الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
أمهاتنا ( ليل الناصرية ودموع السفر و النعوش )
نعيم عبد مهلهل
2016 / 9 / 25اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
أمهاتنا ( ليل الناصرية ودموع السفر و النعوش )
نعيم عبد مهلهل
يوم كانت هناك حرب بين الحكومة والاكراد في ستينيات وسبيعينات القرن الماضي ، أتت النعوش الى ليل الناصرية بصمت وخلسة ، واغلب الضحايا كانوا نتاج طلقة برنو في الرأس.
ربما حرب الشمال هي اكثر الحروب في العالم من كان ضحاياها جراء رصاص البنادق ، حيث تكاد ان تشل قدرة المدافع والهاونات في الحروب الجبلية .
كنا أطفالا حيث كان يصل يصلنا صراخ النسوة فنسيقظ ونحن نعرف أن البكاء هو من اجل جار هو جندي في الشمال .
وأين الشمال ؟ لانعرف . الذي نعرفه أنهم اتوا به بنعش وأن النحيب سيبقى لأيام . وكان بعض الاطفال بسبب فطرته وبراءته وعقله الصغير يفرح لأنه سيأكل اللحم والتمن في فاحة الجيران طوال تلك الايام الثلاث .
كان لون النعوش ابيضا ، واظن انها كانت من شجر البلوط ، وكانت تلف بعلم العراق ولايأت معها سوى المأمور وسائق سيارة الأجرة وشهادة الوفاة .
فالدولة في ذلك الوقت لاتعوض الضحايا بشيء سوى قناعتها أن هذا الجندي المكلف والاحتياط مات جراء الواجب . وكان الاهل يفكرون بمصيبتهم ولايفكرون بأي تعويض.
لهذا كان بكاء الامهات يحمل حرقة عجيبة وموسيقى هائلة من الحزن ، ليحمل الليل ذلك النحيب المسكور الظهر من اطراف محلة الشرقية الى اخر بيت في محلة الادارة المحلية . ومن بساتين اسديناوية الى آخر نخلة في بساتين شيرون.
ذلك البكاء ليس له المقارن الحقيقي في موسيقى دموعه الهاطلة على خدود مداماة من خراميش اظافر العويل سوى بكاء الام لحظة ترى الحقائب تستعد للسفر البعيد.
بين دمعة السفر ودمعة النعش فضاء من الشوق اسمه ( الناصرية ) يغرينا بحنين الى كل الذكريات التي منحت لنا تلك الخواطر والاحلام وامكنة كانت لنا فيها فنادقا ، وكمبات لجوء ، ومطاعم شاورمه ، وقطارات مدن نتيه فيها ، ليس لاننا غرباء فقط ، بل لاننا من دون حضن اسمه الناصرية ، ومن دون ظل ام يهمس ( أسم الله ) حين نعثر في السلالم الكهربائية ونحن نحمل حقائبنا الثقيلة.
قصة الحرب هي تقريبا قصة كل بيت في الناصرية ، ولانها بلد المليون عريف ، فلربما في تعداد ضحايا حروبها منذ زمن أور والى اليوم يكون قد وصل المليون. وعبر امتداد كل تلك الازمنة يتشكل وجه المدينة في تلوين غريب لايحمل سوى صورة الطين والنخيل الذي يواجه النهارات المغبرة بالنحيب ومواويل داخل حسن.
اذن هي مدينة المليوم دمعة ، المليون حقيبة . والمليون نعش. وتلك الهائلة من الكم الحزين يشكل مفارقة في قدرة طفولتنا ان تتنبيء بتلك المصائر القادمة ولاادري لماذا من بعض اجمل اماني طفولتي ان اكون عريفا في الجيش مفترضا ااني ساجلب السعادة لاهل بيتي عندما اكبر واكون مثل خالي عريف المدفعية المرحوم جهاد سهر اذهيب وهو يجلب معه في كل اجازة كيسا كبيرا من الجوز والحناء والقماش الايراني الملون المسمى ( الانكورا ).
وجهوه امهاتنا الطيبة وهي تتأرجح بين دمعة الحرب والسفر ، هي واحدة من لوحات الجمال المعلقة والى الابد على جدران مدينة الناصرية.
لهم شوق الماضي والحاضر والمستثبل .ولهن تحية حرس الشرف في السلام خُذْ.....!
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. لمى مروان تا?مر حسين بن محفوظ بفتح محادثاته الخاصة ????
.. تركيا.. المعارضة في مواجهة انتخابية جديدة على رئاسة البلديات
.. بوتين: إذا زود الغرب أوكرانيا بمقاتلات إف-16 فستسقطها روسيا،
.. مليار وجبة طعام كانت تنتهي يومياً في سلات النفايات خلال عام
.. جورج خباز: لا خوف على الفنّ في منطقتنا اليوم، فالفنّ يولد من