الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فلسفة التوافقات

فريدة النقاش

2016 / 8 / 31
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان



يتواصل النقاش حول المصالحة مع الإخوان، وهى الفكرة التى تدفع بها الأزمة الطاحنة التى تعيشها البلاد، ومن أهم مظاهرها تفاقم الوضع الاقتصادي، وانخفاض قيمة الجنيه وارتفاع سعر الدولار، ويلجأ دعاة المصالحة إلى الإشارة للدور القذر الذى يلعبه التنظيم الدولى للإخوان فى أوروبا وأمريكا وحتى فى بعض دول الخليج لحصار مصر اقتصاديا، عبر التلاعب بأسعار العملة أو تحويلات المصريين والخضوع لإملاءات القوى الإمبريالية التى تخطط لإسقاط مصر.
ويقول دعاة المصالحة إن هذا الدور سوف يتوقف وإدماج الإخوان فى الحياة السياسية للبلاد “ويا دار ما دخلك شر” كما يقال ولكن الوعى الشعبى العميق بالخطر الجدى الذى يمثله هذا اليمين الدينى ومشروعه المرتبط بالمخططات الاستعمارية لتفتيت المنطقة على أسس دينية وطائفية وعرقية وقبلية، هذا الوعى وقف – حتى الآن – حجر عثرة فى طريق ما يسمى بـ “المصالحة مع الإخوان” وخاصة بعد تكشف إنغماسهم المتزايد فى الأعمال الإرهابية فى سيناء وفى الوادى مستهدفين إنهاك الجيش والشرطة وهى المؤسسات التى طالما حلموا – بل وخططوا – للسيطرة عليها.
يتطلب الإجهاز النهائى على مشروع المصالحة مع الإخوان الذى يدعو له بعض أصحاب المصالح السياسية والاقتصادية يتطلب أولا أن تتم هزيمة الإرهاب عسكريا حتى لا يبقى لديهم أمل فى مزيد من استنزاف البلاد، أما الشرط الثانى والأهم فيتمثل فى بناء التحالف الواسع بين القوى الاجتماعية شديدة التنوع والتى تمثلها الأحزاب المدنية، والنقابات العمالية والمهنية، وما تبقى من الحركات الاجتماعية، ومنظمات المجتمع المدني، وعلى الأجهزة الأمنية أن ترفع يدها عن هذه المنظمات جميعا كخطوة أساسية فى اتجاه استكمال الإجهاز على مشروع المصالحة مع الإخوان من جهة، وعلى الإرهاب من جهة أخري، ولطالما حذرت القوى الديمقراطية على اختلاف منطلقاتها من الاكتفاء بالمحاربة الأمنية للإرهاب الذى لن تفلح مواجهته إلا بعد بناء منظومة متكاملة من الفكرى والسياسى والثقافى والأمني.
تعرف الحياة السياسية جيدا أن كل مساحة فارغة سوف تجد من يملأها، وأن السلفيين قد شغلوا بمهارة فائقة وبأموال باهظة المساحة الفارغة بعد إزاحة الإخوان من المشهد، وبمساعدة من القوات المسلحة.
فعل السلفيون ذلك بينما تقاعست القوى السياسية المدنية، وانشغلت كل منها على حدة بمشكلاتها الداخلية بعد أن كانت السلطة الجديدة قد همشتها فى كل من خطابها وممارستها، ولكن هذه القوى أخذت تدرك الآن وإن ببطء أن عليها أن تتقدم لتكون فاعلة إيجابيا لا فحسب فى الساحة السياسية، وإنما أيضا فى صياغة بدائل يمكن التوافق حولها للسياسات التى تتبناها الحكومة والتى أدت إلى غضب جماهيرى واسع.
وليس حتما أن يتم هذا التوافق فى مواجهة السلطة القائمة، بل يمكن إنجازه بالتعاون مع أجنحة فيها ترى أن أهداف الموجات المتعاقبة من الثورة لم تتحقق بعد، وأن صبر الطبقات الشعبية، والطبقة الوسطى التى تنحدر بسرعة قد قارب على النفاد، لولا أن امتنان الجميع للرئيس “عبدالفتاح السيسي”، بسبب موقفه الشريف ضد مشروع الدولة الدينية، وانحيازه للشعب كقائد عام للقوات المسلحة بعد الموجة الثانية من الثورة فى 30 يونيه 2013.
ستكون فلسفة هذا التوافق المطلوب والجديد مسألة معقدة وليست معادلة بسيطة، إنها مركبة من الوحدة والصراع من التوافق التام على الاختيار الوطنى للسلطة، مع الاعتراض على حزمة السياسات الاجتماعية الاقتصادية التى ستقدم لها هذه القوى بدائل ممكنة التطبيق مسترشدة بتجارب مشابهة لبلدان رفضت الخضوع لروشتة المؤسسات المالية الدولية ونجحت فى الخروج من أزمتها.
ولن يكون مركب الوحدة والصراع فى التوافق المطلوب خاصا فحسب بعلاقة هذا الحلف الاجتماعى بالحكم فى مصر، ولكنه سيكون فاعلا أيضا فى علاقات هذه القوى ببعضها البعض، فبقدر ما بينها من الاتفاق، وبينها أيضا خلافات ستكون توجهات وآليات حلها دروسا ثمينة للنضال الوطنى والاجتماعى المصرى فى الأيام القادمة.
ويعرف الجميع حتى بمن فى ذلك كبار الرأسماليين الذين يعملون على تعطيل كل إصلاح اجتماعى جدي، يعرفون أن هذه الأيام القادمة سوف تشهد احتداما هائلا للصراع الطبقي، والغليان الاجتماعى سوف يعمل هذا الحلف الاجتماعى التوافقى الواسع على تنظيمه وتوجيهه إلى المسار السلمى من أجل وضع أهداف الموجات الثورية ووضع التطبيق والرد على القائلين إن الثورة كانت عبثا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - منذ وقوع الانقلاب قدمت اغراءات للاخوان ولم يقبلوها
عبد الله اغونان ( 2016 / 9 / 1 - 04:27 )

لايمكن احتواء الاخوان لأنهم متشبثون بمبادئ معروفة

الحرب معلنة بين الانقلاب وبين من ناصروه لااقتناعا به بل فقط لاسقاط الاخوان

الواقع السياسي والاقتصادي بدأ يفعل فعله في اسقاط الانقلاب

الاخوان تعودوا النضال ويتحينون الفرصة القادمة

التوافق بين الانقلاب وبين الأحزاب والقوى المدنية والنقابات لاتوجد عليه مؤشرات

اذ بأسهم بينهم شديد

فلعل الله يحدث بعد ذلك أمرااااااااااااااااااااااااااااااااااااااا

اخر الافلام

.. السودان الآن مع عماد حسن.. هل سيؤسس -الدعم السريع- دولة في د


.. صحف بريطانية: هل هذه آخر مأساة يتعرض لها المهاجرون غير الشرع




.. البنتاغون: لا تزال لدينا مخاوف بخصوص خطط إسرائيل لتنفيذ اجتي


.. مخاوف من تصعيد كبير في الجنوب اللبناني على وقع ارتفاع حدة ال




.. صوت مجلس الشيوخ الأميركي لصالح مساعدات بقيمة 95 مليار دولار