الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
نأخذ من كل -رجلا- قبيلة
فاطمة ناعوت
2016 / 8 / 23بوابة التمدن
==============
بدايةً، ممنوع منعًا باتًّا محاسبتي على أخطاء اللغة "المتعمَدة" في هذا المقال، الذي أرجو ألا يكون صادمًا لقرائي الذين اعتادوا منّي على التدقيق اللغوي والكتابة الأدبية الرصينة. فهذا مقال "قلش"، أي: "ألش"، أي: "تهريج". زي ما كل حاجة في بلدنا بقت قلش وتهريج. ماهو لما واحد ميعرفش يكتب لفظ الجلالة، ويكتبه بالتاء كداهو: (اللة)، ثم يزعم أنه حامي حِمى القرآن الكريم، ويرفع قضايا على أدباء؛ لأن قدراته اللغوية لا تؤهله لفهم الرمز والمجاز والمعجميّ والاصطلاحيّ والتناصّ والاجتزاء، يبقى ده موسم القلش، الذي معه يسقط الحق في محاسبة هذا المقال لُغويًّا وعدّ الأخطاء الإملائية والصياغية الي "ارتكبتها" عامدةً متعمّدةً؛ من باب الرفض والامتعاض والتمرّد وإعلان حالة العصيان اللغوي! وأما "القلش"، فليس بالضرورة أن يأتي من الفرح والسرور، ولا الضحك لازم يجي من السعادة والحبور. بل ربما جاء "القلش" من الهمّ والغمّ. لأن الَمثل يقول: “سِتّنا أمُّ أُمّنا قالت لنا: الضحك على تلات أربع ألوان. ضحك م الغُلب، وضحك م الغَلَبَة، وضحك من قلّة النَصَفة.” أنا طبعًا معرفش إيه "الغَلَبَة" اللي محشورة في النُّص، ربما لدواعي الإيقاع الشعري ولزوم ما لا يلزم. لكن قطعًا عارفة "الغُلب"، وعارفة "قلّة النَصَفة". أما "الغُلب"، فهو حالنا نحن المثقفين الغلابة واحنا عمالين نقع واحد ورا التاني في قضايا حِسبة، وازدراء أديان، وتكفير. منّا مَن دخل السجن ومنّا من ينتظر. وأما "قِلّة النصفة"، فلأن الدستور لم ينصفنا مع أن بنوده تحمينا وتمنع حبس أي كاتب على رأي، ما لم يخُض في عِرض أحد، ولا أجّج عنصرية، ولا حرّض على عنف!!
مش بس الدستور اللي بيحمينا، كمان الرئيس عبد الفتاح السيسي بُحّ صوتُه في المناداة بتجديد الخطاب الديني، واحترام المفكرين والعلماء والأدباء، ومحاججة الحُجّة بالحُجة، وقال لنا، في لقاءاته بالمثقفين والأدباء: “أنتم ضمير مصر، عليكم حمل مِشعل التنوير وإصلاح ما أفسده المتطرفون في عقول الناس.”
لكن "سوء استخدام حقّ التقاضي"، يسمح لكل من هبّ ودبّ يقاضي أي حد دمّه تقيل على قلبه ويلبّسه قضية ازدراء أديان! فمثلا، الفتى العظيم الذي قاضاني، اعترف بلسانه في برنامج "العاشرة مساء" يوم 2 أبريل الماضي مع وائل الإبراشي بأنه أرسل لي رسالة خاصة على فيس بوك، ولما مردتش عليه، راح خابطني قضية عشان بوست كتبته على صفحتي! ولما اترفعت عليه هو قضية سب وقذف وتشهير لأنه شتم قاضي، كتب على صفحته: “ما يُنشر على الصفحات الشخصية هو تواصل في إطار العلاقات الودية بين الأصدقاء ولا يتحقق به ركن العلانية!!” سيبك من التناقض المخجل في موقفه لما يبقى "خصم" ولما يبقى "مُختصَم"، مش ده موضوعنا. موضوعنا هو التناقض بين ما يريده الرئيس السيسي، وما يريده المحتسبون الذين يُسمح لهم باغتيال الأدباء والمفكرين كل يوم. هناك حملة ممنهجة من الأشرار لتفريغ القوة الناعمة ووأد الانتلجينسيا المصرية التي لو سقطت، يسقط قلبُ مصر وعقلُها، على طريقة أبي لهب وهو بيقلش: "لنأخذ من كل رجلا قبيلة": إسلام بحيري، ثم حضرتي، ثم د. سيد القمني. وغدًا وبعد غدٍ مثقفٌ جديد وأديب جديد ومفكر جديد! لييييه؟ لأن الدستور لم يُفعّل. ولأن البرلمان مشغول بقضايا أهم من قضايا الفكر والحريات والغلاء والبطالة والتعليم والصحة. ولأن مصر وقعّت على الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي به مادتان (18-19) تحميان حرية التعبير. الرئيس طالب بتجديد الخطاب الديني واحترام الفكر، لكن للمحتسبين رأيًا آخر. وصدق الله تعالى حين قال في مُحكم آياته: “من المؤمنين رجالٌ صدّقوا ما عاهدوا اللهَ عليه، فمنهم مَن قضى نحبَه، ومنهم مَن ينتظر.”
فاطمة ناعوت
المصري اليوم
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. الانتخابات الرئاسية في السنغال: باسيرو فاي ينال 54,28% من ال
.. إسبانيا: النيابة العامة تطالب بسجن روبياليس صاحب القبلة القس
.. نتنياهو يأمر بشراء عشرات آلاف الخيم من الصين لإنشاء مخيم في
.. كامالا هاريس تصفق لأغنية إسبانية داعمة لفلسطين خلال زيارتها
.. قناة إسرائيلية: إدارة بايدن طلبت من إسرائيل السماح لضباط أمر