الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


جبهة البوليزاريو و القوات المسلحة الثورية الكولومبية: سلام الشجعان

الحسن زهور
كاتب

(Zaheur Lahcen)

2016 / 9 / 28
مواضيع وابحاث سياسية



الاتفاق التاريخي الذي وقعته القوات المسلحة الثورية الكولومبية الشيوعية مع الحكومة الكولومبية الشرعية والمنتخبة أمس الاثنين يعد اتفاقا تاريخيا لطي نصف قرن بين الطرفين الكولومبيين ، الصراع الذي أدى إلى إزهاق الآلاف و الآلاف من أرواح الضحايا في كولومبيا، و أضعاف التنمية البشرية في هذا البلد الأمريكي اللاثيني، فقد أعلن زعيم حركة التمرد “القوات المسلحة الثورية الكولومبية” (فارك) وقفا نهائيا لإطلاق النار اعتبارا من منتصف ليل الأحد الماضي.
الاتفاق التاريخي يسمح بإنهاء هذا الصراع الذي طال نصف قرن، و يعطي للجبهة الثورية الكولومبية فرصة الانخراط في الساحة السياسية داخل البلد و الوصول إلى التمثيلية الشعبية و البرلمانية عن طريق الانتخابات و ليس عن طريق الدم و السلاح.
ما قامت به القوات المسلحة الثورية الكولومبية يعد انتصارا سياسيا للشعب الكولومبي و لحكومته الديمقراطية و للقوى الديمقراطية التي تومن بأن الديمقراطية و تحقيق تطلعات الشعب يكون بالوسائل الديمقراطية و ليس بالعنف، و يعد انتصارا لهذه الجبهة الثورية التي وعت أخيرا بأن وسيلة ما كان يسمى بالكفاح المسلح هي وسيلة نبذتها الشعوب الديمقراطية و عوضتها بصناديق الانتخابات و بالتعدد و الاختلاف.
و يعتبرهذا الاتفاق رسالة قوية و درسا لجبهة البوليزاريو التي التجأت الى العنف و السلاح في الصحراء المغربية لفرض واقع ايديولوجي اشتراكي هو امتداد ايديولوجي و جغرافي للصراع الذي كان بين المعسكرين السوفياتي و الغربي في السبعينات من القرن الماضي، و انتهى الصراع بتفكك الاتحاد السوفياتي ، لكن بقيت الأطراف المغذية لهذا الصراع في نفس النهج الاشتراكي و في تغذية هذا الصراع رغم تغير وجه النظام العالمي.
فما الذي يجمع بين جبهة البوليزاريو و القوات المسلحة الثورية الكولومبية؟
ظروف النشأة التي أنتجت الجبهتين ظروف دولية و إيديولوجية هيأ لها الصراع السياسي و الإيديولوجي بين المعسكرين الشرقي و الغربي منذ الستينات من القرن الماضي، و جدت كلتاهما في الدول المجاورة المتبنية لنفس الايديولوجيا سندا ماليا و ايديولوجيا لتغذية الصراع.
في المغرب الكبير كانت الجزائر و ليبيا المتبنيتان للنظام الاشتراكي و المنتميتان للمعسكر السوفياتي وراء احتضان البوليزاريو و تمويلها و فتح شبكاتهما و علاقاتهما الديبلوماسية للاعتراف بها، كما مكنتاها في بداية تمردها في السبعينات من القرن الماضي بأسلحة متطورة لا يمتلكها الجيش المغربي أنذاك.
و في الجهة الأخرى الأمريكية اللاثينية كانت دولة كوبا الشيوعية هي الممولة لمتمردي القوات المسلحة الثورية الكولومبية و في ما بعد الحكومة الفنيزويلية، و هذا ما جعل الطرفان البوليزاريو و القوات المسلحة الثورية الكولومبية من جهة و بين الدول الراعية لهما من جهة أخرى يتبادلان نفس الأفكار الإيديولوجية و المصالح السياسية و الدبلوماسية ( الدعم الكوبي و الفينيزويلي للحركتين).
و أخيرا بعد صراع مرير ينتهي هذا الصراع في أمريكا اللاثينية برجوع حركة أو جبهة القوى الثورية الكولومبية الى حضن وطنها لتنخرط كحزب سياسي في الحياة السياسية الكولومبية و تضع سلاحها الذي أدى الى مقتل مئات الآلاف من أبناء شعبها.
فهل ستتنازل جبهة البوليزاريو حليفة القوات المسلحة الثورية عن عنادها الإيديولوجي للرجوع إلى حضن وطنها المغربي و تنخرط بدورها في الحياة السياسية المغربية كحزب سياسي مغربي أسوة بما فعلته حليفتها في أمريكا اللاثينية؟
الجواب نعم لأن هذا هو منطق التاريخ السياسي المعاصر.
أثناء توقيع الاتفاق التاريخي بين زعيم حركة القوى الثورية الكولومبية " يموليون خيمينيز " و بين الرئيس الكولومبي، طلب زعيم التمرد أمام حوالي 2500 مدعو في احتفال التوقيع بينهم رؤساء دول وحكومات ووزراء خارجية إضافة إلى عدد من ضحايا النزاع بشجاعة من الشعب الكولومبي الصفح عمما سببته حركته من آلام لشعبه، قال : “باسم القوات المسلحة الثورية الكولومبية، أعتذر بصدق لجميع ضحايا النزاع عن أي الم قد نكون تسببنا به أثناء هذه الحرب”. و رد عليه الرئيس الكولومبي في كلمته أثناء التوقيع : "
“بصفتي رئيس الدولة التي نحب جميعا، ارحب بكم في الديموقراطية”.
فالظروف السياسية العالمية مواتية لجبهة البوليزارية أن تحذو حذو مثيلتها في كولومبيا بالرجوع الى حضن وطنها:
أول،ا فالنظام السياسي المغربي نظام يعتمد على التعددية السياسية و على نظام الجهوية المتقدمة المرتقب تطبيقه في الصحراء و هو أقرب الى الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية و هو شبيه بالنظام السياسي في اسبانيا حيث كل جهة تنتخب حكومتها الجهوية.
ثانيا النظام العالمي الجديد لا يسمح باستمرار الصراع الذي خلق ايديولوجيا و بقيت نفس الايدولوجيا تغذيه رغم انهيار الايدولوجيا الأم.
ثالثا لا يمكن للشعب المغربي و لا النظام السياسي في المغرب التفريط في أرضه، ففي أحلك الظروف السياسية و العسكرية التي مر فيها الصراع في السبعينات مع الدعم الليبي الكبير بالسلاح و المال و قبل أن يشيد المغرب الجدار الأمني و تتغير الظروف العالمية لم تنل من عزيمة الإرادة المغربية، و كيف الآن و الظروف الآن لمصلحة المغرب المرتكزة على عدالة قضيته.
ثالثا يبقى حل الصراع بيد النظام الاشتراكي الجزائري، سلام الشجعان الذي رعته كوبا الاشتراكية لتدفع الحركة الثورية الكولومبية الى توقيع اتفاق السلام و الرجوع الى حضن وطنها الكولومبي هو النموذج الذي يبقى للجزائر الاشتراكية لكي تحتذي به و تدفع جبهة البوليزاريو لتوقيع اتفاقية السلام و العودة الى المغرب في إطار المبادرة المغربية للحكم الذاتي كأحسن إطار يحفظ ماء وجه البوليزاريو لوقف معاناة و آلاف الصحراويين المغاربة المحتجزين في مخيمات تيندوف، و لوقف النزيف و التكلفة المالية و الاقتصادية الباهضة لهذا الصراع الإقليمي.
فهل تحتذي الجزائر بكوبا؟ و هل ستحتذي البوليزاريو بالقوات المسلحة الثورية؟ نتمنى أن تتحكم الحكمة على العناد الذي لا طائل منه الا ضياع السنوات وراء السراب .
ذ. الحسن زهور








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اضطرابات في حركة الطيران بفرنسا مع إلغاء نحو 60 بالمئة من ال


.. -قصة غريبة-.. مدمن يشتكي للشرطة في الكويت، ما السبب؟




.. الذكرى 109 للإبادة الأرمينية: أرمن لبنان.. بين الحفاظ على ال


.. ماذا حدث مع طالبة لبنانية شاركت في مظاهرات بجامعة كولومبيا ا




.. الاتحاد الأوروبي يطالب بتحقيق بشأن المقابر الجماعية في مستشف