الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


للتعريب بالقوة نعم ، ولرفضه ولو بالكلام لا .

صالح حمّاية

2016 / 9 / 14
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


من المقولات التي طالما كررتها على مسامع أصدقائي في نقاشاتنا حول مسالة الإسلام والقانون في منطقتنا ، هو أن الإسلام في هذه البقعة فوق القانون و الدستور وكل الأعراف ، فالحكومات و القضاء و أجهزة الأمن صارمة في كل شيء إلا إذا تعلق الأمر بجريمة ترتكب بإسم الدين الإسلامي، حيث معها سيتم اختلاق الأعذار و الحجج ، وحتى يتم تغيير القوانين و التلاعب بها لمنح المجرم عذرا للتملص من سلطة العدالة ، ولدينا نماذج لا تعد ولا تحصى من قصص إعلاء الدين فوق القانون و العدالة في منطقتنا على غرار مكافئة السفاحين في قضايا الشرف في الأردن مثلا ، أو المغتصبين إذا قرروا الزواج من انتهكوا أعراضهم في العراق ، أو العفو عن الإرهابيين و سافكي الدماء بإسم المصالحة و الوئام المدني كما في الجزائر ، الخ من الفواجع التي تشهدها منطقتنا إتجاه هذه المسألة ؛ ولكني ورغم يقيني السابق بتلك الفكرة فيبدو أني كنت مخطئ في هذا الأمر ، فليس الإسلام وحده هو الذي فوق القانون فقط كما كنت أرى ، بل وكذلك لغته العربية أيضا ، فهي أيضا فوق القانون و فوق المنطق حتى ، بدليل أنك مثلا حين تحتج عن الإرهاب الذي يعشش في هذا اللغة ، والبؤس الذي تعاني منه كلغة ميتة لا تقدم للعالم أي شيء مفيد حاليا ( راجع مقالنا " محاربة اللغة العربية كآلية لمكافحة الإرهاب و التخلف " ) فأنت تجد مع هذا من يدافع عنها ، و يبجلها ، ويعتبر كلامك عن التخلي عنها كلاما عبثيا؛ هذا في الوقت الذي لم نرى فيه مثلا أن من يؤيدون فرضها بسطوة الحديد و النار يقولون هذا الكلام حين أبادوا لغات الآخرين بالقوة ، فحين تم انتهاج سياسات التعريب القسري مثلا في سنين سابقة ، لم يقل أحد من أنصار العربية "أن هذا عبثي" ، أو" أنه من المستحيل تغيير لغة أمة بالقوة والإكراه " و لكن طبعا كل هذا لا يهم، فالمهم هو أنه و حين يتعلق الأمر باللغة العربية فكل هذا يجب نسيانه ، لأنها لغة يحميها الإرهاب والعنف و قرون من التقديس الأعمى الذي ألغى المنطق و العقل لدى كثيرين ، فكذلك حين نتكلم عن أنها لغة موبوءة بالجهل والتخلف و الإرهاب ، ونطرح أدلة على أنه لا يوجد أي أبداع في تلك اللغة يجعلنا ننحاز لها أو نؤيدها ، فتجد من يحاول اختراع مبررات واهية لك لمعارضتك، من قبيل أن دولا غير ناطقة بالعربية مثلا هي كذلك تعاني من الإرهاب و التخلف ، مع أنه هذا الصديق قد تناسى ان تلك الأمم لم تعاني ما عانت ، الا بسبب الضخ الرهيب من الدعاية الدينية القائمة على الموروث المكتوب باللغة العربية لها ، فحين نتحدث عن الجهل في أفغانستان وباكستان و الصومال وغيرها ، فلا يمكن لعاقل له ذرة وعي تجاهل أن تلك الدول غارقة في الموروث الديني العربي ، فنعم تلك الأمم لا تنطق العربية ، ولكنها ضحية لعملية ترجمة رهيبة نقلت لها أوبئة اللغة العربية ، و هو ما يعني في النهاية أن أس البلاء هو اللغة العربية في الأساس ، فتلك الشعوب مؤكد أنها لم تكن لتعاني تلك الحالة لولا الترجمة والضخ الذي تعرضت له من اللغة العربية ، والذي وكما نعلم فقد دفعت أتعابه الدولة التي تعرف نفسها بأنها الدولة العربية ( وهي المملكة العربية السعودية ) أي الأمر في النهاية كلها راجع للعربية ، و طبعا الكلام نفسه يقال عن الدول الأوربية التي اليوم تعاني من تفشي الفكر الإرهابي بين مواطنيها ، فهذا الإرهاب لم يكن سوى نتيجة لترجمة التراث الديني الإسلامي المدون باللغة العربية للغات تلك الدول ، و الذي تم نشره بمباركة الدولة العربية الحامية للعربية ، وهو طبعا ما يجعلنا نقول بالبداهة ، أنه اذا كانت تلك الدول وقعت ضحايا للجنون و الشر الذي تصدره اللغة العربية لهم عن طريق الترجمة ، فكيف سيكون حال الناطقين بها ، فبديهي هنا أن الحال سيكون أسوء لأنهم الأكثر عرضة للإرهاب لأنه لا حتاج أن يترجم لهم ؟.

ولكن عموما وما الحاجة لهذا الكلام ، فكل هذا الكلام الذي نقول يتم تجاهله ، و يتم التعامي عنه عمدا ، ويصبح المنادي بمقاطعة اللغة العربية و محاربتها متطرفا وإرهابيا خائنا لمبادئ التنوير و التسامح ، بينما من يعمل على السماح بتغلغل ذلك الوباء كميكروبات الايدز التي تدعي أنها خلية طبيعية لكي لا يهاجمها جهاز المناعة ، بينما هي جرثومة فتاكة تفتك بالجسم ، هو الذي على صواب و على حق ، فبقوة التجهيل يغدو الدين الإسلامي ولغته فوق القانون ، وعلينا جميعا أن نبارك له نشر الإرهاب والتطرف والإجرام بدون أي رد فعل ، لأنه علينا أن نكون علمانيين وان نسمح بالإجرام ونشر الإجرام بإسم قيمنا العلمانية ، هذا مع أنه في الواقع ، أن الأصل في العلمانية هو أنها تضمن حرية الاعتقاد ، ولكن ليس حرية نشر الكراهية و التطرف والإرهاب ، فالدين الذي يحق له حرية الاعتقاد في النظام العلماني ، هو الدين المتعايش مع جميع الأديان الأخرى ، والذي لا يستغل مساحة الحرية الممنوحة له لهدم هذا النظام الذي يتيح الحرية ، وطبعا فاللغة العربية هي الأخرى صارت فوق المنطق ولا يجب التعرض لها ، هذا مع أن من أسس العلمانية المركزية أن تكافح التمييز على أساس اللغة والعرق ، وهو الأمر الذي يمارسه دعاة التعريب و الحفاظ على اللغة العربية ، ولكن كله هذا لا يهم قوله بالنسبة لمن يحملون هذا الراي ، لأنه في اللحظة التي يتخلى فيها الإنسان على قدرته في النظر للحقيقة بسبب حالة غسيل الدماغ والتقديس الأعمى المغروس في لاوعيه منذ نعومة أظفاره ، فطبعا هذا الإنسان سيصبح خاضعا خضوعا كليا ، ولن يتمكن من التحرر.. لا لأن هناك قوة إرهابية تفرض عليه تقبل تلك الأفكار ، ولكن لأنها حالة من الإستكانة لقيود ذهنية مزروعة عبر السنين ، ونحن نعلم كيف أن الفرد لدينا يتم إنتهاك لاوعيه من نعومة أظفاره ، حيث يؤذنون في أذنه الأذان العربي لنخر عقله منذ الولادة ، ولا ينتهي غسل الدماغ طبعا حتى الممات ، وهكذا فأنت قد ترى هؤلاء يلبسون لبوس المنطق و العقلانية و الإنصاف في كلامهم مع المخالفين ، ولكنهم في الصميم مجرد مكررين لما تم غسيل أدمغتهم عليه ، وعليه وبالنسبة لهؤلاء فمن يريد موقف حصيف منهم، ومن أرائهم ، فالأجدى هو التجاهل و الشفقة على افتراض حسن النية ، فمهما يكن يجب عذر الحالة التي وصل لها هؤلاء بسبب حجم الإرهاب الفكري وغسيل الدماغ الذي تعرضوا له ، والذي لا ندري أيمكن التخلص منه أو لا حتى ولو عن طريق هؤلاء الذي يسمون متطرفين و اقصائيين كما يدعونهم ، لأنه في النهاية كما تعتبر الأورام الخبيثة مشرط الجراح إستئصاليا و إجراميا بحقها ، فكذلك تعتقد العقليات الواقعة ضحية الدجل و الخرافة وغسيل الدماغ ، الأفكار التنويرية الصادقة تطرفا و تشددا ، ولكن طبعا متى كانت العقلانية تنحاز لرأيي الورم الخبيث ، او العضو المريض في الجسم و الذي يحتاج للاستئصال ، بدلا عن رأي الطبيب المبني على العقلانية والحجة المبرهن عليها بالدليل ؟ .


ملاحظة : الاطلاع على المقالين هنا ضروري ، لارتباط المقال الحالي بهما .

http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=530788

http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=530788








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - لم تفرض اللغة العربية بالقوة
عبدالحكيم عثمان ( 2016 / 9 / 14 - 18:55 )
في تركيا رغم انه كانت تحت الحكم الاسلامي العربي-لازال شعبها يتحدث التركية وكذا ايران وكذا وكذا الهندوالباكستان وكذا الاكراد
ولكن فرنسا عندما استعمرت البلدان فرضت عليه اللغة الفرنسية بالقوة وكذا اسبانيا وكمذا في جزر الكناري فاليوم غالبية دول امريكا الجنوبية التي استعمرتها اسبانيا لغتهم الرسمية الاسبانية وبعض الدول التي استعمرتها البرتغال لغتهم الرسمية البرتغاليه والهند التي استعمرها البريطانين لغتهم الرسمية وحتى المجتمعية الانكليزية والقائمة تطول
فاتهامك بان العرب فرضوا لغتهم على الشعوب اتهام لايركن الى الحقائق واتهام باطل


2 - حاول الاستعمار محاربة العربية ففشل
عبد الله اغونان ( 2016 / 9 / 14 - 19:49 )

فكيف بكم أنتم

العربية مرتبطة بالدين وهذا سبب قوتهاااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااا

الحجة هنا في هذا المقال فالتواصل قائم بالعربي الفصيح ويستحيل بلغة أخرى


3 - ألأخ صالح حماية .. أنا ضد التعريب ولكن
ماجد جمال الدين ( 2016 / 9 / 14 - 20:29 )
ولكنك في مقالاتك الأخيرة تهجمت بشراسة على اللغة العربية وليس على سياسة التعريب ولا على الإسلام والفكر الديني ,, ولذا لم أقرأ مقالك هذا
,,


4 - اللغة الدينية ميتة
ماسنسن ( 2016 / 9 / 14 - 22:49 )
اللغة العربية وُلدت ميتة لأنها لغة دين : اللغة الدينية توظف لخدمة الدين وللدفاع عن الدين ولستر عيوب الدين لذلك ترى الفقهاء مثلا أوجدوا معاني عديدة لكلمة كان إستعمالها مشكلا في القرآن،والعجيب أن أقوال مضحكة من قبيل ثراء اللغة في تعدد معاني نفس الكلمة يرددها سدنة وهم العروبة والإسلام إلى اليوم. الدين خرافة ولا يمكن أن يصلح لتطور الشعوب ورقيها وكذلك لغته : الغرب لم يتطور فقط بتقليم مخالب المسيحية بل بالقضاء على اللغة اللاتينية الدينية الميتة : حتى الإيطاليون تنازلوا عنها!

لا خلاص لشعوبنا إلا بتقليم مخالب الإسلام والعودة للغتنا الأم : تمازيغت ، الغربيون صنعوا لغات جديدة ونجحوا، نحن لغتنا موجودة علينا فقط إحياءها

العرب أنفسهم عليهم أن يفعلوا مع العربية ما فعله الإيطاليون مع اللاتينية وعليهم وحدهم تطويرها إن لم يتعلموا الدرس من التاريخ ولن يتعلموا ، وهذه ليس مهمة الشعوب الغيرعربية المعرَّبة بل مهمة العرب وحدهم والعجيب أنك ترى أن أهم الكتاب والشعراء والأدباء بهذه اللغة ليسوا عربا أم أنك صدقت أكذوبة أن أبا القاسم الشابي وطه حسين ونجيب محفوظ وبدر شاكرالسياب ومحمود درويش وغيرهم عرب ؟!؟


5 - لا يحاسب المجرم نفسه
محمد البدري ( 2016 / 9 / 14 - 23:14 )
عزيزي الفاضل صالح حماية، لا تتعجب من الحماية التي احاطت بها النظم العربية الاسلام من المحاسبة فالمجرم الذي وضع اصول هذا الدين هو ذاته مجرم. تحياتي


6 - إذا كنا عربا لماذا تعربوننا؟
ماسنسن ( 2016 / 9 / 15 - 10:01 )
أخ صالح أدع عندك سؤالين قد يسهلا الطريق وينيرا كل الظلمات ليتحقق التحرر والإنعتاق :

مارأيك في بورقيبة ؟ تنويري أم خائن للوطن؟ ما الفرق بينه وبين أتاتورك؟

لماذا لم يقل الدستور الجزائري أن الجزائر (دولة عربية) بل قال (أرض عربية) ؟

للقارئ الحصيف : تعليقاتي البسيطة شرحت لك أكذوبة عظمى مرت حتى على أدعياء التنوير المزيف الذين تراهم على هذا الموقع وفي كل مكان : إستيقظ وطنك ينتظر !

كما قال كاتب ياسين : (إذا كنا عربا لماذا تعربوننا؟ وإذا لم نكن عربا لماذا تعربوننا؟) والجواب واضح !!

أتقن كاتب ياسين الفرنسية ليقول للفرنسيين بلغتهم أن الجزائر ليست فرنسية، قس على ذلك يا من تسغرب كتابة الأمازيغ بالعربية


7 - المفرنسون هم من أوصلونا للتردي
عصام ( 2016 / 9 / 15 - 11:35 )
الاستاذ الكبير صالح حماية تحية وبعد. دعنا ننطلق من الواقع فالذين حكمونا منذ الاستقلال وأعني بذلك كل الادارات تقريبا بدءا بالوزارات الحكومية الى غاية البلديات كذلك البنوك والمصانع الاعلام حتى الشارع خاصة في مدن الشمال كل شيئ كان تقريبا بالفرنسية اما العربية فحالها كحال ملكة بريطانيا تملك ولكنها لا تحكم وأخيرا أنظر الى ما أوصلونا اليه من تردي في جميع الامور.أريد أن أقول أن اللغة أي لغة كانت هي اداة غير عاقلة في أيدي أصحابها لا يمكن للعاقل أن يلومها في رأيي هذه مسألة بديهية ولا تجعل حقدك على الموروث الديني الذي نشاركك أياه يعمي بصيرتك وعقلك النير


8 - لما العجب والاستغراب ...؟
س . السندي ( 2016 / 9 / 16 - 07:02 )
بداية تحياتي لك ياعزيزي صالح وتعقيبي ؟

1: لما العجب والاستغراب في أن يحمي السلطان مرتزقة الدين إذا كان ربهم يكافئ السفلة والمجرمين والارهابيين بحور عين وغلمان مخنثين ؟

2: ليس هنالك لغة عظيمة (فالفرد في عين أمه غزال ) فاللغة مجرد أداة تعبيرية ليس إلا ، وكل لغة لابد وان تكون فيها حياة لمتكلميها ؟

3: وأخيراً ...؟
أما تعظيم لغة لانها لغة دين أو شعراء ، فهذا جهل بالحقائق وغباء ، فما أجمل لغة الشعراء الإنكليز خاصة المغنى منه ، سلام ؟