الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الوعي الشقي .... وشقاء ثقافة السياسي المتأسلم .

سليم النجار

2005 / 12 / 27
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


لو كان على ان اعطي تعريفا موجزا لثقافة السياسي المتأسلم ، لقت انها عودة تهكمية للوعي الشقي ، ذلك ان الوعي الشقي ، هو قبل كل شيء وعي بالازدواجية والتناقض .

وبما انه وعي ممزق منفصل منقسم على نفسه ، فانه ينحل الى تناقضات لا متناهية .

وهذا الانقسام المؤلم الذي يقوم على جدلية الخطيئة والالم ، والعذاب والاختيار ، سرعان ما يجد تبريره – كما هو الشأن عند التيارات السياسية المتأسلمة – في تعال وخارج منطلقين ، في ارهاب لا متناه يعكس هو الاخر هذا الانفصال بشكل نهائي .

انه تعال مطلق يلقي بالزمن في غياب مزدوج : فهو يدفنه في الماضي مثلما يرمي به نحو المستقبل . ذلك ان ( الوعد بحياة ابدية عندما يصالح ، على المستوى الفكر ، بين الايمان واليأس ، فانه يجعل الشقي غريبا عن ذاته ، خارجا عن الزمن ، والحال ان الحنين الى الارض المفقودة قد اوهم ) الوعي الشقي للسياسي المتأسلم بنهاية الشقاء وانقضاء ذلك المنفي ، واختفاء تلك الفوارق التي لا تطاق ، والتي تجعل الشقي يعيش التاريخ " مندفعا نحو الامام مشدودا الى خلف " على حد تعبير كبير كيفارد ، واعني في انفصال مطلق عن الوجود التاريخي .

ان مفهوم الشقاء عند الاسلام السياسي ، يتولد عن ثنائية أمة معذبة / افكار مهمشة ، فهذه الامة تردد كما يتعود اصحاب الاسلام السياسي ، نحن المسلمون ، حكم علينا ان نكون خير امه ، وان شقاءنا يمكن في اختيارنا ، واختيارنا هو انفصالنا لا مطلق وقيام دولة الاسلام نهاية لهذا الشقاء . ( ليس من شك ان هذه النزعة الوجودية التي تقول بانفصال الوعي ستطابق جدل سارتر اشد المطابقة ) .

فهذه التيارات السياسية المتأسلمة ارادت لنفسها ان تكون فوق التاريخ لا يمكنة ان يخترق الغياب المزدوج ( غياب الذكرى والامل ) الا عن طريق قلب ساخر للوعي الشقي . حيث تنقلب منفى السياسي المتأسلم . الى منفى الاخر ، ويصبح امتلاك الحكم الموعود اختلاسا للاخر ، ويكون تأسيس الدولة الاسلامية قضاء عالي شعوب الامة الاسلامية العربية منها وغير العربية ، وما التفجيرات التي تقوم بها تنظيمات اسلامية ، والتي يتزعمها روحيا ( اسامة بن لادن " خير شاهد على ما ذهبت علية . فايقاع اكبر من الضحايا عبر عمليات اجرامية ، ليست بعبثية بل مقصودة ، لبث الرعب في القطاع الاوسع في الشعوب العربية والاسلامية ، والحادث الاخير الذي تبناه الزرقاوي في تفجيرات فنادق عمان ، اذ لم يراعي أي حرمه للانسان واباح دماء الناس ، وقتلهم دون ذنب ارتكبوه ، وقبل هذا وذاك ، في العراق ، والسعودية ، ومصر ن والقائمة تنتظر .

هذا التأكيد الحاد على الوجود التاريخي ، يقابله الاصرار على كبت تاريخ الاخر واغفاله ، وليس من شك ان التاريخ يتغير ، ولن يبقى صنما يعبد بطريقة وثنية ، كما تفعل التيارات السياسية المتأسلمة ، التي ما زالت تعيش " مندفعة الى الامام مجرورة الى الخلف " ولكنها تصب شقاءها هذه المرة في جسم الاخر . افلا يمكن لدولة ان تتحقق على طريقة هؤلاء بهذه العودة الساخره للتاريخ ؟

لقد اقترفت هذه العودة بعنف مسيطر زاده ما لقيه العربي والمسلم على يد الغرب في الحربين العالميتين الاولى والثانية ، ولحقه من استعمار لاوطانه . وقد دفع هذا الحد للتشفي من قبل قطاع جماهيري ليس بالقليل اقتناعا منهم ان عمليات الابادة ، وان كان فيها بعض الضحايا ، فانها في نهاية المطاف تضر مصالح الغرب .

هذا التشفي والاسترشاد بالوعي الشقي الذي يقودة تيارات اساسية متأسلمة ، ليس الا الوجه المشوه للخطيئة والاثم ، وبحق لن نسلك في تحليلنا هذا المسلك : ذلك ان المقال السجالي ضربة قوية ضد الكلام المذنب . لذا فهو لا يتحقق الا في متعه غير آثمة وعند عقل مذنب ، أي في عملية نقد حاسمه تقضى على المعرفة التي تتولد عن الوعي الشقي.
فمن اليوم هو يا ترى العربي المسلم التائه ؟ ومن اليتيم ؟ ومن ينضم للتنظيمات الارهابية ؟ ان الانسان الفاقد للامل والذي تساوى عنده الايمان بالعدم .

اذا ارجعنا الاسلام السياسي الى مواقفه الاساسية ، وجدناه يقترح احد اختيارين : الاسلام السياسي يخاطبنا ( نحن القراء ) : اما ان نكون متفقين معه ، وفي هذه الحالة ترفع عنا كل شبهة ، او نكون غير متفقين ، وفي هذا الحال نجاهر بالعداء لهذا التيار ، حتى ننال العقاب من خلال التفجيرات في الاسواق الشعبية ، والفنادق ، واماكن التسوق .

كيف يمكننا اذن ان نخرج من هذه الحيرة ؟ اذا خضنا في الحديث عن دولة الاسلام ، واخذنا نتحدث عن بعض التطورات او الملاحظات لكيفية اقامة دولة الاسلام .

ونبدي بعض التحفظ على مشروعية هذه الدولة المزمع اقامتها على الجثث . وصراخ الثكالى ! ففي هذا الحال سنعرض انفسنا للتهمه اننا اعداء الاسلام ، واننا كفرة ، وضد الدين الاسلامي بالاضافة الى نعوت اخرى من هذا القبيل ؟ فالمتأسلم السياسي يتسلح بهذه السلسلة من الصفات السلبية كي يصف اعداءه بسهولة عجيبة .

واذا كنت من اصحاب التيارات السياسية التي ترفض نهج القتل والارهاب فيسألك اصحاب القتل المجاني ، كيف استطعتم ان تتناسوا الابادة التي تعرضت لها الامتين العربية والاسلامية على يد الغرب ؟

واذا ابدت ، مجرد ابداء بعض الملاحظات حول الطابع الارهابي المتسلط لتلك التنظيمات فان المتأسلم السياسي سينكر كل هذا ويسرد عليك ، ان دولة الاسلام لا يمكن ان تقوم الا بهذه الطريقة !

ومجمل القول فان التنظيمات الارهابية تجد بتبريرها للسياسي المتأسلم فقط ، بل انه يكون على استعداد لان يرفض جميع النظريات الممكنة بمجرد ما يشم فيها أي رائحة رفض لفكرته وقناعاته !

وكما ان هناك مستوى اخلاقي يتمزق عنده وجودنا في تساؤل مؤلم ، وهو مستوى لا يتطلب جوابا واحد ، اذا ان كل جواب يرجعنا الى ظلمات وجودنا . وهذا الحد الذي يوضع عنده ذلك التساؤل حد متفجر . يبذل سارتر في كتابة( القديس جوني ) كل ما في رحمه للخروج من الوعي الشقي . وانا اشير هنا للكيفية التي يتحدث بها عن الخير والشر فيهزأ منها . ونحن نعلم ان الوعي الشقي ضلال للوجود بحيث ينظر الى ذاتة على انه منفصم مجروح متناقض . وسيلته في ذلك التكفير واتحاذ القدوة ( وهذا ما يدعي اخلاقا ) ورعب في التفاني في القتل ، في مطلق كثيف . انها كثافة قارصة البرودة ترغم الشقي في نهاية المطاف على ان يحفر قبرة – اخلاقة – وهو يشم رائحة الدفن الكريهة فالوعي الشقي يقول : ان الموت قد اعطى لي كخطيئة واحيانا كرحمة وهذا يعني الشيء نفسه .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. القبض على شاب هاجم أحد الأساقفة بسكين خلال الصلاة في كنيسة أ


.. المقاومة الإسلامية في العراق تعلن استهدافها هدفا حيويا بإيلا




.. تونس.. ا?لغاء الاحتفالات السنوية في كنيس الغريبة اليهودي بجز


.. اليهود الا?يرانيون في ا?سراي?يل.. بين الحنين والغضب




.. مزارع يتسلق سور المسجد ليتمايل مع المديح في احتفال مولد شبل