الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


دموع العذراء

يوسف شوقي مجدى

2016 / 8 / 22
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


لعلك من هؤلاء الذين يجعلون القصة حقيقية بتوظيفهم للعقل او لعلك تراها مجرد اسطورة مكررة تنافي منهجك العقلي الجامد ، و لعلك ايضا تري ان "الاسطوري" هو ما ليس له وجودا ماديا لانه لا يوجد في دماغك مكانا الا للحقيقة المادية ، فانت لا تقر قيمة مثلا للحقيقة الشعورية ، و لكن العذراء الهة عظيمة و مظلومة في انٍ واحد ، فها هو العقل بغروره الكبير يريد ان يخضع تلك الانثي العظيمة تحت سلطانه!، و في يوم اذكره ، لمحت تمثال العذراء ، فانفجرت بداخلي افكار و تأملات عدة ، و كثيرا ما يحدث ذلك لي، و لاحظت اننا جمعيا نوجه اعيننا دائما نحو الابن المعذب ، و ننسي او نتناسي الام التي مزق قلبها الالم ، و لن اخشي عندما اعلن انه بحسب العقيدة المسيحية التقليدية ، قد تم الفداء ، عندما نزل بالمسيح كل انواع الالام التي كان يجب ان يقاسيها البشر نتيجة لخطاياهم ، اعلن انه بحسب العقيدة ، فإن العذراء شاركت في فعل الفداء ، لانها تحملت الاما نفسية عظيمة ، الاما، تعبر عن معاناة الامومة الازلية عند كل الكائنات الحية ، عندما تري الام ابنها يكبر و ينضج ، ثم يحاول الانفلات من كنف امه كما حاول الخروج من بطنها من قبل ، كما حاول مردوخ الانتصار علي تعامة في القصة البابلية الخالدة، و يتذكر الابن امه في لحظاته الاخيرة فيوصي بها في لغة رقيقة ، بعدما كان من قبل شابا يافعا منشغلا عن امه تماما ، يَعجب من مفهوم كلمة "امي" عندما اخبره تلميذ ان امه تنتظره ، فيستمر في هدم مفهوم العلاقة بين الام و الابن فيجعلها علاقةً عادية يمكن ان تقام بين اي شخصية تنفذ مشيئة الاب،و لكن العذراء رغم هذا تتابع ابنها عبر طريق الالام فيتألم قلبها ثم يُصلب كما صُلِب يسوع فكما نظرت عشتار الي حبيبها تموز و كما عالجت ازيس ابنها حورس و جمعت اشلاء زوجها ازوريس ، هكذا بكت العذراء علي ابنها يسوع ، فالانثي هي جوهر اما الام و الزوجة و الحبيبة فهؤلاء مظاهر لهذا الجوهر العظيم الذي بدأ في الماضي و لن يتوقف تدفقه ابدا ، حتي ان لم يلتفت الانجيل الي دموع العذراء المؤلمة ، و كانها كانت مجرد وسيلة (لاتمام خطة الله)يمكن ان تستبدل ، فهي الهة مثل اي الهة انثي قديمة ، فعشتار ، زهرة بنت الصبح لم تسقط و لكنها بُعثت من جديد في العذراء… و في زيارة قريبة لدير السيدة العذراء بجبل درنكة باسيوط ، لم اشعر ازاء المباني الجديدة باي شئ و لكنني عندما دخلت المغارة الاثرية ، شعرت بنوع من القدسية في المكان ، القدسية الغير نابعة من المعتقد ، ولكن النابعة من الزمن ، فان صدق التعبير دعنا نسميها "قدسية الزمن"،و عندما رأيت البعض يحني راسه قليلا ليصلي امام صورة كبيرة للعذراء معلقة بداخل المغارة ، قررت ان افعل كما يفعلون ، و اغمضت عيني ، ثم شعرت بقدسية الزمن تلك تكبر فيّ اكثر فاكثر ، فها انا شاب من القرن 21 و امارس طقوس تعبدية للالهة الانثي التي بدأ الاعتقاد بها منذ الاف السنين!!.. و نحن كمصريين ، امة زراعية منذ زمن بعيد ، و اظن ان الالهة الانثي لن تستطيع العيش بعيدا عن تلك الامة ، لاني استطيع القول انه قديما كانت تلك هي البيئة الوحيدة التي كان للانثي دورا فعالا فيها ، فلنترك الهة الرعاة للرعاة! ،و عيد العذراء الذي نحتفل به ليس عيدا للعذراء وحدها و لكنها مناسبة للاحتفال بروح الانثي الخالدة و الاعتراف بفضلها العظيم علي الحياه ، لعل ذلك يُكفر عن بعض الجرائم التي ارتكبت ضد تلك الروح العظيمة و في النهاية احب التنويه ، بانني لا افرض انك ستفهم كلامي مائة بالمائة ، لانك ببساطة لم تجرب ما ذكرته ، او لعل تركيب دماغك يختلف عن تركيب دماغي!! من يعلم ؟! ، فانا اظن انك بالتاكيد ستقول "انه يحاول في مقالته الربط بين موضوعات غير مرتبطة " ، و اكرر هذا بسبب اننا يمكن ان نكون مختلفين لا اكثر ولا اقل ، او لعلك تضعني في قالب معتقد معين ، و هذا الذي ارفضه تماما ، لانك لن تستطيع فانا قد حاولت قبلك!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الرد الإسرئيلي على إيران .. النووي في دائرة التصعيد |#غرفة_ا


.. المملكة الأردنية تؤكد على عدم السماح بتحويلها إلى ساحة حرب ب




.. استغاثة لعلاج طفلة مهددة بالشلل لإصابتها بشظية برأسها في غزة


.. إحدى المتضررات من تدمير الأجنة بعد قصف مركز للإخصاب: -إسرائي




.. 10 أفراد من عائلة كينيدي يعلنون تأييدهم لبايدن في الانتخابات