الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


على بساط البحث : قطيعتنا مع الفلسفة والفكر الحر وتداعياته في حياتنا العامة والخاصة...

مسَلم الكساسبة

2016 / 8 / 27
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


على بساط البحث : قطيعتنا مع الفلسفة والفكر الحر وتداعياته في حياتنا العامة والخاصة...
مسَلم الكساسبة
[email protected]
(1)
--------------

كثيرا ما يقال أن الحضارة الغربية بما هي فيه وما هي عليه اليوم من قوة ورقي هي هبة الفلسفة الاغريقية ومن بعدها ثمار الفلسفة الاوروبية الحديثة في الفكر والنظم السياسية والاجتماعية... الخ . وهذا صحيح الى حد ما .

وهو اذا صح فعلا فإن ما نحن فيه بدورنا من تخلف وترد هو بدوره نتيجة مجافاتنا وقطيعتنا مع ثمار الفكر الحر ومناهج التفكير العلمي والمنطقي بشتى صورها .. وتراجعها لصالح الدوغمائيات والأفكار اليقينية الباتة وغير القابلة للمراجعة والنقاش .. والتي ينحصر دور العقل فيها بالتسليم وحفظ وازدراد ما القي اليه وتنفيذه .. مع ما لهذا النمط من التفكير والتربية العقلية من تطبيقات وانزياحات في السياسة وأنظمة الحكم والتعليم والحياة بمجملها بما فيها الاخلاق ذاتها باتصافها بكونها ، على الجانب الانساني منها ، اخلاقا إقصائية متعجرفة متعالية ، ليس على الاخر نفسه فقط .. بل وعلى الذات المختلف عنا أو معنا برأي أو اجتهاد ، متعجرفة على المعرفة البحثية باعتبار ان كل شيء معروف مفسر سلفا وأننا نملك الحقيقة وتفسير كل شيء .. وان اي محاولة للسعي للفهم والتفسير خارج هذا المسار هي خطأ وخروج آثم عن جادة الصواب تستلزم وتستدعي الرفض والإدانة وما يتبعهما من افعال الجفاء والكراهية وما يلحقها مما نعرف ونشاهد من عنف ومحاولة نفي لذلك الآخر المختلف تصل حد السحق الفيزيائي والتدمير المادي بعد المعنوي..الخ .

في حين -وهنا المفارقة المذهلة وغير المفهومة - تبقى ، اي تلك الاخلاق ، في الجانب التعاملي البراغماتي منها نفعية مادية بشراسة ودون ان تتأثر بذلك الكم الهائل من الطوباويات والمثاليات ، ما يؤشر فعلا على مشكلة كبرى هي في كثير من اسرارها وحل شيفرتها تعود لذلك النمط من التربية العقلية والبنيان العقلي المعرفي المفروض على العقل .. والذي لا دخل له أصلا -اي العقل- في انتاجه او حتى مناقشته ومحاولة استيضاح ما يشكل على الفهم منه .. ويتحدد دوره فقط في التهامه وحفظه والدفاع عنه باستماتة.

من هذا المنطلق وضمن سياسة الصفحة كمدونة او موقع للكتابة ونشر الرأي أكثر منها صفحة اجتماعيات - نعرض هنا لآراء وفلسفات وكتب وملخصات كتب في مختلف ميادين المعرفة كالفلسفة والعلوم والآداب .. ودون تحيز أو تبن لاتجاه فكري أو فلسفي بعينه أو الترويج له .. او ان ما نعرضه من تلك الآراء والكتب هو بهدف التنظير أو الترويج لفلسفة أو اتجاه فكري ما دون غيره .او تبنيه ..

بل هو بالدرجة الاولى بهدف تنويري وللتعريف بشتى الافكار والفلسفات المؤثرة في مسار الحضارة والتاريخ البشري . وكذلك هو للتحريض على تعددية المعرفة وثمارها بعرض تلك الثمار والتذكير بها وبتأثيرها في البنيان الاجتماعي للبشرية أو للمجتمعات التي آمنت وتعاطت بها. وأيضا لوضع اليد على مكان الجرح والألم في محاولة منا مع من يحاولون ..

على بساط البحث (2)
--------------
ان الجفاء والقطيعة التي تمت تاريخيا بيننا كأمة وبين الفكر الحر والفلسفة بالذات بصفتها جذر ذلك الفكر وأغصان شجرته المورقة هو ما اثر على بنياننا المعرفي والعلمي وحياتنا العقلية العربية بشكل عام ..

لذا فإننا اذ نحاول اعادة الاعتبار للفلسفة ومن ضمنها العقل والنظر العقلي الحر المرن القادر على محاورة واستيعاب كل الافكار والآراء والفلسفات دون تشنج او افكارا قبْلية مسبقة انما نفعل هذا في ذات السياق وبهذا الفهم الديناميكي المرن ..

ان مجافاتنا للتسامح الفكري وتقبل الآخر والنظرة الفوقية للأغيار هي قي جانب كبير منها متأثرة بمصادرنا الفكرية والعقلية والتي هي بدورها في قطيعة ومجافاة للتعددية والتفكير المرن الحر المتسامح ..

ونظرا لحاجتنا كأمة ونحن نمر في ظروف قلق الهُوية ونواجه مفترقات وأسئلة مفصلية ملحة نحتاج فيها لتغليب العقل والنظر العقلي الذي تراجع في تاريخنا الطويل لصالح الدوغمائيات والفكر القدري والأحكام ألباتة بينما حورب العقل ومن ضمنه الفلسفة ذاتها باعتبارها محاولة للتفكير الحر الناقد وباعتبارها سؤال دائم وبحث دائم عن الحقيقة ..لذا فجزء من هذا الجهد بدوره هو لإعادة الاعتبار للتفكير الحر الناقد الذي حورب ومورست عليه شتى صنوف التشنيع والتسفيه والإرهاب..

على بساط البحث (3)
-------------

من هذا المنطلق نشرنا هنا في هذه الصفحة وفي اوقات سابقة مداخلات عديدة في التعريف بشتى الفلسفات الكبرى المعروفة كالمثالية والمادية .. وكذلك تكلمنا عن مباحث الفلسفة وأسئلتها الكبرى وسنعاود ذلك كلما اتيحت الفرصة او كان ثمة ما يستدعي ..

ووضحنا او المحنا للجذور التاريخية للعزوف عن ومجافاة التفكير الحر المتجرد من الافكار القبلية والتحيزات المسبقة ومن ضمنه الفلسفة والتي تم شيطنتها واتهام المشتغلين بها في تاريخنا بشتى الاوصاف كالزندقة والإلحاد .. وهو نوع من الاسقواء بالمعتقد الديني لتأليب العامة على كل من قرر أن يفكر .. مما نتج عن ذلك ان تراجعت الفلسفة والنظر العقلي والفكر الحر لصالح اتباع الفكر الدجماطيقي..وتراجع معها التسامح ومرونة الموقف الاخلاقي والفكري والموقف من ألآخر وهو ما نصطلي لظاه اليوم ونعاني منه اقسى معاناة.
ان الشعور بالألم والإحساس بالمسؤولية تجاه ما نرى من مآس مما ادى له ضيق الافق والنظرة الواحدية والفكر البات المغلق على اتباعه هو ما يحركنا لمثل هذه المحاولات لإعادة الاعتبار لمصادر التسامح في الفكر والعقل ومن اهمها الفكر الفلسفي
الحر دون الدعوة او الترويج لاتجاه فكري فلسفي بعينه دون سواه والا وقعنا في ذات المشكلة التي نشكو منها اصلا .

على بساط البحث (4)
--------------
ولأن الفلسفة هي ام العلوم وجذرها .. وأي علم لا تطوبه وتباركه وتجيزه الفلسفة بمناهجها وبديهياتها التي هي وحدها المسؤولة عن فحص صحتها ومشروعية ما ستنتج من معرفة يظل ناقصا .. لذلك وايمانا وادراكا لهذا الاعتبار فعلى المستوى الشخصي وبعد دراستي لأحد العلوم البحتة والتطبيقية وحصولي على درجة اكاديمية بها عدت من جديد لدراسة الفلسفة لأحصل على درجة اكاديمية بها هي الاخرى ، وهنا في فقرة التعريف بالكاتب اضع هذه الدرجة هي الاولى في مقدمة الدرجات الاخرى رغم تاخرها عليها زمنا ، واعدها -اي دراسة الفلسفة - اصوب من اصح القرارات .. فبدون الفلسفة التي هي حكمة التحقق من المعرفة وصواب ما عرفناه منها او زيفه سيظل ثلثا العقل إما معطلا وغير عامل او عامل من غير توجيه ..وهي مصيبة الامة العربية حيث أن الموقف من الفلسفة والحكمة موقف قديم جدا ، وقد ابتدعت واشتقت مصطلحات مقززة لوصف المشتغلين بها كالزنادقة والمهرطقين والشكاك والدهريين ...الخ. وكلها اوصاف يجمعها انها نُحتت لتطلق على من يحاول ان يفكر بشكل حر بمعزل عن اشتراطات الفقهاء والجماطيقيين وتأويلاتهم . وكمصطلحات مختصرة لشيطنة من يحاول ذلك ووصمه لدى العامة بشيفرة مختصرة متفق عليها لدى الخاصة .. تماما كما كان غوار الطوشة الممثل السوري يشيطن خصمه في الانتخابات بان يهمس في اذن الفلاحين البسطاء قائلاء : اخي هذا فلان تقدمي ..تقدمييييي ّ ويمد الياء مشددا عليها فعل من يريد أن يوحي لهم ان تقدمي تعني مصيبة ستحل على رؤوسهم ان هم انتخبوه ..!

لذلك فقد كان الغاء مادة الفلسفة من مناهجنا هنا بقرار من وزير اسلامي تولى حقيقيبة التربية في السبعينات من القرن الفارط هو امتداد لذات العقلية المجافية للعقل والحكمة والمنطق واسخم قرار اتخذ او يمح له ان يمر ، ما يدل على ان الاسلاميين شأنهم شان كل اصحاب الفكر الدجماطيقي الشمولي المغلق والمتروس ترسا ، والذي يعتقد ان لديه حلولا سحرية جاهزة لكل مشاكل العالم في حين امه هو - اي مثل ذلك التفكير - من اكبر مشاكل العالم - اقول كان الغاء الفلسفة بما هي سؤال متحرر من كل التحيزات المسبقة عن الحقيقة ، كان اسوء قرار سمح له ان يمر ، ويدل على غباء وضيق افق ، وهو احد دلائل تعصب وضيق افق احزاب وتيارات الطرح الشمولي بما فيها الاحزاب القومية والدينية ، وإنها بالتالي تيارات سعت دائما للهيمنة على المشهد باحتكار مؤسسات صناعة العقول من جهة وبواسطة اقصاء الاخر ونبذه وشيطنته وليس التحاور والتنافس الشريف معه ، اي اتبعت الحماية الاغلاقية لتبقى هي وحدها البضاعة الوحيدة في الساحة فتبدو هي البضاعة المنتصرة والفائزة او الصائبة ..


وهو بنفس الوقت - ذلك الالغاء - يدلنا على انه لا توجد لدينا في عالمنا العربي استراتيجيات دولة تقيد الوزير ضمنها بحيث تكون صلاحياته موجهة ضمن اطر عامة لتلك الاستراتيجيات بعيدة المدى والنظر ..

او فالمعنى الاخر ان ذلك الالغاء يلتقي مع توجهات الدولة ذاتها والا لما سمحت به .. وقد سبق لنا واشرنا اكثر من مرة هنا على هذه الصفحة ، اشرنا الى ذلك التحالف بين السلطتين السياسية الدينية في مواجهة الفكر الحر الممتنع من التبعية لأي منهما والذي يسعى لتنوير العقول ولإثارة وإنارة الاسئلة الانسانية الكبرى والخالدة ..

يذكر في هذا الصدد ان الدول الداخلة في حلف الناتو والمعسكر الغربي تحالفت دوما مع الاسلاميين وأتاحت لهم ضمن الصفقة اياها هامشا من الحراك وذلك ابان عهد الاستقطاب والحرب الباردة بين المعسكرين الرأسمالي والاشتراكي او السوفييتي ان شئتم ..

وفي التاريخ كثيرا ما تحالفت السياسة الرسمية ممثلة بالسلطان او بالسلطة الزمنية مع اي ما يخدم ويكرس سلطانها ومصالحها حتى لو مع الشياطين من اجل تلك المصالح ومن اجل السلطة ذلتعا ، وما تعرض له مفكرون وفلاسفة خالدون من امثال ابن رشد وغيرهم مثال على ذلك التحالف .. اذ كثيرا ما استغلت واستعملت السلطة السياسية الدين والفقهاء الدجماطيقيين الحرفيين سواء أكانوا فقهاء فكر ديتي او قومي او اي فكر متعصب اخر .. استخدمتهم ووظفتهم بطريقة كيدية لتأليب العامة والغوغاء على المفكرين الاحرار تمهيدا اما لمحاكمتهم وإيذائهم وشيطنتهم او حتى تصفيتهم احيانا لعزل وشيطنة فكرهم وما يدعون له وإضعاف تأثيره ..في حين انه في حقيقته ما هو إلا دعوة لاستعمال العقل ونبذ الهرطقة والخزعبلات ...

ويبقى هذا الباب من البحث مفتوحا على مصراعيه مهما قيل فيه .. لان في مجافتنا للعقل والعقلانية تكمن الكثير من بلاوينا ومصائبنا ...













التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هنية يزور تركيا لإجراء محادثات مع الرئيس التركي رجب طيب أردو


.. توقعات بموجة جديدة من ارتفاع أسعار المنتجات الغدائية بروسيا




.. سكاي نيوز عربية تزور أحد مخيمات النزوح في رفح جنوبي قطاع غزة


.. حزب -تقدّم- مهدد بالتفكك بعد انسحاب مرشحه لمنصب رئاسة مجلس ا




.. آثار الدمار نتيجة قصف استهدف قاعدة كالسو شمالي بابل في العرا