الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تصورات نقدية حول نظرية المؤامرة

مصطفى فؤاد عبيد

2016 / 9 / 28
المجتمع المدني


تصورات نقدية حول نظرية المؤامرة

يمكن تلخيص كل ما يُقال ويُكتب عن ما اصطلح على تسميته بـ "نظرية المؤامرة" باتجاهين اثنين لا ثالث لهما، الاتجاه الأول، والذي يتبناه فريق من المفكرين والمثقفين وحتى المواطنين البسطاء العرب، ويتمثل بقناعتهم غير القابلة للشك بأن المؤامرة موجودة بالفعل وهي سبب كل التخلف الذي أحاط بالوطن العربي من المحيط إلى الخليج، أما الاتجاه الثاني الذي يتبناه الفريق الآخر فهو يتمثل بقناعة هذا الفريق بأن المؤامرة غير موجودة أصلاً وأن التخلف والفشل في الوطن العربي يتسبب به أفراد المجتمع نفسه وفي كل المجالات.

وبالنظر لهذه المسألة من منظور محايد وبشيء من التفكيك والتحليل المعمّق، والتقييم الموضوعي لكل اتجاه من الاتجاهين، فإنه يمكن طرح التصورات النقدية التالية والانتقادات المناظرة لكل منها كما يلي:

في نقد الاتجاه الأول:

فمن جهة، يمكن اعتبار أن المستويات الفكرية والمعرفية ومستوى الوعي والإدراك وقدرات ومهارات الأشخاص الذين يمثلون عناصر المؤامرة ويقومون بتنفيذها بأنها متدنية إلى الدرجة التي يصعب معها التصديق بأنهم يقومون بتنفيذ مؤامرة من هذا النوع وبهذا الحجم وبهذا التخطيط والتنظيم والترتيب والتنسيق بين كل المجالات الحيوية في المجتمع العربي، وبما يضمن استمرار تراجعه وتخلفه عن بقية الأمم، الأمر الذي يدعو لإعادة النظر في الاعتقاد بوجود نظرية المؤامرة وعدم التصديق بها.

ومع ذلك فإنه يمكن انتقاد هذا التصور بالقول بأن أولئك الأشخاص، الذين يمثلون عناصر المؤامرة، ما هم إلاّ مجرد أدوات يتم استخدامها من أجل تنفيذ المؤامرة ومنع أي تطور أو تقدم في الأمة العربية، وبالتالي فإن تدني مستويات المعرفة والوعي والإدراك لديهم، مثلاً، يُصبح عامل من العوامل المهمة للنجاح في استخدامهم بالشكل الأمثل وتحقيق أهداف المؤامرة وضمان استمرار التخلف العربي إلى ما لا نهاية.

في نقد الاتجاه الثاني:

ومن جهة أخرى، فإنه يصعب أيضاً التصديق بعدم وجود مؤامرة في ظل ملاحظة وجود آلية منظمة ومرتبة إلى هذا الحد تهدف إلى ترسيخ التخلف العربي بشكل يبدو وكأنه خطة محكمة ومتكاملة مع وجود تنسيق وتوافق بين كل عناصرها، سواء كانوا مجرد أدوات لا تفقه أو تعي ما تفعله أو حتى لو كانوا أدوات ذكية تتصرف عن علم.

ومع ذلك فإنه يمكن انتقاد هذا التصور أيضاً بالقول بأن هذا التنسيق والتوافق، الذي يبدو كالخطة المحكمة، ما هو إلاّ توافق وتنسيق لا إرادي ويحدث بشكل تلقائي وبدون تخطيط بين العناصر المكونة للمؤامرة، وذلك باعتبارها عناصر مجردة من الوعي والإدراك وتسير بشكل آلي منظم دون وعي منها مثل أي طابور من النمل، في الوقت الذي قد لا يلحظ ذلك الترتيب والتنظيم إلاّ الأسوياء معرفياً، إلى الدرجة التي يتفقون فيها على الاعتقاد بوجود المؤامرة.

الخلاصة

سواء كنا مع الاعتقاد بوجود المؤامرة أو لم نكن، فإنه يمكن القول بأن الصراع من أجل التطور والتقدم والازدهار وحل المشكلات في المجتمع العربي هو في جوهره صراع بين العلم والمعرفة والوعي والإدراك من جهة والجهل والتخلف من جهة أخرى، فبالعلم والمعرفة يتم تحقيق أهداف التنمية والتطور والتقدم والازدهار مهما كانت الظروف والأحوال.

ففي حالة عدم وجود المؤامرة فإن العلم سوف يقضي على الجهل والتخلف وبالتالي يتم استنهاض الأمة وبناءها على أسس سليمة وضمان التقدم والازدهار، وفي حالة وجود المؤامرة فعلاً فإن القضاء على الجهل والتخلف سيؤدي بطبيعة الحال إلى منع وجود الأدوات الغبية المستخدمة في المؤامرة ومن ثم التغلب عليها وإنهاء عملها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. منظمة -هيومن رايتس ووتش- توثق إعدام 223 مدنيا شمال بوركينا ف


.. بعد فض اعتصام تضامني مع غزة.. الطلاب يعيدون نصب خيامهم بجامع




.. بينهم نتنياهو و غالانت هاليفي.. مذكرات اعتقال دولية بحق قادة


.. بسبب خلاف ضريبي.. مساعدات الأمم المتحدة عالقة في جنوب السودا




.. نعمت شفيق.. رئيسة جامعة كولومبيا التي أبلغت الشرطة لاعتقال د