الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
الشيخ البوقي
خالد محمد
2005 / 12 / 25العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
قرأنا الخطبة الأخيرة للشيخ محمد سعيد رمضان البوطي ، والتي كانت من ضمن دروسه المسماة "رياض الصالحين" ، حيث يقول فيها: "أنه بعد الإستخارة لمرتين هداه الله أن يكون درس اليوم عن قضية الحريري". أي أن شيخنا ( البوقي ) ، بتحريف إسمه الحاصل من وظيفته التي إرتضاها لنفسه كبوق للبعث ، يريدنا أن نصدق بأن إستخارته أوصلته للهداية الإلهية ، وليس الأمر متعلقاً بأوامر مباشرة يتلقاها من الأجهزة الأمنية التي تصيغ خطب الجمعة لجميع مساجد دولة الإيمان البعثي؟!
ويتابع فضيلة الشيخ خطبته قائلاً : " شيئاً عجيباً غريباً ، وقعٌ يلفت نظر العالم ، وهو واحد من كثيرين قتلوا : قتل عرفات ، والملك فيصل ، ومفتي الجهورية اللبنانية حسن خالد " . أي بحسب قوله ، أن هذه الجريمة يجب أن تمرر كسابقاتها .. وكفى الله البعثيين شرّ القتال !
والأنكى في خطبته العصماء هذه ، تصويرها للنتائج المترتبة على إغتيال الحريري على أنها من ضمن الهجمة الشرسة من قبل الغرب الملحد للقضاء على الإسلام: " وأن القضاء على الإسلام يمر بدهاليز وتضاريس ، وسورية ونظامها إحدى العقبات بوجه هذه الهجمة " . وكأنما هذا الشيخ المنافق يريد إقناعنا بأن سلطة اللصوص البعثية المجتمعة فيها كل صفات الإجرام ، هي المدافعة عن راية الإسلام ؟! كما أن شيخ الدجل هذا ، الملقن خطبته الأمنية ، لا ينسى مهاجمة المعارضة السورية سواء داخل أو خارج الوطن ، مدعياً أن الحراك الإجتماعي والسياسي في ربيع دمشق الموؤد ، إنما هو نتيجة للضغوطات الغربية ذاتها الموجهة لقلعة الإسلام : البعث !! أي أنه يعترف بأن الحراك الإجتماعي والسياسي كان معطلاً طوال أربعين عاماً من حكم الحزب الواحد والرئيس القائد ، وأنه لولا المتغيرات الدولية الحاصلة في منطقة الشرق الأوسط إثر سقوط الشقيق البعثي الصدامي ، لما كان من الممكن بعث الروح في المجتمع السوري بكل أطيافه وألوانه الأثنية والسياسية . دون أن نغفل طبعاً الإشارة إلى التضحيات الجسيمة التي تكبدتها القوى السياسية المعارضة للنظام ، وخاصة في عقد الثمانينات الإرهابي الفظيع والمتجلية آثاره اليوم بآلاف المفقودين والمعتقلين والمنفيين وبالمجازر والمقابر الجماعية المعروفة .
ولا يفوت ( الشيخ البوقي ) الفرصة للدفاع عن هذا النظام الطائفي البغيض ، بإدعائه أن أهالي المساجين السياسيين كانوا يلجأون إليه للتوسط من أجل أولادهم ، وبدلاً عن تلبية مطالبهم "يقوم بمحاججتهم" ، كما يقول في خطبته : " يأتيني من يبكي ويقول ، أنا مضام .. الخ " . فهو والحالة هذه ، يستكثر على الناس حتى الشكوى لديه من المظالم والحيف المرتكب بحقهم من قبل " اولي الأمر ! " . فأي نفاق أكثر من هذا الذي يسوقه ذلك المدعي كونه " داعية عالمي للإسلام " ، وهو من يتناسى ( أو يتغابى في الواقع ) بأن البعث فكراً وسياسة وممارسة هو النقيض الكامل المكمل للإسلام ولكل العقائد والأفكار الإنسانية القائمة على الرحمة والتسامح والتكافل والعدل ، وأنه يشكل خاص حزب الإستبداد والفاشية والديكتاتورية والعنصرية والطائفية ، وملحقاتها من الفساد والنهب والإفقار والتجهيل . وأن سمة العنصرية في البعث ، موجهة بالدرجة الاولى ضد الشعب الكردي الذي يتبرأ الآن منه بإنتسابه للأصولية التكفيرية العروبية ! وأن السمة الاخرى للبعث ، وهي الطائفية ، ما زالت مهيمنة وبقوة يوماً بيوم في سورية الأسد ، بسيطرة فئة حاقدة على مكونات المجتمع السوري برمته ومتخمة بالعقد التاريخية والإجتماعية ، تعمل على إذلال أبنائها وإفقارهم وكم أفواههم ، ومن ثم المغامرة بمصير وطن بحاله على مذبح حماقاتها الخارجية والمتمثلة خاصة بإغتيال الشهيد الحريري وإستباحة لبنان لبقايا قواها الأمنية المختفية تحت يافطة هذا التنظيم العميل أو ذاك الحزب المأجور ..
ونريد أخيراً أن نذكر السيد ( البوقي ) بهذه الحقيقة البسيطة ، التي رغب بأن ننساها : لماذا حديثه عن الشخصيات العربية العديدة ، الراحلة ، وعنده أحد أبناء موطنه وهو الشيخ الكردي ، الشهيد الخزنوي ، الذي لم يمض بعد عام وفاته إغتيالاً؟ فكان الأجدر ببوق البعث التكفيري الوهابي هذا ، أن يتذكر في الخزنوي رجلاً علامة وداعية حقيقيّ لروح اٍلإسلام السمحة ، ومن كانت " جنايته " بنظر النظام الأمني مشابهة لتلك الملصقة بالشهيد الحريري : فكلاهما ناضل وكافح في سبيل حرية وكرامة شعبه ، ودفع الثمن إغتيالاً بطريقة فيها من التشابه من حيث الزمان والأسلوب ما يدل على مرتكبها : القاتل البعثي ! ولكن الشيخ ( البوقي ) ، كان محقاً في مسألة واحدة في خطبته ، حينما نوه بضرورة العمل على إنشاء مجلس إسلامي أعلى في سورية ، على غرار " هيئة العلماء المسلمين " في العراق : فدعوته هذه ، التي لقنها له رجال الأمن ، تعني أن بعثيو سورية يشعرون بنهايتهم الوشيكة ، وأنه حان الوقت لهم ليتدروشوا ويطيلوا اللحى على طريقة ( جرذ العوجة !) ، الذي أخرج من حفرته مكبلاً مهاناً مذلولاً إلى المعتقل ومنه إلى محكمة الشعب الربانية ، العادلة .
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. الشريعة والحياة في رمضان| سمات المنافقين.. ودورهم الهدّام من
.. كيف تحول متجر بجوار المسجد الحرام إلى قبلة لمحبي التراث المك
.. نور الدين - إزاي إبليس وسوس لآدم في الجنة ...فضيلة الشيخ علي
.. نور الدين - لماذا أخذنا الله بذنب سيدنا آدم وخرجنا كلنا من
.. مصر بلد الحكماء وليس بلد الأنبياء