجة )) ، و (( معدن هذا الرجل )) . دا باين عليه هو اللى بيفرغ ( مصر ) .. و هو اللى رفع ( بلاغ ) ...

دى مصيبة سودة يا جدعان

....




اخر الافلام

.. قميص -بركان- .. جدل بين المغاربة والجزائريين


.. مراد منتظمي يقدم الفن العربي الحديث في أهم متاحف باريس • فرا




.. وزير الخارجية الأردني: يجب منع الجيش الإسرائيلي من شن هجوم ع


.. أ ف ب: إيران تقلص وجودها العسكري في سوريا بعد الضربات الإسرا




.. توقعات بأن يدفع بلينكن خلال زيارته للرياض بمسار التطبيع السع